|
|||||||
|
في الصيف الماضي، تداول الآلاف من الإسرائيليين منشوراً باللغة العبرية على موقع فيسبوك كتبته المشرعة اليمينية المغمورة آيليت شاكيد.المنشور الذي هو عبارة عن اقتباسٍ من مقالٍ غير منشور كتبه مناصر الاستيطان يوري اليتزر والذي شغل من قبل منصب مدير مكتب نتنياهو وتوفي في مايو 2014؛ تم نشر ترجمته الانجليزية في مدونةٍ على موقع ElectronicIntifada.com المعادي للصهيونية. ادعى كاتب المنشور أن الاقتباس وصف الأطفال الفلسطينيين بـ"الثعابين الصغيرة" واتهم الأمهات الفلسطينيات بتنشئة أطفالهم ليصبحوا استشهاديين عنيفين. كما قال منشور المدونة انه بمثابة "دعوة لإبادةٍ جماعية" ضد الفلسطينيين. شاكيد، والتي كانت عضوا صغيرا بحزب البيت اليهودي اليميني الإسرائيلي آنذاك، دافعت سريعا عن المنشور وجادلت بأن الترجمة كانت غير دقيقة، إلا أنها حذفت المنشور من صفحتها على فيسبوك لاحقاً. لم تنه الحادثة مشوار شاكيد السياسي. بدلا من ذلك، لقد عززت وضعها كشخصية عامة ورفعت شعبيتها بين الناخبين الذين يشاركونها التشكيك في نوايا الفلسطينيين والذين يعارضون بشراسة التخلي عن الأرض الضرورية لقيام دولةٍ فلسطينية. صعود خاطف وصل صعود شاكيد الخاطف نحو أعلى آفاق النظام السياسي الإسرائيلي إلى قمةٍ جديدة، بعد أقل من عام على الجدل، عندما مُنحت مهندسة الكمبيوتر ذات الـ39 عاما والأم لطفلين السيطرة على وزارة العدل الإسرائيلية. حصلت شاكيد على المنصب كجزءٍ من صفقةٍ يائسة في الدقيقة الأخيرة أنقذت نتنياهو من نهاية مهلة كانت تقترب وكان يمكن أن تكلفه منصبه. نتنياهو، والذي كان لديه ستة أسابيع من فوزه بالانتخابات في مارس لتسمية حكومة تحالف، كان لديه فقط 53 من 120 مقعداً في الكنيست تدين بالولاء له صباح يوم الأربعاء. وافق حزب البيت اليهودي القومي المناصر للاستيطان على أن يعرض عليه الثمانية مقاعد التي أحتاجها لتأمين رئاسته للوزراء، لكن مقابل بعض الشروط: سوف يتم تعيين شاكيد كوزيرةٍ للعدل، وزميلها نافتالي بينيت كوزيرٍ للتعليم. كما أنهم سيطروا على وزارة الزراعة وسوف يحصل أيضا أعضاءٌ من الحزب على مناصب تعطيهم نفوذاً كبيراً على سياسات الاستيطان. كانت الصفقة أبعد ما تكون عن المثالية بالنسبة لنتنياهو، والذي وجد نفسه مضطراً إليها. شاكيد، والتي قالت لـ ألجيمينر، وهي صحيفة مقرها نيويورك تغطي الأخبار اليهودية والإسرائيلية، عام 2012 أنها تم تصنيفها كيمينية منذ أن كانت تبلغ من العمر 8 أعوام، جاعلةً رئيس الوزراء يبدو تقريباً كليبرالي. كما أن تعيينها سوف يزيد بالتأكيد من توتر علاقات إسرائيل بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والتي تؤيد قيام دولة فلسطينية وانتقدت نتنياهو بسبب استخدام خطابٍ مسبب للشقاق حول الفلسطينيين. وكما وصف دانيل ليفي، مدير الشرق الأوسط بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الأمر في محادثة مع فورين بوليسي: "إذا كنت إسرائيلياً ولديك أي قدر من التجذر في الليبرالية أو القيم الإنسانية العالمية، فإن فكرة أن تكون وزيرتك للعدل هي آيليت شاكيد ووزيرك للتعليم هو نافتالي بينيت على الأرجح تفوق أسوأ كوابيسك". قال ناشمان شاي عضو الكنيست عن الاتحاد