|
|||||||
|
كما هو معروف فإن الأحزاب اليمينية الإسرائيلية تتنافس في تصريحاتها العدائية للشعب الفلسطيني للحصول على تأييد الإسرائيليين لها، وغالبيتهم من اليمين المتطرف والمتشدد. وفي كل جولة انتخابات جديدة في إسرائيل نرى أن معاناة المواطن الفلسطيني تزداد وترتفع موجاتها لكسب أصوات... فكل حزب يميني يحاول أن يظهر انه أكثر تشدداً في موضوع القضية الفلسطينية، ناهيك عن أن الحكومة الإسرائيلية الحالية الانتقالية تحاول إظهار واستعراض عضلاتها بحق هذا الشعب الذي يرزح تحت الاحتلال منذ عقود عديدة. جوهر واحد أن يعلن رئيس حزب العمل، هرتسوغ، أنه يحدد 5 سنوات للتوصل إلى "حل الدولتين"، ويحصر البناء الاستيطاني خلالها داخل "الكتل الاستيطانية" القائمة، ذلك يعني أن البرنامج الانتخابي لـ"التحالف الصهيوني" بين حزبيْ "العمل" و"الحركة" بقيادة ليفني، لا يتجاوز جوهر برنامج معسكر حزب الليكود بقيادة نتنياهو فيما يخص الصراع، وجوهره القضية الفلسطينية. فـ"لعبة" الخمس السنوات هذه، ومثلها "حيلة" حصر البناء الاستيطاني في "الكتل الاستيطانية"، تعيد للذهن قصة الـ"خمس سنوات" التي كان حددها "اتفاق أوسلو" للتوصل إلى "حل نهائي" لـ"قضايا اللاجئين والقدس والحدود والمستوطنات والمياه"، لكنها انتهت في أيار 1999 إلى فشل ذريع، ولم تفضِ إلا إلى تعميق الاحتلال والمزيد من الاستيطان والتهويد والعدوان، وإلى التمديد الواقعي لعملية التفاوض العقيمة التي لم تسفر طيلة 20 عاماً ويزيد سوى عن حقيقة مرة، جوهرها: توسيع سيطرة إسرائيل بأشكال استيطانية وعسكرية وأمنية مختلفة حتى وصلت إلى حدود 85% من أرض "فلسطين الانتدابية"، حسب التقدير السنوي لمركز الإحصاء الفلسطيني في نهاية العام 2012، ما يجعل الحديث عن "حل الدولتين" ضرباً من الخيال، فما بالك بتحقيق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية المشروعة: الدولة والعودة وتقرير المصير، كما كفلتها قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع. أن يعود حزب العمل إلى السياسة المخادعة ذاتها التي اختطها تحت قيادة رابين - بيرس قبل 20 عاماً، ذلك يعني أن "التحالف الصهيوني" هذا لا يملك برنامجاً لـ"تسوية الصراع"، بل برنامج يحاول عبثاً إخراج إسرائيل مما خلفه لها فائض عنجهية سياسة معسكر حزب الليكود من توتير لعلاقتها بإدارة أوباما والحكومات الأوروبية، ومن عزلة سياسية متنامية ومقاطعة اقتصادية وأكاديمية لاحتلالها ولمستوطناتها خصوصاً، ومن عداء شعبي عالمي متنامٍ وغير مسبوق، ومن إقدام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مضطرة إلى التوجه إلى هيئة الأمم بخطوات متدرجة حذرة، وإن كانت لم تقطع مع خيار المفاوضات الثنائية تحت الرعاية الأمريكية. وكل ذلك دون أن ننسى أن إدارة أوباما تتبنى عملياً، إنما دون إعلان، السياسة المخادعة لهذا "التحالف الصهيوني"، من خلال الدعوة إلى التراجع عما تسميه "الخطوات الفلسطينية الأحادية الاستفزازية"، وخاصة الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وفي أقله إلى إرجائها إلى ما بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية، وكأنها تحذر من أن يؤدي الاستمرار فيها إلى تعزيز فرص فوز معسكر حزب الليكود في هذه الانتخابات. وكأن هذا ليس تجديداً للوهم ذاته الذي نشأ مع عودة حزب العمل إلى السلطة في العام 1992، وانعكس في موافقته على إبرام "اتفاق أوسلو"، وعلى تحديد 5 سنوات للتوصل إلى "حل نهائي". أو كأنه لا يبرئ معسكر حزب العمل من مسؤوليته المشتركة مع معسكر الليكود عن إفشال نحو 25 عاماً من مفاوضات "مدريد - أوسلو". أو كأنه يمكن التمييز بين مخطط "آلون" الاستيطاني "الطولي" الذي نفذه حزب العمل في الأراضي المحتلة العام 1967 حتى خسارته للسلطة العام 1977، وبين مخطط "دبلس" الاستيطاني "العرْضي" الذي نفذه حزب الليكود، أي كأن المخططيْن لم يفضيا إلى النتيجة ذاتها: إغلاق الطريق أمام قيام دولة فلسطينية على كامل الأراضي المحتلة العام 1967. أو كأنه لا ينكر اعتباطاً أن قرار حزب العمل في العام 1967 ضم "القدس الشرقية" مهد الطريق إلى قرار حزب الليكود "توحيدها" في العام 1981 مع "القدس الغربية"، وصولاً إلى توسيع حدودها البلدية داخل أراضي الضفة الغربية، لنكون أمام ما يسمى "القدس الكبرى" أو "القدس العظمى"، (بتوصيف شارون)، الممتدة من مستوطنة "عتصيون" جنوب مدينة بيت لحم إلى مستوطنة "جفعات