|
|||||||
|
قد يوحي العنوان بأن هذا نوع من أنواع التنبؤات التي كثرت في الآونة الأخيرة ممن يحدثونك عما سيحصل في الأيام القادمة. ولكنّ الصحيح أني لا أتنبأ بقدر ما أستند في هذا المعطى إلى وقائع عملانية واسترشد بحوادث تاريخية وأراقب عن كثب التطورات الميدانية. إنني اعتبر أن ما قامت به المملكة العربية السعودية هو خطأ جسيم سيؤدي في المستقبل القريب ـ إن لم يتم تداركه ـ إلى زوال أو تقسيم الدولة، وأن الولايات المتحدة الأمريكية عندما وافقت السعودية على فِعْلَتِها، إنما أرادت من خلال ذلك توريطها من أجل الوصول إلى أهداف تطمح إليها، وهي بذلك تتعامل بنفس السيناريو الذي تعاملت به مع صدام حسين عندما لم تعارض إبريل غلاسبي وقتها أن يقوم صدام باجتياح الكويت لتتخذ من الاجتياح ذريعةً للتدخل المباشر في الخليج مع كل التطورات التي حصلت في المنطقة منذ ذلك الوقت إلى اليوم. من المعروف أن برنارد لويس، وهو المستشرق الأمريكي الجنسية البريطاني الأصل، اليهودي الديانة، الصهيوني الانتماء، والذي شغل منصب مستشار وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، كان قد قدم مشروعاً سمي باسمه، يعمل على تفكيك العالم الإسلامي إلى دويلات وتجمعات عرقية ومذهبية وطائفية مدعَّماً بالخرائط سلمه إلى زبيجنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر والذي قام بدوره بإشعال حرب الخليج الثانية والتي ستكون مقدمة لكل ما حصل لاحقاً في منطقتنا. والجدير ذكره هنا، أن الكونغرس الأمريكي وافق بالإجماع في جلسة سرية العام 1983 على مشروع برنارد لويس، وتم إقرار المشروع واعتماده وأدرج في الملفات الإستراتيجية للسياسية الأمريكية المستقبلية. وابتدأت الخطة بالتنفيذ، وكان نظام آل سعود الممول لهذا المشروع، وهم لا يدرون ـ طبعاً مع حسن الظن ـ أن تقسيم العالم العربي سيؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم دولتهم وإدخالها في حروب لا قِبَلَ لهم فيها. مشكلتنا في البلاد العربية أننا لا نقرأ وإذا قرأنا لا نستوعب، وإذا صدمنا بواقع ما لا نعتبر، فنحن قرأنا المشروع وعرفنا أن العالم الإسلامي يتجه إلى التقسيم بفعلٍ صهيو/أمريكي، ومع ذلك انجرفنا تحت وطأة الغرائز المذهبية والقبلية والطائفية والعرقية إلى تدمير ذاتنا وبلادنا وأهلنا، ونفذنا المشروع كالدمى التي تُسَّير عن بُعد دون أن نعقل ماذا نفعل. ابتدأت عملية تنفيذ المشروع في السودان، وقُسِّم إلى جنوب السودان المسيحي وشماله الإسلامي، ثم اندلعت تحت خدعة الربيع العربي الفتنة في ليبيا وهي اليوم مرشحة للانقسام إلى دولتين أو ثلاثة، أما العراق فهو مرشح للانقسام إلى ثلاثة دول: (دولة شيعية ودولة سنية ودولة كردية)، وليس صدفة أن الكونغرس الأمريكي يدرس اليوم مشروع قرار التعامل مع السنة والأكراد كدولتين مستقلتين. ألا يعني ذلك أن السياسة الخارجية الأمريكية ما زالت محكومة بالإستراتيجية السياسية التي أعدها برنارد لويس وحازت على موافقة الكونغرس بالإجماع؟!!. في سوريا فإن العمل يجري لتقسيمها إلى دولة سنية في حلب، ودولة علوية على الساحل، ودولة دروز في الجولان، ودولة أكراد على الحدود مع تركيا، والوقائع الميدانية تشهد اليوم تدخل دولي تسهم فيه تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى في سوريا لتنفيذ هذا التقسيم. أما مصر فهي مهددة بالتقسيم إلى دولة سنية وأخرى قبطية وثالثة للنوبة. إن هذه المقدمة تهدف إلى أن نرجع إلى اليمن.. نعم حرب اليمن هي آخر الحروب لأن الأمور ستتجه بأحد اتجاهين إما نصر للمملكة وبالتالي تقسيم اليمن وذهابها باتجاه تطور دراماتيكي ينعكس سلباً على السعودية نفسها، أو هزيمة منكرة تؤدي إلى انقسام بدأنا نشهده داخل المملكة بين أركان العائلة المالكة، قد يؤدي إلى انتصار محتم للشعب اليمني وزوال لدولة آل سعود، وتقسيم لهذه الدولة أو دخولها في فوضى دامية، وفي كلتا الحالتين فإن الأمريكي والصهيوني سيكونان مرتاحَيْن للنتيجة لأن فيها مزيداً من الإضعاف لأمتنا وتبديداً لطاقاتها وتشغيلاً للمصانع العسكرية الأمريكية. إن الذي خطط لما يحصل اليوم لم يضع في باله أن في الأمة نهج مقاومة لن يستسلم وسيقاوم أي مشروع تدميري للمنطقة وينتصر عليه. فبالرجوع إلى تاريخ عرض مشروع برنارد لويس أي العام 1983، أي بعد الحرب الصهيونية على لبنان وخروج منظمة التحرير الفلسطينية، ظن أصحاب المشروع أن روح المقاومة قد انتهت، فإذا بهم يُفاجَأون بمقاومة أشد وأرسخ وأقوى تعتمد على الله وتؤمن بقضيتها، فخرج الصهاينة من لبنان مهزومين، وفشل مشروع الحرب على سوريا في تحقيق كل أهدافه وفشل مشروع تقسيم العراق، وبذلك فإن المعركة في اليمن اليوم هي آخر المعارك، وسيُهزم هذا المشروع، وكما قال السيد القائد الخامنائي: "سيمرغ أنف السعودية بالتراب" ولكن كل ما نحتاجه هو صمود ووعي ووحدة أما الباقي فهو مجرد تفاصيل. وأبلغ دليل على دخول السعودية في مغامرة مجنونة وغير محسوبة العواقب أنها لم تستطع حتى اليوم أن تنزل إلى الأرض للمواجهة الفعلية، وأن الشعب اليمني جاهز لملاقاة أي حشد، وسيُهزَمُ الجمع عند هذه المواجهة، وإن نهاية المطاف ستكون إما الاعتراف بالهزيمة، أو إنهاء الحرب كما فعل الصهاينة في حرب تموز، لتكون هزيمة تخفف من وطأتها قرارات تصدر عن مجلس الأمن تعوض للسعودية بعضاً من المعنويات المنهارة. |
||||||