|
|||||||
|
في وقت متأخر من يوم الخميس 14/5/2015 وسط مشاحنات داخل حزبه ليكود بشأن المناصب الوزارية, أدت الحكومة الإسرائيلية الائتلافية الجديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تعتمد على أغلبية برلمانية شحيحة اليمين, وأجلت المراسم المسائية في الكنيست ساعتين حتى يتمكن نتنياهو من توزيع الوزارات المتبقية على ليكود بعدما وزعت الوزارات الأخرى على شركائه الأربعة. ووصف بعض المعلقين الإسرائيليين المناورات بأنها "هزلية". ويسيطر الائتلاف من أحزاب محافظة ويمينية ويهودية متشددة على 61 مقعداً في البرلمان المؤلف من 120 مقعداً مما ينذر بصعوبات لنتنياهو في فترته الرابعة بخصوص تمرير سياسات مثيرة للجدل.والانتكاسات في الخارج متوقعة أيضاً. وتبدو الاحتمالات قاتمة لاستئناف محادثات السلام المجمدة مع الفلسطينيين برعاية أمريكية. كما ويختلف نتنياهو مع واشنطن بشأن مفاوضاتها النووية مع إيران. وقدم نتنياهو الحكومة في كلمته وتعهد بأنها "ستحمي الأمن وتعمل تجاه السلام."وبعد ثوان من بدء الكلمة قاطعته المعارضة بإثارة حالة من الهرج والمرج. لكن مشرعي الائتلاف تمكنوا من الموافقة على الحكومة الجديدة بأغلبية 61 صوتا مقابل 59 صوتا. حكومة للتطهير العرقي نهج القتل والإبادة والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين ليس وليد اللحظة وليس جديداً على نتنياهو، بل هو استمرار لنهج الزعماء السابقين للكيان، ومن أدبيات العمل العسكري في الحركة الصهيونية، وقد طبقته العصابات الصهيونية في حرب عام 1948م، إذ خطط الصهاينة للإبادة والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم، ما أدى إلى قتل الآلاف من الفلسطينيين، وتدمير أكثر من 500 قرية ومدينة فلسطينية عام 1948م، هذا النهج الدموي متواصل إلى يومنا هذا، بل هو البرنامج الأساسي وعلى رأس الأولويات في أي حكومة صهيونية جديدة. لقد اختار رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) حكومته الجديدة من أكثر الشخصيات تطرفا وعنفا وعنصرية، ويحملون أفكار الإبادة بحق الفلسطينيين، ومن أكثر المناصب الحكومية حساسية حقيبة وزارة القضاء الإسرائيلية، حيث تقلد هذه المنصب شخصية صهيونية نسائية تحمل حقداً وكراهية دفينة تجاه الفلسطينيين والعرب، وتعتبرهم حشرات يجب أن يداس عليهم ويموتوا، هذه الوزيرة (ايليتشاكيد) هي عضو في الكنيست الصهيوني، وتمثل حزب البيت اليهودي، ويعرف عنها بمواقفها العنصرية المتطرفة ضد الفلسطينيين والعرب، حيث كتبت على صفحتها الشخصية في يوليو/ تموز العام الماضي التالي: "إن وراء كل إرهابي فلسطيني أسرة تدعمه، إذن كلهم مستهدفون، لا فرق بين مدني وإرهابي، هم يستحقون الموت بمن فيهم أمهات الشهداء، اللاتي أرسلنهم للجحيم، بالزهور والقبلات، لذا يجب أن يُقتلنّ، ولا شيء أكثر عدلا من ذلك، ويجب أيضاً تدمير بيوت الأفاعي التي يسكنون فيها، ويجب على إسرائيل إعلان الحرب على كل الفلسطينيين كبار السن والنساء في القرى والمدن يجب تدمير الممتلكات والبنية الأساسية لهم، حتى بيوتهم بيوت أفاعي". الوزيرة الصهيونية (شاكيد) تربت على مفاهيم الإبادة والعنصرية وقتل الفلسطينيين والعرب، كيف لا وهي قضت عدة سنوات تخدم في وحدات (الجولاني) التابعة للجيش الصهيوني، وكم قتلت من الأطفال