|
|||||
|
الصفحة الأولى عبرة الكلمات موتٌ بطيء سقط المطَرُ قطرةً قطرة.. موجةً موجة.. بحراً فبحرا.. حتى طلعتِ الشمسُ راقصةً بنورها العجيب ضحكَ الأطفالُ وطاروا خلال أشجار اللوز والتفّاح والبرتقال ضحكت الصبايا الصغيرات.. ضحكت العصافيرُ والزرازير وسط النور والدخان ضحكت الساعاتُ والمستشفيات والمرضى اللذين يبحثون عن وميض الشفاء.. ضحك الشرطي والطاغية والتكفيري وضحك تلامذة ُ المدارس ومحاسبو المصارف وسائقو التكسيات ضحك العباقرةُ وأنصافُ العباقرة والمخنّثون والعابرون.. ضحك القتلى والغرقى ثم ضحك الموتى جميعاً.. واشتدّ الضحك.. اشتدّ.. اشتدّ.. وحدي كنتُ أتأمل المشهد وأبكي.. وحدي كنتُ أتأمل المشهد وأموتُ ببطء. شجرةُ الرمّان بما يكفي قانيةً كانت أزهاري هذا العام.. موسمي زاخر.. أفلا تمر من هنا؟ لأبذل لك حباتي وردةً, وردةً.. كم ذراعاً تود لو يكون لي؟ لأضمكَ بما يكفي.. أنا شجرة الرمان الحزينة. موتٌ فيك حين ينهمر من عيني الدمع.. كيف لي أن أبكي دونما خجل علناً مثل المطر؟!!.. ألملم في الليل بوح الهذيان وأشلاء حلم نما، فانكسر؟.. هل أتى يا مولاي على القلب حين من الدهر لم يكن إلا قبضة ماء؟.. يحاول فض اعتذاري له فأجثو بلا راحتين وألعن بالدمع كل ارتواء؟.. يا عشقاً من رعدٍ.. من شجرٍ.. من برقٍ.. من ماء.. أهكذا؟ تسكب الوجع في بدني.. وتنفث جمرك في ذاكرتي، آهٍ.. ما أوسع الرعب فيك.. ما أجمل الموت فيك. الشاعر ضع يا طائر السنونو قليلاً من البهجة على جناحيك وانطلق لعلّ الشاعر الذي يحبو عاثراً في الحياة يراك فوق جبال الحزن الجاثمة على صدره.. لعلّه يتسلقها ليبكي في ذروتها كفقيرٍ جائع لكسرةِ خبزٍ حين يراك ويرى البهجة تخفق على جناحيك فيلثغ بالشعر البهيج وبلحظة بهية من العيش وسط الخراب. مملكةُ الشعر لن تختنق الكلمات داخلها بعد أن رسمها صوتك.. لكنها أضاعت تفاصيل رونقِكَ فامنحها مطراً آخر تلتقيك فيه.. وأدخلها سماءً تليق باحتراق قرابينها على باب مملكتك. الغيث حين تشربين أرصفةً في عيونيَ كوني أنثى الحدسِ والدعاءات.. كوني سيدتي دون ماءٍ يؤبُ إلى الماءِ.. لن أتركَ ظلالَكِ الوارفاتِ.. منكِ غيثٌ لا تفنى مناهلُهُ.. الغيثُ نصفُ الشجنْ.. الغيثُ كلُ الشجن. زينةُ العمر لستُ أتركها.. نُسِجَتْ من بياضْ.. أقبلَتْ في بياضْ.. تعلِّمني الشمسَ والأمكنةْ.. تعلِّمني رعشةَ الريحِ.. والسوسنةْ.. لستُ أهجرُها.. هي.. زينةُ العمرِ.. هالةُ النور على مشارف غيابي في دهاليز الخمسين. كلنا ماضون كلنا ماضون... كلٌ زاحفٌ في أملٍ لا ينقضي.. وليالٍ قاحلاتٍ.. ليس فيها مطرٌ ينبتُ أو كفٌ تجيدُ الحبَ.. للأشياءِ.. للذكرى.. لقلبٍ ناصعٍ كالريحِ.. كالتفاحةِ النشوى.. كزيتونٍ يضيء... كلنا ماضون.. والعطرُ الذي لفَّ صبانا.. يتبدَّد.. وخطانا تتمرَّد، وأزاهير تموت.
الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي أبو الطيب المتنبِّي ـ داءٌ العشق عَزيزُ إِسـاً مَن داؤُهُ الحَدَقُ النُّجْلُ عَياءٌ بِهِ ماتَ المحبُّونَ مِـن قَبل فمَن شـاءَ فَليَنظُر إلَيَّ فمَنظَري نَذيرٌ إِلى مَنْ ظَنّ أنَّ الهوى سهْلُ وما هِي إلاّ لحظَةٌ بَعـدَ لحظَـةٍ إذا نَزَلَت في قَلْبِه رَحَلَ العَقـلُ جَرى حُبُّها مَجرى دَمي في مَفاصلي فأَصْبحَ لي عَن كُل شُغل بها شُغلُ سَــبتْني بِدَلّ ذاتُ حُسـنٍ يَزينُها تكحُّلُ عينيها وَلَيس لَهـا كُحـلُ كأنَّ لحِاظَ العَين في فتكِهِ بنا رَقيبٌ تَعَدَّى أَوْ عَدُوٍّ لَهُ دَخـلُ وَمِن جسدي لم يتْركِ السُّقم شعرةً فَما فَوقَها إلا وفيها لَـهُ فِعـلُ أبو الشمقمق ـ وصف الفقر برزتُ من المــنازلِ والقبابِ فلم يَعْسِــرْ على أحدٍ حجابي فمنزلي الفضاءُ وسـقفُ بيتي ســماءُ الله أو قِطَعُ السحاب فأنت إذا أردتَ دخــلتَ بيتي عليَّ مســـلماً من غيرِ بابِ لأني لم أجـــد مصراعَ بابٍ يكون من السحابِ إلى التراب ابن هرمة ـ عصمة إِذَا أَنْتَ لَم تأخـذ من الناس عِصْمةً تُشَـــدُّ بها في راحتيْكَ الأَصابعُ شــرِبْتَ بِطَرْقِ الماء حيثُ وَجَدْتَه على كدرٍ واستعبدتْـكَ المطامــعُ وإِنِّي لَمِمَّا أَلبسُ الثوبَ ضيِّقَـــا وأتركُ لبسَ الثوبِ والثـوبُ واسعُ وأصرفُ عن بَعضِ المِيـاهِ مطيَّتي إِذا أَعجبتْ بعضَ الرجالِ المشارعُ الحارث بن كلدة الثقفي ـ ابن عم تبغَّ ابن عمِّ الصدقِ حيثُ وجـدتَه فإنَّ ابن عمِّ السُّـوءِ أوعرُ جانبُـه تبغَّيْتُه حـتى إذا ما وجــــدتُه أراني نهارَ الصيف تجري كواكبُه وفي الناس من يغشى الأباعد نفعُه ويشـقى به حـتَّى الممات أقاربُه فإِن يكُ خـيرًا فالبعيدُ ينالُـــهُ وإن يكُ شـرّا فابن عمِّك صاحِبُه أبو العتاهية ـ أولاد الشر الخيرُ والشـرُّ مُزْدَادٌ ومُنْتَقَـصٌ فالخيرُ مُنْتَقَصٌ والشــرُّ مُزْدَادُ فَمَا أَسَـائِلُ عَـنْ قَوْمٍ صَحِـبْتُهُمُ ذوِي مَحَاسِــنَ إِلاَّ قيل قَدْ بَادُوا ولا أَســائِلُ عَنْ قوم عَـرَفْتُهم ذوي مَسَــاوِئَ إلاّ قِيلَ قَدْ زَادُوا فالخيرُ لَيْسَ بمولــودٍ لَهُ وَلَـدٌ لَكِنْ لَهُ مـن بَنَاتِ الشـرِّ أَوْلادُ الحارث بن كعب ـ شيخ أَكَلْتُ شَــــبَابِي فَأَفْنَيْتُـــهُ وأَفْنيتُ من بعدِ شَهْرٍ شُــهُورَا ثلاثةُ أَهْلِين صَاحَبْتُهــــــمْ فبانُوا وأصبحت شَــيخًا كبيرَا قليلَ الطَّعامِ عســــيرَ القيامِ قـد تَرَك القَيْدُ خَطْـوِي قَصِيرَا أبيتُ أُرَاعي نجومَ السَّـــماءِ أقَلِّب أَمْري بُطُونًـا ظُهُــورَا الأحـوص ـ ممنوعة يا دِينَ قَلْبِكَ مِنها لَسْـــتُ ذَاكِرَها إِلاَّ تَرَقْرَقَ مَاءُ العَينِ أَوْ دَمَعَــــا أَدْعُو إلى هَجْـــرِهَا قلبي فيتبعني حتى إِذَا قُلْتُ هَـــذا صَادِقٌ نَزَعَا لاَ أَســــتطيعُ نُزُوعًا عَنْ مَحبَّتِها أَوْ يصنعُ الحبُّ بي فَوْقَ الذي صَنَعَا وزادني كَلفــاً في الحُبِّ أَنْ مُنِعَتْ أحبُّ شَيء إلى الإِنسَانِ مَا مُنِعــَا
|
||||