خريطة المفاعلات النووية في الشرق الأوسط..
بوصلتها الردع وتضاريسها الرعب

السنة الرابعة عشر ـ العدد 163 ـ (رمضان ـ شوال 1436 هـ) تموز ـ 2015 م)

بقلم: مأمون كيوان

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

تجاوزت بلدان الشرق الأوسط مرحلة سباق امتلاك الأسلحة التقليدية والنظم الصاروخية إلى سباق جديد في بناء المفاعلات النووية لأغراض سلمية علناً ولإنتاج أسلحة نووية سراً.

ويضع هذا السباق المنطقة في قلب حالة من الهلع والخوف من أخطار سياسية وعسكرية وبيئية مرتقبة. وهي الأخطار التي تحاول وكالة الطاقة النووية ضبطها وكبحها على صعيد العالم بأسره. حيث تفيد أحدث التقارير انه يوجد ما يزيد عن 35 دولة نووية، وينتشر في قارات العالم أكثر من 400 مفاعلاً نووياً يتبعون لمحطات نووية. وتملك الولايات المتحدة أكبر عدد من المفاعلات النووية لتكون حصتها نحو 30% من مفاعلات العالم النووية.

ويعود إلى العام 1942إنشاء وتطوير أول مفاعل نووي. وهناك أنواع عديدة من مفاعلات الانشطار النووي يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين:

1- مفاعلات اليورانيوم المخصب: ويستعمل في هذه الحالة عادة الماء الطبيعي كمهدئ للنيوترونات ولنقل الحرارة ومن الأمثلة على ذلك مفاعلات الماء المغلي ومفاعلات الماء المضغوط، وقد طورت الولايات المتحدة الأمريكية هذا النوع من المفاعلات.

2- مفاعلات اليورانيوم الطبيعي: وفيها يستعمل الماء الثقيل كمبرد ومهدئ للنيوترونات ومن الأمثلة على ذلك مفاعلات "كندو" الكندية والمفاعلات المبردة بغاز ثاني أكسيد الكربون البريطانية.

ووفق الاستخدام فإن هناك أنواعاً مختلفة من المفاعلات مفاعلات تستخدم لإغراض الزراعة.. ومنها مفاعلات تستخدم لإغراض الطب. . ومنها مفاعلات تستخدم لإغراض إنتاج الطاقة الكهربائية.

وقد تزايد في الفترة الأخيرة استخدام الطاقة النووية في الفروع المختلفة للنشاط الإنساني من ذلك استخدام النظائر المشعة في الطب والصناعة والزراعة ولإغراض البحث العلمي وكذلك هناك الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في إنتاج الكهرباء والاستخدامات العسكرية. . والجديد بالذكر أن هذا المفاعل المنتج يولد وقوداً نوويا أكثر مما يستهلك. وبذلك يفوق احتياطي الوقود النووي أضعاف احتياطي الوقود التقليدي مجتمعاً.

خريطة انتشار المفاعلات النووية قارياً

يوجد في أمريكا الشمالية والجنوبية والوسطى نحو 115 مفاعلاً نووياً، منها  100 مفاعل نووي قيد التشغيل في 63 محطة نووية في الولايات المتحدة. وتتركز الغالبية العظمى من هذه المفاعلات في الجانب الشرقي والوسط الشرقي للبلاد بينما تتواجد 4 مفاعلات فقط في الجزء الغربي للولايات المتحدة. وهناك 22 محطة تعمل بالماء المغلي والباقي يعمل بالماء المضغوط. ويبلغ إجمالي الطاقة الناتجة من هذه المفاعلات نحو98662 ميغاواط، تمثل ما نسبته 19% من إجمالي الطاقة الكهربائية التي تنتجها الولايات المتحدة.

وتملك كندا 4 محطات نووية بها 8 مفاعلات نووية تتواجد في المنطقة الجنوبية الشرقية من البلاد. وجميع هذه المفاعلات تعمل بالماء الثقيل. أما الأرجنتين فتملك محطتين نوويتين في شرق ووسط البلاد بها 3 مفاعلات تعمل بالماء الثقيل. وتملك البرازيل مفاعلين يقعان على الساحل الشرقي للبرازيل بالقرب من مدينة ريو دي جانيرو. ويعملان بالماء المضغوط. وينتجان طاقة إجمالية قدرها 1896 ميغاواط. بينما تملك المكسيك محطة نووية واحدة تسمى لاجونا فيرد، بها مفاعلان نوويان في منتصف الساحل الشرقي للمكسيك. ويعملان بواسطة الماء المغلي ويقومان بإنتاج طلقة مقدارها 1600 ميغاواط.

