|
|||||
|
للحزن طَعْمٌ يَسْتديمُ يا.... مَن تَنزِفُ مهجتُكَ الحزنَ التاريخيَّ وترحلُ مغلولاً نحو المدنِ الغابيّةِ, كي تبحثَ عن لهبِ الرؤيا, في كومةِ رملٍ سائبَةٍ, فيباغتُ عينيَكَ ظلامٌ, يتْبَعُهُ في جوفِ الآمالِ ظلامْ, ثمّ يفاجِئُكَ الصَّخَبُ الأرعَنُ, مَنْطوقاً أو مَقْروءاً, ويدورُ حَوالَيْكَ, ويَلْتَفتُّ إلى صَدْغَيْكَ. تراه كأفعى حولَ حُطامٍ جسَدِيٍّ, يتَآكَلُ.. والهامةُ, تدفُنُ هامتَها بين سُكونٍ ورَغامْ, وإذا باللَّهَبُ المحمولِ على الرؤيا, مكسورُ الخاطِرِ في البالِ, يُراوِده النَّعْيُ, فيَسْفَحُ جَرَّتَه المَلأى تحت غُبارِ البلْوى, و... ينامْ ******* هل تُبصِرُ ماذا يُنْتِجُه الحزنُ, وأيُّ كتابٍ تقرأُه في سرِّكَ تحت دوالي الأحلامْ..!!؟. لا شيءَ.. سوى صفحاتٍ سوداءَ ممزَّقةٍ... قلمٍ أَعْرَجَ مَصْدوعٍ, ومِدادٍ أسودَ مسفوحٍ فوق شِفاهِ الأقْوامْ. حزنُكَ ينهضُ, يا... ولدي, كنُهوضِ رمالٍ لائبَةٍ في أدغالِ الرَّبْعِ الخالي, ويُميدُ من الريحِ, ويرفُلُ في ثوبٍ من أثوابِ العُقْمِ, من الماء إلى الماءِ, وقيدُكَ حدَّدَ مَنْهَجَهُ الأبَدِيَّ, فها هو.. قيدُكَ, بين المِعصَمِ والمِعصَمِ, يأكلُ لحمَ القلبِ, ويجلُدُ ذاكرةَ الروحِ, ويبني في المدنِ المشلولةِ أمجاداً, تتنامى فوق رُكامٍ.. ورُكامْ ****** أشهدُ أنكَ, يا... ولدي, مُرْتَحِلٌ في محرابِ الشوقِ, وغايتُكَ القُصْوى, أن تُبْصِرَ فِردَوْسَ اللهِ على الأرضِ, فيرْتَدُّ إليكَ الطَّرْفُ حَسيراً, وترى الأرضَ... تراها تُغتالُ بزِنّارٍ دَموِيٍّ, يتَعَمْلَقُ حول مَدارِ السَّرَطانِ, ليُطْفئَ أنوارَ اللهِ. فأيُّ شُموسٍ قادرةٌ, أن تُمْسِكَ بالمِجْدافِ, وتُبحِرَ ضدَّ التَيّارِ, وتمضي, لتُناوِشَ مَسْأَمَةَ الطّبلِ المُتَوَرِّمِ بالأنغامْ. أيُّ شموسٍ قادرةٍ, والأرضُ تراها مُقْفِرَةً من عشبٍ مُخضَرٍّ وغزالٍ مَأْمونٍ, يتنقَّلُ بين حواكير الآكامْ, وفضاءٍ يتلوَّنُ بسرورٍ وردِيٍّ, تسبحُ فيه أسرابُ طيورٍ شادِيَةٍ بالدِّفءِ وبالأنْسامْ. ****** يا .... وَيلي... العَلَمُ الكَوْنِيُّ يحُطُّ, كعاصفةٍ جرداءَ... يحُطُّ هنا... وهناك ويُبْعَثُ في هذا القرنِ نبيّاً تَوراتِيّاً, يُوْلِجُ فوق روابي الأكوانِ عصاهُ, فتَوْرِقُ, كالشَجرِ المِعْطاءِ, عصاه سريعاً..!!! والثمرُ اليانعُ, يصبحُ داني القَطْفِ, ويُخْرِجُ من بركاتِ سنابلِه, خبزاً لجياع الأرضِ...!! نبيذاً يتَلَوَّنُ كالشفَقِ الناريِّ, فيُذهِلَ إيقاع الأصحابِ وإيقاعَ الأعوانِ وإيقاعَ العشّاقْ, وتُشَعْشِعُ في الأذهان نجومُ العَلَمِ المعصومِ, وتُغْرِقُ أرجاءَ الدنيا بمعاني الإشْراقْ...!!!. فإلى أيِّ هديل يا.. ولدي, ستردُّ الطَّرفَ, وتهرُبُ في زورق ناياتِكَ, والوطنُ اللابسُ قبّعةَ الموتِ, تكادُ تُوارى في تُربتِه قائمةُ الأعلامْ...!!؟ ****** أنت الموقوفُ على شاهدة الصَّبرِ, تعال إليَّ, وإني المصلوبُ على صاريةٍ من جمرٍ, تتأرجَحُ في قارعة الأيامْ فتعال إليَّ, ولو من أقصى آياتِ الحزنِ, تعال إليَّ, ولو من أعمق فُوِّهَةٍ, تتفجَّرُ من داخلها صَوْمَعَةُ الآلامْ, فترابُ الحقِّ الموْصولُ إلى قطرات القلبِ, يجاهرُ بالدَّمعِ, ويُطلِقُ نحوكَ ألفُ سلامٍ... وسلام.
|
||||