النهضة العربية بين مؤثرات الخارج ومعيقات الداخل

السنة الخامسة عشر ـ العدد 176  ـ (شوال ـ ذو القعدة 1437 هـ ) ـ (آب 2016 م)

بقلم: نبيل علي صالح(*)

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

مصطفى حسن خازم


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

نعني بالنهضة العربية هنا، كل الجهود الفكرية والرؤى المعرفية النظرية المتراكمة التي وضعتها نخب ورموز الفكر التقدمي العربي خلال عقود زمنية طويلة، على شكل مشاريع تحديث فكرية وسياسية، بقيت – بطبيعة الحال- في إطارها النظري كمجرد طروحات مفاهيمية ووصفات علاجية لأمراض الأمة، يراد من خلاها إتمام العلاج...

... والسعي لتحقيق النهضة العربية المنشودة على صعيد بناء الدولة العربية المدنية الحرة والعادلة القائمة على البناء الديمقراطي المدني، والتداول السلمي للسلطة، وحرية العمل السياسي، وتمكين الأفراد (المواطنين) من المشاركة الفاعلة والمضمونة في صناعة القرار السياسي وغير السياسي لبلدانهم.

ولكن كل تلك المشاريع لم تجد لنفسها حيزاً أو طريقاً للتطبيق العملي، ليس لسبب ذاتي أو علة في الأمة، بل لوجود مانع وجودي – إذا صح التعبير- لدى نخب الحكم العربي المستفردين بالسلطة حتى آخر الطريق.. والمهيمنين على المفاصل الكبرى... فقد كانت حجتهم وذريعتهم الدائمة هي أن الظروف الخارجية، لا تسمح بتحقيق أسس النهضة العربية القائمة أساساً على الحرية، وعلى رأسها ظروف الحرب مع إسرائيل، مما يستوجب تأخير تلك النهضة حتى حين، وهذا الـــ"حين" مستمر منذ أكثر من سبعة عقود زمنية إلى يومنا هذا...

نعم.. ما زال يسيطر على مختلف مواقعنا السياسية والفكرية العربية هذا المناخ السلبي الذي يربط بين النهضة والعدو الخارجي... وهو مناخ ثقافي وسياسي عام يقوم على فكرة الربط (غير المنطقي وغير العملي) بين متطلبات التنمية الداخلية، المتمثلة في استنهاض الأفراد للبناء والفاعلية والحضور، وبين استحقاقات المواجهة الخارجية مع المحاور والقوى الإقليمية والدولية الكبرى وعلى رأسها إسرائيل.. وذلك لجهة تأجيل استحقاقات البناء والتنمية الداخلية ريثما يتم الانتهاء من إيجاد حلول ناجعة لمجمل أزمات الخارج وتحدياته المفصلية، ومنها تحدي الصراع "العربي - الإسرائيلي".

وقد وجدنا سابقاً كيف نجحت الدول العربية الحديثة المتشكلة بعد عهود الاستقلال قبل حوالي ستين سنة، في استغلال وتوظيف الصراع مع إسرائيل للتغطية على فشلها في تحقيق أي تقدم مهم في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحياة السياسية.

ولدى البحث في مسببات هذا الفشل التاريخي الكبير، قدم مفكرون نهضويون كبار إجابات فكرية ومعرفية عديدة على شكل رؤى ومشاريع نهضوية متعددة ومتناقضة أحياناً، قد نتفق معها أو نختلف، ولكننا بالنتيجة لا نرغب في تثوير الواقع، وتجييش المشاعر وتسخين المواقف، ولسنا في وارد توزيع الاتهامات على أحد.. لا على الحكام ولا على المحكومين، إذ أنه من الطبيعي جداً التأكيد هنا على أن معظم الزعامات والقيادات العربية التي وصلت إلى مواقع الحكم والقيادة بالطرق (التقليدية) المعتمدة المعروفة، لا تتحمل وحدها فقط مسؤولية تردي أوضاعنا، على الرغم من أن هذه القيادات هي التي حكمت ونظمت ورسمت وخططت، ولكن هؤلاء الحكام هم  جزء من تراثنا وثقافتنا وفكرنا، جزء من تاريخنا واجتماعنا الديني العربي والإسلامي، ولم ينزلوا إلينا من كوكب آخر، فقد ولدوا في أحضان مجتمعاتنا التي تحكمها نظم وتقاليد فكرية وسلوكية محددة، كما أنهم تربوا على عادات وأنماط ثقافتنا ومناخاتنا الفكرية والسياسية المهيمنة منذ قرون.. وبالتالي فهم –بمعنى من المعاني- صورة لنا، يعكسون طبيعة الثقافة التقليدية السائدة، ويشكلون قطعة أو جزء من صورة وضعنا العام الذي تشكل منذ فترة طويلة في هذا العالم المشرقي.

