|
|||||||
|
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد المبعوث بالحق رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين يقول الله تعالى في كتابه العظيم :﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾(النساء 65)، فلا بد لكل مؤمن أن ينطلق من خلال كتاب الله تعالى وعندما ننطلق من كتاب الله نرفع من رفع القرآن ونضع من وضع القرآن ونبدأ من قوله تعالى: ﴿قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ (الشورى من الآية 21). رسولنا (ص) بعد أن علمنا الخير كله لم يطلب منا مقابل ذلك إلا المودة في القربى والمودة لا تعني المحبة فقط بل المحبة والإتباع. وعاشوراء هي الفاحص لكل مؤمن فهي التي أعادت للدين مجده وطهره وحررته من تسلط الفجار والفساق وهي نهضة قرآنية بكل ما للكلمة من معنى فهي ليست ثورة كما يقول البعض لأن الثورة حركة جسدية غير مرتبطة بفكر والحسين عليه السلام أكبر من أن يقوم بثورة ، هي حركة تنفيذية لكتاب الله قام بها الإمام الحسين عليه السلام من أجل الإسلام كل الإسلام وليس من أجل مذهب دون مذهب ولولا هذه النهضة القرآنية لما وصلنا الإسلام صحيحاً سليماً. فالحسين تحرّك من أجل الشعب المسلم: لقد وقف في وجه يزيد باعتباره ممثلا للحكم الظالم، هذا الحكم الذي أجاع الشعب المسلم، وصرف أمواله في اللذات، والرشا وشراء الضمائر، وقمع الحركات التحررية، هذا الحكم الذي اضطهد المسلمين غير العرب وهددهم بالإفناء، ومزق وحدة المسلمين العرب وبعث بينهم العداوة والبغضاء هذا الحكم الذي شرد ذوي العقيدة السليمة التي لا تنسجم مع سياسة البيت الأموي وقتلهم تحت كل حجر ومدر، وقطع عنهم الأرزاق وصادر أموالهم هذا الحكم الذي شجع القبلية على حساب الكيان الاجتماعي للأمة المسلمة هذا الحكم الذي عمل عن طريق مباشر تارة وعن طريق غير مباشر تارة أخرى على تفويض الحس الإنساني في الشعب، وقتل كل نزعة إلى التحرر بواسطة التخدير الديني الكاذب كل هذا الانحطاط ثار عليه الحسين، وها هو يقول لأخيه محمد بن الحنفية في وصية له: (أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلا بَطِراً وَلا مُفْسِداً وَلا ظَالِماً، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإِصْلاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي صلى الله عليه وآله، أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيَّ هَذَا أَصْبِرُ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ الْقَوْمِ بِالْحَقِّ، وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ). فالإصلاح في أمة جده(ص) هو هدفه من النهضة وقوله فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق دليل واضح على الباعث الذي أخرجه فهو لم يقل: فمن قبلني لشرفي، ومنزلتي في المسلمين، وقرابتي من رسول الله، وما إلى ذلك.. لم يقل شيئاً من هذا إن قبوله يكون بقبول الحق فهذا داع من دعاته، وحين يقبل الناس داعي الحق فإنما يقبلونه لما يحمله إليهم من الحق والخير لا لنفسه، وفي هذا تعالٍ وتسام عن التفاخر القبلي الذي كان رأس مال كل زعيم سياسي أو ديني في عصره عليه السلام. وقال إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني. كل هذه الحادثة قدرها الله تعالى لنتعلم أن المقامات لها ثمن عند الله ولنتعلم أن لا نسكت على ظلم الظالمين وليكون الحسين عليه السلام قدوة لكل مسلم لأنه امتداد لجده رسول