|
|||||
|
الصفحة الأولى عبرة الكلمات دمعتي والرحيل قالت الروحُ لدمعةِ الانتظار: "أوصانيَ الخفْقُ أن أطردَ كلُّ ذاك التوحّشِ وأمضي باتجاه النسيانِ دهراً".. دمعتي يا لهيباً من الرفضِ في العمق.. يا خطوطاً من الدّمِ تنساب على الوجه.. إنَّ وجهاً ـ كئيباً ـ من الليل يا دمعتي سينامُ على وسائدِ الحزنِ.. في الزمن العاصفِ سوف يبكي على نفسِهِ ويسائلُ عن الأُنسِ كلَّ شقوقِ الجبالِ وكلَّ الكهوفِ.. وكلَّ المغاراتِ.. يمشي بقنديلهِ الخافتِ الضوء.. يُطلق في سَقْطة الروحِ أغنيةً للرحيل الطويلِ الطويلْ. نقاء على أسرّةٍ من ضبابٍ ترقُدُ.. متدفِّقةٌ طيوبُها.. عيونُها تتمرأى بها اللحظات.. لتلاويحها عباراتٌ مطوّلةٌ في الصباحات.. هي ليست في ساعةٍ أو شهرٍ ولا في سنةٍ هي في الحياة.. وفي كل يوم يأخذُ المطرُ نقاءهُ من ثوبِ عفتها. ضوء أضواؤها دُرَرُ.. تهابُها الأفلاكْ.. ما مسّها خَطَرُ.. ما دامَ من يدهِا يتساقطُ المطرُ.. عَذْبةٌ وريّانةٌ لو ماؤُها عَكِرُ.. في ضوءِ بسمتِها يستوطنُ القمرُ. منك انطلاقي حريتي أنتَ.. القصيدةُ والرحيلُ إلى الولادة، يا نخلةَ الأيامِ، يا أغنيّةَ القلبِ المشاكسِ، يا اشتعالَ الروحِ في وقتِ الإرادة... رتّبْتَ أزمنتي وأمكنتي وحدّدتَ التدفّقَ في الوريدِ، وكتبتني ما شاءتِ الكلماتُ ناضجةً وأسدلْتَ الغيومَ على الأفقْ، منكَ انطلاقي نحو مبتدأِ الزَّمنْ.. منكَ انطلاقي نحوَ خاتمةِ المحنْ. ملاكي حينَ يُدركُكِ الأسى.. ولا أراني قربَكِ يجتاحني غولُ الملامةِ.. أخاف أن أكون المشكلة.. أبكي.. وأرجئُ أفراحي ويضج رأسي وجعاً.. وأنزفُ شغفاً وتوقاً وصلاةً وبسملةْ.. تتراكمُ الأشياءُ فوقَ سنابلي.. ويقودُني قلقُ الفقدِ إلى غدي.. لا أستطيعُ- بغير همسِكِ أن أطيرْ.. وأنا الهشيمُ إذا اشتعلْتِ، أنا الشتاءُ إذا انهمرْتٍ، أنا التفرُّدُ إن أضأْتِ.. سأزفُّ كلَّ الأخيلة.. وأشيِّدُ تاريخَ الحدائقِ، سأشيِّعُ كلَّ الأسئلة.. وأظلُّ أبحثُ عن روائعكِ.. فهلْ أحدٌ يقدّمُ ما تبقى من زمانِ الجلجلة؟. معاً تتحاورُ الأعضاءُ مشعلةً ملاحمَ للبقاءِ، وأنا وأنتَ الكوكبانِ، وكلُّ نبضٍ سيّدٌ في الكونِ، هل أدركتني قبلَ انطفائي؟ هل كنتَ قربي حينَ طيَّرتُ الأغاني؟ أبداً نظلُّ معاً ونسبحُ في الفضاءِ. وتر الفراق أبداً يحدّقُ شاعرٌ في ذلك الأفقِ الحزينِ لزهرةِ الحنّاءِ مشدوداً على وترِ الفراقِ كآخرِ الناياتِ، منتظراً دنوَّ الموتِ من دمِهِ ليحني جذعَهُ المكسورَ فوق السيفِ مختتماً عمره على كرسيّهِ المتروكِ في أقصى السنينْ!.
الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي أبو الشيص ـ غلام صغير لَياليَ تُحْسَـبُ لِي مِـنْ سِنيَّ ثَمــانٍ وَوَاحِــدةٌ واثْنَتَانِ غُلامٌ صغيرٌ أَخُــو شِـرَّةٍ يَطـيرُ مَعي لِلهَوى طَـائِرَانِ أُصيبُ الذُّنــوبَ وَلاَ أَتـَّقي عُقَوَبةَ مَا يَكْــتُبُ الكَاتبَانِ تَنَافَسُ فـيَّ عُيُـونُ الرِّجَالِ وتَعْثُرُبي في الحُجُولِ الغَوَاني الحارث بن كعب ـ شيخ أَكَلْتُ شَــــبَابِي فَأَفْنَيْتُهُ وأَفْنيتُ من بعدِشَهْرٍ شُهُورَا ثلاثـةُ أَهْلِين صَاحَبْتُهمْ فبانُوا وأصبحت شَيخًا كبيرَا قليلَ الطَّعامِ عسـيرَ القيامِ قد تَرَك القَيْدُ خَطْوِي قَصِيرَا أبيتُ أُرَاعـي نجـومَ السَّماءِ أقَلِّب أَمْري بُطُونًـا ظُهُورَا العلاَّف النهرواني ـ طرق الجد يَتَلَقَّى النَّـدى بِوجـهٍ حَـييٍّ وصُـدُورَ القَنَا بوَجـهٍ وَقاحِ هَكَذَا هَكَـذَا تكـونُ المَعَالي طُرُقُ الجدِّ غَـيرُ طُرق المُزَاحِ أبو الطيب المتنبي ـ الخطوب كَيْفَ الرجاءُ من الخطوبِ تَخَلُّصاً من بَعْـدِ مَـا أَنْشبنَ فيَّ مَخَالِبَا أوحَدْنَنَي وَوَجَـدْنَ حُزْنَا وَاحِداً مُتَنَاهِيَـا فَجَعَلْنَـه لي صَاحِبَا ونَصبْنَني غَرَضَ الرُّمَاةِ تُصِيبُنِي مِحَنٌ أَحَدُّ من السُيوفِ مَضَارِبَا أَظْمتْنِي الدُّنْيَا فَلَمَا جِئْتُهـــا مُسْتَسْقِياً مَطَرَتْ عَلَيَّ مَصَائِبَا أبو الغول ـ حديثات الهوى إِذَا الرِّيحُ من نَحْوِ الحبيبِ تَنَسَّمَتْ بُعيْدَ صَلاَةِ العَصرِ طَابَ نَسِيمُها وَهبَّت بأَحزانٍ لَنَا وتَذَكَّرَت لَها النَّفْسُ أَشـجاناً تَوَالَى هُمُومُها وظَلَّ يَدُقُّ القلبُ إنْ نَسَمَتْ لَهُ وفاضَ لها عَيْنٌ طَوِيلٌ سُجُومُها وحنَّتْ بَنَاتُ القَلْبِ مِنِّي وأَقْبَلَتْ عليَّ حَدِيثَاتُ الهَوَى وَقَدِيمُها أبو فراس الحمداني ـ شِيَم خيْلي وإِنْ قَلَّت كَبِيرٌ نَفْعُهـا بينَ الصَّوارِمِ والقَنَا الرعَّافِ ومكارمي عَدَدُ النُّجومِ، ومنزلي مَأْوَى الكرامِ وَمْنزِلُ الأَضْيَافِ لا أقتني لصروفِ دهري عدةً حتى كَأَنَّ خُطُوبَـه أَحْلاَفيِ شِـيمٌ عُرِفْتُ بهنَّ إذ أَنَا يافِعٌ ولقد عَرَفْتُ بِمثْلِها أسلافـيِ الصِمَّة بن عبد الله القُشَيْرِي ـ عَشيَّاتُ الحِمَى حننتَ إلى رَيَّا، ونفسُك باعدت مزارك من ريَّا، وشعبَاكُما مَعَا فما حَسَنٌ أن تأتيَ الأمرَ طائعا وتجزعَ إِنْ داعي الصبابةِ أَسْمَعَا وأذكر أيَّامَ الحِمَى ثُمَّ أنثني على كبدي من خَشْيَةٍ أَنْ تَصدَّعَا وليست عشياتُ الحِمَى برواجعٍ عَلَيك، ولكن خَلِّ عينيك تَدْمَعَا المقنع الكندي ـ شروط وإذا رُزِقتَ من النوافِـل ثَروةً فامْنَحْ عشيرتَك الأَداني فَضْلَهَا واسـتَبْقِها لِدفاعِ كُلِّ مُلمَّــةٍ وارفق بناشئها، وطاوع كهْلَهَا واحلم إذا جهلت عليك غُواتُها حتى تَرُدَّ بِفَضْلِ حِلْمِك جَهْلَهَا واعلم بأَنَّك لا تكـون فتاهـمُ حتى تُرى دَمِثَ الخلائق سَهْلَهَا
|
||||