الصهيوني "إن إعطاء شاكيد وزارة العدل سوف يكون كتعيين شخص مهووس بإشعال الحرائق رئيساً للمطافئ". لكنها ما يزال لديها بعض الداعمين. قالت افتتاحية نشرت في جريدة جيروزاليم بوست يوم الخميس إنه على الرغم من افتقادها لخلفيةٍ قانونية فإنها "شديدة الكفاءة". كيهوديةٍ علمانية على حد وصفها، نشأت شاكيد في بيتٍ قالت إن المناقشات السياسية فيه كانت نادرة. هاجر أسلاف والدتها من الإمبراطورية الروسية السابقة إلى رومانيا في ثمانينيات القرن التاسع عشر، وهاجر والدها، وهو يهوديٌ عراقي، في الخمسينيات من القرن الماضي. على الرغم من أنها تدافع عن سياساتٍ علمانية مثل تجنيدٍ إلزامي لليهود الأرثوذكس، فإن آراءَها اليمينية متأثرةٌ بشدة بالمستوطنين المتدينين الذين حاربت إلى جانبهم في جيش الدفاع الإسرائيلي. انتخبت شاكيد للكنيست في 2013، لكن صيتها القومي سبق وصولها إلى البرلمان الإسرائيلي. فقد عملت لصالح نتنياهو بين عامي 2006 و2008 قبل أن تنفصل لتؤسس في النهاية "ماي إسرائيل"، وهي حركة مؤيدة للصهيونية لا تشارك في انتخابات، مع بينيت. ولم تتردد في الضغط علنا ضد الهجرة الأفريقية إلى إسرائيل، والتي زعمت أنها تشكل تهديداً على الدولة اليهودية. حتى أنها في مقابلةٍ مع "ذا فوروارد" قالت إن طالبي اللجوء من إريتريا والسودان يكذبون بشأن الظروف في بلادهم التي يفترض أنهم هربوا منها. "إذا كانوا لاجئين فهم أن يحتاجون أن يبدوا مثل اللاجئين في سوريا أو العراق مع أطفالهم ونسائهم ومتعلقاتهم معهم". منذ انتخابها، أثبتت كونها مؤيدة عنيدة لاحتجاز المهاجرين وترحيلهم، ودعمت بحماسة قوانين سوف تؤسس وضع إسرائيل كدولةٍ يهودية قانوناً، وهو موقف يشاركها إياه نتنياهو ونسبة كبيرة من عامة الإسرائيليين. وجد استطلاع رأي في ديسمبر أن 31% من الإسرائيليين يعتقدون أن مثل ذلك القانون سوف يدعم المصالح الإسرائيلية، في حين يدعي منتقدوه أنه سوف يقوض من تاريخ الديمقراطية في إسرائيل. إن سلوكها تجاه مثل ذلك القانون هو دال على فخرها القومي واليهودي. صرح ليفي لفورين بوليسي أنه بتأمين دورها في وزارة العدل، سوف تستمر شاكيد في الترويج لـ"بناء دولة يهودية على حساب بناء ديمقراطية". وعندما يتعلق الأمر بالعلاقات في الخارج، فإن تعيين أوباما لسياسيين من اليمين المتطرف بالتأكيد لن يسعد إدارة أوباما أو الديمقراطيين الداعمين لإسرائيل في الكونجرس. "أعتقد أننا سوف نشاهد تقريباً ذلك النوع من الأفعال والمبادرات الفاضحة من تلك الحكومية الإسرائيلية الجديدة التي سوف يكون صعباً(على الأمريكيين) عدم التعليق عليها"، قال ليفي. بتسميتها وزيرةً للعدل، يضع نتنياهو تعيين النائب العام القادم لإسرائيل في أيديها. وإذا كان التاريخ يكرر نفسه، فإنه من المؤكد أن شاكيد ستبذل أقصى جهدها لتأمين إسرائيلي من اليمين. ينوي حزب البيت اليهودي، حسب ليفي، "ملاحقة النظام القضائي، والذي يشعرون انه عائق بالنسبة لهم لتشكيل إسرائيل من الداخل لجعلها دولة أكثر يهودية وإثنية". عنصري مسؤول عن الإدارة المدنية "انتصار المستوطنين: التعيين الإشكالي لإيلي بن دهان نائبا لوزير الدفاع".. تحت هذا العنوان، كتب المعلق لشؤون الأمن والاستخبارات، يوسي