والنساء والشيوخ، فهي تتشرب مفاهيم القتل والعنصرية بحق الفلسطينيين والعرب. إن (شاكيد) وصفت الأطفال الفلسطينيين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع بأنهم "ثعابين صغار"، ويجب قتلهم وقتل أمهاتهم، وقدمت مقترحات عديدة للحكومة الصهيونية مثل قانون منع صفقات التبادل أو العفو عن الأسرى الفلسطينيين ودعمها الكبير لجميع القوانين العنصرية التي تصدر بحق فلسطينيي الـ(48)، وتؤيد كل ما يتعلق بقوانين يهودية الدولة وتهجير فلسطينيي الـ(48) وفرض الضرائب وإلغاء اللغة العربية. إن الخطورة الكبيرة في الحكومة الصهيونية الجديدة تكمن في تسلم " شاكيد" حقيبة القضاء، يتمثل في سعيها الجاد من خلال هذه الحقيقة لمواجهة الفلسطينيون في محكمة الجنايات الدولية، والوقوف ضد أية قضية يرفعها الفلسطينيون ضد الصهاينة اليهود، كما ستعمل(شاكيد) على إدخال جميع القوانين الصهيونية العنصرية حيز التنفيذ، كما ترأسها وزارة العدل يشكل خطورة على كافة الملفات الفلسطينية الهامة منها الأسرى واللاجئون والأرض والاستيطان. لقد خاض المجرم (نتنياهو) أطول حرب في تاريخ (إسرائيل) بحق الفلسطينيين في قطاع غزة العام الماضي استمرت لمدة 51 يوماً، وهي كانت تاريخية بكل ما تحمله الكلمة، ولم يستطع تحقيق أحلامه بإبادة الفلسطينيين في غزة، ولم يستطع كسر الإرادة والعزيمة الغزاوية في الصبر والصمود والتحدي، ما دفعه لاختيار شخصيات حكومية تعشق القتل والدم والإبادة ولها سجل تاريخي حافل في قتل الآلاف من الفلسطينيين، وتدمير المنازل فوق رؤوس ساكنيها. الآن أمام الفلسطينيين جميعاً التوحد في خط نضالي مقاوم واحد في مواجهة شراسة هذه الحكومة والعمل على محاربتها في كافة المؤسسات والهيئات الدولية، وفضح جرائمها للعالم كله، وهذا الدور يلقي عبئاً كبيراً على رئاسة السلطة الفلسطينية في وقف التفاوض وكذلك يقع دور كبير على وزارة الخارجية الفلسطينية في فضح الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا في كافة المحافل الدولية والخارجية. لا مجال الآن أمام اللجنة الفلسطينية المختصة برفع قضايا الجرائم الصهيونية أمام محكمة الجنايات الدولية إلا التحرك والاستعداد للذهاب إلى المحكمة وأمامها آلاف القضايا والمجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا، ويجب أيضاً الاستعداد لمواجهة القضاة (الإسرائيليين) وحلفائهم في المحافل الدولية والأممية. ضغوط دولية تعرب الولايات المتحدة عن غضبها من عدم وجود أي بند في البرنامج السياسي للحكومة الإسرائيلية الجديدة يتطرق إلى التسوية السياسية وإلى حل الدولتين. والاتحاد الأوروبي يبدو أكثر تخوفاً من أي وقت مضى، من احتمالات توسيع الحكومة الجديدة لمساعي الاستيطان في الضفة الغربية، والقضاء التام على فرصة حل الدولتين. وبدا واضحاً من البرنامج السياسي لحكومة بنيامين نتنياهو الرابعة، الذي قدم إلى الكنيست أمس أنه لا يشمل أبداً أي قبول صريح أو مستتر بـ"حل الدولتين". وبحسب المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس" باراك رابيد فإن البند المتعلق بالتسوية في برنامج الحكومة يشبه ذاك الذي وضع في برنامج حكومة نتنياهو الثانية في العام 2009، والثالثة في العام 2013. وهاتان الحكومتان لم تلتزما أبداً بحل الدولتين، وذلك بسبب