وتحتوي قارة آسيا على 125 مفاعلاً نووياً. تنتشر في: الصين التي تملك 9 محطات نووية بها 22 مفاعلاً نووياً. واليابان التي يوجد فيها 15 محطة نووية قيد التشغيل حالياً بها 48 مفاعلاً نووياً. والهند التي يوجد فيها 7 محطات نووية تحتوي على 21 مفاعلاً نووياً. وباكستان حيث يوجد بها محطتان نوويتان بهما 3 مفاعلات نووية. وإيران التي تملك محطة نووية وحيدة هي محطة بوشهر تحوي مفاعلاً واحداً. وكوريا الجنوبية التي تملك 4 محطات نووية بها 24 مفاعلاً. وتايوان وفيها 3 محطات نووية بها 6 مفاعلات نووية. ولا يوجد سوى دولة وحيدة بالقارة السمراء تملك مفاعلات نووية هي جنوب أفريقيا التي تملك محطة نووية وحيدة بها مفاعلان نوويان قيد التشغيل.

أما القارة الأوروبية فينتشر فيها نحو 184 مفاعلاً نووياً. حيث تملك فرنسا 19 محطة نووية بها 58 مفاعلاً نووياً قيد التشغيل. بينما تملك ألمانيا 8 محطات نووية بها 9 مفاعلات نووية قيد التشغيل. أما روسيا فتملك 10 محطات نووية بها 34 مفاعلاً نووياً قيد التشغيل. وتملك المملكة المتحدة 8 محطات نووية عاملة بها 16 مفاعلاً نووياً. سبع من هذه المحطات تعمل بواسطة الغاز وتوجد في مناطق هانترستون في أسكتلندا، وتورنس في اسكتلندا، وهايشام في إنجلترا، وهارتلبول في إنجلترا، وهينكلي بوينت في إنجلترا، وويلفا في ويلز. والمحطة الثامنة تعمل بواسطة الماء المضغوط وتوجد في سيزويل بجنوب غرب مدينة كنت. وتملك إسبانيا 5 محطات نووية بها 7 مفاعلات نووية. في حين تملك سويسرا 4 محطات نووية تحتوي على 5 مفاعلات نووية قيد التشغيل. أما أوكرانيا فتملك 4 محطات نووية بها 15 مفاعلاً نووياً جميعها تعمل بالماء المضغوط. وتملك السويد 3 محطات نووية قيد التشغيل بها 10 مفاعلات نووية. وفنلندا تملك محطتين نوويتين بهما 4 مفاعلات. والتشيك تملك محطتين نوويتين بهما 6 مفاعلات نووية. وبلجيكا تملك محطتين نوويتين بهما 5 مفاعلات نووية. وسلوفاكيا تملك محطتين نوويتين بهما 4 مفاعلات. وتملك هولندا مفاعلاً نووياً واحداً. وأرمينيا تملك محطة نووية بها مفاعل وحيد قيد التشغيل. والمجر تملك محطة نووية واحدة تحتوي على 4 مفاعلات نووية. وسلوفينا تملك مفاعلاً وحيداً قيد التشغيل. وبلغاريا تملك محطة نووية وحيدة بها مفاعلان يعملان بالماء المضغوط. ورومانيا تملك محطة نووية وحيدة بها مفاعلان يعملان بالماء المغلي.

التوطين النووي في الشرق الأوسط

لعل الأمر المهم والخطير في الوقت نفسه يتمثل في تسونامي توطين المفاعلات النووية في الشرق الأوسط. إذ أنه من المتوقع أن تبدأ روسيا في وقت لاحق من هذا العام ببناء مفاعل نووي في تركيا. وسيكون لدى تركيا ثلاثة أو أربعة مفاعلات نووية في نهاية العام 2015. وقد توصّلت روسيا أيضاً إلى اتفاقات مشابهة مع الجزائر، مصر، إيران والأردن. كما وقّعت كوريا الجنوبيّة على عقد لبناء أربعة مفاعلات في الإمارات العربية المتحدة، حيث إنه من المتوقع أن يبدأ الأول من بينها العمل في العام 2017. ووقعت كوريا الجنوبيّة أيضاً مع السعودية في شهر آذار الماضي على مذكرة تفاهم لبناء مفاعل نووي. وتسعى الأرجنتين، وكندا، والصين، وتشيكيا، وفنلندا، وفرنسا، واليابان وبريطانيا إلى عقد اتفاقات خاصة بها لبناء مفاعلات في دول الشرق الأوسط.