ميلمان، في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية (وهو معلق سابق للشؤون نفسها في صحيفة "هآرتس"سنوات طويلة) عن قرار تعيين الحاخام ايلي بن دهان, ممثلاً عن حزب "البيت اليهودي" (بزعامة نتالي بينت)نائبا لوزير الحرب الإسرائيلي وتفويضه المسؤولية الكاملة والحصرية عن كل ما يتعلق بـ"الادارة المدنية" في الضفة الغربية، مضيفا، في العنوان الفرعي ("معاريف" ـ 16/5/2015): "رجل البيت اليهودي سيكون مسؤولاً عن الإدارة المدنية, وهو ما يزيد القلق من أن القدس قد تخطو نحو سياسة الأبارتهايد!". و"الإدارة المدنية" تشكل إحدى أذرع "وحدة تنسيق أعمال الحكومة (الإسرائيلية) في المناطق". وهي، وفق التعريف الرسمي، الذراع التي تدير مختلف جوانب الحياة المدنية (غير العسكرية ـ الأمنية) في المناطق التي احتلتها إسرائيل ولا تسري عليها أنظمة الإدارة والقضاء الإسرائيليين. ففي الأشهر التي أعقبت "العدوان الثلاثي في العام 1956 في قطاع غزة"، ثم "حرب الأيام الستة" (عدوان حزيران 1967) وحتى العام 1981، تم إخضاع المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، رسمياً وفعلياً، لسلطات الحكم العسكري الإسرائيلي. وفي تشرين الثاني 1981، قرر وزير الحرب آنذاك، أريئيل شارون، فصل "الإدارة المدنية" عن جهاز الحكم العسكري ونقلها إلى سلطة وزارة الحرب وإخضاعها إلى مسؤوليته المباشرة، وقام بتعيين البروفسور مناحيم ميلسون رئيساً لـ"الإدارة المدنية" في الضفة الغربية. وكان هدف شارون من هذه الخطوة، تيسير ودفع أجندته الاستيطانية، وفي مقدمتها تسريع وتوسيع مصادرة الأراضي الفلسطينية، إحكام السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه والموارد والبنى التحتية الأساسية الأخرى في الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن تسهيل، تعجيل وتكثيف البناء الاستيطاني. وقد تم تعريف وتحديد ماهية "الإدارة المدنية" هذه في الأمر العسكري رقم 947، الذي تنص المادة الثانية منه على: "تقام، بهذا، إدارة مدنية في المنطقة (هي التسمية القانونية الإسرائيلية للمناطق الفلسطينية المحتلة. "الإدارة المدنية" تتولى إدارة الشؤون المدنية للمواطنين في المنطقة، وفقاً لتعليمات وأحكام هذا الأمر، لما فيه رفاهية السكان ومصلحتهم ومن أجل توفير وتزويد الخدمات العامة وتفعيلها، طبقا لما تقتضيه ضرورة ضمان الإدارة السليمة والنظام العام". وفي الممارسة، تتولى "الإدارة المدنية"مسؤولية الجوانب المدنية في منظومة الاحتلال الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية، في مجالات الحياة اليومية المختلفة، بما فيها التخطيط، التنظيم والبناء والبنى التحتية، التعليم، المعابر، تصاريح الدخول إلى إسرائيل، سواء للزيارة أو للتجارة وللعمل أو للعلاج الطبي، وما إلى ذلك من مجالات تمس حياة المواطنين الفلسطينيين بصورة يومية، بل ساعة بساعة. وجاء في تعريف جهاز "الإدارة المدنية" ومهامه ومجالات عمله وتدخله، كما ورد على الصفحة الرسمية لـ"وحدة تنسيق أعمال الحكومة (الإسرائيلية) في المناطق "على الشبكة": "الإدارة المدنية هي جزء من جهاز تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، الذراع المسؤولة عن