من هنا ليس من المنطق أن نوجّه اللوم فقط لحكامنا ونخبنا السياسية الحاكمة (مع ما لها من مسؤولية كبرى وعميقة نجمت عن أسوأ الارتكابات منذ أكثر من سبعة عقود زمنية قتلوا فيها روح العمل والإبداع لدى مواقع الأمة كلها)، بل ينبغي علينا الوقوف مليّاً ومطوّلاً أمام طبيعة البيئة والبنية والتربة "الثقافية - النفسية - التاريخية" السائدة التي هيمنت (وما زالت) تهيمن على وعي الناس عندنا، وتوجه مساراتهم، وتحدد قناعاتهم وتضبط اختياراتهم القيمية والعملية.

وحالياً لا تبدو ولا تلوح في أفق هذه الأمة الغائم والعاصف بالتحديات والمتغيرات الكبيرة أية إمكانية أو فرصة حقيقية للخروج من مأزقها الوجودي المقيم الذي تسببت به تلك البنية المترهلة، حيث أنه طالما هناك هزيمة داخلية للفرد العربي في داخل مجتمعاته وأوطانه، وطالما أنه فاقد للثقة بسياسييه وسياساته، وطالما أنه غير قادر على تحصيل معاشه اليومي بشكل طبيعي من دون ذل أو مهانة، وطالما أنه لا يشعر بالحرية الحقيقة في التعبير عن رأيه وتقرير مصيره، وطالما أن تنميته الداخلية مقرونة – أولاً وأخيراً - بحل كامل للصراع مع إسرائيل، فإنه لن يكون هناك أي أمل واقعي في تحسن الأمور وتطور البلاد ونهضة العرب على الإطلاق.

ثم إنه وبعد صراع طويل مكلف مع إسرائيل لم يجد العرب من طريق لاسترجاع أرضهم المحتلة سوى طريق السلام مقابل الأرض (أو بعض الأرض مقابل السلام، ولا أدري لماذا لم يطرح العرب عودة باقي أراضيهم المحتلة الأخرى هنا وهناك؟!!) وطرحوا مبادرتهم الشهيرة بهذا الخصوص (السلام خيارنا الاستراتيجي - والسلام مقابل الأرض)، وذلك بعد حدوث جملة متغيرات إستراتيجية إقليمية ودولية على الصعيد السياسي والاقتصادي، أثرت آنذاك على الموقف العربي من قضية فلسطين.

وهنا نفتح هلالين لنقول (بأن هذا الصراع سيبقى قائماً ولفترة زمنية طويلة، في موقعه الهام والمصيري، وسيأخذ أبعاداً وتطورات جديدة طالما أن منطق القسر والظلم هو المنطق السائد حالياً في معالجة كل مشاكل الساحة الراهنة المتعددة والمتفرعة من المشكلة الأم، وأعني بها مشكلة "الصراع العربي الإسرائيلي").

ويجب ألا يغيب عن أذهان العرب أن مجتمعاتهم قد وصلت إلى أدنى حالات السوء من تخلف وفقر وأمية حضارية، وشارفت درجة الغليان من الإحباط والاحتقان الكلي الشامل نتيجة انعدام أملها ونفاذ صبرها في تحسُّن الأمور، وتغيّر الأوضاع، واليأس شبه الكامل من قصة هذا الصراع الطويل والمكلف مع إسرائيل (ومن لفّ لفها)، ودفعهم لفواتير وأثمان باهظة من دمهم وعرقهم وأموالهم ومواردهم وثرواتهم على هذا الطريق الشاق والصعب.. الأمر الذي يحتم على كل القوى والتيارات والنخب الحية الفاعلة في السلطة وفي المعارضة العربية – على حد سواء - أن لا يتناسوا أبداً حاجتهم الملحة لإعادة التوجّه نحو داخل بلدانهم، بما يسمح لهم بإعادة النظر في "أسس تنظيماتهم السياسية والمدنية" التي أصابها العطب في الصميم نتيجة لتاريخ طويل من تفشي الفساد والإفساد، وشيوع القهر والتسلط والظلم في كل مواقعها وامتداداتها، فأصبحت تعاني من القصور والشلل وانعدام الفاعلية الحضارة والبقاء رهينة لدى القوى والمحاور الدولية المتقدمة.

