كيف "انتهت اللعبة" في سوريا؟

السنة الرابعة عشر ـ العدد 160 ـ (حمادى الثانية 1436 هـ) نيسان ـ 2015 م)

بقلم: أحمد شعيتو

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

"انتهت اللعبة في سوريا، استمرار القتال في سوريا كأنّ أحدهم "يدق رأسه بالجبل، ويزداد عدد القتلى والجرحى.. هناك واقع في سورية، أنظروا إليه بعين الواقع"..

هذا الكلام للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير. كلام كبير وجدير بالتوقف عنه ملياً والتطورات التي ظهرت بعده أتت لتؤيده أيضاً.

كلام السيد نصر الله أيدته الوقائع السابقة واللاحقة والتصريحات اللافتة الأمريكية على مختلف المستويات. هذا الكلام دلّ على أن الأمور باتت واضحة ومحسومة ولا مجال لمن يريد المزيد من اللعب في الميدان السوري والعبث به أن يقدر على ذلك، لأن الوضع أصبح معروف النتائج بعد كل التضحيات لسنوات أربع في وجه حرب إعلامية شرسة.

لقد انتهت اللعبة في سوريا.. ما حصل في سوريا نموذج صحيح للمواجهة وكان ناجعاً وفعالاً بوجه مشروع كبير وكان ما حصل على حدود لبنان من القلمون إلى عرسال وما زال مستمراً بيد المقاومة والجيش هو الطريق الصحيح والفعال أيضاً. ومن سوريا إلى العراق فاليمن فليبيا يجب أن يكون التكاتف بوجه الإرهاب لدحره ودحر مشروعه الذي هو مشروع غربي يريد التفتيت وتحقيق المكاسب العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية لابساً لبوس "إسلام" مشوه المعالم لا يمت إلى الإسلام الحقيقي بصلة، ويراد منه في الوقت نفسه ضرب صورة الإسلام الذي يحقق النمو والانتشار بقيمه السامية في العالم وهو بقيمه الحقيقية يشكل خطرا على المصالح الصهيونية والأمريكية المادية والتوسعية واللاأخلاقية.

ما حصل في سوريا كان انتصاراً واضحاً على الرغم من استمرار المعارك العسكرية، هذا ما نستشفّه من كلام السيد نصر الله على الرغم من أن البعض لا يريد أن يعترف به وعلى الرغم من أن الجماعات الإرهابية من داعش وغيرها تريد استمرار القلاقل ولكنها إلى نهاية، والصراع بين المشروعين حُسِمَت نتائجه حتى لو استمرت جماعات إرهابية في محاولات العبث والقتل معتمدة على ما تبقى من دعامات أمريكية وإقليمية.

البعض لا يريد الاعتراف بفشل مشروعه في سوريا وهذا لن يقدم أو يؤخر ومن المفارقة أن بعض العرب لا يزال يزايد فيما الأمريكي باتت مواقفه ووضعه على الشكل التالي:

- التصريح بـأن الأساس في سوريا هو الحرب ضد الجماعات الإرهابية.. وحتى عندما صرح الأمريكي أنه يريد تسليح جماعات معارضة فإنه قال إن الأساس في هدفها هو داعش.

- صرح وزير الخارجية الأمريكي في آذار ما أثار جنون بعض حلفاء أمريكا: نريد التفاوض مع الأسد. هذا الكلام كان إعلاناً عن الفشل والنهاية للمشروع. وفعلاً فقد اثبت ما قاله السيد نصر الله قبل ذلك بأسابيع عن انتهاء اللعبة.

- مدير المخابرات الأمريكية قال أيضاً قبل كيري إننا لا نريد تدمير المؤسسات السياسية في سوريا وهذا كان اعترافاً بأن النظام باق رغم انف المشروع الأمريكي الذي كان يريد تدمير النظام لأن هذا النظام يقف في الصف الداعم للمقاومين في المنطقة.

- لقد انطلق الحوار السوري في روسيا في جولات عديدة وبموافقة أمريكية ولا يزال مستمراً على الرغم من المناورات من بعض جهات المعارضة السورية، ولكن تبني أمريكا للحوار يعني أن مرحلة جديدة هي قيد الإعداد.