وكانت السعودية قد أعلنت في العام 2011 عن نيتها إطلاق برنامجها النووي، وأنها ستنفق نحو 100 مليار دولار لإقامة 16 محطة طاقة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في مختلف أنحاء المملكة. ومؤخراً جددت هذا الإعلان خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان، وليّ ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، إلى روسيا تم فيها البحث في تعاون مع روسيا لبناء وتشغيل 16 مفاعلاً نووياً للأغراض السلمية ومصادر الطاقة والمياه في السعودية. وعلى أن يكون لموسكو حصة الأسد في تشغيل هذه المفاعلات. وذلك لأن السعودية تعاني نقصاً مهولاً في القدرات البشرية المختصة والكفاءات العلمية، ولذا سيكون البرنامج النووي السعودي خاضعاً بالكامل لجهات أجنبية، بعكس ما هي الحال عليه في إيران.

الجدير ذكره، أنه في العام 2006، أكد البيان الختامي لقمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في الرياض، أن دول المجلس وافقت على إجراء دراسة "لإيجاد برنامج مشترك في مجال التقنية النووية للأغراض السلمية".

وقد استند التوجه الخليجي لامتلاك الطاقة النووية إلى مبررات إستراتيجية واقتصادية قوية تتعلق بالأمن القومي في مفهومه الشامل. ووجه رسالتين أساسيتين: الأولى إلى إيران، ومفادها أن دول "التعاون" لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة امتلاكها للقدرة النووية، وأنها سوف تقوم بكل ما من شأنه منع هيمنتها على الخليج، أما الرسالة الثانية فهي موجهة إلى الولايات المتحدة لدفعها إلى مزيد من الحسم في التعامل مع إيران وسياسة التغلغل التي تتبعها في المنطقة.

إرهاب أم ردع نووي

على الرغم من محدودية الخشية من أن تُستخدم الطاقة النووية التي ستتشكّل في بلدان المنطقة لأغراض عسكرية، بفضل الرقابة التي ستفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلاً عن أن السلاح النووي هو سلاح يوم القيامة وخيار شمشوني، غير قابل للاستخدام في منطقة إستراتيجية كالشرق الأوسط. إلا أنه ثمة احتمال أن تصبح هذه المفاعلات النووية في البلاد العربية أهدافاً للإرهابيين، ما قد يؤدي إلى تسرّبات على غرار كارثتي تشيرنوبيل(1986) وفوكوشيما(2011). اللتان تسببتا بأضرار مادية وبشرية واقتصادية وبيئية جسيمة.

وثمة مفارقة تفيد أن احتمال سيطرة جماعات إرهابية على مفاعلات نووية عربية ما زالت قيد الانجاز يتضاءل أمام الرعب الذي يعبر عنه إسرائيليون نتيجة احتمال حدوث "هيروشيما صغيرة" جراء واقع حال مفاعل ديمونا الذي انتهى عمره الافتراضي منذ العام 1993 ، إضافة إلى تصدعه والأخطار البيئية لقمامته. أي أنه أضحى قنبلة موقوتة تهدد منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

والأكثر خطورة أن بعض التسربات بدأت في الظهور منذ سنوات في منطقة جنوب إسرائيل بالقرب من صحراء النقب المطلة على الحدود المصرية الإسرائيلية والذي بات يهدد مناطق عربية واسعة وعلى رأسها سيناء، لأن تلك التسريبات وصلت للمياه الجوفية على حدود مصر وليبيا إضافة للمياه الجوفية في منطقة تبوك السعودية والكرك والطفيلة ومادبا بالأردن.

كما أن الغبار الذري المنبعث من مفاعل ديمونا، والذي يتجه نحو الأردن يمثل خطراً بيئياً وبيولوجياً، ومن المتوقع في حال انفجاره أن يصل الضرر الناتج عنه لدائرة نصف قطرها قد يصل إلى قبرص وبنفس هذه المسافة في دائرة حوله.