الاعتراض الشديد أصلاً من جانب أعضاء "الليكود" ثم من الشركاء اليمينيين. وجاء في البرنامج السياسي للحكومة الإسرائيلية الجديدة أن "للشعب اليهودي حقاً غير قابل للشك في دولة سيادية في أرض إسرائيل، وطنه القومي والتاريخي". وبعدها جاء أن "الحكومة ستبحث العملية السياسية وستسعى لاتفاق سلام مع الفلسطينيين ومع كل جيراننا، عبر الحفاظ على المصالح الأمنية، التاريخية والقومية لإسرائيل". ويضيف البرنامج أنه "إذا تحقق اتفاق كهذا فإنه سيعرض لمصادقة الحكومة والكنيست، وإذا تطلب الأمر وفق القانون، فلاستفتاء شعبي". وكانت الولايات المتحدة قد ضغطت طويلاً على نتنياهو لإجباره على إعلان تأييده لحل الدولتين بالصيغة التي خرج بها في خطاب بار إيلان. ولكن في الانتخابات الأخيرة تراجع نتنياهو عن هذه الصيغة، ثم عاد وأثار غموضاً حول تراجعه بعد أن انتهت الانتخابات بفوزه. ويعتقد رابيد أن البرنامج السياسي للحكومة لم يتغير لكن الوضع الدولي تغير، فالرئيس الأمريكي باراك أوباما يكرر في الأسابيع الأخيرة كلامه الواضح بشأن حل الدولتين، وهو يطلب من إسرائيل تعهداً واضحاً بهذا الشأن. وليس صدفة أن أوباما كرر طلبه هذا في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط"، حين شدد على انتظاره من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الالتزام بحل الدولتين والعمل وفق متطلبات ذلك. وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تفحص جيداً مقاربتها للنزاع"، مضيفاً إن "للفلسطينيين الحق في إنهاء الاحتلال والإذلال اليومي المرتبط به. فمن حقهم العيش في دولة مستقلة وسيدة، يمكنهم فيها أن يربوا أبناءهم بكرامة". وتحدث عن غزة ومستقبل القطاع وأهمية العلاقة بين الضفة والقطاع. وقد وجهت مجموعة من كبار المسؤولين الأوروبيين السابقين رسالة تدعو الاتحاد الأوروبي لتبني مقاربة "جديدة، حيوية وهجومية" بشأن حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وفي الرسالة شديدة اللهجة، التي نشر موقع "يديعوت احرونوت" الالكتروني صورة عنها، جاء أن هؤلاء المسؤولين مقتنعون أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لا ينوي البتة بدء مفاوضات جدية، ولذلك ينبغي تشديد الإجراءات ضد بضائع المستوطنات. وتضم مجموعة المسؤولين الأوروبيين السابقين هذه رؤساء حكومات ووزراء خارجية ودبلوماسيين كباراً سابقين في عدة دول أوروبية. وهم يحملون في الرسالة، وبشكل استثنائي على نتنياهو شخصياً، وليس فقط على سياسات إسرائيل تجاه النزاع مع الفلسطينيين. وجاء في الرسالة إن "إعادة انتخاب نتنياهو، وتشكيل الائتلاف الجديد، يتطلب اتخاذ خطوات عاجلة من جانب الاتحاد الأوروبي، من أجل بلورة سياسة ناجعة وواضحة بشأن المسألة الفلسطينية". وأعرب هؤلاء عن شكهم في أن تقود الولايات المتحدة جولة مفاوضات جديدة، محذرين من أن الوضع الميداني يغدو أكثر خطورة. وكان لافتاً إشارتهم إلى أن "أمن إسرائيل على المدى الطويل يواجه خطراً كبيراً، وكذلك صورة إسرائيل العالمية". وتخلص الرسالة إلى أن على أوروبا أن "تقرر جدول أولوياتها. وعليها إيجاد سبيل ناجع لإلزام إسرائيل بأن تدفع ثمن استمرارها في الحفاظ على الاحتلال". وتحث الرسالة وزراء خارجية أوروبا الحاليين على أن يدعموا بالإجماع مشاريع