وبالنتيجة نقول إن معادلة التعامل مع الآخر لا يمكن أن تكون منتجة وفاعلة ومؤثرة في عالم اليوم والغد إلا بتغيير مقدماتها الأساسية والتي تتمثل أساساً في تأمين شروط النهضة العربية المنشودة بما يؤدي إلى تغيير موازين القوى الداخلية، ويقود مباشرة إلى إحداث تغير (واختراق) نوعي كبير في الإستراتيجية التي اعتمدتها النظم العربية في تعاملها مع الآخرين في مجمل ملفات الأزمات القائمة. والأولوية في تلك المعادلة هي لإصلاح وجودنا الهش المبعثر، وليس للمتاجرة بالعروبة وفلسطين في ساحات وبازارات السياسة الإقليمية والدولية. وأول إصلاح الوجود يكمن أساساً وجوهرياً في إصلاح السياسة والدولة كما ذكرنا، أي إعادة السياسة إلى حضن المجتمع، و"أنسنة" السياسة والدّولة. بما يتطلبه ذلك من بناء للدولة العادلة القادرة، وتمكين الحريات للمواطن الحر..

وهذا ما يعني إعادة الاعتبار القوي للمجتمع في مشاركته الحقيقية في العملية التنموية الشاملة.. أي نزع القيود عن مشاركة الناس في الحركة الوطنية العامة، والتعاطي معهم كأفراد يحتاجون إلى الاحترام والتقدير والشعور بالحرية والثقة بالنفس.

ونحن نجزم هنا بأن مجتمعاتنا وشعوبنا العربية عموماً كانت تقف على الدوام في موقع التضحية والبذل والعطاء، وهي لا زالتْ جاهزة ومستعدة الآن وفي المستقبل أيضاً لتقديم المزيد من التضحيات والعطاءات في سبيل الخروج من نفق الانهيار الوطني العام، شرط أن تكون هناك نتائج حقيقية مضمونة لتضحياتها على صعيد العمل والإنتاج والتطوير والازدهار المجتمعي، خصوصاً إذا شعر – أبناء مجتمعاتنا - أن النوايا طيبة وصادقة، والعمل الجدي الصحيح يسير على طريق الحرية و الإصلاح والتغيير الحقيقي. وإلا فإن المصائر المجهولة تتهددنا، وسنواجه لا محالة واقع الإفلاس والهامشية الحضارية، ولن ينفع عندها الندم ولطم الصدور والبكاء على الأطلال!!..

وربما بدأنا نلمح هذا الواقع الداخلي المؤلم في أيامنا الحارّة (سياسياً واجتماعياً) اليوم.. حيث أن مجتمعاتنا، ونتيجة لمعاناتها الاقتصادية، وانسداد أفق التغيير فيها، واستمرار عناصر تخلفها الداخلية المعروفة (من استبداد، وتفجّر الهويات التقليدية القاتلة) تعاني من تفشي حالة غير مسبوقة من اليأس والإحباط الشديد لدى أفرادها عموماً، مما انعكس على وعيهم والتزاماتهم وأخلاقيات تعاملهم السلوكي (الديني وغير الديني) مع بعضهم بعضاً، وخاصة على صعيد انهيار كثير من القيم الإنسانية النبيلة، وتفكك كثير من عرى الربط الاجتماعي والتضامنات المجتمعية المعروفة تاريخياً، مما ينذر لاحقاً بعواقب وخيمة أكثر مما نعايشه اليوم، خصوصاً إذا بقيت الأمور على هذا النحو من الضغط المستمر على ما تبقى لدى الناس من "عناصر بقاء" هزيلة و"مضعضعة" للغاية..!!..

وقد يقول البعض بأننا نبالغ في توصيفنا لحجم المشكلة السياسية والاجتماعية القائمة، فإنساننا طيب وخيّر، ولا يرضى العيش في ظلال اليأس والإحباط على الدوام...

طبعاً هذا الكلام صحيح، فالإنسان مفطور على المحبة والطيبة والقيم الخيّرة، وأنه يوجد في قلبِ كل شخص بذرة طيبة نمت وتحولت إلى نبتة صَالحَة ومستعدة للإثمار.. ولكن تبقى تلك القيم والأخلاق والفضائل، في حالتها الكامنة، أي نظرية فقط ما لم تُرعَ وتُسقى بمياه الخير، لتتفرّع وتنمو وتثمر كبستان زهر جميل، أما إن تمت سقايتها بالشر فسوف تفسد وتذوي وتذهب أدراج الرياح، هي والأرض التي نبتت فيها.!..