- لقد قال الميدان كلمته ووجه رسالة واضحة للأمريكي والإسرائيلي وباتت إسرائيل تخاف على نفسها من تطورات الجنوب السوري الذي كانت تريده مرتعاً لعملاء لها وشريطاً أمنياً مماثلاً للشريط السابق في جنوب لبنان كما أشار الأمين العام لحزب الله في خطابه الأخير.

معالم المرحلة المقبلة

كل هذه الوقائع تؤكد أن ما يحصل في سوريا انتهى إلى انتصارٍ لمحور المقاومة بفعل الصمود والتضحيات وكل الوقائع والمعلومات والتصريحات التي باتت علنية تؤكد ذلك.. لكن ماذا في المرحلة المقبلة؟..

الأمريكي اعترف بهزيمة مشروعه في سوريا ولكنه يريد أن يلعب ورقة داعش إلى النهاية. هذا التنظيم الذي هو صنيعة مخابراتية أمريكية إسرائيلية يراد له أن يستمر بدور معين أملاً في تحصيل مكاسب أخيرة أو تحسين مواقع في ظل مرحلة التفاوض على التسويات.

ففي سوريا يستمر التركي حليف أمريكا في فتح الحدود للدواعش ولو أراد الأمريكي وقف ذلك لأوقفه. وفي العراق كشفت بعض الحقائق حول استمرار دعم هذا التنظيم بشكل مباشر من قبل أمريكا، والمعلومات حول إلقاء المساعدات إلى داعش في العراق تتكرر ولا تزال، حيث أن محادثات عناصر من داعش عبر الأجهزة اللاسلكية منذ أيام أكدت دعم طائرات أمريكية لهم وكشف النقاب عن نداءات لهم تقول "هل ما انزل قرب سبايكر لنا حصة منه" فجاء الجواب "ستصلكم الحصة".

الأمريكي إذاً، يوحي أن الأساس الآن هو محاربة داعش ولكن في الخفاء لا يريد القضاء النهائي على قوة هذا التنظيم في هذه المرحلة بانتظار مراحل التسويات، ولكن الثابت أن مجرد إعلان الأمريكي التركيز على داعش وأنه سيفاوض النظام السوري فهذا يعني التراجع وإقراراً بالفشل الذريع على الرغم من كل الحدود المفتوحة والدعم الإقليمي والدولي بالأموال والأشخاص والعتاد وعلى الرغم من السيطرة على آبار نفط كبرى تدر على هذا التنظيم الأموال الطائلة وتفتح له الحدود التركية لحمل النفط بالشاحنات ونقله وبيعه.

المرحلة لا تخلو من خطورة حيث أن الأمريكي يُبقي على آخر أوراقه ـ أي داعش ـ وهذه المرحلة فيها تطورات ميدانية تستلزم الوقوف صفاً واحداً ومواجهة هذا الإرهاب إلى أن يتم تحجيمه نهائياً وفي الوقت الذي تتراجع فيه أمريكا وتخسر في عدة ملفات وتعترف بانتصار إيران في الملف النووي وتأتي إلى التفاوض معها في مسار يوقف العقوبات التاريخية ويعترف بالحقوق النووية السلمية، وفي الوقت الذي تخسر فيه المشاريع التكفيرية والتفتيتية وتتراجع في العراق وفي اليمن حيث التطورات الميدانية المتسارعة، فإن التنبه لا يزال ضرورياً فالحسم في سوريا سياسياً، بات معروفاً لمصلحة من، وانتهت الأهداف الأساسية الأمريكية والإسرائيلية إلى غير رجعة، ولكن المرحلة المقبلة تحتاج أيضاً المزيد من الصبر وهنا نسترجع كلام السيد نصر الله عن المرحلة المقبلة حيث قال "يجب أن نبادر كما بادرنا بالفعل في سورية، في لبنان، في العراق، في أماكن أخرى، كما تحصل مبادرات في أكثر من بلد عربي، يجب أن نبادر لمواجهة هذا التيار وعدم السماح له بالتمدد وبالاستقواء وبالتثبيت وبالتمكين وما شاكل..

الكلام أن أمريكا تود إنهاء داعش فيه نقاش، من قال إن أمريكا تود أن تنتهي من داعش؟ انظروا للوضع الحالي، كيف أن أمريكا مستفيدة، تنهب النفط تحت عنوان أن أمريكا تحمي دول المنطقة.... 

اعلى الصفحة