القرارات التي ستعرض في الأمم المتحدة بهدف إحداث مساواة أكبر بين إسرائيل وفلسطين، ككيانين سياسيين. وهم يوصون بتحديد مهلة زمنية تكرس للمفاوضات السياسية بين الطرفين، تقود في النهاية إلى حل الدولتين. وتطالب الاتحاد الأوروبي بلعب دور أكبر في المفاوضات، وأيضاً بممارسة العقاب ضد منتجات المستوطنات وتأييد انضمام الفلسطينيين إلى المؤسسات والمحافل الدولية. وأرسلت رسالة المسؤولين هذه إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فدريكا موغيريني ولكل وزراء خارجية دول الاتحاد وكذلك إلى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. ووقع على الرسالة شخصيات مهمة مثل رئيس الحكومة الهولندي أندريس فان أخت، ورئيس حكومة أيرلندا جون بروتون ووزير الخارجية الأسباني السابق ميغيل موراتينوس والسكرتير العام السابق لحلف شمال الأطلسي خافيير سولانا، ووزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبير فدرين وآخرون. في مواجهة تحديات صعبة قبل ساعة وأربعين دقيقة، من موعد انتهاء المدة الزمنية الممنوحة لـ"نتنياهو"، لتشكيل حكومته الرابعة، حسب القانون، وبتكليف من رئيس الدولة بتاريخ 25-3-2015،-بمنحه (28) يوماً، و(14) يوماً إضافياً لعملية التشكيل، انتهت الخميس 7-5-2015-ووسط تخوف في حزب الليكود من فشل "نتنياهو" في تشكيلها، ففي اللحظات الأخيرة أبلغ "نتنياهو" رئيس الدولة تمكنه من الحصول على موافقة (61) نائباً من أصل (120) عدد نواب الكنيست، على دخول ائتلافه، بعد توصله إلى صفقة مع حزب "البيت اليهودي" الذي له (7) مقاعد في الكنيست، إضافة لكل من "يهدوتهتوراه"، و"شاس" و"كلنا"، والملفت هنا أن إبلاغ "نتنياهو" لرئيس الدولة عن نجاحه بعملية التشكيل، للتسابق مع الزمن القانوني، وقبل التوقيع على الاتفاق الائتلافي مع حزب "البيت اليهودي" "نفتالي بينت"، وقبل الانتهاء من توزيع الحقائب الوزارية، ففي المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده "نتنياهو" مع "بينت" للإعلان عن هذه البشرى، تصافح الاثنان بمرارة، دون أن يكون "نتنياهو" سعيداً بهذا الاتفاق الاضطراري، وفي جو من عدم الثقة المتبادلة، فكان واضحاً أن "بينت" نجح في ليِّ ذراع "نتنياهو"، الذي استجاب لجميع مطالب واشتراطات البيت اليهودي، بعد مناوراته المحكمة بإغلاق هاتفه ثلاثة أيام، لمنع أي اتصال به من قبل "نتنياهو" قبل استجابته لـ"البيت اليهودي"، بمنح وزارة العدل لهذا الحزب، إضافة إلى حقيبتي التعليم والزراعة، فهذه الحكومة التي ستعتمد على(61نائباً)، بمشاركة خمس أحزاب، هي حكومة يمينية عنصرية استيطانية توسعية كالإوزة العرجاء، بعيدة عن جوهر المصالح الإسرائيلية الحقيقية، وأن حل القضية الفلسطينية غير وارد في برنامجها، لكنها ستكون ضعيفة، معرضة لحجب الثقة وإسقاطها في أية لحظة، إذ أن الفرق بينها وبين المعارضة التي يبلغ تعدادها (59) نائباً، نائبان فقط، مما سيجعل "نتنياهو" أسيراً لكل نائباً من نواب الأحزاب المشاركة في حكومته، فـ "نتنياهو" ما زال يضغط على حزبي "العمل" و"الحركة" اللذين لهما (24) مقعداً، الانضمام لحكومته، للتخلص من مأزقه ولو كان الثمن التخلص من حزب "البيت اليهودي". التحديات أمام "نتنياهو" كثيرة، فمشكلته الحالية أصبحت مع قيادات حزبه، فالكثير من بينهم