وهذا ما جرى في اجتماعنا الديني التاريخي، حيث تم التلاعب بأفكار الناس، وثقافاتها وهوياتها.. وأجبروا على التقوقع والانغلاق، أو على سلوك طرق الانتحار الثقافي الذاتي الخاص.. ولكن ومع كل ما تقدم ما كان يجب أن يدفع ذلك لتبرير تلك السياسات.. سياسات الانغلاق "الهوياتي"، والتقوقع القداسي، أو لرفض (ومواجهة) قيمة الحرية ذاتها، والنيل من مكتسباتها الهائلة المعروفة... سواء في التاريخ الماضي، حيث كان للإسلام كلمته في تعظيم شأن قيم الحرية والكرامة والعدل، أو في واقعنا المعاصر، بحجة رفع وتصعيد وتيرة مكافحة الإرهاب والعنف العربي والإسلامي، وضرورة المحافظة على الاستقرار الذي حققته "الدولة الأمنية"، دولة النخبة الطليعية العميقة. وهو طبعاً استقرار عدمي، استقرار الأعماق، أو استقرار النار تحت الرماد، أي أنه كان موتاً ومواتاً.. وما يزال.. لم يتحقق إلا تحت ضغط القوة والعنف وتهديد السلاح، وهيمنة عامل الخوف على المصير المجهول الذي تم التلاعب به لتأبيد مواقع الدولة الأمنية التسلطية.. كما ولا يجب أن يكون (تحقق الاستقرار) مقدمة لرفض منطق الصياغات الدستورية والمكتسبات القانونية المدنية التي تمكن منها العقد الاجتماعي المدني الحديث بعد تجارب كبيرة وتراكمات نظرية وعملية تاريخية كثيرة، أفضتْ إلى بناء دول حديثة متطورة وحضارات مدنية عريقة أكسبت الإنسانية تألقها وتقدمها العلمي والاجتماعي والاقتصادي الفذ، كانت فيها قيمة الحرية شرط الوجود، وقاعدة الإبداع، ومنطلق التطور المتسارع.

طبعاً من جهته (الغرب) وبمختلف أشكاله الدولتية السياسية المختلفة، خصوصاً شكله الليبرالي الحديث (المستخدم لمطيّة حقوق الإنسان) والذي حقق بلا أدنى شك فتوحات علمية واقتصادية وعملية كبرى لا مثيل لها، هو نفسه الذي ساعد تلك النّظم المغلقة في تمكين ذاتها، وما يزال.. فالاستقرار عنده مقدّمٌ على الحرية والتنمية، وحصول شعوبنا على حقوقها المدنية.. وهذا الغرب هو نفسه أيضاً قام على القوة والعنف ونهب خيرات الشعوب الفقيرة، ومنها وعلى رأسها شعوبنا العربية والإسلامية، تحت مسمى وذريعة تحديثها وتمدين ناسها ومجتمعاتها المتخلفة، ونقلهم إلى مواقع ومصاف الحضارة الجديدة، حضارة الآلة، والبارود، والطباعة (آنذاك طبعاً)... بينما هو في واقع أمره كان ينشد أسواقاً واسعة وممتدة، لفوائضه الإنتاجية الهائلة، ويبحث عن مواد خام جديدة تدير آلات مصانعه الكبيرة خدمةً للإنسان الغربي بالدرجة الأولى.. يعني نحن كنا مجرد "فرق عملة".. ومجرد أدوات صغيرة في آلته الجهنمية الكبيرة..

وفي سبيل تحقيق ذلك، استخدم الغرب سلاحين مهمين وكبيرين ونوعيين، سلاح نفسي فكري رمزي هو التعمق في سياسة الاستشراق المعرفي القائم على دراسات علمية تفكيكية ميدانية سعى القائمون عليها – من علماء النفس والتاريخ والأدب والإناسة البشرية والاجتماع البشري والسياسة وغيرهم- سعوا وبقوة المعرفة العقلية المدعومة مالاً وسلاحاً، إلى فهم طبيعة (ونفسية وتركيبة) تلك الشعوب المهملة والمتخلفة الخارجة للتو من غياهب التاريخ العتيق، حيث كانت ما تزال ترتدي العباءة الدينية والتاريخية الرثة... وأما السلاح الثاني فكان سلاح العنف والعسكرة، السلاح العنفي الاحتلالي المباشر القائم على البطش والتنكيل والاستخدام العاري للسلاح..

وقد نجح الغرب نجاحاً باهراً في استثمار الأداتين- السلاحين الاثنين معاً.. فمن جهةٍ استشرقنا فكرياً وبنيوياً ونفسياً وروحياً، ووعى بواطن تاريخنا المعقد، وعرفنا على حقيقتنا كما هي، أكثر بكثير ربما مما عرفنا أو نعرف عن أنفسنا وذاتنا الحضارية (المتورمة والمتضخمة ذاتاً لا موضوعاً)، ومن جهة ثانية عنّفنا وأرهبنا وساقنا إلى حيث أراد، في الآن معاً... وأما قضية تحديثنا (كغطاء خارجي) فكانت مسألة شكليةً ثانوية غير مهمة لدى الغرب، حيث عمل الغرب على تحديث نخب محددة من طبقات مدينية، أي من أبناء مدننا واجتماعنا العربي والإسلامي، ممن توفّرت فيهم شروطه المعيارية في الولاء و"الذيلية" و"الإمعية" الكاملة والخضوع المطلق. وهذه النخب أصبحت كما أرادها الغرب مرتبطة به في الصميم، خصوصاً بعدما أعطاها من ثروات بلدانها، وقدم لها الأموال والأراضي، فبات أفرادها لاحقاً من كبار الملاكين والتجار والأعيان وأعضاء مجالس البرلمانات وغيرها في زمن ما قبل نهاية مرحلة الاستعمار والانتداب... وزمن ما قبل نجاح ثورات التحرر من هذا الاستعمار الانتدابي الحديث.

