|
|||||||
|
صادق مجلس الأمن الدولي في 20/7/2015 بالإجماع على الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى، ويمهد الطريق أمام رفع العقوبات الدولية عن الجمهورية الإسلامية. وصوت مندوبو الدول الـ15 الأعضاء في المجلس برفع الأيدي، لصالح الاتفاق التاريخي الذي تدخل به إيران النادي النووي العالمي، بعد عقود من البحوث العلمية النووية، وعقود أيضاً من الحصار. وبحسب نص القرار، سيتم وقف العمل تدريجياً بسبعة قرارات صادرة عن المجلس منذ العام 2006، تتضمن عقوبات على إيران، وذلك بشرط احترام إيران ما التزمت به من خلال الاتفاق. وبموجب الاتفاق يكلف مجلس الأمن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" القيام بـ"عمليات التحقق والمراقبة الضرورية للالتزامات النووية التي اتخذتها إيران"، مثل الحد من عدد أجهزة الطرد المركزي أو خفض مخزونها من المواد الانشطارية، ويطالب إيران بـ"التعاون التام" مع الوكالة. وعند تلقي المجلس تقريراً من "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" يؤكد التثبت من أن البرنامج النووي الإيراني بات سلمياً بالكامل، عندها "يتم إلغاء" القرارات السبعة التي اتخذتها الأمم المتحدة منذ العام 2006، لفرض عقوبات على إيران، وهي القرارات 1696 و1737 و1747 و1803 و1835 و1929 و2224. وتقضي هذه القرارات بحظر بيع إيران معدات أو خدمات على ارتباط بالأنشطة النووية الإيرانية وتجميد أموال شخصيات وشركات إيرانية وفرض حظر على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية. غير أن إجراءي الحظر سيبقيان ساريين لمدة خمس سنوات بالنسبة إلى المعدات والخدمات المرتبطة بالأنشطة النووية، ولمدة ثماني سنوات بالنسبة إلى الأسلحة والصواريخ. كذلك فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على إيران، ولاسيما في مجالي الطاقة والمال، وينص اتفاق فيينا أيضاً على رفعها تدريجياً وبشروط. وبعد عشر سنوات، أي عند انتهاء مدة اتفاق فيينا، تغلق الأمم المتحدة ملف إيران. أما في حال خالفت إيران أياً من التزاماتها، فسيكون بوسع المجلس عندها إعادة فرض كامل مجموعة العقوبات بشكل شبه تلقائي. ويكفي أن ترفع إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والتي تملك حق الفيتو فيه، قراراً ينص على أن العقوبات تبقى مرفوعة ثم أن تضع فيتو على هذا القرار ذاته، حتى تفرض العقوبات مجدداً. ونتيجة لسريان مفعول اتفاق فيينا بعد شهور قليلة ستحصل إيران على أرصدتها المالية المجمدة، التي لا تقل قيمتها عن 120 مليار دولار، فضلاً عن أن إعادتها إلى نظام المبادلات المصرفية، سيتيح لها استرجاع أكثر من 50 مليار دولار، من الفواتير النفطية المستحقة لإيران بذمة الصين والهند واليابان وغيرها. سيرة ومسار البرنامج النووي الإيراني لا بد من ذكر حقائق تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني ومراحله، من أهمها، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد الدولة الأولى الراعية للبرنامج النووي الإيراني الأساسي، ففي عام 1957 وقعت إيران مع الولايات المتحدة على الاتفاقية الخاصة بتقديم المساعدات النووية والفنية لإيران لمدة عشر سنوات والتي حصلت بموجبها على عدة كيلو جرامات من اليورانيوم المخصب للأغراض البحثية، وفي العام نفسه قامت الولايات المتحدة بنقل معهد العلوم النووية من بغداد إلى طهران. ومنذ ستينيات القرن الماضي مر البرنامج النووي الإيراني بمحطات أبرزها: مرحلة النشأة وإقامة البنية الأساسية خلال الفترة 1968-1978: والتي أنشأت فيها عام 1974 "المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية"، التي بدأت عملية تفاوضية مع الولايات المتحدة من أجل توقيع عقد لمدة عشر سنوات لتزويد إيران بالوقود النووي. وتركزت الجهود، آنذاك على دراسة