يرون أنهم يستحقون التوزير فالصراع بينهم وبين زعيمهم "نتنياهو" يحتد، ويهددون بعدم منح حكومته الثقة، ما سيدفع بـ"نتنياهو" لتعديل قانون أساسي حدد عدد الوزراء بـ (18) وزيراً ليصبح العدد (22) وزيراً أو أكثر، ونواب الوزراء من (4) إلى (8) نواب ومع أن هذا سيزيد من التكاليف المالية لحكومته في الوقت الذي يطالبون فيه المواطنين بشد الأحزمة، ومع ذلك فإنه لن يستطيع إرضاء جميع المستوزرين، والخلاصة بأنهم يعملون من أجل مصالحهم الشخصية، وليس مصلحة مواطنيهم، فتوزيع الغنائم هي الأساس ولا وجود لذكر المبادئ. إن حكومة "نتنياهو" المؤيدة من(61) نائباً، لن تشهد الاستقرار، حكومة ضعيفة قابلة للسقوط، وستجد مصاعب في عملها وفي إعداد القوانين، وهي حكومة مثيرة للجدل وللمشاكل وليست حكومة مهام كبيرة، سواء كان ذلك يتعلق بالاقتصاد، وتكاليف المعيشة، والعمل والإسكان وما وعدوا به مواطنيهم أثناء المعركة الانتخابية، وأن همهم الوحيد البقاء في سدة الحكم، فغياب أي نائب من نواب الائتلاف عن الجلسات قد يؤدي إلى انهيارها، كما أن كل نائب من الائتلاف سيكون قادراً على ابتزازها وإلا!!....، لذا فإنها ستكون بمثابة كابوس على رئيسها، فإسرائيل تعاني من أزمة حكم مستدامة، وأزمة سياسية داخلية وخارجية، وما الصعوبة في تشكيل الحكومة إلا دليل على ذلك، ومع أن ولاية الكنيست أربع سنوات، لكن في كل ولاية يجري حل الكنيست قبل موعدها القانوني، على خلفية الصراعات الداخلية، ويعلن عن انتخابات مبكرة قبل موعدها المحدد. إن لأزمة الحكم في إسرائيل أكثر من سبب، منها التناقضات والاختلافات الكثيرة بين الأحزاب، وكثرتها إذ أن(26) قائمة خاضت انتخابات الكنيست رقم(20)، نجح من هذه القوائم فقط(11) حزباً، وأن أزمات إسرائيل وعدم استقرارها من أهم أسبابها الصراع العربي- الإسرائيلي، وخصوصاً عدم إقامة الدولة الفلسطينية، وأبعاد هذا الصراع الذي أدى إلى أزمة إسرائيلية مع الإدارة الأمريكية، ومع المجموعة الأوروبية، فرئيس مركز بيرس للسلام، "أوري سفير"، وصف "نتنياهو" في مقال له في جريدة "معاريف 27-4-2015"، أنه أسوأ وأكثر خطورة على إسرائيل من النووي الإيراني، إذ أن تخليه عن حل "دولتين لشعبين"، الذي طرحه بنفسه قبل ثلاث سنوات، دون أي ذكر في برنامج حكومته، ستبقي إسرائيل في أزمات متواصلة، في المقابل والقول لـ"سفير"، فإن حكومة "نتنياهو" الرابعة، ستعمل على إقرار قانون القومية، مروراً بتشريع لإضعاف صلاحيات المحكمة العليا، وقانون الروابط والجمعيات للحقوق المدنية، وقوانين أخرى ذات سمات عنصرية، كل ذلك أدى إلى تدهور العلاقات مع الإدارة الأمريكية، ومع كل من مصر والأردن، ومقاطعة الاتحاد الأوروبي لمنتجات المستوطنات التي أصبحت سارية المفعول، ودعا "سفير" إسرائيل العودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين، بدون شروط مسبقة. إن حالة الإحباط والخوف والتذمر والغضب تسود المجتمع الإسرائيلي، هذه الدولة المنقسمة، والخائفة من نفسها، وتشكك في شرعيتها، فهي دولة دون حدود معترف بها، وأن حروبها واعتداءاتها المتواصلة على العرب، تبررها بالحرب الوجودية، وفي كل مرة تختبر اختباراً جديداً لشرعيتها، وتعتبر رفضها لإقامة الدولة الفلسطينية، اختباراً لاعتراف العالم بوجودها، وتعتبر أن قيام دولة فلسطينية