اللوحة الثانية: جداريات

السنة الخامسة عشر ـ العدد 172  ـ (جمادي الثانية  1437 هـ ) ـ (نيسان2016 م)

بقلم: غسان عبد الله

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


لمدير المسؤول:

مصطفى حسن خازم


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

الصفحة الأولى عبرة الكلمات

وحدة

حينما تظن أنك الوحيد الذي يحس في هذا العالم لا تبتئس.. ولا تخف.. ستشعر كثيراً أنك وحدك.. ستشعر أن العالم أصبح يتسلى بالموت وبالفقد.. أصبح العالم صور موتى يتناقلها الجميع.. تمر عليهم مرور الكرام.. وينتقلون بعدها لمقطع مضحك.. يتبادلونه كما تبادلوا قبله صور الموتى والموجوعين.

لا تبتئس

حينما تكون أكثر إحساساً.. لا تبتئس.. سيقول عنك أهلك إنك "حساس زيادة عن اللزوم" وفي أفضل الحالات سيقول أصدقاؤك أنك "متخنها" و "معقد الدنيا".. لا تبتئس ولا تخف.. هناك الكثيرون أمثالك.. ممن يراهنون على قلوبهم وعلى الإحساس.. وعلى الإنسانية.. هناك أمثالك كثيرون - مثلك تماماً - تسقط دموعهم على وساداتهم ويستيقظون وهم منهكين ويتألمون.. ومن ثم يمضون إلى مزيدٍ من الدنيا.. إلى مزيدٍ من الحياة. لا تبتئس.. فلست وحدك.. هناك من يشعر بك.. ولكنه في منطقة لا تعرفها وفي زمن لا تعرفه.. يمضغ آلاماً ويبتلع حكايا وتسقط دمعته لأنه لم يفلح في إنقاذ أحدهم.

كن إنساناً

لا تفقد إحساسك بالآخرين.. فحينها ستخسر قلبك.. وستكون آلة في هذه الدنيا وسيصيبك المزيد منها!!.. كن إنساناً حقيقياً بقدر ما تستطيع.. فذلك فقط ما يجعلك حياً وليس غير ذلك.. وليس غير ذلك أبداً!!.

اغتراب

أُطِلُّ على الزمان من انحناءٍ في مفاصله.. وأكتبُ للرياح شجى انفلاتي في الرحيل‏.. أنا المخيِّم في فيافي حزني المقرور‏.. أهرب على مدى صوت القصيدة‏.. أهرب عن وجه أبيات مُقَفَّاةٍ‏.. وأدفن في الرمال مواجعي.. وأحول بين أصابعي وحروف أشعاري الجديدة‏.. أصبحت كل القصائد غير قادرة على تعبي‏.. خانتني المدائن والورود.. فعدت مغترباً إلى ذاتي.

زمانٌ مُرٌّ

ها أنذا أشاهد ذاتي الأخرى‏.. وأدخل في عوالمها‏.. فتذهلني‏!!.. وأخرج من رداء الحزن ملتحفاً‏ بشوق طفوليتي اتنسم الأخبار‏ في خوف‏.. وأعرف في الزمان مشرداً مثلي‏.. تكبله الحدود فينثني‏.. ويغيب في ظلي‏.. في هذا الزمان المر جردني الهوى مني‏.. فعدت أجرجر الخيبات‏.. أسأل أضلعي عني‏.. وغادرني الصحاب‏.. وضاع بي زمني‏.. وعن عينيَّ ضاعت لوحة الوطن‏.. وأقفر داخلي مني‏.

انتظار‏

ومر الزمان بطيئاً.. بطيئاً‏.. كأني خلقت لأحصي خطو الثواني‏.. ولكنها نجمة الصبح تلمع في أفق آخر‏ وأحثُّ السرى‏ فتباشيرها ظهرت وأنا مثقل بالأماني‏ فأسرجي مهرة الوصل‏ إن كان بين ضلوعك قلب‏ وشدي إليَّ الرحال‏ فهذا أنا قد فتحت لك القلب‏ زينته بهواي الجموح‏.. فرشت ورد دمي‏.. فلتطأ قدماك لظى الجرح‏ ولتدخلي عرشك المتوج بالشوق‏ إني انتظرتك‏ ما زلت‏ حتى تعجَّب من صبري الانتظار‏.

إلى السيِّد الحبيب

لأنك الذي ينتظره الأطفال والفصول‏.. حلم التراب في انبثاق الماء‏.. نشوة الحقول‏.. لأنك الوعد الجميل‏ والصخرة التي تَصُّدُّ ألف سيل‏.. تفتحُ عندما تطلُّ أبواب المدينة الغليظة الفؤاد‏.. تُلجُ قلوب العباد‏.. نرفع فوق دورنا البيارق الصفراء.. لأنك الغمامة السخية العطاء‏.. والمشعل المضيء في دروبنا‏.. تعجز أن تناله العواصف الهوجاء‏ نحمله في الدم والأعصاب‏ لأننا له أحباب‏ لكنه في قلب كل خائن حريق‏ لأنك الخطوة والطريق‏ ننسى إذا جئت النهارات التي تآكلت‏ ونذوق طعم العيش في شفاهنا حلوا‏ وينسل الجفاف من عروقنا‏ وترحل الليالي المحزنة‏.

الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي 

الأبْيَوَرْدي ـ لعبةُ الأقدار

خُطــوبٌ لِلقُلــوبِ بِهـا وَجيبُ       تَكادُ لَهـــا مَفارِقُنا تَشــــــــــــــيبُ

نَرى الأَقــدارَ جـاريَةً بِأَمـــرٍ      يَريبُ ذَوِي العُقــولِ بِما يَريبُ

فَتَنجَـــحُ في مَطالِبِهـــا كِلابٌ      وَأُسْــــدُ الغابِ ضارِيَةٌ تَخيبُ

وَتُقسَــــمُ هَــذِهِ الأَرزاقُ فِينا       فَمــا نَدري أَتُخطيءُ أَم تُصيبُ

وَنَخضَعُ راغِبينَ لَهـــا اِضطِراراً      وَكَيفَ يُلاطِمُ الإِشــــفى

أبو العلاء المعري ـ حذرٌ من الإنسِ

الحَــظُّ لي وَلأهلِ الأَرضِ كُلِّهِـمُ     أَلاَّ يَرانِيَ أُخــرى الدَهرِ أَصحابي

وَشِـــقوَةٌ غَشِيَت وَجهي بِنَضرَتِهِ    أَبَرُّ بي مِــن نَعيمٍ جَـرَّ إِشـحابي

حـابي كَثيرٌ وَمـــا نَبلي بِصائِبَةٍ    وَكَيفَ لــي في مَـراميهِنَّ باِلحابي

قَــد كُنتُ صَعباً وَلَكِنْ أَرهَفَتْ غِيَرٌ   حَــتّى تَبَيَّنَ كُلُّ الناسِ أَصحــابي

فَاِحــذَر مِنَ الإِنسِ أَدناهُم وَأَبعَدَهُم    وَإِن لَقــوكَ بِتَبجــيلٍ وَتَرحـابِ

لَبيبُ إبن عبد ربه الأندلسي ـ خداع الدنيا

أَلا إنَّمــــا الـدُّنيا نَضَارَةُ أَيْكةٍ       إذا اخْـضَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ جَفَّ جَانبُ

هِيَ الدَّارُ مَــا الآمَالُ إِلا فَجـائِعٌ       عَليْهــا وَلا اللَّذَّاتُ إِلا مَـصَائِبُ

فَكَمْ سَــخِنَتْ بِالأَمْسِ عَيْنٌ قريرَةٌ        وَقَرَّتْ عُيُونٌ دَمعُهَا الْيوْمَ سَـاكبُ

فَلا تَكتَحِلْ عَيْنَاكَ فِيهَــــا بِعَبْرَةٍ       على ذَاهِبٍ مِنْهَــــا فَإِنَّكَ ذاهِبُ

ابن الحاج النميري ـ حسنُ الوجه

أَيَا مَــنْ رَامَ أَخْــذَ القَلْــبِ مِنِّي     بِأَوْتَــارِ الْجَــنَاحِ بِلاَ جُــنَاحِ

كَفَانِي حُسْـــنُ وَجْهِــكَ إنَّ قَلْبِي      يَطِـيرُ بِـهِ إِلَـيْكَ بِـلاَ جَــنَاحِ

إبراهيم خيكي ـ داعي الهوى

براعتي في امتداحي مَنَهلَ النعَمِ       قد استهلَّت بديع النظم كالعلَمِ

قد هام قلبي بتركيب الغرام فقل       بي ما تشا مطلقاً لم تقتصر هممي

كم ضل لاحٍ بلفظٍ ظلَّ ينشدهُ       والقلب ما مالَ لمَّا لامَ للندمِ

في المنهل العذب لا يختار مع ظمأٍ       مضنَى بتلفيق ما يرويه من عظمِ

قد صاح داعي الهوى تمَّمتَ دعوتهُ       وزدتَ يا صاحِ تطريفي ولم أَلُمِ

إن ذيَّل الحبُّ حبلَ الوصل منهُ بلا       فصلِ لحقتُ بنيل الجود والكرمِ

مالك ابن الريب ـ نفسٌ أبيّة

أَلا رُبَّ يَوم ريبَ لَو كُنتَ شاهِداً       لَهالَكَ ذِكري عِندَ مَعمَعَةِ الحَربِ

وَلَستَ تَرى إِلا كَمِيّاً مُجَدَّلاً       يَداهُ جَميعاً تَثبُتانِ مِنَ التُّربِ

وَآخَرَ يَهوي طائِرَ القَلبِ هارِباً       وَكُنتُ اِمرأً في الهَيجِ مُجتَمعَ القَلبِ

أصولُ بِذي الزرَّينِ أَمشي عِرضنَةً       إِلى المَوتِ وَالأَقرانُ كَالإِبِلِ الجُربِ

أَرى المَوتَ لا أَنحاشُ عَنهُ تَكَرُّماً       وَلَو شِئتُ لَم أَركَب عَلى المَركَبِ الصَعبِ

وَلَكِن أَبَت نَفسي وَكانَت أَبِيَّةً       تَقاعَسُ أَو يَنصاعُ قَومٌ مِنَ الرُعبِ

ابن أياس الكناني ـ حبٌّ شديد

نازَعَني الحُـــبُّ مَــدى غايَةٍ       بَليتُ فيها وَهُـــوَ غَضُّ جَـديد

لَـــو صُبَّ ما بِالقَلبِ مِن حُبِّها       عَلى حَــديدٍ ذابَ مِـنهُ الحَـديد

حُبّي لَهــا صافٍ وَوُدّي لَهــا        مَحضٌ وَإِشــفاقي عَلَيها شَـديد

وَزادَني صَبراً عَلى جَهـــدِ ما        أَلقى وَقَلبي مُســــتَهامٌ عَميدُ

أَنّي سَـــعيدُ الجَــدِّ إِن نِلتُها        وَأَنَّني إِن مِتُّ مِتُّ شَـــــهيدُ

اعلى الصفحة