نعم، كان العنف والإرهاب ديدن الغرب منذ زمن الثورة الفرنسية، ولا نريد العودة تاريخياً إلى ما قبل ذلك، لتقشعر الأبدان أكثر... وهذا العنف الدموي الصارخ لاحظناه مثلاً في فترة الثورة الفرنسية وحقبة "اليعاقبة" منها بالذات، حيث كان (الإقصاء الدموي والعنف البدائي الهمجي) سبيلاً لهم لتحقُّقِ غايات وأهداف الدولة الحديثة، ولاحقاً لاحظناه وعايناه خلال حقبتي النازية والفاشية، ثم خلال مرحلة الشيوعية في روسيا والدّول التي وصلت إليها الفكرة الشيوعية بالقسر والضغط والعنف وجحافل الدبابات.. وهذه الحقب خلّفت أكبر عدد ضحايا في تاريخ البشرية الحديث.

طبعاً، لا يجب أن نبرئ أنفسنا - نحن العرب- بطبيعة الحال، من وجود مناخ وفكر وسلوك الإقصاء والقتل والعنف الدموي الديني وغير الديني، فعندنا منه –ما شاء الله- فائض كبير، ولكن حديثنا هو أن تاريخ العالم البشري، ومنذ زمن طويل هو تاريخ الاضطهاد والعنف والدم والإرهاب، ونادراً، نادراً ما كانت تشهد حياة البشرية فترات سلام ووئام ومحبة وهدوء إنساني وتفاعل بشري خلاق ومنتج.. ولكم أن تتخيّلوا مثلاً، أنه ومنذ عام 1978 وحتى اليوم، شهدت منطقتنا العربية فقط هنا في المشرق وفي هذه المنطقة بالذات الممتدة من: اليمن - الكويت - العراق - سوريا - لبنان - فلسطين، شهدت أكثر من 6-7 حروب كلاسيكية وحديثة، فضلاً عن الحروب الصغيرة الداخلية (فتن وقلاقل) في كل بلد.. وهو هو رقم مخيف ومفزع، والمفزع الأكثر والأكبر هو عدد الضحايا الذين سقطوا فيها، والخسائر المادية الهائلة التي نتجت ونجمت عنها من ثرواتنا ومقدراتنا ومواردنا الطبيعية والبشرية التي لا تقدر بثمن......!!.

فماذا فعلنا بأنفسنا؟ وماذا فعل العالم بنا؟.. ويقولون لك: عالم حر، وعالم إنساني، وشرعة أمم متحدة، ومبادئ حقوق إنسان، وكرامة إنسانية، وتنمية مستدامة، و.. و.. و.. الخ..

نعم، ماذا فعلنا لمواجهة كل تلك السياسات النفعية الاستعمارية التي بتنا جزءاً منها بوعي أو بلا وعي؟ وماذا قدمت دول وحكومات العرب في مرحلة ما بعد عهود الاستقلال الشكلي عن المستعمر الخارجي لتعمل وتواجه وتنتج وتبدع وتبني وتحدث وتطور؟!! وما هي آليات المواجهة والاستجابة الايجابية الفاعلة وردود الأفعال المنتجة والمثمرة حيال تلك السياسات الاستعمارية؟!! فهل اهتمت بالانجاز والبناء ومواجهة الاستعمار مثلما اهتمت بالحفاظ على الكراسي والبقاء الأبدي في جنان "الملك العضوض" الموروث تاريخياً وثقافياً؟!!!..

حقيقة، الإجابات صعبة ولاشك، وربما تكون مهينة وقاسية، ولكن نعود للتأكيد مجدداً على ما سبق أن أجبنا عليه وقلناه وكتبنا عنه مراراً وتكراراً بلا نخبوية ولا وصائية فكرية… أزمتنا في عالمنا العربي ومنها أزمة مصر والعراق وتونس وليبيا واليمن وسورية هي بالتأكيد، ليست سياسية (وإن كانت السياسة من نتائجها) بل هي أزمة ثقافية معرفية تربوية بامتياز.. فلا سياسة فاعلة ومنتجة وواعية بلا جمهور سياسي واعي ومثقف ومتحمل للمسؤوليات في دوائر ومؤسسات الحياة الصغرى منها قبل الكبرى… ولا إنتاج حضاري مادي حاضر ومثمر في عالم اليوم والغد (عالم القوة والعقل والعلم والصناعة والإنتاج المادي الهائل)  بلا تربية وتنمية ذاتية ومجتمعية، وقبلها بلا تنشئة تربوية صحيحة وحقيقية تبدأ من الأسرة، وتنتهي في مناصب ومواقع المسؤولية الكبرى..