صنع قنبلة نووية وعلى موضوع استخراج البلوتونيوم من الوقود النووي المستعمل. كما بدأت إيران خلال هذه الفترة نشاطاً مخالفاً للقوانين الدولية واتفاقية منع انتشار السلاح النووي من خلال السعي إلى تخصيب اليورانيوم بواسطة أشعة الليزر، ولكن محاولاتها لم تتكلل بالنجاح. وقبيل سقوط نظام الشاه في كانون الثاني 1979، كان هناك ستة مفاعلات نووية قيد البناء. وبعد سقوطه اتخذ القادة الإيرانيون, وفي مقدمتهم آية الله الخميني، موقفا سلبيا تجاه الطاقة النووية. أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة وألمانيا والدول الغربية رفضت التعاون مع إيران في المجال النووي, وفرضت حظرا شاملا ضد إيران في كافة مجالات التسليح، كما تعرضت المنشآت النووية الإيرانية للقصف الجوي والصاروخي العراقي أثناء الحرب. ومنذ بداية ثمانينات القرن الماضي شهد البرنامج النووي الإيراني قوة دفع. حيث كان انفتاح إيران على الدول النووية. وبدأ التعاون الصيني الإيراني في العام 1984. وفي أيار 1985 حيث وقعت إيران والأرجنتين الاتفاق الخاص بصيانة وتحديث المفاعل النووي البحثي بجامعة طهران فضلاً عن تزويد الأرجنتين لإيران بالخبراء وباليورانيوم عالي التخصيب لتشغيل المفاعل البحثي بمركز طهران للبحوث النووية عام 1987، وبعدها ازدادت مخاوف الإدارة الأمريكية من تعاون الأرجنتين مع إيران فحثت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على ضرورة إخضاع المفاعل البحثي في مركز طهران للبحوث النووية للإشراف الكامل من جانب مفتشي الوكالة. وكان هناك تعاون بين إيران وباكستان، وبالطبع سعت الولايات المتحدة للضغط على الحكومة الباكستانية لوقفه التعاون. تباين أم تناقض في المواقف؟. تعليقاً على خطوة في مجلس الأمن، اعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن القرار الذي صدر عن مجلس الأمن هو "رسالة واضحة" مؤيدة للاتفاق. وتشير إلى أن "هناك توافق دولي واسع حول هذه المسألة، وافترض أن الكونغرس الأمريكي سيأخذ بالاعتبار هذا الرأي العام الواسع". بينما قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامنتا باور إن "هذا الاتفاق لا يبدد كل قلقنا، لكنه في حال طبق سيجعل العالم أكثر أماناً". بينما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن إيران ستطبق التزاماتها في إطار الاتفاق النووي. وأكدت الوزارة الإيرانية مجدداً أيضاً التزامها بعدم السعي مطلقاً لصنع السلاح النووي "وفقاً للفتوى التاريخية للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي التي تحظر استخدام أسلحة دمار شامل". لكنها أكدت أن قرار مجلس الأمن 2231 "لا يشمل برنامجها الباليستي". حيث أن القدرات العسكرية، خصوصاً صواريخ إيران البالستية، لها هدف وحيد دفاعي، وبما أن هذه التجهيزات لم تعد لنقل أسلحة نووية، فهي خارج حقل أو اختصاص قرار مجلس الأمن". وفي هذا السياق، اعتبر القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري أن "أي قرار يصادق عليه مجلس الأمن الدولي يقضي بوضع قيود على القدرات التسليحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو غير مقبول". معركة أوباما الأخيرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، المنتشي بأكبر إنجازاته الدبلوماسية، يجد نفسه في وضع صعب، وفي مواجهة ضغوط سياسية ودبلوماسية داخلية وخارجية من خصومه وحلفائه على حد سواء، ممثلين بالكونغرس وإسرائيل. حاول احتواءها بتأكيده على أن خلافات عميقة ستظل ماثلة بين طهران وواشنطن، والتشديد على أن تسوية فيينا لا تعني بالضرورة "تطبيعاً للعلاقات" بين واشنطن وطهران. وقال أوباما في مؤتمر صحافي: "لدينا خلافات كبيرة جداً مع إيران. وإسرائيل لديها مخاوف مشروعة حول أمنها في ما يتعلق بإيران، وكان هناك بديلان فقط: إما أن يتم