الكيان الصهيوني.. مجتمع غارق في الفساد

السنة الرابعة عشر ـ العدد 164 ـ (شوال ـ ذو القعدة 1436 هـ) آب ـ 2015 م)

بقلم: ازدهار معتوق(*)

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

كشفت القناة الأولى العبرية، عن تشكيل تجمع شبابي للجاليات اليهودية الأثيوبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لدعم قضية الأسير لدى "حماس"، أبراه منغنيستو، وأنهم بانتظار "الإشارة من عائلة أبراه للانطلاق". ونقلت القناة عن شباب التجمع قولهم، إن "المظاهرات التي حدثت في تل أبيب سابقا، من أجل العنصرية ضد الإسرائيليين الأثيوبيين ستكون قطرة ماء مما سيحدث إذا ماطل رئيس الوزراء نتنياهو في استعادة منغستو".

وأضافوا إنهم تظاهروا في "تل أبيب"، مؤكدين أنهم ينوون التظاهر مجددا في كل المدن والميادين من أجل إيقاظ الرأي العام لإسناد الأسير الأثيوبي لدى حماس.

وأشار شباب التجمع إلى أن أبراه معتقل لدى حماس منذ شهور، ونحن نعلم ذلك، ولكنه في ذات الوقت لا أحد من المسؤولين في "إسرائيل" يجيب على أسئلة العائلة ويطلعنا على حالته.

مجتمع غارق في الفساد

إن الشباب في إسرائيل سواء في المعسكرات أو في شوارع تل أبيب يدورون في فلك محدود.. إننا جميعاً نخاف أن ننظر إلى بعيد, فهذه البلاد التي نعيش فيها غريبة عنا ومحاطة بخصومنا الذين لا يرضون عن بقائنا, وقد تقطعت الحبال بيننا وبين الماضي, وليس لنا إلا أن نعيش الحاضر بل الساعة التي نحن فيها, ويجب أن نقتطف الملذات من جميع الأشجار المحرمة, وأنت أينما سرت وأينما جلت ببصرك في مختلف مظاهر الحياة هنا وجدت المجتمع الصاخب الغارق في الفساد إلى أذنيه) آثرت البدء بهذه العبارات من كتاب (وجه المرآة) للمؤلفة الصهيونية ـ ياعيل دايان) ابنة الإرهابي موشي دايان, والذي تتحدث فيه عن المجتمع الإسرائيلي اللاأخلاقي, حيث أسهبت في وصف التجمع الإسرائيلي الاستيطاني وحقيقة المرأة والشباب في هذا المجتمع المنحل وقد شبهت حياة المرأة الإسرائيلية بحياة الغانيات والجواري..‏

تناولت دايان في كتابها بشيء من التفصيل واقع هذا التجمع الاستيطاني الغارق في الفساد والانحطاط حتى أذنيه, وتشير إلى أطفال المستعمرات وهم الأطفال اللقطاء الذين يترعرعون في بيوت خاصة على نفقة الحكومة بعد أن تخلى آباؤهم وأمهاتهم عنهم..‏

فالفتاة الإسرائيلية كما تقول دايان بوقاحة لا مثيل لها: (تستطيع أن تعيش مع أربعة وأن تعاشر عشرين, ولا يجوز أن يتشاجر اثنان من أجلها.. نحن نعيش اشتراكية كاملة مطلقة..!!).. إذن هي شهادة من عشرات ومئات الشهادات حول فساد وانحطاط المرأة الإسرائيلية, ولا عجب في ذلك على الإطلاق فالصهاينة سلكوا منذ فجر التاريخ مسلك الرذيلة للوصول إلى المراكز الحساسة في معظم دول العالم, وكانوا يتقربون إلى أصحاب السلطة بالمال والكذب والخديعة, ولذلك لا عجب أيضاً أن تجد الفساد والانحلال والجريمة تنتشر في هذا المجتمع الإرهابي الاستيطاني انتشار النار في الهشيم خصوصاً. وأنه يوجد في الكيان الصهيوني اليوم الكثير من الحركات الفكرية الصهيونية الحديثة التي ابتدعهاـ الأشكنيازـ وهي تنادي بالانحلال والرذيلة والتخلي عن القيم الإنسانية والضوابط الأخلاقية في الحياة الاجتماعية داخل إسرائيل وخارجها ومن أشهر تلك الحركات ـ اليهودية الإصلاحية ـ واليهودية المحافظة ـ والتي تبيح الشذوذ الأخلاقي بل وأكثر من ذلك فهي تبيح ترسيم الشواذ ومن كلا الجنسين (حافامين) حسبما جاء في كتاب: المرأة في إسرائيل بين السياسة والدين ـ للكاتبة والباحثة السورية باسمة حامد.‏

