إعادةُ الأمل بنهايةُ كل جبار

السنة الرابعة عشر ـ العدد 162 ـ (شعبان - رمضان 1436 هـ) حزيران ـ 2015 م)

بقلم:الشيخ محمد عمرو

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

يقول الله في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾[1]صدق الله العظيم.

هي سيرة الملوك والفراعنة عبر التاريخ، أسلوب واحد وبرنامجٌ متشابه رغم تغير الظروف والأزمان والصفات والمسميات والأديان، فنمرود إبراهيم، وفرعون موسى، وهرقل عيسى، وقريش محمد صلوات الله على نبينا وعليهم أجمعين.

كلهم كانوا عتاة ظلمة، متكبرين متجبرين، ومفسدين في الأرض ديدنهم تفتيت الناس وضربهم ببعضهم البعض وأسلوبهم الفتنة وشق الصف، والإرهاب بالعنف وقطع الرؤوس وسبي النساء والذراري ومصادرة الأموال والممتلكات، هي سنة مَلَكية عبر التاريخ القديم والحديث. وما نراه اليوم في العدوان على اليمن النموذج الصارخ لهذا التاريخ.

فآل سعود استولوا على الأراضي المحيطة بهم بوسيلة القتل والذبح والسلب والإبادة وسبي النساء والأطفال، واستطاعوا القضاء على القبائل المحيطة بهم والاستيلاء على أراضيهم وإنشاء مملكتهم. وقد لعبت المملكة البريطانية "العظمى" في ذلك الوقت دور العَّراب والحامي لهؤلاء القبائل المتعطشة للدماء وللقتل وللجواري، وأخذت منهم تعهداً ورضا بوجود دولة "لليهود المساكين"- بحسب تعبير كبير آل سعود في ذلك الوقت- في فلسطين، وأن تكون قبيلة آل سعود الحامي لهذه الدولة.

ولأن الفراعنة والنماريد والملوك يحتاجون إلى أن يكون الولاء لهم تاماً وكاملاً فلا بد من أن يكونوا "آلهة" أو " ظلاً للإله على الأرض" مطلق الصلاحية.

لهذا قال فرعون: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾[2] ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾[3].

كذلك فعل آل سعود حيث تحالفوا مع محمد بن عبد الوهاب- الشخصية المعقَّدة والمنبوذة- وصاحب مدرسة التعصب الفكري والرؤية المنحرفة الخوارجية للإسلام، فأصبحت الوهابية دين الملك.

والوهابية هي تفسير خاص وصل إليه محمد بن عبد الوهاب، وضمن ظروفه الصحراوية وبيئته القبائلية ونشأته الأسرية المعقدة.

هذا التفسير يقولب الله في رؤيته هو ويُفسر التوحيد كما يراه هو ويُدمِّر كل ما عداه، ليس بالحوار والنقاش والدليل والبيّنة، بل بالتكفير وهدر الدم والاستيلاء على الأعراض والممتلكات. وهذا ما يوافق أحلام وثقافة آل سعود فكان الحلف الشيطاني والذي وصفه رسول الله(ص): "قرن الشيطان".

فدين آل سعود هو رؤية محمد بن عبد الوهاب وتفسيره للإسلام وليس هو الإسلام الذي جاء به النبي محمد (ص).

ولهذا نجد أنهم يريدون فرض هذه الرؤية على كل المسلمين بالنار والحديد والذبح والسبي، وقد عمدوا إلى تفتيت المسلمين وإذكاء نار الفتنة المذهبية بينهم وشراء الذمم والضمائر وتكفير قوم ومدح آخرين، وشن الحروب تحت مسمى "الجهاد" في أفغانستان أولاً ومن ثم في الشيشان ويوغسلافيا وبعدها في العراق وليبيا وسوريا، وفي كل هذا القاتل والمقتول من المسلمين، وهذا يكفر ذاك ويستحل منه ماله ودمه وعرضه، وقوافل الموت "الجهادية" التي ينقلونها من بلد إلى آخر حسب رغبة "الملك" تعيث في الأرض فساداً وإفساداً. نعم إنهم من المفسدين.

لكن من سنن الله تعالى أن هؤلاء المفسدين سيتورطون بعد علوِّهم وعتوِّهم واستكبارهم وإفسادهم، وسيتورطون بمعركة مع مستضعفين لا حول لهم ولا قوة إلا الإستعانة بالله. وتكون نهاية ملكهم وزوال نعمتهم على أيديهم.

فالنمرود قتلته "بعوضة"، وداوود الصبي قتل جالوت الجبار، وهزم موسى والمستضعفين الذين معه فرعونَ وجنوده، وكانت نهاية كل جبار على يد مستضعف من جند الله وأنصاره.

هذه السنة الإلهية تسري على آل سعود. فهذه معركتهم الأخيرة والتي أسموها "إعادة الأمل" على أطفال ونساء وبُنى تحتية ومطارات مدنية ومعسكرات وأبنية حكومية.

هي حرب مستكبرين على شعبٍ مستضعف، شعبٍ لا يملك إلا كرامته وعزته وإباءه، ولن يتخلى عنها لأحد، واعتماده على الله وعلى أولياء الله ويكفيه أنه سينتصر حتماً لأنه أنصار الله "وأن بقية الله معهم وفيهم". والحمد لله رب العالمين.


[1] - سورة القصص، آية 4.

[2] - سورة النازعات، آية 24.

[3] - سورة غافر، آية 29.

اعلى الصفحة