|
|||||
|
الصفحة الأولى: عبرةُ الكلمات إلى الحاج رضوان أقول: وداعاً.. وداعاً.. ويا زورقَ العمر امخُرْ عبابَ انتظاري، وفُجَّ مياهَ التصبّرِ، كي تصلَ الجزرَ المستحيلةَ.. والدساكرَ المحروثةَ بالصواريخِ.. بين دمي ورحيلكَ ـ رضوانُ ـ وطنٌ لا يباعدنا أو يقرّبنا.. حلمٌ عالقٌ تحت أجفاننا.. زمنٌ ينتهي دائماً.. بانتصاراتِنا. القصيدة اقتربتِ النارُ من الماءِ وقالتْ: يا سرَّ الأحياء.. ثمّ عادتْ إلى مسكنها تحت الرّماد.. سبحَ الماءُ قرب جذرِ النبات وصاح: يا لَلْموسيقى التي يعزُفُها النّباتُ النامي وكرنفالُ الألوان... ثمَّ عادَ الماءُ إلى النهْرِ والينابيع.. غرّدَ الطائرُ في الحقولِ، وتنقّل بين الأغصانِ الطافحةِ بالأزهارِ الغائمةِ... ثمّ عاد إلى عشّهِ فرحاً... صاحتِ القصيدةُ: أنا كلُّ هذا... لكن ليس لي بيتٌ لأعودَ إليه!!. حبقٌ وألق حبقٌ يفتحُ بابَ الَّليل للشّعرِ... وهذا القلبُ كأسٌ كُسِرَتْ أمسِ، وجاء الحَبَقُ المبدعُ يُحْيي كِسَرَ القَلْبِ، ينيرُ الأفُقَ السَّاقطَ في بئر الغَسَقْ.. فدعائي لكَ مولاي الحبقْ.. يا منِ الأرضُ له سجَّادةٌ منسوجةٌ بالعطرِ باركني، وسامحني إذا أخطأتُ في الحضرةِ.. فالشَّاعرُ خيَّالُ القَلَقْ... يا مضيء الغيبِ نوّرْ جوهَرَ الوَقْتِ.. أنا الأمّيُّ.. علِّمْني الألَقْ!!. حضور إذا رَفَع الَّليلُ خيمتَهُ في طريق المَطَرْ.. ولم ينتبهْ لمروري خفيفاً كأحلامِ كهلٍ ينامُ ليصحوَ في قدمَيْهِ الغَمَامُ فشكراً لهذا الحضورِ الرَّقيقِ يعلِّق في ظلماتي ظلالاً ويفتَحُ لي باب أسراره ويقولُ: تعلَّمْ!... وما ليس لي صار لي، غير أنّي غريبُ الشّتاءِ كثيرُ الضِّياءِ، وحيدُ الضَّجَرْ. غرَق غرَقٌ غرقٌ.. البحرُ يهرَمُ في عروقي متعباً من هذه الفوضى الَّتي تنتابُ زورقَهُ اليتيمْ.. البحرُ يأكُل موجَهُ جوعاً.. ومفتقراً إلى الياقوت والحجر الكريمْ.. حوتٌ من الأحزان يبلعُني، تمرّ عليَّ أجيالٌ من الأمواج متروكاً بجوف الحوتِ، لم تفطَنْ سلالاتٌ النَّوارس بي فهل أسمعتُ – لو ناديتُ- بحَّاراً؟!! وهل ما زلتُ منذوراً لقبطانٍ عجوزٍ كرِّسَتْ كلُّ البحار على اسمِهِ.. فطغى وظنّ كؤوسَهُ تكفي لتفريغ البحارْ. بانتظار الربيع في نسمة هفهافة توزع الطيوبْ.. وفي شراع غيمةٍ.. شاردة ممراحْ.. وفي جناح طائرٍ طروبْ.. وموكبٍ من السنونوات فوق جدولٍ ينداحْ.. جاءَ.. بلا وعدٍ مع الصباحْ.. يحمل في كفيّه.. زهراً مشرق الألوانْ.. وفي عيونه.. شعاعٌ من سنا نيسانْ.. نيروز.. جاء حطَّ في البطاحْ.. وراح ينشر النجوم واللآلي والأقاحْ.. في كلّ مرجٍ مسَّه الصقيعْ ويمسح الدموعْ من العيون والقلوب والجوانح الكئيبةْ.. لكنَّ قلبي يرتمي في حسرة.. بلا ندى.. بلا شذى.. بلا شموعْ.. يلفّه الضبابُ.. والجفافُ.. والصقيعْ ينتظر الربيعْ. عرس انتهى الطبّال.. والزمّار.. والحشد الكبير بعد ليل مفعم بالرقص.. والشرب. وما لذَّ وطاب.. إنّه عرس الوجيه التاجر.. الفذّ.. الأمير.. صالة كبرى... وجمهور غفير.. ملأ الصالة بالأنغام والرقص وباقات الزهور.. وانتهى العرس.. وولّى الناس كلٌّ في طريق.. فإذا بالعرس أضحى مضغة السهرات والسمّار... لكنْ بفتور.. كلُّ ما في العرس ولّى في مهبّ الريح.. لم يبقَ سوى أنَّ العريس الفذّ قد كان "قصير"!. الخريف أتيتُ إلى الروض.. طيراً يغني الربيع ويقطف من زهره ما يشاء فلمّا أتاه الخريف ولملم أوراقه الخضرَ والأمنيات.. وزهر الغناء رجعت بخفّي حنينٍ لأقطفها زهرةً من بكاء الشهيد حملوه على النعش فوق الأكفّ وفوق الرؤوس على وجهه بقع من دمٍ صاخبٍ وعلى المنكبين لواء فلسطين يزهو وراحوا جموعاً.. لمقبرة الشهداءِ يزفون هذا العريس وزغردة من نساءِ القريةِ تسمو إلى سدرة المنتهى وصلّوا عليه.. ومن قبل أن يدفنوهُ رأوا كفَّه مزّقتْ كفَنَهْ وأعلنتِ النصرَ... بالأصبعينِ وشعّتْ على شفتيه ابتسامَهْ وحيّا الجموع... ونامَ العريس.
الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي امرؤ القيس ـ تباريح فَيا رُبَّ مكروبٍ كَرَرتُ ورَاءهُ وطَاعَنْتُ عنهُ الخَيلَ حتَّى تنفَّسا وما خِلْتُ تَبريحَ الحياةِ كَما أَرَى تَضيقُ ذِراعِي أَنْ أَقُوم فأَلبسـا فَلَوْ أنَّها نَفسٌ تموتُ جميعهـا ولكنَّها نَفسٌ تَساقَطُ أَنْفُســـا الشريف الرضي ـ عفاف يميلُ بيَ الهَوى طَرَبا وأنأى ويجْذبِني الصِّبا غزلاً فـآبى ويَمنعُنـي العفافُ كأن بيني وبين مآربي منه هِضابــا نَصلْتُ عن الصِّبا ومُصاحبيهِ وأبدَلني الزمانُ بهم صِحابا عبد المحسن الصوري ـ حب بلا غيرة تعلَّقْتُه سَـكْرَان من خَمْرَةِ الصِّبَا به غَفْلَـــةٌ عـن لَوْعَتِي ولَهيبي وشَـــارَكَنِي في حبِّه كلُّ مَاجِدٍ يُشــارِكُني في مُهْجَتِي بِنَصِيبِ فلا تُلْزِمُوني غَيْرَةً مَـا عَرَفتُهـا فإنَّ حَبِيبي مَنْ أَحَــبَّ حَـبيبي أحمد بن عبيد ـ زيارة فلا تَعْذلِينَا في الزِّيَارَة إنَّنَـا وإِيَّاكِ كَالظَّمْآن والماءُ بَـارِدُ يَرَاهُ قَرِيباً دَانِيـاً غَيْرَ أنَّـهُ تحولُ المَنَايَا دُونَه والرَّوَاصِد نصيب بن رباح ـ العاشق وما فـي الدَّهـرِ أَشـقَى من مُحِـبٍّ وإِنْ وَجَــدَ الهَـوَى حُــلوَ المَذَاقِ تَــرَاهُ بَاكِيــــاً فــي كُلِّ وقتٍ مَخَافَــةَ فُرقَةٍ أو لاشـــــتيَاقِ أبو نواس ـ ساحة القلوب إنِّي صَرَفْتُ العـُيُونَ إِلى قـَمرٍ لا يتحدَّى العـُيـُـونَ بـِالنـَّظرِ إِذَا تأَمَّلـْتـَــه تـَعـَاظَمـَك الإقرارُ في أَنـَّه مـن البـَشـَرِ ثم يـَعـُـودُ الإِنكارُ معـــرفةً مِنك إذا قـِسـْتَه إلى الصـُّـوَرِ مُبَاحَةٌ سـَــاحـَةُ القلـوبِ لَهُ يَأَخُذُ مـِنـْهـَا أَطـَايِبَ الثـَّمَرِ أبو العلاء المعري ـ بنو حواء عَصَا في يدِ الأَعْمى يرومُ بها الهُدَى أَبرُّ له من كلّ خِــدْنٍ وصَاحـِـبِ فأوسـِــعْ بني حواءَ هَجْرًا، فإنهم يســيرون في نهجٍ من الغَدْرِ لاَحِبِ وإن غَيَّر الإِثمُ الوُجـُوهَ، فمـا ترى لدى الحَشرِ، إلا كُلَّ أسـودَ شاحبِ إذَا ما أشَار العَقـْلُ بالرُّشْدِ، جَرَّهَم إِلى الغيِّ، طَبْعٌ أَخْذُه أَخـْذُ سَاحِبِ ابن المعتز ـ يوم سعد يَوْمُ سَعْدٍ قد أطْرَقَ الدَّهْرُ عنــه خاســئَ الطَّرْفِ لا تراه الخُطُوبُ فيه ما تشــتهي، نديمٌ وريحانٌ ورَوْحٌ وقَــينَةٌ وحَــــبيبُ ورسولٌ يقول ما تعجز الأَلفاظُ عنه حُلـوُ الحــديث أَدِيبُ وَلَنَا مَوعِدٌ إِذا هَدَأَ النُّوَّامُ لَيْلاً، والليل مِنا قَـرِيبُ
|
||||