لقد أدنا كمثقفين مشتغلين على نقد الفكر ونقد التراث والفكر التراثي الديني الدعوة

إلى أهمية التربية والأخلاق، تربية الفرد المسلم على معايير وأخلاق الدين والسلوك الأخلاقي الديني المنظم، وهي أخلاق عملية واسعة الامتداد والعمق الاجتماعي.. ولكن المشكلة، أن الأخلاق ليست فضاءات وتجريدات وأحلام وردية، حتى يقتنع الناس بها، بلا أرضية قوية ومتينة من القانون والنظام العام والضمانات الدستورية الكاملة.. خصوصاً وأن الإسلام قد أعطى الفرد المسلم مساحة واسعة من حرية الحركة القيمية الأخلاقية بلا تكلف، وبما لا يضيق على حياة ومعيشة الناس عموماً.. وبما لا يؤدي إلى جعل القيمة سجناً نعيش في داخله بلا حركة ولا عمل ولا إنتاج..

إنني واثق أن الظروف الخارجية المهيمنة على الناس، والتي تشكل ضغطاً على وجودها ووعيها وفعاليتها، ربما لها دور مهم (ليس أكثر أهمية من دور الإرادة والوعي الذاتية) في عدم نجاح كثير من معايير وتطبيقات التنشئة والتربية الإسلامية الصحيحة، الأمر الذي جعلها (أي تلك الظروف المحيطة الخارجية) تضغط على واقع وحياة الناس وتدفعهم لطرق ومسارات لا يعتقدون ولا يؤمنون بها، أي جعلهم يخرقون كثيراً من تعاليم وقيم ومبادئ تلك التربية الصحيحة، ويتبعون سبل التطرف والتعصب.. نعم الناس بطبعها وفطرتها تميل للبحث عن معيشتها وحياتها الطبيعية، وتريد تحقيق سعادتها وإقامة جنة حقيقية على الأرض بعيداً عن الوعود والأماني غير المنظورة، أو بعيداً عن كثير من القناعات الدينية وغير الدينية.. نعم عندما نرفع الضغوط ومسببات التطرف فستعود الناس حتماً إلى وضعها ونسقها الحياتي الطبيعي..

المشكلة كما كنت أقول دائماً ليست في التراث بحد ذاته بل في استخداماته واستعمالاته السلبية، وتخويف الناس وإرباك وجودها وحياتها، ومنعها من ممارسة دورها الحقيقي، وحصولها على حقوقها الأولية البسيطة، ليست المادية فقط، بل المعنوية من حرية وكرامة وعدالة ومساواة في الحقوق والواجبات ووالخ..

وهنا يمكن أن نسأل: هل كان هناك تطرف وتعصب وتزمت وتخلف أكثر من تطرف الكاثوليك في أوروبا؟!! هل تعلمون بأن الحروب الدينية أو الصراعات الأهلية الأوروبية كلفت أوروبا عشرات الملايين من الأبرياء.. ولكن التنوير والحداثة والعلم والمعرفة، كله ساهم لاحقاً في حصول الناس على حقوقها ومعرفتها بها قبلاً، ومن ثم أنشأت الحقوقيات المؤسسية والضمانات الدستورية، وعرف الناس والمجتمعات واجباتهم وحقوقهم المصانة بالقانون والدساتير وليس بالعسكر والأمن.. فماذا ينقصنا نحن في عالمنا العربي؟.. ينقصنا أن نشير إلى الخلل، ونكافحه، وهو -قبل أو بعد نقد الثقافة والتراث الديني- كامن في طبيعة السياسة واللعب السياسي والاستبداد بالناس وقهرها وجعلها محبوسة في القمقم وكبتها وكتم أنفاسها بلا قدرة على العمل والإبداع والحضور..

وهذا سيحدث عندنا آجلاً أم عاجلاً، فالتنوير الثقافي والمعرفي، وحداثة العقول النيرة، قادمة لا محالة، وهي شرط حدوث التغيير السياسي..

إن الدول المتقدمة الحضارية الدستورية الحرة، التي مرت بتجارب التنوير والحداثة العقلية والمعرفية والعلمية، والتي تحترم شعوبها بالدساتير والأنظمة والقوانين النافذة المطبقة على الجميع دون استثناءات، لم تقم ولم تتشكل ولم تتطور بالقسر والقمع والأوامر، ولا بالبيانات ولا بالتعميمات الجاهزة الصادرة عن الباب العالي بل تبنى بالأصول القانونية والمؤسساتية والأنظمة القانونية العلمية الرصينة.. وهذا هو أحد مقاييس ومعايير نجاح الدول في تطورها السياسي والاجتماعي خدمة لمواطنيها الأحرار المستقلين..

