|
|||||
|
زمان الحب والشعر إيه.. أيها المشدود إلى أرضك، فزمان الحب والشعر باقٍ لم يذهب. فالشعر في داخلنا أيها المشدود، أغان وطيور. وعقدة التوتر أمام الأشياء، هي حاسة إضافية وهبتها طبيعة الله، هي رمز وفعل متفوق، وخيال سابق لهذا الزمان. هي ميزة إنسانية رائعة وحساسية بالغة يقابلها عند الآخر استلاب وتبعية فجة ممجوجة للأشياء المحيطة، من لا يسلم نفسه لها يتم إلقاء القبض عليه بتهمة الجنون والشعوذة، أو يقتلوه بالعزلة والكراهية، ويشيعوه في جنازته، ويزفوه زنديقاً مارقاً خارجاً عن حدود حقدهم، ليدفنون حيث لا قبر ولا شاهد ولا ضريح، لأنه شاهد عليهم، يرصد حكاياتهم وزيفهم وسر عفونتهم. الخناق يضيق على القصيدة، ومطارق الحصار تحاول تقلص فسحة الأحلام. يتجرأ الشعراء على إطلاق آمالهم في فضاء المعاناة كفراشات حقل، فينقض عليها الصائدون بالشباك والكراهية والتشفي. أَ..على القصيدة ينهمر كل هذا الرصاص؟! أ..على نزوة حب تخرج كل هذه السكاكين؟! أ..على برعم وردة؟! أ..على جناح ملاك يهم بالطيران؟! أ..على أمنية طفل يجسد فردوسه في سرير ولقمة وغطاء نوم؟! أ..على أحلامنا تتآلب كل هذه الكراهيات؟! بلى.. لكننا بقصيدة سنعيش، وبقصيدةٍ سندفع النار. تحت سقف قصيدة سنهدهد أجسادنا الهالكة، ونخلد إلى الآمال، وعلى إيقاع قصيدة حب، سنقيم قيامه الميتين منا. أما أنت، فلا تخافهم، لأنك تفهمهم وتفهم كل شيء، وهم يموتون رعباً كل يوم. إنهم لا يفهمونك، فأنت أمامهم سر الأسرار، وسر جنونهم، ومرآة زيفهم، وصورة موتهم. إيه.. أيها المشدود إلى أرضك، فزمان الشعر والحب لم يذهب بعد. فصدامك مع لغتك ومخاض رؤاك، ستظل فرحاً متفوقاً بفكرة الحديث باسم من لا يعنيك أمرهم، وتلك علامات النفس العظيمة المبدعة. ومع تجربة التقديس والتدنيس والخلاص، لا يتوقف نموك مع الحياة في العيش، والعيش في الحياة. زمن الحب آت ولا يذهب، لكنه سيأتي وأنت تبحث عن خروج من أغلالك أيها المشدود إلى أرضك. وسنراقب معاً، ونفتش بعينين غارقتين في مزيج الدهشة المتصلة عن مكان مع كل دورة، وكل حمل وولادة، وسوف نجد نظام الأشياء ونحن نبحث بجنون عن آثار شهوتنا للنقاء بالإلغاء من على سطح العالم، سنحلق ريثما يصبح كل شيء قادراً على الاتصال بكل شيء. فنظرية التنافع مزيفة، والتعاون الإنساني والدولي، خدعة. والبراغماتية نكتة ينقصها الوزن والموسيقى والصدق، وفي انتظار زمان الحب والشعر هذا سنظل جزءاً شامخاً من مأساة العصر، على الرغم من أنه لا علاقتنا به. نحلم بالموهبة والمستقبل وبوادر سماوية آتية لا محالة. ونظرة الاستغراب ستظل مرسومة على الوجوه بانتظار انقضاء هذا الزمان البائس، الفقير الزائف، المنكود النازع إلى الموت والسقوط. وحينها سيأتي الشعر الجميل الأكيد الذي ينتمي إلى الحب، لندرك إن الذي كان حلماً مثلنا كان مميزاً، وسيصبح ما يسمى فينا شراً ونزوعاً بدائياً حاضراً، وتصير الذات الرائية إلى مكانها الطبيعي. وأما هذا الذي يبدو متفوقاً، فسيسقط من يده. فرحنا ليس مزيفاً، فلتبق عيونك مسدودة نحو الأبدية، وليبق حوارك مستديماً مع أحلام تشكلت في الفجر وفي وضح النهار. غازل القمر، واكتب الشعر، واعشق وأبدع في السؤال، وأنت تبحث عن الجواب، فحدودك اللامعقولة، وأحلامك التي تبدو مستحيلة، هي الواقع بعينه. والشمس التي لن يمكن تفاديها إلا في ساحة بئر عميقة. أفضليتك تصل حد الروعة والكمال، لا تأسرك القوانين الرديئة التي تضلل العالم وأنت تحيلنا عراة حيث ينكشف كل شيء بلا دستور يواري ترهلهم واتساعهم العجيب، ريثما يأتي زمان الحب والشعر حين تصبح مشدوداً إلى السماء.
|
||||