|
|||||||
|
قد يستغرب البعض طرح هذا التساؤل كعنوان لافتتاحيتنا هذه!!.. إذ كيف يمكن أن يكون التكفيريون الذين يعلنون التزامهم بالتطرّف الإسلامي على علاقة مع الصهاينة سواء على صعيد تكامل الأدوار أو على صعيد تقاطع المصالح؟!!.. لكننا نجزمُ بالقول إن هذا الاستغراب ليس في محله.. وذلك لأسباب كثيرة.. فبالرجوع إلى بداية الظهور الجديد للحركة التكفيرية نجد أنها جاءت في فترة زمنية عنوانها العام هو انتصارات مشرفة للمقاومة في لبنان وفلسطين على العدو الصهيوني ووصول الشعوب الإسلامية والعربية إلى قناعة أنه بإمكاننا أن نهزم الكيان الصهيوني. وأن كل ما قد روج له بعض حكام العرب على مدى سنواتٍ تبريراً لتخاذلهم عن تحرير فلسطين من أننا لا نقوى على محاربة إسرائيل، وبالتالي استعادة الحق الفلسطيني، كان خداعاً وكذباً. بل إن الجميع استنتج أن ثمّةَ تواطؤاً مستمراً بين هؤلاء الحكام والكيان الصهيوني كان موجوداً ومستمراً منذ نشأته إلى اليوم. المسألة أيضاً هي ليست مجرد تقاطع مصالح، بمعنى أن مصلحة الكيان تكمنُ في ضرب المقاومة والقضاء عليها في حين أن مصلحة الحكام العرب هي في الاستمرار على كراسيهم التي باتوا يحسّون بأنها تميد بهم وتتزلزل الأرض من تحت أقدامهم بفعل المقاومة وانتصاراتها. نعم بل أكثر من ذلك فإن الأمر أيضاً هو تعانق استراتيجي ومبادئ مشتركة منذ بداية تأسيس الكيان الصهيوني. والكل يعرف ما كُشِف لاحقاً من إعطاء ملك السعودية التزاماً للإنكليز بإعطاء الشعب "اليهودي المسكين" وطناً في فلسطين وهذا لا لشيء إلا لأن المدرسة الوهابية التي أُنْشِئَتْ منذ البداية بتخطيط مخابراتي بريطاني إنما أُنشِئَت لأهداف متعددة، منها كسر كل القيم الإسلامية وقطع ارتباط المسلمين بالمقدسات، فهدموا كل معالم الدين وكانوا سيصلون إلى هدم القبة الخضراء للرسول محمد(ص) لولا تدخل العالم الإسلامي والمسيرات التي انطلقت في أكثر من بلد إسلامي. ومن أهداف الوهابيةِ أيضاً تأمينُ الحماية للكيان الصهيوني الذي يجمعه مع الفكر التكفيري عناوين متعددة منها عدم الاعتراف بالآخر (الأغيار بتعبير صهيوني) ومنها سياسة الإقصاء وقتل الآخر من خلال تكفيره، فالكلُّ كما تقول العقيدتان إما أنهم كالحيوانات خدمٌ وعبيدٌ عندهم أو مصيرهم القتل. وتاريخهما ـ الوهابيون والصهاينة ـ حافل بالمجازر التي تثبت ذلك. وعليه فإن الجماعات التكفيرية والحركة الصهيونية تنبعان من منبع واحد وتسيران في نهج واحد وتعتمدان أسلوباً واحداً..، ولذلك عندما فشل العدو الصهيوني في القضاء على المقاومة في حرب تموز مع كل الدعم السعودي الذي وصل إلى حد أن يحثَّ سعود الفيصل العدو على إكمال عدوانه والاستمرار فيه عندما لم يستطع هذا العدو ـ بعد 33 يوماً من أن ينال من هذه المقاومة ـ متعهداً دفع التكلفة مهما كانت. لقد انطلقوا في خطة مشبوهة هدفها حصار المقاومة، أولاً، من خلال شن الحرب المذهبية عليها، ثانياً، من خلال قطع طرق الإمداد عنها عبر القضاء على الدولة السورية، وثالثاً، من خلال إضعاف الجمهورية الإسلامية الإيرانية. هذه الخطة استطاعت أن تنجح إلى حدٍ ما في التأثير على المقاومة عبر إدخالها في حرب لا فائدة منها ولكن لا بد منها، فالمقاومة إما أن تعتبر أن ما يحصل في سوريا لا يعنيها وهذا سيعني أنها ستصل إلى وقت ترى فيه التكفيريين يواجهونها في داخل مناطقها في لبنان أو أن تذهب إلى قتالهم في أماكن تواجدهم وإبقاء حضور الدولة في سوريا مع إدراكها لفداحة الخسائر.. ومن الطبيعي أن يكون خيارها الثاني هو المنطقي وهذا ما اختارته. واليوم نحن نجد أن المشروع الصهيوني التكفيري وصل إلى قناعة أن حربه فشلت والسعودي يبحث عمن ينزله عن شجرة مأزقه في اليمن. والكيان الصهيوني بعد أن علّق آمالاً كبيرة على الفتنة التكفيرية وجد نفسه أنه لم يحقق شيئاً واكتشف أن المقاومة حوّلت الأزمة إلى فرصة.. فأعدت مقاومة مشابهة في الجولان لتزيد من خسارة العدو الصهيوني وهذا ما دفع هذا العدو لارتكاب أكثر من جريمة لإجهاض هذه المقاومة في مهدها وكان اغتيال الشهيد سمير القنطار ضمن هذا السياق، ولكن سيعرف العدو أنه كما تحولت دماء شهداء المقاومة في لبنان إلى لعنة عليهم ستتحول كذلك دماء شهداء الجولان وسيكون النصر في النهاية حليف خط المقاومة، أما النهج التكفيري الصهيوني فمصيره الفشل والهزيمة. في الخلاصة السياق التاريخي والتدقيق في مبدأ الفريقين يوصلنا إلى دليل قاطع أنهما ينبعان من منبع واحد، فليست المسألة تقاطع مصالح بل هي تكامل أدوار لجهات واحدة سيكون مصيرها الفشل وسيعلم المسلمون والعرب في النهاية هذه الحقيقة، ونسأل الله أن لا يكون ذلك بعيداً. |
||||||