ويعود بدء العمل بإنشاء مفاعل ديمونا إلى العام 1957، حيث أقيم على تل يرتفع نحو 183 متراً فوق سطح الأرض، على بعد 14 كيلومتراً من مستوطنة ديمونا التي أقيمت فوق أرض بلدة كرنب الفلسطينية، التي تعود ملكيتها لقبائل بدوية تعرف بإسم عرب التائهة. كما أن المفاعل مقام في منطقة غير مستقرة جيولوجيا. وكذلك هو حال مركز دفن النفايات الذي يبعد كلم واحد عن جدار المفاعل. والموقعان يبعدان عن البحر الميت الواقع على خط الصدع  ما يقرب 15 ميلاً. فلذلك من الطبيعي أن يكون الموقعان معرضَيْن لتأثير الزلازل حتى الضعيفة منها. و تؤدي هذه الزلازل إلى تقصير عمر المفاعل.

وقد تصاعدت خلال العقد الأخير من الزمن حملات إعلامية، قادتها جهات إسرائيلية تطالب بإغلاق ديمونا أو دفنه. ففي أواسط شهر أيار/مايو الماضي  كشفت القناة التلفزيونية العاشرة الإسرائيلية وعلى حلقتين فيلماً استقصائياً، عن بعض أسرار مملكة أسرار ديمونا. ومنها "السر المعتم لفرن ديمونا" المتمثل في إصابة المئات من عمال وموظفي المفاعل النووي بالسرطان ومحاولة السلطات طمس الحقيقة وملاحقة ذوي الضحايا.

وأوضحت أورنا بن دور منتجة الفيلم الاستقصائي أنها لم تتطلع لفضح أسرار دولة إسرائيل التي تمتلك، بحسب مصادر أجنبية، نحو 200 قنبلة نووية تم تصنيعها في مفاعل ديمونا. بل أنها ترغب بنقل صرخة أهالي عاملين كثر قتلهم داء السرطان بعد تعرضهم لإشعاعات خلال عملهم داخل المفاعل النووي في ديمونا.

ويكشف الفيلم أن مفاعل ديمونا يحتوي على مختبر نووي يسميه العاملون فيه "هيروشيما الصغيرة"، وأن ربعهم قد قضى نتيجة إصابتهم بالسرطان، وينتقد السكوت على مخاطره. ويؤكد إيلان كانير، محامي عائلات الضحايا في الفيلم، أن السلطات الإسرائيلية المعنية تتستر منذ عقود على إخفاقات خطيرة في مفاعل ديمونا وتحرص على تغطيتها بالتواطؤ والكذب والتضليل.

وكانت الدعوى القضائية الأولى ضد السلطات الإسرائيلية قدمت عام 1997 من قبل أقارب الخبير في الكيمياء بروفسور سعاديا عامنوئيل الذي سبق وأنشأ فيه المختبرات الساخنة داخل المفاعل ومات بمرض السرطان عن 48 عاماً. وقدمت عشرات الدعاوى المشابهة على الرغم من الضغوط والمحاولات السرية لتهديد أصحابها.

وسبق أن كشف تقرير أعدته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي بث في الأول من تموز يوليو2003، أن العشرات من عمال المفاعل النووي ماتوا تأثراً بالسرطان في وقتٍ ترفض فيه إدارة المفاعل والحكومة الإسرائيلية مجرد الربط بين إصابتهم - ومن ثَم موتهم- وبين إشعاعات متسربة.

وأفادت الصحافة الإسرائيلية بأن مكب النفايات السامة بمنطقة ديمونا يسبب زيادة في نسبة الوفيات والإصابة بمرض السرطان، الأمر الذي يعني وجود صلة بين الملوثات الناجمة عن النفايات السامة في مكب النفايات رمات حوفيف، في النقب، وبين النسبة المرتفعة للوفيات والإصابة بالأمراض، وكثرة العيوب الخلقية بين السكان البدو، والإصابة بمرض السرطان لدى النساء اليهوديات في منطقة رمات حوفاف القريبة من المفاعل النووي الإسرائيلي في منطقة ديمونا.