هو نقيض وجودها، فإسرائيل التي تحتاج إلى اعتراف دولي، واعتراف يهود العالم بها، أصبحت ملجأ ليهود العالم، بل ولليهود من المجرمين، الذين يرتكبون قضايا جنائية، ويلجأون إلى إسرائيل، حتى أن المنظومة السياسية الإسرائيلية، بدأت تفهم أنها وصلت إلى طريق مسدود، فقوانين اللعبة تغيرت، وعلى الإسرائيليين الاختيار بين واقعها وبين الأوضاع السياسية في العالم، هذا العالم الذي يتعاطف مع الشعب الفلسطيني، وبقضيته وبحل الدولتين. إن إسرائيل التي تعتمد على الحروب في تعزيز وجودها، قد تتورط بحرب داخلية أهلية تجلب لها الدمار، فالتطرف الإسرائيلي، والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، كما هو واضح من توجهات حكومة "نتنياهو"، وتحذيرات رئيس الكنيست "يولي أدلشتاين"، "هآرتس 27/4/2015"، من تعميق التناقضات داخل المجتمع الإسرائيلي، هي بداية لحرب أهلية، محذراً من الصراعات الشديدة العنيفة، التي تسودها، والتي بدأت شرارتها تنطلق بانتفاضة يهود الفلاشا، والتي تشكل الخطر الحقيقي على إسرائيل، وليس بإقامة الدولة الفلسطينية وللحديث بقية. حكومة هشة بلا مستقبل قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" أبرم اتفاقاً مع حزب البيت اليهودي لتشكيل حكومة جديدة، بعد ضغوط من رئيس هذا الحزب علي "نتنياهو" للحصول على حقيبتي التربية والعدل. ورأت الصحيفة أن هذا الاتفاق سيشكل حكومة علي حد واصفها "هشة"، مؤكدة أن الاتفاق تم ابرمه بعد تنازلات كبيرة اضطر نتنياهو إلى القيام بها خلال المفاوضات الشاقة التي بدأها منذ السابع عشر من مارس الماضي تاريخ فوز حزبه بالانتخابات التشريعية المبكرة. وتحدثت الصحيفة عن التحديات التي ستواجهها رابع حكومة يشكلها نتنياهو، وتلخص الصحيفة هذه التحديات في الأمن، لأن إسرائيل تواجه تهديدات على كل حدودها، إضافة إلى إمكانية إبرام اتفاق بين القوى الغربية وإيران حول ملفها النووي. تحد آخر تواجهه الحكومة الجديدة وهو ترميم العلاقات المتدهورة مع الولايات المتحدة، ومواجهة الهجوم الدبلوماسي والقضائي الذي يشنه الفلسطينيون وكذلك إيجاد حلول لغلاء المعيشة وانعدام المساواة الاجتماعية داخل إسرائيل. من جهته وصف زعيم حزب إسرائيل بيتنا وزير الخارجية المستقيل أفيغدور ليبرمان، الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأنها حكومة "بل مستقبل .. بلا أمل .. وبلا رؤية". وجاءت أقوال ليبرمان هذه حسب صحيفة الموقع الالكتروني لصحيفة "يديعوت احرونوت" أثناء كلمته التي ألقاها أمام الكنيست، مع بدء النقاش حول التصويت على مشروع القانون لزيادة عدد الوزراء في الحكومة المقبلة بالقراءتين الثانية والثالثة. وأضاف ليبرمان "إنها المرة الأولى منذ سنوات التي أقف فيها هنا على منبر الكنيست بدون أي منصب حكومي، وبدون تأثير ائتلافي، إن ذلك هو بمثابة جنة بالنسبة لي". وذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر يوم 13/5/2015 أن وثيقة الخطوط الأساسية للحكومة الإسرائيلية الجديدة سوف لن تتضمن التزاما إسرائيلياً بحل "الدولتين لشعبين" أو الاستعداد لإقامة دولة فلسطينية. وأشارت الصحيفة إلى أن الوثيقة الائتلافية للحكومة الجديدة التي تم عرضها على الكنيست تضمنت أقوالاً عامة فقط جاء فيها "أن الحكومة الإسرائيلية ستجري عملية