الله(ص)، فالقضية قضية إسلام محمدي قرآني في مقابل إسلام مصطنع مشوه وحتى تاريخنا اليوم هذه حقيقة الخلاف وليس بين المذاهب. مع هذا كله وغيره الكثير نستنبط أن عاشوراء تجمع المسلمين ولا تفرقهم ،وهذا لا يكون مع المتعصّب فإذا أزلنا العصبيات وخرجنا من الدسائس الأموية التي تربينا عليها والتي رفعت ووضعت وجعلت لفلان وفلان فضائل وأخفت ما أخفت من فضائل آل بيت رسول الله عليهم السلام عندها يتحقق اجتماع المسلمين . والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، فكيف بمن قتل وحارب خير خلق الله؟ والله قال ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾(النساء 93)، هذا حال من يقتل مؤمناً عادياً فكيف بمن قتل ابن بنت رسول الله وله ما له من الفضائل ألم يسمعوا كلام رسول الله لفاطمة عليها السلام أسكتيه فإن بكاءه يؤذيني؟؟. عصر الحسين لم يكن عصر شيعة وسنة بل كان عصر إسلام ولا إسلام، إسلام محمدي أصيل وإسلام أموي دخيل وكان عصر المواجهة الكبرى بين الدين واللادين، لم يكن في مشروع يزيد أي حرمة للإسلام وللقرآن وللكعبة وللنبي وآل بيته عليهم السلام، ولو قرأ إخواننا جيداً ما فعله يزيد لكرهوه إضعافاً مضاعفة فهو قد قتل من الصحابة من قتل وضرب الكعبة بالمنجنيق. واليوم الزمن يعيد نفسه فأنصار الحسين وأحباب الحسين وأتباع الحسين محاربون ومحاصرون ويقاتلون وتشوه صورتهم والطرف الآخر يركض وراء المنصب والجاه وحب الدنيا فيقتل ويستخف بالدماء ويقدم الولاء لأعداء الله ويبث الفتن وينسى وقوفه بين يدي الله. أوجه كلامي لإخواني السنّة خصوصاً آملاً الخروج من العصبية التي تعمي العيون عن الحقائق، لو كنت في زمن الحسين عليه السلام أو في زمن علي عليه السلام مع من ستكون؟؟.. لا شك أنك ستقول بسرعة وبغير تردد مع علي والحسين عليهما السلام طبعاَ لأنك من الطيبين الذين لم يصابوا بسموم الوهابيّة.. أما لو أصيب أحدهم لربما كان رده مع معاوية ويزيد بحجة ما يقولونه أنه اجتهاد والحسين اجتهد ويزيد اجتهد – علي اجتهد ومعاوية اجتهد، نقول لهؤلاء الذين تربوا على هذه الأكذوبة إن من العيب أن يوضع الحسين ويزيد في كفة واحدة بل من العيب الكبير في حق رسول الله(ص) أن يوضع باب مدينة العلم مع معاوية في نفس الميزان ومن هو ليجتهد؟؟؟. ثانياً، إن الاجتهاد إن حصل بين المجتهدين يكون اجتهاداً بالفروع وليس بالأصول الثابتة. وكل من تجرأ وقاتل آل بيت رسول الله هو كافر استناداً لحديث رسول الله(ص): "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". بعد كلامي هذا قد يقول قائل عني إنني متشيّع أو متزلف ومداهن وأكتب إرضاءً لأحد، لا والله وربي على ما أقول شهيد أن ما أكتبه هو من حرصي وحبي لكل مسلم تربى تربية خاطئة وتأثر بما وُضع في كتبنا، كما أنني ذكرت أن القضية ليست سنة وشيعة إنما إسلام حقيقي وإسلام مزيف تروجه أمريكا وإسرائيل وأعوانهما. ألا نجد شيعياً يبكي ويتباكى في المجالس وهو لا يصلي مثلاً؟؟.. ألا نجد من تدّعي التشيّع وهي غير محجبة؟؟.. وهل يرضى الإمام الحسين من محبٍّ له أن يخالف سلوكه وعمله قوله؟؟. ألا نجد من يسمي نفسه سنياً وهو لا يعرف ولا يطبق من السنة النبوية شيء؟؟. عندما سُئل علي عليه السلام قبيل المعركة بقليل مَنْ الغالب فقال إذا دخل وقت الصلاة فأذن وأقم تعرف من الغالب. ولو نظرنا وبحثنا عن أكثر سني حقيقي مطبق للسنة ومستمسك بها نجد أن السيد الخامنئي بسلوكه وتواضعه الذي عرفت عنه الكثير