وعلينا هنا أن نميز بين الدولة كهياكل وبنى ومؤسسات قائمة ثابتة لا تتغير من حيث الإجمال والتكوين الدولتي العام، وبين السلطة أو النظام السياسي الذي يحكم -لفترة زمنية محددة بالدستور قد تصل لأربع أو خمس سنوات- تلك الدول..

وهي لا شك مسيرة شاقة وطويلة.. مسيرة المعرفة العقلية والتنوير القيمي، وبناء دولة القانون والعدل والمؤسسات.

وكلما كانت هذه الدولة الموعودة المسترشدة بهدي الأخلاق العملية، بعيدة عن القوالب والفردانية والنمطية والحزبية والحالة السياسوية التنظيمية والاختزالية الواحدية.. كلما كانت تجلياتها بعيدة عن التمثل والتشخصن في شيوخ ورموز وقادة وزعماء إلهيين أو شبه إلهيين…

أخيراً، أقول، وقد انتقدني بعض المفكرين الإسلاميين (على وجه الخصوص) لأنني أكثر من توجيه اللوم والنقد لفكر وسلوكية كثير من "طبقة" علماء ورجالات الدين (علماء الدين الإسلامي)، وأركز على نقد التراث الحضاري الديني الإسلامي، وأهمية العمل على تجديده بهدف إظهاره كتراث حداثي تنويري عقلاني في بعض مفاصله التاريخية، لزوم الاشتغال المعاصر، أقول: انتبهوا وافهموا نحن عندما ننتقد رجالات وعلماء الدين، ودعاة التدين ورموز الفكر الإسلامي والناطقون باسم الدين، لا يعني أننا نكرههم ونبغضهم، أو أننا ضد مسألة الدين، أو أننا ننتقد الدين ذاته.. كلا، لأن هؤلاء المعبرين عن الدين في النهاية هم بشر مثلنا، حتى لو رأينا على رؤوسهم ريشة أو عمامة أو أي شيء آخر.. إنهم، نسبيون في تفكيرهم وسلوكهم وتحليلاتهم ووعيهم ومداركهم التي تتأثر بظروف الزمان والمكان، وهي عرضة لعوامل "الحت والتعرية" الفكرية والمعرفية والتاريخية.. وقد يخطئون ويصيبون في تأويلاتهم وشروحاتهم وتفسيراتهم للدين.. أما الإسلام فهو حالة في الفكر والإحساس والممارسة، وهو حالة قد تكون مختلفة كلياً عن أتباعه ورموزه ورجالاته..

من هنا يكون نقدنا لرموز وحركات وخطابات التيارات والحركات الدينية الإسلامية، حالة بناء وتطوير، وتشخيص لأمراضها وعللها وما أكثرها في حالتنا العربية وفي اجتماعنا الديني الإسلامي.

وكثير من هؤلاء الرموز والعلماء قد يتحولون عقل مغلق سلفي لا يقبل الحوار ويرفض النقد وقد يعتبر كلامه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق.. ولهذا العقل السلفي الديني المغلق شقيق وحيد هو العقل السياسي المغلق حتى لو كان علمانيا كاملاً..

إنني أعتقد أن التقوقع حول الذات الجماعية، والقطيعة مع الآخر، ورفض تقبل الحوار (وليس النقد!)، وادعاء القيمومة الفكرية والسياسية، واسترهان الكل من أجل الجزء، هي أبرز صفات رجالات ديننا السلفيين، والتي يشتركون فيها مع أصحاب العقول السياسية المغلقة اعتقاداً وقولاً وعملاً..

لقد كانت الدولة العربية تاريخياً دولة استبداد وقهر وغلبة، هذا هو الثابت في مسيرة الحكم السياسي العربي والإسلامي غالباً كما قلنا سابقاً، بينما الطارئ والاستثنائي فيها هو أن تكون دولة عدالة وإنسانية، ودولة حكم جماهيري.. وحتى لحظتنا الراهنة - التي نمر فيها حالياً بتحولات وتغيرات على شكل اضطرابات وقلاقل ومشاكل وأزمات خاصة في بلدان ما يسمى بالربيع العربي التي أضحت بلدان الشتاء القارس خصوصاً في اليمن وسوريا وليبيا وسوريا- ما زالت الدولة القائمة المهيمنة والمستولية والمهيمنة على كل شيء في مجتمعاتنا هي دولة الإكراه والاستبداد والتسلط التي هي دولة بوليسية ظالمة، لم تهتم أبداً بمشروع التنمية الفردي والمجتمعي، ولا بمشروع بناء دولة القانون والمؤسسات، بما يعني أن ثقافة بناء الدولة كانت غائبة كلياً عند نخبها وحتى عند الفرد-المواطن الذي تربى في كنفها.. وإن كنا نحمل المسؤول المتصدي لمهمة الحكم والقيادة الوزر والمسؤولية الأكبر في هذا السياق..