وأشار تقرير نشر مؤخراً إلى أن حجم ظاهرة المتاجرة بالنساء في الكيان الصهيوني والمسماة (الرق الحديث) أدت إلى احتلال إسرائيل مكاناً متقدماً جداً في القائمة السوداء للدول التي تتاجر بالنساء في السنوات الماضية, أما أسلوب استيراد النساء فيشمل خطف سائحات وصلن الكيان الإسرائيلي وكذلك من خلال الزواج المدني ومن خلال استيراد النساء من عائلات يهودية, وفي سياق موازٍ كشفت الشرطة الإسرائيلية أنه في كل سبع ساعات تقع جريمة اغتصاب في إسرائيل, وأن واحدة من كل ثلاث نساء إسرائيليات تعرضت للاعتداء الجنسي.‏

أما عن الخدمة الإجبارية فيعتبر جيش الاحتلال أول جيش ألزم المرأة بهذه الخدمة ولكن في المقابل اعترفت استبانة صادرة عن الجيش الصهيوني بالفساد الموجود داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بين الرجال والنساء, أما على صعيد حقوق العاملات في الكيان الصهيوني فقد أفاد التقرير السنوي لجماعة نسوية في إسرائيل أن تمييزاً سيئاً في العمل والتربية والصحة والجيش والسياسة والإعلام يجري ضد النساء الإسرائيليات , وحسب التقرير فإن النساء نصف القوة العاملة في إسرائيل وأكثرية النساء العاملات في إسرائيل 92%ـ أجيرات وأجورهن تقل بنسبة 30% في المتوسط عن أجور الرجال..‏

أزمات داخليّة

أصدر مركز الدراسات المعاصرة في مدينة أم الفحم تقديرًا إستراتيجيًا جاء فيه إنّ المعطيات والبيانات تشير إلى أنّ الاحتجاجات الأخيرة في إسرائيل وتوصيات اللجنة المكلفة بالتنقيب والبحث عن حلول للأزمات الاجتماعية لم تتعامل مع البلدات العربية كجزء من التركيبة الاجتماعية الموجودة في البلاد، لافتًا إلى أنّ اللجنة قدّمت توصياتها فيما يتعلق بقضايا المجتمع العربي بشكل مقتصر على حلول سريعة قصيرة المدى، لا تستجيب التوصيات لطلبات المجتمع العربي بإجراء تغيير جذري والانتقال من سياسة تخطيط عنصرية إلى سياسة تخطيط تتبنى مبدأ التطوير الإصلاحي لمعالجة قضايا الجماهير العربية، حسبما أكّدت.

 من جهة أخرى، تشير المعطيات التي نشرها مركز الجليل للأبحاث في المسح الاجتماعي والاقتصادي بأنّ 93% من العائلات العربية الفلسطينية تمتلك البيوت التي تسكنها مقابل 66% في المجتمع الإسرائيلي، وأظهرت المعطيات بأن الداخل الفلسطيني يعاني من أزمة حادة جدا في الأرضي بصورة عامة، وفي المناطق المخصصة للبناء بصورة خاصة، وهذا الأمر يدفع بأزمة السكن لتكون الضائقة الأكثر إلحاحاً للمجتمع العربي وفقًا لمعدي التقرير، وأشارت المعطيات إلى أنّ 55% من العائلات الفلسطينية في البلاد بحاجة إلى شقة سكنية واحدة خلال العشر سنوات القادمة أيْ ما يعادل 100 ألف وحدة سكنية أضافية خلال سنوات الـ10 القادمة.

 وتشير المعطيات والدراسات التي نشرها مركز التخطيط البديل إلى أنّ سبب سوء الأوضاع في مجال السكن والبناء يعود لطريقة تعامل المؤسسة الإسرائيلية والوزارات المختلفة مع أزمة السكن في المجتمع العربي، وأظهرت دراسة أعدها المركز مؤخرًا بأنّ دائرة أراضي إسرائيل لم توفر خلال الفترة الواقعة بين 2005-2010 سوى 21% من الأراضي المطلوبة لسد حاجيات المجتمع العربي من الوحدات السكنية في حين بلغت النسبة 59% لدى المواطنين اليهود.

