التدخل الروسي مرحلة جديدة لتاريخ جديد في المنطقة

السنة الرابعة عشر ـ العدد 167 ـ (محرم ـ صفر 1437 هـ) تشرين ثاني ـ 2015 م)

بقلم:الشيخ محمد عمرو

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

عندما تدخل روسيا الاتحادية الحرب في سوريا إلى جانب محور المقاومة فإن لذلك دلالات كبرى وظروف جديدة.

وهذا ما يستدعينا أن نسلط الضوء على بعض الأمور التي حدثت خلال السنوات الماضية:

1-             الاستفراد الأميركي  الكامل في إدارة الأزمة في المنطقة من ما سمي" الربيع العربي"، وما أدى إليه من إغراق دول عربية كثيرة بالفوضى والحروب الداخلية والتفكك الوطني من تونس إلى مصر إلى ليبيا إلى العراق إلى سوريا ومن ثم إلى اليمن، والحبل على الجرار...

2-             محاصرة روسيا وخلق أزمات داخلية وخارجية لها بدءاً من دول أوروبا الشرقية إلى الدرع الصاروخي إلى أوكرانيا والقرم. حتى وصل الأمر بذهاب بندر بن سلطان إلى روسيا وتهديد "بوتين" بالحصار الاقتصادي وبإدخال الإرهابيين التكفيريين إلى الداخل الروسي لضرب الأمن والاستقرار.

3-             ضرب الاقتصاد الروسي وذلك بإلغاء الاتفاقيات أو التفاهمات والتي كانت حاصلة بين روسيا وأوروبا عبر أوكرانيا، أو التي كان الحديث عنها بين باكستان وإيران وروسيا أو غير ذلك...

وأخيراً كانت  الحرب الاقتصادية بالقرار الأميركي لأذيالها في المنطقة بتخفيض سعر برميل النفط إلى ما دون الثلاثين دولاراً بعد أن كان فوق المئة دولار، وكان هدفهم هو ضرب روسيا وإيران معاً.

4-             ضرب أخر أمل لروسيا في بقائها ضمن دائرة الدول الكبرى في العالم بإخراجها من البحر الأبيض المتوسط( ميناء طرطوس واللاذقية).

وهكذا تصبح روسيا دولة ضعيفة محاصرة وممزقة من الداخل ويُحيط بها درع صاروخي، فتخرج  من دائرة الدول ذات النفوذ والفاعلية بحيث أن نفطها وغازها محاصر وقواها النووية محاصرة ومهددة، وأمنها الداخلي معرض للانهيار والتمزق، فتلحق بركب الدول العربية المهترئة. هذا ما عملت عليه أميركا وحلفاؤها الأوروبيون وأذنابها العرب.

مضافاً إلى أن الخطة الأميركية للبلاد العربية المستهدفة، تلحظ فقط نشر الفوضى والكراهية والتعصب والقتال الداخلي المستمر والمنهك لكل الأطراف.

ولا تلحظ أي حل أو خطة إنقاذ ولو "بحسب رؤيتها وأيديولوجيتها"، وهذا يدل على  إرادة الإفساد عبر نشر الفوضى فقط دون شيء آخر.

لكل ما تقدم ولغيره شعر الروسي بأن أمنه يتجه للهاوية ببقائه محايداً ولو كان حياداً إيجابياً برأيه. فكان لا بد من قلب الطاولة وكان الوقت الملائم.

فخلال الأربعة سنوات الماضية وضعت تركيا والسعودية وقطر والأردن ومن ورائهم أميركا وأوروبا ثقلهم وغرف عملياتهم وأقمارهم الصناعية وجواسيسهم وطائراتهم بدون طيار وحشدوا كل مارق ومرتزق ومتطرف ومُدان وصاحب سوابق وقاعدة وإرهابيين وأدخلوهم إلى سوريا ودعموهم بكل ما يمكنهم ووضعوا الخطط واستعانوا بالخبراء وحتى بإسرائيل ( الملاذ الآمن) واستخدموا كل أبواق الفتنة من علماء البلاط إلى القنوات الفضائية والأفلام المفبركة إلى أدوات الاتصال ,... و.. ومع ذلك لم يستطيعوا أن يُسقطوا سوريا ولا نظامها ولا جيشها، ولا أن يحاصروا المقاومة الإسلامية ولا أن يفككوا حلف المقاومة، بل أزداد هؤلاء تماسكاً وقوةً وصلابة وتم إسقاط خططه وأحلام وأوهام أميركا وحلفها.

وهنا تحرك الروسي ودخل بقوة إلى جانب الشرعية المٌنتَخَبة والجيش المتماسك في سوريا وضمن تفاهم ضمني وكامل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله. وبدأت مرحلة جديدة وتاريخ جديد في سوريا.

وهنا لا بد من القول أن المستقبل سيُكتب بأيدي الرجال المقاومين الأبطال الذين سيُغيرِّون المعادلات ويقلبون الطاولة على رؤوس وأوهام الأميركي وحلفه المتهاوي، وإن تدحرج الحرب سيكون لأحد المسارين إما إلى تسوية تكون فيها وحدة الشعب السوري وجيشه وقيادته في رأس الأولويات مع تنفيذ بعض الإصلاحات لإدخال المعارضين السياسيين إلى داخل السلطة  وإما أن تتدحرج الأمور إلى حرب كبرى ستضطر فيها أميركا أن تزج بالتركي مباشرة في الحرب وعندها فإن المنطقة كلها ستشتعل وسنرى تل أبيب والرياض والدوحة وأنقرة و... تشتعل فيها نيران الصواريخ والحرب.

والحمد لله رب العالمين

اعلى الصفحة