الصفحة الأولى: إصدارات

في القرن التاسع عشر للميلاد شاع بين الفلاسفة نظرة مادية محضة في تفسير ظواهر إنسانية أو كونية. قد ارتكزت هذه النظرة على "فيزياء نيوتن"- الفيزياء الكلاسيكية- ونظرية "دالتون" عن "الذرة" ثم "نظرية داروين" عن أصل الإنسان. وقد بدا للمراقب وكأن العلم وما يقدمه من اكتشافات مجرد وسيلة إثبات لمنظور مادي قديم. بيد أن تطور العلم- بنية ومفاهيم ونظريات - في القرن العشرين أدى إلى حصار المنظور المادي وبالتالي وَأَدَ الأسس التي يرتكز عليها.

كتاب "أفي الله شك" لمؤلفه "حمد مرزوقي"  والصادر عن دار بيسان للنشر والتوزيع  يشرح على مدى 168 صفحة من القطع الكبير كيف تحولت المفاهيم نتيجة للاكتشافات العلمية وخصوصاً في مجال الفيزياء النووية، وفيزياء الفلك، لتفرز في التحليل النهائي منظور يرسخ الإيمان بالله والتسليم بوجود الخالق سبحانه وتعالى.

الصفحة الثانية: حبر على ورق 

سرابْ

أجمل الأشياءِ وهمٌ‏.. أعذب الأسفارِ تيهٌ‏ وحصارٌ يتجددْ‏.. فلماذا القلق النافر في عينيك‏.. يصهلْ!‏ ولماذا لا تكون...‏ ورقاً أبيض يقبلْ‏؟.. خط حرفٍ يتبخترْ‏؟.. كلُّ من أبصرته‏ يسعى إلى قاعٍ‏ ويذوي كحصاةٍ..‏ وإذ اختار الذي يهوى‏ تعالى حوله الموت،‏ فماتْ‏؟.. حِرْتَ في الطيرِ الذي ينأى‏ بعيداً‏ ثم يهوي بدماه‏ وجفافِ الشجر الأخضر،‏ كيف الماءُ مبذولاً‏ ولا يروي ظماه..‏ دورةُ الأشياءِ دارتْ‏ فاستدارتْ‏ كل أحلامك ضدّاً‏.. فحصدتَ القمح قشا‏ًً والهوى كأسَ عذابْ‏.. فاستوى الحزنُ بعينيك‏ طريقاً من سرابْ.

أسفار

تقلَّبْ بأوهامك الكثر،‏ واجترَّ أرضاً من الحبِّ،‏ كادتْ تضيءُ،‏ وبعدُ!!..‏ أما آن للحلم أن يترجَّل،‏ أتعبْتَهُ باصطيادِ الدقائقِ،‏ في غنوةٍ،‏ كنتَ غنيتها‏ أو حديثٍ تململ في ساعةٍ طائشهْ‏ أما آن للذكريات الجميلاتِ،‏ أن تتقي عودةً ثانيه‏ لكل نهارٍ،‏ أجفلَ خطاكَ‏ رجوعٌ إلى ظلها‏ وبكل مساءٍ‏ يفيض به الحزنُ والجمرُ..‏ رجعٌ إلى ظلها‏.. وأنتَ تعاند نسيانها‏ وتميط على الوجعِ المرِّ أسمالها‏ صحا في صباحاتكَ الحالمونَ،‏ وما زلتَ تنأى‏ بأَسفارها.

راحل

سرّه دمه..‏ ورصاصته فمه‏.. احتملْ صمْتَه..‏ فغداً يفتح القبرَ عن جرحه‏.. يسترد عصاه‏ فيهش على الكلماتِ،‏ إلى مبتغاهْ.‏

‏ ملاك

وحقِّ أشيائي التي ملّت‏ من الأحزان والصبرِ،‏ أضأتِ القلبَ بعد العتمِ،‏ واهتزتْ جذوعِ الروحِ،‏ ورداً طيب العطرِ،‏ لعينيك اللتين رفتا‏ في هدأةِ الفجرِ،‏ ونطّ القلبُ،‏ لا أرضٌ حوت أفراحه الجذلى‏ ولا شعرُ‏.. وهان الحزنُ والحرمانُ،‏ ذاب الجرحُ بالفرحةْ ورحتُ في سماكِ،‏ مشرعاً قلبي‏ أُمنّي دربه المسكونَ،‏ بالبهجةْ‏.. لأني من سماكِ الآن،‏ أستسقي‏ هناء الروحِ والفرحة‏ وأمشي لاوياً ظلي‏ ظلالاً للخطى الصغرى.

إلى جدي‏

يغادرني كل حينٍ حبيبٌ.. فأصحو على وترٍ ضاع مني..‏ على كلمةٍ راحلةْ‏.. أفتش في الأرضِ،‏ أنشر قلبي على الطرقات،‏ وعينيّ في كل صوبٍ،‏ أنادي:‏ تعالَ‏ فأين ارتحلتَ وأي المنازل يحلو!..‏ فكل المنازلِ أمست قفاراَ..‏ وكل العيون اكتوت بالهجيرِ،‏ تعال‏ هوايَ انكسارٌ‏ وليلي احتضارٌ‏ عينايَ ملّت دموع الفراقِ‏ أجبني بعيداً تكون،‏ قريباً تكون‏.. فروحي ترفّ هوىً للقاك.‏

شيخوخه

تأمل وجهه..‏ قمصانه‏.. كتباً على رفٍّ قديم‏ من خشَبْ‏.. تصاويرَ‏ لعجوزٍ‏ تقول: ‏وكان يا ما كانْ‏ وأشياءً بلا دفءٍ‏ ولا ألوان..‏ تلمسَّ بعضها سقطت‏ تفحص وجهه مرات‏ فأدرك حاله ثم انتحبْ.

شِبَاكْ

ثلّة من رَصَدْ‏ يحسبون خطايَ‏ وعثرتي العابرةْ..‏ حشدوا ما استطاعوا أذىً‏ وأنا بينهم‏ أتوكل بالصبر،‏ وبالشعر،‏ أبصرُ عينين،‏ تراهن على دمعتي‏ وشفاهاً‏ تقول: بلى..‏ وأنا حفنةٌ من ندى‏.. جلّ ما أبتغيه‏ عناقٌ أليف‏ٌ يكفُّ الأذى.. وقصائد تفتح للمتعبين‏ كوىً‏.. فلماذا الذي بينهم لا يزول‏؟.. ولماذا الذي بيننا لا يدوم؟!..‏ ولماذا أنا‏ حائرٌ باتقاء الشِّبَاكْ.

الشاعر

ستظلُّ ترقبُ موعداً للشعرِ،‏ يختصر الكتابةْ..‏ منذ ابتدأتَ أسلَمْتَ للحرف الأماني،‏ كنت جرحاً نازفاً‏ ما أوهن السهر القديمُ عيونه..‏ ما استسلمتْ في قلبه‏ لغةُ الحرائقْ..‏ مرت على عينيه‏ أسفارٌ من التيجان والفقراء،‏ مشنقةُ السنابل والحمامْ..‏ مرتْ على عينيه‏ أزمنة الغرقْ‏ ما كان قلباً ضيّقاً بالحزن والجوع،‏ ولكن كان حرفاً غجرياً‏ يمتطي الليل جواداً للأغاني..‏ فمه كل الفصول..‏ دمه الأوراق،‏ والحبر القتيلْ..‏

اعلى الصفحة