وتابعت الدراسة قائلةً: تختلف أزمة السكن في الداخل الفلسطيني عن أزمة السكن في المجتمع الإسرائيلي، فقد خطفت الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة الأنظار فيما يتعلق بأزمة السكن وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة ومنها أزمة الشقق السكنية في مدن المركز اليهودية، فإذا كان أحد العوامل في ارتفاع أسعار الشقق السكنية داخل المجتمع الإسرائيلي رغبة الشباب اليهود في الانتقال والسكن في المركز وضعف العرض، فإن الأسباب داخل المجتمع العربي تختلف تماماً وهي تعود إلى مجموعة من العوامل المتداخلة فيما بينها من نقص في مخططات البناء وتقليص مساحات البناء، ومصادرة الأراضي، وعدم وجود مناطق ملائمة للبناء، وعدم وجود مخططات هيكلية ومسطحات، بالإضافة إلى حصر القرى والمدن العربية بشبكة من المستوطنات والشوارع بعد مصادرة أراضي القرى والبلدات العربية. وبرأي التقدير فإنّ كلّ هذه الأسباب سياسية بامتياز، ومردها تعامل المؤسسة الإسرائيلية مع السكان العرب، وهي محاولة لمحاصرة المواطن العربي داخل البلدات العربية وفي أفضل الحالات تجبر الشباب والجيل الناشئ التفكير في الانتقال إلى المدن المختلطة لشراء أو استئجار شقق سكنية وبالمقابل يمنع المواطن العربي من الانتقال إلى هذه المدن بواسطة تشريع قوانين في الكنيست تمنع العرب من شراء أوْ استئجار وحدات سكنية في المدن المختلطة مثل قانون التجمعات السكنية استبقتها فتاوى دينية مثل ما حصل للطلاب العرب في صفد، وبالتالي تصبح الأزمات الداخلية وأزمة السكن خصيصاً الرقم الصعب لثني المجتمع العربي عن محيطه العربي وامتداده الإسلاميّ. 

ولفتت إلى أنّ كلّ المحاولات التي أعلنت عنها الحكومات الإسرائيلية لحل مشاكل وأزمات السكن للمجتمع العربي فشلت لأنها لم تأخذ مسبقًا بعين الاعتبار حل الأزمة، وأضافت أنّ تصريحات وزير البناء والإسكان تكشف النقاب عن سياسات الحكومة في التهويد وتعزيز الوجود اليهودي في الجليل والنقب وهي تعتبر ذلك مهمة قومية من الدرجة الأولى، ومن أجل ذلك أنشأت وزارة لتطوير الجليل والنقب، وقد أقيمت لجنة وزارية خاصة لتطوير الجليل والنقب، وهذا ما يُفسّر إهمال وعدم الموافقة على المخططات الهيكلية للبلدات العربية، وبالمقابل تقوم الحكومة ببناء وتوسيع مناطق للسكان اليهود، هذه المخططات، أكّدت الدراسة، تُمثّل سياسة الإقصاء المتبعة لدى الحكومات الإسرائيلية، ومن شأنها أنْ تُسبب أزمات اجتماعيّة وسياسيّة أخرى للداخل الفلسطيني.

وخلُصت الدراسة إلى القول إنّه يتبين من خلال المعطيات بأنّ حركة الاحتجاجات في الشارع الإسرائيليّ لا يُمكنها معالجة مشكلة الأرض والمسكن للبلدات العربية، ويتضح ذلك جليّاً في توصيات لجنة ترختنبرغ، التي تعاملت مع قضايا المجتمع العربيّ بشكل هامشيّ، بحيث تتجاهل الحكومات الإسرائيلية مشكلة المسكن والأرض للبلدات العربية، وهذا يتفق تمامًا مع سياسة المؤسسة الإسرائيلية وتعاملها مع السكان العرب، وهذا يُفسّر الحملة التي تستهدف الأراضي العربية ومحاولات تهويد الجليل والنقب والمثلث ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وعدم توسيع مسطحات البناء في البلدات العربية، لذا فأن المشكلة تكمن في سياسة الحكومات الإسرائيلية، ولا يُمكن معالجة أزمة السكن إلا عبر تغيير سياسة الحكومة وتعاملها مع المواطنين العرب، ولكنّ الحكومات الإسرائيلية غير معنية بحل مشاكل السكن التي تسببت بها في البلدات العربية، كما أنّ الشارع الإسرائيليّ لا تعنيه القضايا العربية، وعلى العكس تماماً فالشارع الإسرائيليّ يدعم سياسة الحكومات باتجاه العرب ويُطالب بتهميش المجتمع العربيّ في محاولة لاستهداف الهوية القومية للفلسطينيين وعرقلة عملهم السياسيّ، على حدّ قول الدراسة.