هو أكثر سني إقتداءً برسول الله(ص). وما أجمل كلام الشافعي رحمه الله: تعصي الإله وأنت تظهر حبه.. هذا محال في القياس بديـع لو كان حبك صادقا لأطعتـه.. إن المحب لمن يحب مطيـع. وأنا إن اتهمت بالتشيّع لحبي لآل البيت والتبرؤ من أعدائهم فإن لي بالإمام الشافعي أسوة حسنة عندما اتهم بالتشيّع بعد مدحه لآل البيت في زمن الممنوع فقال: يا آل بيت رسـول الله حبُّكُمُ فرضٌ من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم الفخر أنّكـُمُ من لم يصل عليكم لا صلاة له فقال رداً عليهم: قالوا ترفضتَ قلتُ: كلا, مَا الرَّفْضُ دِيني وَلاَ اعْتِقَادِي. لكنْ توليتُ بغير شك, خيرَ إمامٍ وخيرَ هادي. إنْ كانَ حُبُّ الْوَلِيِّ رَفْضاً, فإنَّ رفضي إلى العبادِ.. ثم قال: إذا في مجلس نذكر علياً وسبطيه وفاطمة الزكية يقال تجاوزوا فهذا من حديث الرافضية برئت إلى المهيمن من أناس يرون الرفض حب الفاطمية. فلا شك أن عاشوراء تجمع المسلمين حول الإسلام الحقيقي وتُعلي هممهم لنصرته لأن عاشوراء هي امتداد للرسالة المحمديّة، فهي نهضة قرآنيّة انطلق بها الحسين عليه السلام من قوله تعالى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ﴾(هود 113). وهو القائل لأهل البصرة وأنا أدعوكم لكتاب الله وسنة نبيه – وقوله أيضاً عليه السلام يا قوم إن بيني وبينكم كتاب الله – وغير ذلك الكثير.. الكثير.. الكثير الذي يثبت أن النهضة ربانيّة قرآنية محمدية ينبغي أن تجمع المسلمين كلهم تحتها فالنصر في لبنان لم يكن لولا هذه المدرسة ولن تعود فلسطين إلا بالتعلم من هذه المدرسة مدرسة انتصار الدم على السيف. وأنا أكتب هذه الكلمات وصلتني رسالة على هاتفي يسأل في ذيلها المُرسل الذي لا أعرفه ما صحة هذا الحديث؟ وهو حديث طويل يظهر للقارئ أن الحسين عليه السلام رمى بنفسه إلى التهلكة وهذا ما أراد أن يوصله لي فدخلت معه بحديث طويل دام حوالي الساعة وصلنا بنهايته إلى أن الجهل بالآخر سبب كبير من أسباب الفتن فقلت له هناك حق وباطل فهرب من الكلام ثم قال وما رأيك بسب الصحابة؟ فقلت له إن أول من بدأ بسب الصحابة هو معاوية حتى جاء عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأوقف السب وأجبر الخطباء بختام خطبتهم بقوله تعالى إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى فهل تعلم ذلك؟!.. فقال لا.. ثم قال لي نحن لا نسبّ آل البيت ولكنهم يسبون الصحابة قلت له لا زلت تعمم ولا يجوز التعميم فلا تزر وازرة وزر أخرى وقلت له ألا تترضى على من قاتل آل البيت عليهم السلام؟ قال نعم... إذاً هناك أسباب وفعل وردود فعل أوصلتنا إلى هنا كالكتيبات والفتاوى الشاذة وبعض الفضائيات وبعض المنابر التي تبعدنا عن فلسطين وتجعل الصديق عدواً والعدو صديقاً. من يمثل الحسين(ع) اليوم ومن يقتدي به.. هو كل مدافع عن أرضه ودينه وعرضه ويقدم الدم فينتصر الدم علی السيف وإخواننا في فلسطين الذين يواجهون الظلم بصدور عارية وإخواننا في اليمن وغيرها من البلدان والشعوب المستضعفة. فهل يزيد يمثل السنّة؟ قال لا فقلت ولكننا نجد بعض السنة يدافعون عن يزيد نكاية كما نجد بعض الشيعة يظنون أن يزيد يمثل شيئاً عند أهل السنة والجماعة ووالله قرأت على قناة يفترض أنها معتدلة ووسطية بالشريط الذي يشارك فيه المشاهدون ((عاش أمير المؤمنين يزيد بن معاوية عاش.. عاش.. عاش))... إنهُ جهل وغباء وعصبية عمياء.. فحسبنا الله ونعم الوكيل والله المستعان. |
||||||