|
|||||||
|
إن المعركة التي نخوضها مع العدو الصهيوني لا يمكن أن تكون منحصرة بالجانب العسكري والأمني فقط، بل هي معركة تطال كافة جوانب الحياة هي معركة الحق في مواجهة الباطل، والتي يخوض فيها الطرفان المواجهة على الأصعدة كافة. فالعدو الصهيوني لا يريد من وراء احتلاله لفلسطين أن يسيطر على الأرض بل يريد تطويع الإنسان والدخول إلى عقله الباطن والسيطرة عليه من خلال عملية متكاملة، بدءاً من التخويف والإرهاب، إلى استغلال وسائل الإعلام والدعاية، إلى بث العملاء في وسطنا لنشر الشائعات التي تسهم في تطويعنا ودفعنا للاستسلام للواقع بدلاً من العمل على تغييره. المعركة مع العدو الصهيوني هي معركة أجيال وليست معركة أيام أو أشهر أو سنين، والصهيوني راهن على أن الكبار يموتون والصغار ينسون، لذا فإن المهمة الملقاة على عاتقنا تفرض علينا أن نكون على مستوى التحدي وأن نخطط لمعركة أجيال ترفض الاستسلام للواقع مهما كان صعباً أو مريراً. إن الأجيال القادمة ستحاسب كل من عمل على الاستسلام لما اصطلح على تسميته بالتسوية وباع القضية وخانها تحت حجة الواقعية، ونحن علينا أن ننقل للأجيال القادمة صموداً ومقاومة لا إذعاناً واستسلاماً. أما كيف نحقق ذلك؟ لكل من أفراد وجماعات المجتمعات الإسلامية دور في معركة الأجيال هذه وأقسمها على النحو التالي: مؤسسات المجتمع الأهلي: إن العدو الصهيوني يعمل على فرض شروط صعبة على المقيمين في فلسطين خاصة من هم في أراضي الـ 48 وبالتالي فإن مقاومة هذه الشروط التي تعمل على تهديم الدور ومنع البناء وإقفال المدارس وقطع الأشجار يكون بقيام مؤسسات المجتمع الأهلي بتأمين البديل فكلما هدموا بيتاً بني بيتين، وكلما قطعوا شجرة غرست عشرة، وكلما أغلقوا مدرسة تنشئ أخرى وأكثر، وهكذا تسهم مؤسسات المجتمع المدني في توفير إمكانات الصمود لأهلنا في فلسطين بانتظار أن يمن الله عز وجل على الأمة بالوعي والرشاد والوحدة والسداد وتأتي قوافل النصر من خلال عباد الله أولي البأس الشديد ﴿وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾. القوى النقابية: إن العالم العربي يضم الآلاف النقابات في مختلف الشؤون من الهندسة إلى الطب إلى المحاماة إلى شركات المقاولات إلى المستشفيات وهكذا... ولهذه النقابات دور مهم في عملية الصمود لشعبنا في فلسطين فالمهندسون وشركات المقاولات يتعاونوا على بناء ما يهدمه العدوان الصهيوني كما حصل في غزة، ونقابات الأطباء والممرضين يتطوعون للذهاب إلى غزة للمساهمة في علاج المصابين ونقابات المستشفيات تفتح مستشفياتها لاستقبال الجرحى، إضافة إلى نقل مستشفيات ميدانية. أضف إلى ذلك يمكن لجهات كالدفاع المدني والهلال والصليب الأحمر إرسال متطوعين إلى فلسطين من أجل المساعدة على الصمود والتحدي. القوى الشبابية: الشباب هم ركن أساس من أركان المجتمع وعليهم المعول في مواجهة الغطرسة الصهيونية ولا ينحصر الأمر في اشتراكهم في المقاومة وهي الأولوية بل يمتد ذلك إلى الخروج بمسيرات في كل أرجاء العالم للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني وتحريك الرأي العام لاستيعاب ما يقوم به العدو الصهيوني من قضاء على البشر والحجر والضغط على الحكام ليقوموا بأداء واجبهم في مواجهة المشروع الصهيوني. إن الشباب والقطاعات الشبابية قامت في هذه الأيام بدور رائع في ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي لكن الأدوات الإستخباراتية وحكومات الظل استطاعوا أن يحرفوا هذه الصحوة باتجاهات أخرى، فتحول الربيع العربي إلى خريف إلا أنه يجب أن لا نفقد الأمل بل على القطاعات الشبابية أن تبقى حاضرة في الميدان والساحات وتوجيه الخطاب إلى الجماهير بأن العدو الأوحد لأمتنا هو الصهاينة والجهل، ولا بد من حركة وعي تنتج حركة مقاومة وتسهم في استئصال الغدة السرطانية المسماة إسرائيل. أنا اعتقد أن المعركة الأساسية هي المعركة العسكرية والأمنية وهذا عدو لا يفهم إلا لغة القوة، إلا أن للقوى النقابية والشبابية ومؤسسات المجتمع الأهلي دور آخر رديف ومساعد: - أولاً في توفير الدعم السياسي والشعبي. - ثانياً في الضغط على الحكام. - ثالثاً في إبقاء القضية حية في نفوس الجماهير. - رابعاً في دعم صمود أهل فلسطين. فعلينا جميعاً حث هذه الفئات على القيام بدورها ولكن بشرط الخروج من التبعية السياسية والنظرة الفئوية الحزبية وأن يكون الولاء لله وللقضية وساعتئذٍ نكون قد وضعنا قدمنا على أول طريق النصر. كلمة ألقاها في مؤتمر علماء المقاومة "متحدون من أجل فلسطين"(*) |
||||||