عنصرية ضد الفالاشا

التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، 10/7/2015، أقرباء إسرائيلي من أصول أثيوبية محتجز في غزة بعد جدل أثارته تهديدات أطلقها مسؤول إسرائيلي رفيع لعائلته.

والتقى نتنياهو عائلة افراهام مينغيستو "لأكثر من ساعة" في منزل العائلة في عسقلان شمال تل أبيب، بحسب ما ذكر مكتب رئيس الوزراء في بيان.

وهذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها نتنياهو لعائلة مينغيستو (21 عاما) منذ اختفائه قبل عشرة أشهر. وقال نتنياهو خلال اللقاء، "سنقوم بكل شيء، كل ما في وسعنا لإعادة افيرا (اختصار لافراهام) إلى بلاده، ونحن أيضاً نتواصل مع عائلة المواطن الإسرائيلي الآخر لإعادته أيضاً إلى إسرائيل".

وكشف وزير الحرب الإسرائيلي موشي يعالون للمرة الأولى، عن معلومات، كان محظوراً نشرها، حول احتجاز حركة حماس في غزة للإسرائيلي الأثيوبي افراهام مينغيستو وآخر من عرب إسرائيل. وجاءت زيارة نتنياهو بعد موجة احتجاجات انطلقت على خلفية تصريحات أطلقها ليور لوتان، المسؤول عن شؤون اسرى الحرب والمفقودين في مكتب رئيس الحكومة.

ووفق تسجيل بثته القناة الإسرائيلية العاشرة، لتصريحات لوتان فإن الأخير قال للعائلة خلال لقاء، الأربعاء، أن "أي شخص يضع قضية افراهام في إطار العلاقات بين المجتمع الأثيوبي (في إسرائيل) ودولة إسرائيل، يبقيه في غزة لعام إضافي".

غير أن لوتان قدم اعتذاره إلى العائلة، وفق مصدر مسؤول. وقال المصدر، إن ليور لوتان "اعتذر عن لهجة ومضمون تصريحاته". 

وولد افراهام مينغيستو في العام 1986 وتسلل إلى قطاع غزة في 7 أيلول 2014 بعيد انتهاء الحرب الإسرائيلية الدامية على القطاع التي استمرت خمسين يوما، وفق ما قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية.

وفي الكيان الصهيوني نحو 135 ألف شخص من أصول أثيوبية يشكون من العنصرية بحقهم، حتى أنه جرى تنظيم تجمعات عدة خلال الأشهر الماضية لإدانة سلوك الشرطة الوحشي تجاههم.

من جهته، انتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية رئيس حزب العمل اسحق هرتزوغ نتنياهو عبر صفحته على فيسبوك، معتبرا انه "انتظر الضغط الإعلامي والرأي العام" للتواصل مع عائلة مينغيستو. ورفع حظر النشر عن ملف مينغيستو، إلا أنه لا يزال مفروضا على ملف المواطن الآخر من عرب إسرائيل. وأكد موشي يعالون، أن الإسرائيليين "محتجزان لدى حركة حماس"، فيما حمل نتنياهو الحركة "مسؤولية سلامتهما".

ونشرت القناة العاشرة، 9/7/2015، بعض التفاصيل التي جرت بين عائلة منيغيستو ولوتين، والتي كان من ضمنها تسجيل صوتي لما كان يدور من حديث، حيث طلب لوتين من عائلة منيغيستو تخفيض سقف مطالبهم وعدم نشر شيء عن اختفاء ابنهم أو وقوعه في الأسر لدى "حماس"، وكان حديثه مع العائلة يحمل تهديدا واضحا وتعامل معهم بطريقة وصفها ممثلو يهود أثيوبيا بالعنصرية.