حل مسألة حصول إيران على سلاح نووي دبلوماسياً من خلال المفاوضات أو يتم حلها بالقوة عن طريق الحرب. هذه هي الخيارات. وإنني أشارك إسرائيل مخاوفها وكذلك السعوديون والشركاء في الخليج بشأن قيام إيران بشحن أسلحة والتسبب في صراع وفوضى في المنطقة.. ولهذا السبب قلت لهم: دعونا نضاعف الرهان ونزيد من الشراكة بفاعلية أكبر لتحسين قدرتنا المخابراتية وقدرتنا على المنع حتى تمر شحنات أسلحة أقل من تلك عبر الشبكة". نفوذ اللوبيات تلعب اللوبيات دوراً مهماً في دوائر صنع القرار السياسي الأمريكي المتمثلة في الكابيتول والبيت الأبيض، وبالتالي يتأثر صانعو ومتخذو القرارات بما تقدمه تلك اللوبيات من معطيات، وما تملكه من نفوذ وما تمارسه من أشكال ابتزاز وضغط على النواب والشيوخ وتطال الرئيس أيضاً. وقد سبق كل من: "المعهد العربي الأمريكي" والمجموعة اليهودية الأمريكية التقدمية "جي ستريت" و"المجلس الوطني الإيراني الأمريكي"، أن أصدروا، إثر التوصل إلى تفاهم لوزان الممهد لاتفاق فيينا بين إيران والدول الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني بياناً مشتركاً مرحباً بتفاهم لوزان ومهنئاً الرئيس أوباما ووزير الخارجية جون كيري والمفاوضين الأمريكيين على توصلهم إلى اتفاق تاريخي يؤمّن إطارًا لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي وتجنب حرب كارثية". وكان أمراً لافتاً بروز دور المجلس الوطني الإيراني الأمريكي NIAC، أي اللوبي الذي يمثل الإيرانيين في الولايات المتحدة، والذين يقدر عددهم بأكثر من 3 ملايين نسمة منهم 50% على الأقل ولدوا بها وتصل ثروات الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة إلى 400 مليار دولار. ويتكون هذا اللوبي من مجموعتين: الأولى: تعمل في أجهزة الإعلام الأمريكية ومنظمات بحثيه ويركز نشاط هذه المجموعة أيضاً على الكونغرس الأمريكي، ولها درجات مختلفة من الارتباط بطهران. ويشير الباحث الأمريكي إريك براون في ورقة حول اللوبي الإيراني في الإعلام الأمريكي إلى أن الاقتراح الذي يطالب الولايات المتحدة بمفاتحة إيران في دعم المساعي الرامية إلى التخلص من تنظيم "القاعدة" والتطرّف "السُنّي" يعكس جانباً مهماً جداً من أوجه المطالبة بالتطبيع مع إيران، وأن هذا الجانب على وجه الخصوص يتم الترويج له من قبل الكثير من وسائل الإعلام المؤثرة (منها الصحف التالية:"كريستيان ساينس مونيتور" و"آسيا تايمز" و"نيويورك تايمز")، حيث يرحّب الجمهور الذي يدافع عن تطبيع العلاقات مع إيران بالتصريحات التي تضع الولايات المتحدة وإيران في خانة واحدة، وهي معاداة "القاعدة" والسلفية الجهادية وتنظيم "داعش" بوصفهم أعداء دائمين في العقلية الأمريكية. هناك صحف.. وتطالب بعض الصحف الإدارة الأمريكية بعقد شراكة بين الولايات المتحدة وإيران من أجل دحر "القاعدة"، وإيجاد حل للأزمة السورية. الثانية: وترتبط هذه المجموعة من اللوبي الإيراني في أمريكا بأوساط صناعة النفط واستطاعت أن تخلق مصالح مؤثرة إلى درجه أصبحت لها منافع مالية لها أولوية على المصالح الوطنية الأمريكية. ويعتقد السياسي الإيراني حسن ديوليسلام الذي نشر تقريراً التقرير في أبريل/نيسان 2007 بعنوان "مافيا نفط إيران تخترق الكونغرس الأمريكي". أن نشاط المجلس الوطني الأمريكي الإيراني داخل أمريكا غير قانوني، إذ لا يوجد أشخاص مسجلون رسمياً كنشطاء مع إيران. بينما يشير الموقع الالكتروني للوبي في الشبكة العنكبوتية إلى وجود هيئة رسمية إدارية للوبي تضم الرئيس تريتا بارسي، وهو باحث إيراني يحمل الجنسية السويدية ويقيم في واشنطن رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي NIAC، ومؤلف الكتاب الشهير "التحالف الغادر: التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأمريكية"، وله كتاب آخر بعنوان "لفة