سياسية وتسعى للتوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين أو أي جهة أخرى". وذكرت الصحيفة أن الصيغة الواردة في البند السياسي للوثيقة تشبه تلك الصيغة التي ظهرت في وثائق الخطوط الأساسية لحكومات نتنياهو السابقة في الأعوام 2009 و2013، والتي لم يتم فيهما الالتزام بحل الدولتين، حيث كان وراء رفض ذلك أعضاء من حزب الليكود ومن الأحزاب اليمينية الأخرى. وجاء في الوثيقة الحالية أيضاً "أن الحكومة الإسرائيلية ستعمل على تحقيق عملية سلمية من خلال المحافظة على المصالح الأمنية والتاريخية والقومية لإسرائيل، وأن أي اتفاق سوف يتم عرضه على الحكومة للمصادقة عليه وإذا لزم الأمر عرضه للاستفتاء العام". أما الصحف الألمانية فقد أجمعت أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستكون بداية لمرحلة يسودها المزيد من التوتر سواء داخل إسرائيل أو على صعيد علاقتها بالفلسطينيين أو بجيرانها المباشرين، إضافة إلى أنها تهدد إسرائيل بعزلة دولية. وتقول صحيفة "فراكفورت ألغماينهتسايتوغن" Frankfurter/AllgemeineZeitung نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل ائتلاف حكومي يميني عقب توصله إلى اتفاق مع حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف الذي يرفض إقامة دولة فلسطينية، وهو ما اعتبر من قبل الكثير من المحللين مؤشراً ينذر بمزيد من التوتر سواء ما يخص علاقة إسرائيل بالفلسطينيين أو بالمجتمع الدولي. وذهبت الصحيفة أيضاً إلى القول أن نتنياهو هو أول من سيدفع فاتورة ائتلاف حكومي تمّ التوصل إليه في اللحظات الأخيرة، وأضافت الصحيفة: "يريد نتنياهو الحكم بأغلبية حصل عليها بصوت واحد فقط، وهذا ما ينذر بالسوء في السنوات القادمة. فإما أن تقوم شظايا الأحزاب الدينية واليمينية التي يعتمد عليها نتنياهو، بفرض برنامجها، وهذا ما سيعني المزيد من التوتر داخل إسرائيل نفسها وما يخص العلاقة مع الفلسطينيين. أو أن يقف نتنياهو بوجه رغباتها ما سيؤدي لاحقاً إلى انهيار حكومته. وبهذا يؤدي نتنياهو ثمن ظهوره المتعجرف أمام قادة الأحزاب الأخرى، ممن كانوا مستعدين لتشكيل تحالف حكومي معه. تعالي زعيم حزب الليكود، الذي لم يسلم منه حتى الرئيس الأمريكي، لا يتوقف. أوباما يبدو مستعدا لقبول الدولة الفلسطينية، ونتنياهو نجح، وعلى الرغم من كل هذا، في الصمود أمام عواصف كثيرة". أما صحيفة "زود دويتشهتسايتونغ"/ Die SüddeutscheZeitung فرأت في حكومة نتنياهو "الرابعة" سبباً إضافياً لا يساهم في تلطيخ سمعة إسرائيل فحسب، بل وعزلها دولياً، مضيفة: "إسرائيل التي تتجه صورتها أصلاً من سيء إلى أسوأ منذ عام 2009 بسبب نتنياهو، باتت اليوم مهددة بالعزلة الدولية. وهذا ما قد يلحق أضراراً باقتصاد البلاد ويؤثر على كل فرد. في الوقت ذاته، الوضع على حافة الانفجار: في قطاع غزة حركة حماس مستعدة لجولة جديدة من المواجهات البينية التي لا معنى لها. وفي لبنان، جدد حزب الله مخزونه من الصواريخ وأصبح لا يخشى المواجهة. وفي الحدود السورية مقاتلو تنظيم"الدولة الإسلامية" وجهاديون آخرون في حالة تربص، وهم الذين يرفضون حق إسرائيل في الوجود. وفوق كل هذا وذاك، تتربع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعد الخطر الأكبر بأذرعها الممتدة في كل مكان".
|
||||||