وأضافت هذه المواقع إن العديد من الانتقادات وجهت لحكومة نتنياهو وللمسؤول عن ملف إعادة المفقودين، ما دفع الضابط  لوتين للاتصال بعائلة منيغيستو والاعتذار عما بدر من حديث غير مناسب في لقاءاته معهم، ما دفع نتنياهو للتطرق لهذا الموضوع بالقول "إنه ما كان يجب أن يصدر عن ليور مثل هذه العبارات، وبنفس الوقت ثمن موقفه بالاتصال والاعتذار من عائلة منيغستو، مشيراً إلى ن ليور يعمل ليلا ونهارا من أجل إعادة مفقودي إسرائيل وجيشها". ووثقت القناة التلفزيونية الإسرائيلية العاشرة التهديد، الذي تضمن تهديدات بإبقاء الأسير منيغستو في أسر "حماس" بقطاع غزة في حال جرى ربط قضيته بالعنصرية التي يواجهها اليهود الأثيوبيون في البلاد.

وجاء أن نتنياهو، تحدث مع العائلة خلال تواجد ممثله لوتان هناك. ولدى سؤاله عن تجاهل القضية، والرسائل التي وجهت إليه، ادعى نتنياهو أنه مطلع على كل تفاصيل القضية، وأن النشر عنها كان من الممكن أن يصعب إجراء مفاوضات لإطلاق سراحه. ومع انتهاء المحادثة مع نتنياهو، وجه لوتان تهديدات للعائلة مرة أخرى، وقال إن توجيه الانتقادات لنتنياهو لن يساعدهم، وأنه على العائلة تحمل مسؤولية أحد خيارين: إما توجيه إصبع الاتهام لحركة حماس وتحميلها المسؤولية أو تحميل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية.

وكرر لوتان تهديداته بلهجة حادة بالقول إن تحميل قضية منيغيستو على قضية اليهود الأثيوبيين سوف يبقيه في الأسر في قطاع غزة لسنة أخرى. وبحسبه فإنه على العائلة أن تعمل سوية مع حكومة نتنياهو حتى لا تستغل حركة حماس ذلك لترجمته إلى سنوات أسر أخرى أو ثمن أكبر، على حد قوله.

ورداً على سؤال والد الأسير بشأن إجراء مفاوضات مع حركة حماس، قال لوتان إنه متردد في الإجابة عن السؤال، بادعاء أن "ما حصل أمر خطير جدا بالنسبة لرئيس الحكومة بشكل لا يوصف.. وعندها لم يسمع سوى أنه لم يرد على رسائل العائلة".

وبعد أن قال لوتان للعائلة إن بإمكانها التوجه لمن تشاء، رد عليه أحد أشقاء منيغيستو بما مفاده أنهم ناضجون، وعندها رد لوتان بالقول: "رئيس الحكومة إنسان أيضاً.. هل تعتقدون أن هذا الأمر هو الأهم في العالم؟". وفي هذه اللحظة توجه إليه أحد أفراد العائلة طالبا منه إبداء الاحترام للعائلة والتحدث بهدوء.

وعلى صلة، وفي أعقاب الكشف عن هذه التهديدات بعث عضوا الكنيست إيلان غلؤون (ميرتس) وحاييم يلين (يش عتيد) رسائل إلى رئيس الحكومة، طالبوا فيها بإقالة لوتان من منصبه.

وفي أعقاب العاصفة التي ثارت، اضطر لوتان للاتصال مرة أخرى للعائلة وتقديم الاعتذار، في حين اكتفى نتنياهو بالقول، إن أقوال لوتان ما كان يجب أن تقال.

تناقضات ومشاكل داخلية

إسرائيل.. كيان يبدو من الظاهر قوياً وعتيداً، حتى إن أغلب الأنظمة العربية ـ إن لم تكن جميعها ـ تخشاه، ويظهر ذلك في فشل جميع المحاولات للاعتراف بالدولة الفلسطينية وكذلك استمرار احتلال هضبة الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، وما يفرضه بنو صهيون من تضييق على سكان قطاع غزة وغيرها من الممارسات التي لا يحرك لها العرب ساكناً..