واحدة من النرد" بالإضافة إلى العديد من المقالات والمقابلات التلفزيونية، وقد نجح في التقرب من صانعي القرار في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية وسيطر على بعض وسائل الإعلام الأمريكية الناطقة بالفارسية مثل إذاعة "صوت أمريكا". ويتعاون مع بارسي عدد من المستشارين الإيرانيين والأمريكيين ينشطون في المجالات السياسية والإعلامية والاقتصادية والقانونية، منهم: ياسمين راضي التي تدير الجهود السياسية للأمريكيين من أصول إيرانية؛ وديفيد إيليوت الذي يدير الشؤون الإعلامية للوبي ونشر عدداً من المقالات في كبريات الصحف والمجلات الأمريكية؛ ومينا جعفري، خريجة جامعة ميريلاند في الدراسات الفارسية السياسية والحكومية، التي انضمت إلى هيئة اللوبي في شباط2014 ومهمتها إدارة الحملات الإعلامية وتسويق سياسات اللوبي عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وتعود نشأة اللوبي إلى منتصف تسعينيات القرن الماضي عندما عمدت طهران إلى التفكير والعمل من أجل الترويج لمشروع التسوية الشاملة والتفاهم مع واشنطن ومنع إصدار عقوبات إضافية ضدها بسبب الخلافات حول برنامجها النووي و وتدخلاتها الإقليمية. وعمل اللوبي الإيراني في عهد رافسنجاني وتعاظم دوره في عهد خاتمي وتراجع نسبياً في عهد أحمدي نجاد، واستعاد دوره مجدداً بعد وصول روحاني إلى السلطة عام في يونيو 2013، والذي أكد (روحاني) خلال زيارته لنيويورك العام الماضي تعزيز دور اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة، وطالب في كلمة ألقاها أمام عدد من أعضاء الجالية الإيرانية أن يلعبوا دورهم الوطني ويشكلوا مجموعات ضغط فعالة للتأثير على الرأي العام الأمريكي لصالح إيران. ويُعتَقد أن صادق خَرازاي، نائب وزير الخارجية الإيراني السابق (1997-2003) الذي عاش في الولايات المتّحدة بين عام 1989 حتى عام 1996، هو مصمم هذا اللوبي. لأنه تحدث في مقابلة مع صحيفة (شارغ) في 28 مايو 2006 عن وسائل إيران لمواجهة السياسات الأمريكية وطرق مواجهة اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة، وتأكيده أنه يجب أن يبقى هذا اللوبي غير حكومي، وأن على الحكومة الإيرانية أن تدعمه وتروج له وبعد ذلك يمكن أن يعتمد عليه. وكان تريتا بارسي قد رفع دعوى ضد الصحفي الأمريكي من أصول إيرانية حسن داعي، الذي كتب في عام 2008، مقالاً وصف فيه بارسي بأنه أبرز شخصيات اللوبي المناصر "لملالي" طهران في الولايات المتحدة، وأن بارسي لا يكترث بحقوق الإنسان المضطهدة هناك، كما أنه على تواصل مستمر مع عدد من المسؤولين الإيرانيين في الداخل والخارج. واتهم بارسي خصمه – داعي - بأنه شوه سمعته وسمعة منظمته. واستمرت المحاكمة لأكثر من ثلاث سنوات بين تهم موجهة بين الطرفين وكم هائل من الوثائق والمستندات، حتى أصدر قاض المحكمة الفيدرالية في واشنطن دي سي "جون باتس" حكمه النهائي في القضية لصالح حسن داعي. وأدت هذه المحاكمة إلى الكشف عن رسائل إلكترونية أظهرت أن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الذي كان يعمل مبعوثا دائما لبلاده في الأمم المتحدة بنيويورك التقى مع بارسي للمرة الأولى في مارس 2006، وأن ظريف مرر إلى بارسي وثيقة "المساومة الكبرى" التي اقترحها الإيرانيون على الأمريكيين إبان حرب العراق في عام 2003، ورفضتها واشنطن كما أظهرت الرسائل أن بارسي قام بتنسيق لقاءات بين أعضاء في الكونغرس من الحزبين مع ظريف. وقد رتب اللوبي الإيراني لجواد ظريف ممثل إيران الدائم في الأمم المتحدة زيارة للالتقاء مع بعض أعضاء الكونغرس في واشنطن. ويحرص أعضاء المجلس الوطني الإيراني الأمريكي على حضور معظم جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ التي تعقد حول السياسات الأمريكية تجاه إيران ونجحوا في حمل 131 عضواً من أعضاء الكونغرس