تطبيق سياسة الحكومة في أراضي الضفة الغربية يهودا والسامرة وتطوير المنطقة في المجالات المدنية، حسب توجيهات المستوى السياسي وبالتنسيق مع الوزارات المختلفة، جيش الحرب الإسرائيلي وجهاز الأمن. وبذلك، فإن "الإدارة المدنية" هي جزء لا يتجزأ من نشاط جيش الدفاع وقيادة المنطقة الوسطى في الحالات العادية وحالات الطوارئ". ثم: "للإدارة المدنية دور مركزي آخر هو التنسيق والارتباط المدني والأمني إزاء العناصر الفلسطينية. في هذا الإطار، تشغّل "الإدارة المدنية" ممثليات إقليمية في الألوية المختلفة (مديريات التنسيق والارتباط الإقليمية). كذلك، تعتبر"الإدارة المدنية" مالكة الصلاحية في مناطق "C" في مجالات التخطيط، البناء والبنى التحتية إزاء السكان في المنطقة. وإضافة إلى ذلك، "الإدارة المدنية" مسؤولة عن الاتصال مع العناصر الدولية في مجالي المساعدة الإنسانية ودفع المشاريع في أراضي يهودا والسامرة"! وكان تعيين بن دهان لهذا المنصب، ضمن تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الجديدة (رقم 34 منذ قيام الدولة والرابعة برئاسة بنيامين نتنياهو) التي أدت اليمين الدستورية أمام الكنيست يوم 14 أيار الأخير، قد أثار اهتماماً إعلامياً واسعاً جداً، نسبياً، نظراً لشخصية بن دهان، آرائه ومواقفه السياسية العنصرية والدينية المتشددة والصلاحيات الممنوحة له في إطار منصبه الجديد هذا. وقد غلب على تناول هذا التعيين في وسائل الإعلام المختلفة، في الأعمّ، التحذير الشديد من الممارسات التي قد يلجأ إليها بن دهان هنا وما قد تثيره من ردود فعل، محلية فلسطينية وإسرائيلية، وعالمية، ثم الدعوة إلى تشديد المراقبة على أدائه وأداء أجهزة "الإدارة المدنية" في الفترة المقبلة. وفي المقابل، احتفلت إذاعة المستوطنين واليمين المتطرف في إسرائيل "قناة 7" بهذا التعيين فأجرت مقابلات عديدة حول الموضوع وكتبت، على موقعها على الشبكة، مقالات وتعليقات مختلفة تشيد بالرجل وتحتفي بتسلمه المنصب. وفي هذا الإطار، نشر موقع القناة (يوم 13 أيار) نصاً لمقابلة أجرتها الإذاعة مع بن دهان حول تعيينه لهذا المنصب، رؤيته وبرامجه، تحت عنوان "للمرة الأولى ـ حاخام في إسرائيل نائباً لوزير الدفاع"!. واعتبرت الإذاعة، في مقدمتها لنص المقابلة، أن "تاريخاً صغيراً يُسَجّل في إسرائيل هذه الأيام، إذ سيتسلم منصب نائب وزير الحرب، خلال أيام قليلة، الحاخام ايلي بن دهان!". ونظراً لما تتمتع به "الإدارة المدنية" من صلاحيات في مجال التخطيط، التنظيم والبناء في الضفة الغربية، فقد حذر بعض المعلقين الإسرائيليين من أن تعيين بن دهان مسؤولاً عنها يحمل في طياته خطراً جسيماً يتمثل في إتاحة الفرصة أمام المستوطنين لإحداث تغييرات جوهرية في خارطة الاستيطان ومشروع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية: "وضع السلطة عما يجري في المناطق بين يديّ حزب بينيت وممثليه يشكّل دفعة فعلية قوية للبرنامج السياسي الذي يطرحه حزب المستوطنين"! بينما اعتبر معلق آخر أن "هذا التعيين بمثابة توكيل القط بحراسة اللبن"!!