كذلك يقوم مفاعل ناحال سوريك بدفن نفاياته النووية بالقرب من قرية صوريف غربي مدينة الخليل، الأمر الذي أدى إلى تلويث المياه الجوفية في المنطقة. وقد رفض سكان التجمعات الإسرائيلية اليهودية ومنها بلدة بيت شيمش القريبة من مفاعل (ناحال سوريك) وبلدة(عومر) و(عراد) القريبة، دفن هذه النفايات بالقرب منها وقاموا بمظاهرات واحتجاجات ورفع قضايا ضد الحكومة خشية على أرواحهم، من مفاعل ديمونا.

وكان رئيس بلدية ديمونا قد أشار في الفيلم الاستقصائي إلى وجود مخطط لنقل عشرات الآلاف من السكان بحافلات وقطارات من النقب بحال تعرض المفاعل النووي لخلل. وكشف أن البلدية كانت قد وزعت قبل سنوات آلاف حبات دواء ضد الإشعاع على سكان المدينة نتيجة تسرب إشعاعات من المفاعل. أي حبوب اليود، المسماة (لوجول)، لسكان يروحام وديمونا (المجاورتين للمفاعل النووي) وكذلك لسكان يفنه (المجاورة للمركز النووي في ناحل شوريك)، تحسباً لأي طارئ.

وكان البروفيسور عوزي ايبان، أحد كبار العلماء السابقين في ديمونا، قد أكد وجود تشققات وتشوهات في مفاعل ديمونا، من خلال ما صرح به لصحيفة يديعوت أحرونوت عام 2000. حيث أكد بأن المفاعل النووي خطير، وغير آمن ويجب إغلاقه أسوة بإغلاق مفاعلات نووية مماثلة في أرجاء مختلفة من العالم، لأسباب أمنية ولتشكيلها خطراً على البيئة.

وسبق لصحيفة يديعوت أحرونوت أن كشفت عام  2001 ، أن مفاعل ديمونا يعاني من ضرر خطير سببه إشعاع نيوتروني يؤدي إلى أضرار بالغطاء المحكم المستخدم لسداد للمفاعل، وهذا يعيق عمل قضبان الكادميوم، التي بدورها هي المسؤولة عن تنظيم عمل الانشطار النووي، وبالتالي المسؤولة عن تنظيم الحرارة مع الماء الثقيل داخل المفاعل. والمحافظة على عدم ارتفاعها إلى الدرجة التي تؤدي إلى انفجاره كما حدث بالمفاعل الروسي تشيرنوبل. وأكدت هذه المعلومات كذلك الصور التي بثها القمر الصناعي (ميكي – 4) عام 1989، والتي تظهر أن المنشأة تعاني من مشكلة تلوث خطيرة.

وكان البروفيسور عوزي ايبان قد أشار إلى أن القدرة الإنتاجية لمفاعل ديمونا عالية جداً، مما يعني أن نفاياته تقدر بالأطنان. وإلى أن عمر حاويات القمامة النووية يصل إلى 31 عاماً، وأن مواقع دفن النفايات قريبة من شق جيولوجي يتميز بالنشاط الزلزالي، مما يعني تلوث المخزون المائي بالمواد المشعة.

وفي السياق نفسه، كان الخبير النووي المصري الدكتور عزت عبد العزيز قد حذر من أن النفايات التي يلفظها مفاعل ديمونا تشكل خطراً كبيراً على البيئة والمياه في الشرق الأوسط ككل، وتزداد المشكلة تعقيداً بسبب استمرار الإسرائيليين في دفن النفايات النووية في حاويات حديدية قديمة تعاني من التلف والصدأ.

إجمالاً، سيؤدي توطين المفاعلات النووية في الشرق الأوسط لأغراض سلمية أو عسكرية إلى مشكلات معقدة منها: مشكلة دفن النفايات النووية.

والجدير ذكره، أن معظم الدول الرائدة والمتقدمة في هذا المجال تخصص ميزانيات كبيرة فوق قدرة معظم دول منطقة الشرق الأوسط فقط لدفن النفايات النووية. كما أن فجوة كبيرة بين القدرات العلمية والتكنولوجية للدول الرائدة في المجال النووي والقدرات العلمية لدول الشرق الأوسط وعلى نحو خاص الدول العربية، والأمر لا ينتهي عند التصنيع أو الامتلاك، فكل نظريات الأرض قابلة للدراسة والتحليل وإعادة التجارب فيها عدا المفاعلات النووية التي لا تخضع لنظرية الاحتمال أو حتى التجارب.

 

اعلى الصفحة