على التوقيع على خطاب موجه للرئيس أوباما يطالبه بفتح حوار دبلوماسي مباشر مع إيران. واعترافاً من الإدارة الأمريكية بالنفوذ الكبير الذي أصبح اللوبي الإيراني يمارسه على الساحة الأمريكية، نظم البيت الأبيض في عام 2003 "طاولة حوار" للإيرانيين الأمريكيين امتد ليوم كامل، استضاف فيه عدداً كبيراً من قادة المنظمات الإيرانية الأمريكية، ومن الشخصيات البارزة من الإيرانيين الأمريكيين من أساتذة جامعات ومراكز أبحاث.... الخ. دافع خلاله اللوبي الإيراني عن سياسات طهران ومساعيها لامتلاك قنبلة نووية ونفى إثارتها للفتن في منطقة الشرق الأوسط ودعمها للإرهاب وتهديدها للسلم العالمي. وثمة توافق موضوعي بين مواقف اللوبي الإيراني ومواقف اليهود الأمريكيين ومنظماتهم العاملة في الولايات المتحدة، وعلى نحو خاص اللوبي الإسرائيلي "أيباك" المناصرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما ومواقفه تجاه ضرورة التوصل مع إيران إلى اتفاق حول برنامجها النووي. ونصح بعض قادة "أيباك" بل وحذر بعضهم الأخر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من التداعيات السلبية لتلبيته دعوة لإلقاء كلمة في الكونغرس على العلاقات بين واشنطن وتل أبيب. لكن نتنياهو خاطب أعضاء الكونغرس وحذرهم من مخاطر اتفاق سيء مع إيران وحضهم على عدم تمرير الاتفاق المحتمل في الكونغرس. مبدأ أوباما إجمالاً، تكشف المحطات الرئيسة من مسيرة البرنامج النووي الإيراني أن إدارة الرئيس أوباما لا تكتفي بالوظيفة المنوط بإسرائيل إنجازها في الشرق الأوسط، بل تريد قوة إقليمية تنجز وظائف أخرى. ولذلك يبدو أنها تدخل تعديلات جوهرية على "مبدأ كارتر" الذي أعلنه في 23 يناير/ كانون الثاني 1980 الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، للحفاظ على أمن الخليج بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان ، وانتصار الثورة الإسلامية في إيران. ونص على أن أمريكا "سوف تعتبر أي محاولة من قبل أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، وسيتم صد مثل هذا الاعتداء بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية". وثمة مؤشرات على الخطوط الرئيسة لمبدأ أوباما تتمثل في المزج بين مشروع الشرق الأوسط الكبير ونظرية الفوضى الخلاقة مقرونة بإعادة إنتاج "كامب ديفيد" بصيغة خليجية. والأمر اللافت أيضاًً، هو أن الإدارات الجمهورية الأمريكية كانت أميل دائماً إلى عقد صفقات مع إيران، وهذا ما حدث في عهدي الرئيسين الأمريكيين: رونالد ريغان وجورج بوش الأب وبوش الابن على خلفية قضايا: رهائن السفارة الأمريكية في طهران، وحرب الخليج الثانية، والاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق. بينما أخفقت إدارة الرئيس جيمي كارتر الديمقراطية وإدارة الرئيس كلينتون في عقد صفقات مع إيران. وقد ينجح كيري في إحداث اختراق في تاريخ علاقات الإدارات الأمريكية الديمقراطية مع إيران. لكن هذا النجاح يتطلب نجاح اللوبي الإيراني في مهمته الصعبة داخل أروقة الكونغرس. وكان وزيرا خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السابقان: هنري كيسنجر وجورج شولتس، قد قالا في مقالة مشتركة نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال، إن القيود النووية التي ستفرض على إيران. وتأثيرها على المدى الطويل في الاستقرار الإقليمي والعالمي. وأن أكبر قيمة للاتفاق هي "احتمال إنهائه لثلاث عقود ونصف من عداء إيران للغرب والمؤسسات الدولية، وفي كونه فرصة لجر إيران في تجاه محاولة تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط". وذلك على خلفية كون إيران "دولة وطنية مهمة، لديها ثقافة تاريخية عريقة، وهوية وطنية، وشابة نسبياً، وسكان متعلمون؛ وستكون عودة ظهورها كشريك حدثاً يعول عليه". |
||||||