، كما جاء في تعليق مركز مولاد ـ المركز لتجديد الديمقراطية في إسرائيل" حول هذا التعيين. ولد بن دهان في مدينة الدار البيضاء في المغرب في العام 1954 وهو الأكبر بين إخوته الخمسة. هاجر مع عائلته إلى إسرائيل في العام 1956 وهو لا يزال ابن سنتين، حيث استقرت عائلته في مدينة بئر السبع في جنوب البلاد. درس في مدارس دينية يهودية (ييشيفوت) وأدى الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي في سلاح المدفعية، حيث وصل إلى رتبة رائد. انضم بن دهان إلى حزب "المتدينين الوطنيين"(المفدال)، ثم كان من بين المتطرفين المتشددين الذين انشقوا عنه في آذار 1999 وأسسوا حزب "هئيحود هليئومي ـ تكوماه" برئاسة أوري أريئيل، ثم عادوا وائتلفوا معه في إطار حزب "البيت اليهودي"، عشية انتخابات للكنيست الـ 19 في يناير 2013، ولا يزال عضواً فيه. كان من مؤسسي مستوطنة "حيسبين" الدينية في هضبة الجولان المحتلة في العام 1978، ثم انتقل مع عائلته إلى مستوطنة "بيت إيل" في الضفة الغربية في العام 1983. عمل مديراً لمكتب الحاخام الرئيسي لإسرائيل، مردخاي بن إلياهو (1983 ـ 1987)، الذي عُرف بآرائه ومواقفه العنصرية المتطرفة، ثم أصبح مديراً عاماً للمحاكم الحاخامية (الدينية اليهودية) في إسرائيل واشغل هذا المنصب طوال 21 عاماً ـ من العام 1989 حتى العام 2010. ثم أشغل منصب مدير عام وزارة الأديان، ثم مدير "الحاخامية الرئيسية"، ثم رئيس مجلس إدارة "المركز القطري لتطوير الأماكن المقدسة" وعضو إدارة "صندوق تراث حائط المبكى" (حائط البراق). انتخب بن دهان عضواً للكنيست، للمرة الأولى، في الكنيست الـ19 (كانون الثاني 2013) ممثلاً عن حزب "تكوماه" في المكان الرابع في قائمة حزب "البيت اليهودي". وفي آذار 2013، عُيّن نائباً لوزير الأديان في الحكومة الإسرائيلية الـ 33، بينما كان زعيم حزبه، نفتالي، وزير الأديان بصورة رسمية، لكن بن دهان هو الذي تولى إدارة هذه الوزارة بصورة فعلية. وفي كانون الأول الأخير(2014)، عشية الانتخابات للكنيست الـ20(الحالي)، تنافس في الانتخابات التمهيدية الداخلية (برايميرز) في إطار حزب "البيت اليهودي"، وليس "تكوماه"، واحتل المكان الرابع في قائمة هذا الحزب الانتخابية. يمثل بن دهان الأوساط الدينية المتشددة واليمين الاستيطاني المتطرف ويحمل آراء عنصرية واضحة ضد العرب عامة، والفلسطينيين خاصة. وقد عبَّر عن هذه الآراء والمواقف جهاراً في أكثر من مرة، كان أبرزها وأوقحها ما قاله إبان إشغاله منصباً حكومياً رسمياً هو نائب وزير الأديان في الحكومة الإسرائيلية، يوم الأول من آب العام 2013، حيال استئناف المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. ففي مقابلة إذاعية معه في محطة إذاعية إسرائيلية تدعى "راديوس"، قال بن دهان: "الفلسطينيون، في نظري، ليسوا آدميين، بل حيوانات آدمية/ بشرية"!! وأضاف، في المقابلة ذاتها: "الشعب الفلسطيني لم يتربّ على السلام... إنه لا يريد السلام"!! وفي "تفسير وتعليل"(!) موقفه هذا، قال: "ماذا يعلّمونهم في مخيمات الأطفال؟.. عندنا يأخذون الأطفال إلى مراكز الألعاب. وماذا عندهم؟.. أسلحة وتدريبات على الحرب"!!. وفي مقابلة أخرى معه في العام ذاته، أجراها الصحفي شالوم يروشالمي ونشرتها صحيفة "معاريف" يوم 27 كانون الثاني 2013، قال بن دهان إن "المفاوضات السياسية لن توصل إلى أي مكان"! وقال إنه يعتبر نفسه "من حماة الوجه اليهودي لهذه الدولة" و"أنا أحافظ على أن تكون هذه الدولة يهودية... أي شيء يتعارض مع القيم، الثقافة أو التقاليد لن يحظى بأية مشروعية قانونية"!. ورداً على سؤال الصحافي حول موقفه من زواج المثليين جنسياً، قال بن دهان: "لا يمكننا قبول ما يتعارض مع اليهودية.. مثلما أن اليهود لا يستطيعون الزواج من الأغيار"!! وحينما سأله الصحفي: "هل تساوي بين هذا وذاك؟"