لقد نجحت إسرائيل في تصدير صورة "البعبع المخيف" لترهب جيرانها، لكن من يقرأ ويتقصى الحقائق ويتعمق في الداخل الإسرائيلي ويطّلع على التناقضات والمشاكل الداخلية يدرك ضعف هذا المجتمع وفراغه من الداخل بل وكم كبير من الصراعات والمشكلات والفساد والشذوذ..

ما بين التصدع القومي والتصدع الديني والطائفي والطبقي، تتشكل عوامل انهيار دولة إسرائيل في المستقبل، أو على أقل تقدير دخولها في دوامات الصراع الداخلي..

فهناك التصدع القومي بين الأكثرية اليهودية والأقلية العربية، والتصدع الديني بين اليهود العلمانيين وبين اليهود المتدينين وكذلك التصدع الطائفي بين اليهود الأشكيناز من أصل أوروبي وأمريكي وبين الشرقيين الذين هم من أصل آسيوي وأفريقي، وأيضاً التصدُّع الجيولوجي السياسي بين اليمين الصقري واليسار الحمائمي في القضايا الأمنية والخارجية، مثل الموقف من اتفاقيات أوسلو، وﻣﺴﺘﻘﺒ اﻟﻀﻔﺔ وﻗﺎع ﻏة، ﻣﺴﺘﻘﺒ هضبة اﻟﺠﻻن، وأخيرا اﻟﺘﺼّع اﻟﺒﻘﻲ- الاجتماعي- الاقتصادي ﺑﻴ الأغنياء والفقراء، اﻟﻤﺜﻘﻔﻴ والأقل ثقافة، سكان البلدات اﻟﻐﻨﻴﺔ وبلدات التطوير.

هذه التصدعات اﻟﺨﻤﺴﺔ تعبر ﻋ اﻟﺘ واﻟﺘﻨﺎفر والخلافات بين المجموعات اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ الإسرائيلي، وتمس بتكتل اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ الدوﻟﺔ، يمكن ﻟﻤﺨتلف اﻷفراد أن ينتموا ﻟﻤﺠموعات مختلفة ﻓﻲ التصدعات المتعددة، أي أن الأفراد الذين ينتمون إلى مجموعة من تصدع معين قد ينتمون إلى مجموعات أخرى من التصدعات الأخرى، مثلاً: الأفراد الذين ينتمون إلى مجموعة الطبقة الاجتماعية ـ الاقتصادية الدنيا في التصدع الاجتماعي ـ الاقتصادي قد يختلفون مع بعضهم البعض في باقي التصدعات، حيث يمكن أن يكون الاختلاف من حيث المواقف: هل هم صقريون أم حمائميون فيما يتعلق بالقضايا الأمنية والخارجية؟.. متدينون أم علمانيون في التصع الديني؟.. عرب أم يهود في التصدع القومي؟.. والأشخاص المتدينون العلمانيون في التصدع الديني، وآنذاك يمكن أن يكونوا أصحاب مواقف يمينية أو يسارية في التصدع الأيديولوجي ـ السياسي، أو أن يكونوا أشكينازاً أو شرقيين في التصدع الطائفي.

"المستنقع" فيلم جديد يحكي عن نزيف كبير في المجتمع الإسرائيلي، حيث بدأت شرائح عريضة من الشباب تشكك في جدوى الاحتلال، وحتى استمرار الدولة ذاتها، وتنمو لديها هواجس حيال إمكانية توفير الأمن. يحكي الفيلم قصة آلاف من الإسرائيليين وهم في الطريق إلى الهند على أمل نسيان الخدمة العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويكشف "المستنقع" أن الآلاف من الشباب الإسرائيلي من الجنسين قرروا الكفر بالأرض الموعودة وغادروها نهائيا إلى ألمانيا أملاً في حياة مختلفة.

ويأمل كل هؤلاء في نسيان أنهم وَحّلوا يوماً في المستنقع الإسرائيلي، فيما يرصد البرنامج إرهاصات تحالف بين مجندين سابقين وحقوقيين في سبيل التصدي لعسكرة المجتمع.

تناولت دايان في كتابها بشيء من التفصيل واقع التجمع الاستيطاني الغارق في الفساد والانحطاط حتى أذنيه، وتشير إلى أطفال المستعمرات وهم الأطفال اللقطاء الذين يترعرعون في بيوت خاصة على نفقة الحكومة بعد أن تخلى آباؤهم وأمهاتهم عنهم.

باحثة في علم الاجتماع السياسي(*)

 

اعلى الصفحة