إن الحرية هي هيكل وأساس بناء أية دولة أو مجتمع، لأنها هي جوهر الوجود وجوهر كينونة الإنسان في هذا الوجود.. ومن دونها لن تقوم الدولة العادلة المنشودة، ولن تحدث أية تنمية حقيقية طالما أنها مستبعدة كفكرة وقيمة وسلوك من قاموس الدولة العربية الحديثة بشخوصها ورموزها ومختلف حركاتها وتياراتها.. وهي كقيمة إنسانية من أهم أسئلة الاجتماع الديني والحضاري العربي، التي وردت كإشكاليات مقيمة دائمة في كل أو معظم أدبيات الفكر العربي المعاصر، ولكن ما يخطر ببالي هنا أن الأخطر من طرح هذا "السؤال- الإشكالي"، هو البحث الجدي في آليات وسبل وشروط تحققها في الواقع والتاريخ...

الحريّة مهمة ونعشقها، لكن الأهم هو ممكنات حضورها وآليات بعْثها مجدداً كواقع حي ملموس، وليس كنظريات وخطابات وشعارات رنانة، أو مجرد مشاعر رومانسية حالمة سرعان ما تتحول إلى قضايا إستراتيجية ونضالات دونكيشوتية لدى منظّريها وأصحابها..!!.

والحرية لا بد وأن تفضي إلى تشييد الدولة المدنية المؤسسية التي هي دولة المواطنة المبنية على أساس المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات حيث لا تمييز بين أحد على أساس الدين أو العرق أو المذهب.

ونحن كمثقفين لم نبخل في الدعوة إلى تلك الدولة المنشودة تحت ظلال الإسلام المدني الحضاري، ولكننا لا شك نتحمّل مسؤولية ما في تكسُّر وتحطُّم حلم الناس بجنة الحرية والدولة المدنية، فقد كان من أهم أسباب فشلهم (فشل المثقفين) في تحقيق نجاحات عملية وتطبيقية لأفكارهم ومشاريعهم الفكرية، على مستوى ضعف الالتزام والمبدئية الفكرية والسياسية، هو طغيان الحالة الذاتية علينا، وخضوعهم للأنا ولغة المصالح فقط.. وعلى هذا الصعيد نجد بعض هؤلاء يعيشون حالة تناقض أولي وازدوجية في الشخصية بين معتقداتهم وقناعاتهم الحداثية العقلانية، وبين انتماءاتهم العصبوية التقليدية التي تشهد الوقائع العملية لهم استمرار إيمانهم بها، واختبائهم خلفها (خوفاً أو طمعاً) خاصة في المفاصل والانعطافات السياسية والعملية الحساسة والحرجة...

وهذا له – بطبيعة الحال- دلالة واضحة على عمق انتهازيتهم كما قلنا، وضعف قناعاتهم بمنظومة الفكر الحضاري المدني التنويري الذي يزعمون الإيمان به، والسعي العملي لإنجاحه وتحقيقه على الأرض سياسياً وديمقراطياً، أي من خلال العمل السياسي السلمي التداولي.. يعني من جهة شكلية ظاهرية ترى هذا النوع من المثقفين يتبنون قيم ومبادئ الدولة المدنية المؤسسية القانونية، وينشدون التواصل والتعاون والحداثة والوطنية و.. و.. و.. الخ.. ولكن من جهة متجذّرة في بواطن نفوسهم، تجدهم يتصرفون عكس ما يفعلون ظاهرياً، فيتحركون وفقاً لخفايا النفوس، بدوافعها العصبوية والنرجسية والماضوية نتيجة قناعاتهم العميقة الغائرة ما قبل وطنية وما قبل حداثية.. وربما كان السبب يعود إلى ضعف الإيمان، وعدم التضحية، وأيضاً ترهل النقد والنقد الذاتي، ومحاسبة الذات، فالنقد جزء من حركة العقل، من تحوله وسيرورته.. من محاولته فهم العالم وإدراكه على الصورة الأكثر واقعية وحقيقية.. فأنا أنتقد - إذاً - لأمارس عقلانيتي، ولكي أتواجد في الزمان وأحضر في المكان... تأثيراً وتفاعلاً وابتكاراً وخلقاً جديداً..

إن الثقافة والمعرفة العقلانية جوهر الحركية البشرية في وجودها الذاتي والموضوعي.. ولولاها لما استطاع الفرد الإنساني صياغة معادلات وجوده الفعال والمنتج.. وهذا ما يجب التأكيد عليه دوماً في أفكارنا وسلوكياتنا الفردية والجماعية..

باحث وكاتب سوري(*)

اعلى الصفحة