، أجاب قائلاً: "نحن لا نعترف لا بهؤلاء ولا بأولئك. ومع ذلك، فإن لليهودي، دائماً، روحاً أكثر سموّاً من روح غير اليهودي، حتى لو كان (اليهودي) مثليّاً جنسياً"!! وفي مقاله المذكور آنفاً، يقول يوسي ميلمان إن بن دهان كان قد صرح، في حديث معه شخصياً، بالقول: "لا آتي إلى هذا المنصب لحل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، بل إن مهمتي الأولى والأساسية، كما أراها، هي تحسين حياة المستوطنين اليهود اليومية وتطويرها وحل ما يعترضهم من مشاكل... فثمة مشاكل كثيرة جداً تواجههم ينبغي حلها"! ويعلق ميلمان على هذا فيقول: "من أقوال بن دهان هذه يمكن أن نستنتج إنه لكي يستطيع تنفيذ مهمته كما يراها وكما وصفها، سيكون من الضروري، عمليا، تقسيم "الإدارة المدنية"إلى وحدتين اثنتين: واحدة تهتم بالفلسطينيين وأخرى بالمستوطنين. وإذا ما حصل هذا، حقا، فسيشكل تجسيداً جديداً آخر لسياسة الفصل والتمييز على خلفية الدين والقومية المتبعة في الضفة الغربية منذ عشرات السنين... وهي سياسة تدفع بإسرائيل نحو هاوية الأبارتهايد على الطراز الجنوب أفريقي"! ويضيف ميلمان: "لا شك في أن بن دهان، عضو حزب البيت اليهودي، سيكون الممثل المخلص للمستوطنين والمنفذ لإرادتهم ورغباتهم، ذلك بأن رؤيته هي رؤيتهم، وهو جزء حي منهم. ويبدو أن مهمته المركزية الأولى ستكون شرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية... وفي سياق أوسع، يمكن القول إن نتنياهو يضع سياسة الأمن والخارجية الإسرائيلية، في الضفة الغربية على الأقل، بين يدي البيت اليهودي"! الصهيونية الجديدة صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- "مدار" العدد رقم 57 من المجلة الفصلية المتخصصة "قضايا إسرائيلية"، يضم محوراً خاصاً عن "اليمين الجديد" أو "الصهيونيّة الجديدة" في إسرائيل. وساهم في مقالات المحور كل من تومر برسيكو(الصهيونية كقومية متطرفة – النيوليبرالية والمركزانية العرقية) ودانيئيل روزنبرغ (لاستراتيجية "الثقافية" لليمين الإسرائيلي الجديد) وعوفري إيلاني (دولة اللّيكود: عن صورة الثقافة السياسيّة في إسرائيل المعاصرة) وآفي شيلون (الهوية الإسرائيلية - اليهودية المتجددة: عن الدين، الليكود، التصحيحية، المسيانية ونفتالي بينيت). وبالإضافة إلى هذه المساهمات يضم المحور مقابلة مع مؤلفة كتاب "بلاد، تحالف" الصحافية عوفراه يشوعا لايت حول لماذا لا يملك اليهود دولة يهودية علمانية؟ أجراها الطيب غنايم. وفي تقديم مقالات المحور كتب مدير تحرير المجلة رائف زريق: بدت إسرائيل العام 1948 دولةً علمانيّة ذات ميول اشتراكيّة، أمّا إسرائيل العام 2015 فتبدو دولةً ومجتمعاً يخضعان لخطاب دينيّ أصوليّ من ناحية، ولسياسة نيو- ليبراليّة رأسماليّة متوحّشة من ناحية أخرى. ويرصد هذا العدد مسارات التّحوّل بين هذه الأقطاب مركّزاً على ما بات يُعرَف بـ"اليمين الجديد" أو "الصهيونيّة الجديدة" في إسرائيل. الصّحافي والأكاديمي تومر برسيكو يعالج في مقالته ظاهرة "البيت اليهودي"، ونجوميّة نفتالي بينيت، ويحاول سبر غور هذه الظّاهرة على خلفيّة التّطوّرات الفكرية والأيديولوجيّة داخل الصّهيونيّة. ويدّعي برسيكو أنّ الصّهيونيّة العلمانية اليساريّة فقدت بريقها وهيمنتها حقيقةً، وأنّها في أزمة؛ لكن هناك أزمة حقيقيّة أخرى تعبر المعسكر القومي الدّيني أيضاً. وتنبع أسباب أزمة المعسكر القومي الدّيني من أمرين أساسيّين: السياسة النيو- ليبرالية الاقتصاديّة التي رفعت منسوب الذّاتيّة والفردانيّة من جهة؛ ومن جهة أخرى الانسحابات المتكرّرة من مناطق مختلفة كانت تحت سيطرة الدّولة الإسرائيليّة: غزّة، أجزاء من الضّفة، وحتى الانسحاب من جنوب لبنان وسيناء. إزاء هذا الوضع تبنّى بينيت نوعاً من الفكر الدّيني الذي يتماشى مع روح العصر، فكر دينيّ قوميّ غير متزمّت دينيّاً، يظهر فيه الدّين كنوع من الرّياضة الرّوحيّة ممزوجةُ بفكر قوميّ إثني، يتماشى تماماً مع روح العصر التكنولوجيّة والرأسماليّة. أمّا دانيئيل روزنبرغ فيركّز في مقالته على التّحوّلات الثّقافيّة الفكريّة لدى اليمين، ينطلق روزنبرغ- كما برسيكو- من فرضيّة أنّ اليّمين الأيديولوجي يعبر هو الآخر أزمةً على أثر سلسلة الانسحابات التي قامت بها حكومات إسرائيل. يشخّص روزنبرغ تحوّلاً في سياسات وتوجّهات اليمين الصّهيوني الجديد. ما يقف في مركز هذا التّحوّل هو العزوف عن الانشغال المستمرّ بقضايا السياسة والأمن والتّحوّل إلى موضوعات تخصّ الأدب، والثّقافة، والفنّ، وكلّها أمور تسعى إلى صقل شخصيّة اليهودي الصّهيوني الإسرائيلي. يتتبّع روزنبرغ الحركات الثّقافيّة غير الحزبيَّة في هذا اليمين، انتهاءً بحركة "إم ترتسو" التي حاولت أن تسوّق نفسها كحركة وسطيّة تقع في لبّ الإجماع الصّهيوني، وتعبّر عن جوهره. أمَّا أوفري إيلاني فيقدِّم لنا قراءةً مثيرةً حول التّحوّل من حكم "مباي" وبن غوريون في العقود الثلاثة الأولى من القرن الماضي، إلى حكم الليكود في العقود الثلاثة التي تلت؛ ويحاول أن يرصد التّحوّلات العميقة مشيراً إلى نقاط الالتقاء والاختلاف، والاستمراريّة والتّجدّد. ويشير إيلاني إلى أنّه في واقع الأمر وإن كان الليكود اليوم يحصل على ما يقارب عشرين مقعدًا في الكنيست لا غير إلاّ أنّ هناك مجموعة كاملة من الأحزاب تدور في فلك الليكود، ومؤسّسوها هم أعضاء سابقون في الليكود (أمثال ليبرمان من "إسرائيل بيتنا"، وكحلون من "كلّنا"، وتسيبي ليفني من "هتنوعا" و"كديما" سابقاً. ويتناول آفي شيلون في مقالته الفوارق بين ليكود الأمس وليكود اليوم. يشير شيلون إلى حقيقة أنّ زعماء وقادة الليكود الذين أتوا بعد بيغن - أيّ شامير، وشارون، ونتنياهو وأولمرت- لم تكن لهم صلة حقيقيّة مع الدّين، ونمط حياتهم هو علمانيّ بالأساس. هذا الأمر خلق فراغًا في هذا المجال تمّ استغلاله من قبل "البيت اليهودي" ونفتالي بينيت، الذي استطاع أن يقدّم توليفةً جديدة بين الدّين والقوميّة والنيو- ليبراليّة في إسرائيل. |
||||||