زئيفي" شمال مدينة رام الله. أو كأن قبول بن غوريون، (مؤسس ما بات يُعرف حزب العمل)، لقرار تقسيم فلسطين العام 1947 الذي رفضه بيغن، (مؤسس ما بات يُعرف حزب الليكود)، لم يكن قبولا تكتيكيا لنيل الاعتراف بإسرائيل دولة في هيئة الأمم، وتوطئة لاحتلال سيناء والجولان وما تبقى من أرض فلسطين في عدوان العام 1967، وهو ما يعادل ما أراده بيغن ولم يكن تنفيذه ممكناً بالمعنى السياسي في العام 1948. إزاء ما تقدم، وبناء عليه، كيف لعاقل أن يصدق بأن برنامج "التحالف الصهيوني" يشكل بديلاً سياسياً فعلياً، لا شكلياً، للهجوم السياسي والميداني الشامل لحكومات المعسكر الصهيوني التي قادها نتنياهو، بوصفه هجوماً يعكس سياسة مخططة يشحنها جنون أيديولوجي لدرجة الظن بإمكان الاعتراف بإسرائيل "الكبرى" و"اليهودية" و"القلعة" العدوانية التوسعية العنصرية المفروضة في فلسطين وعلى المنطقة بقوة السلاح وخارج كل قانون. وهو الجنون الذي بلغ منتهاه ارتباطاً بحلول موسم التنافس الانتخابي، وتمثل، أساساً، في جنون العظمة والاستعلاء لدى نتنياهو الشخص والحكومة والحزب والمعسكر، من حيث: - التصعيد السياسي ضد قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية لدرجة السطو على عائداتها المالية بغرض إجبارها على استئناف المفاوضات العبثية إياها من دون قيد أو شرط، وعلى التراجع عن خطواتها الدبلوماسية والقانونية المتدرجة والحذرة على الرغم من أنها لم تقطع مع خيار التفاوض الثنائي تحت الرعاية الأمريكية. ذلك كأن تخيير الشعب الفلسطيني بين "تحسين شروط المعيشة" وبين الحرية والاستقلال والعودة أمر واقعي ويمكن القبول به، أو كأنه ليس سياسة قديمة بدأتها سلطة الانتداب البريطاني في ثلاثينيات القرن الماضي، وتبنتها حكومات إسرائيل منذ قيامها، إنما دون جدوى. هذا ناهيك عن تصعيد عمليات الاستيطان والتهويد، فضلا عن تصعيد الهجوم على الأسرى والتنكيل بهم. وكأن ذلك لا يساوي صب المزيد من الزيت على نار الهبات الشعبية المتلاحقة، بما ينذر بتحولها إلى فعل انتفاضي واسع وشامل، تقدم الأمر أو تأخر. - رفع وتيرة التحريض على فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة من خلال العودة إلى الاسطوانة المشروخة إياها: المساواة بين النضال الوطني الفلسطيني التحرري وبين العمل الإرهابي للتنظيمات التكفيرية المسلحة. وكأن ذلك ليس تهيئة لشن عدوان إبادة وتدمير جديد على قطاع غزة الذي يغلي كمرجل على وشك الانفجار أصلاً. - تصعيد سياسة الهجوم العنصري متعدد الأوجه على فلسطينيي 48، وأحدث جرائمه استشهاد اثنين وإصابة العشرات من أبناء قرية راهط البدوية في النقب. وكأن ذلك سيجني غير ما جنته هذه السياسة الفاشية على مدار عقود، أعني تعميق تمسك أبناء هذا الجزء الأصيل من الفلسطينيين بهويتهم وانتمائهم الوطنييْن وزيادة أشكال مشاركتهم وارتباطهم بنضالات باقي أبناء شعبهم في الوطن والشتات. - التصعيد العسكري ضد سورية ولبنان لدرجة الإقدام على "عدوان القنيطرة" الذي وضع الجبهة الشمالية والمنطقة بأسرها على حافة انفجار شامل. وكأن العدوان كان سيجني غير ما جنى: رد حزب الله الميداني السريع الجريء والذكي في مزارع شبعا المحتلة، كرد ابتلعته حكومة نتنياهو، ما أكد أن عنجهيتها بلا أساس واقعي، وأن محاولاتها تغيير قواعد الاشتباك القائمة كانت محض وهمٍ، وأن زمن قدرة جيشها على تحقيق انتصار سريع حاسم واضح لا لبس فيه قد ولى، وأن المقاومة اللبنانية ليست "مردوعة"، و"لا تخشى الحرب ولا تخافها ولا تتردد في مواجهتها وتحقيق النصر فيها، إن هي فُرضت عليها"، بل وأن لديها من عوامل القوة ما يؤهلها لأن تعلن صراحة ولأول مرة أنها "لم تعد تعترف بما يسمى قواعد الاشتباك وتفكيك الساحات والميادين...."، وأنها "سترد حتى على أي اعتداء أمني ولو ملتبس وغير معلن على أي كادر أو شاب من شبابها". توتير العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي لدرجة التعامل مع مواطنيها اليهود كرعايا لإسرائيل، وبالمثل توتير العلاقة مع إدارة أوباما لدرجة أن يتصرف نتنياهو كما لو كان رئيساً ثانيا للولايات المتحدة. يعنينا مما تقدم التشديد على أن زمن إسرائيل "الكبرى" و"اليهودية" و"القلعة" العدوانية التوسعية العنصرية قد ولى، وعلى أن برنامج "التحالف الصهيوني" المخادع لن يخرجها من ورطاتها التي أوقعها فيها فائض عنجهية حكومات معسكر حزب الليكود بقيادة نتنياهو في السنوات الأخيرة، ذلك لأننا أمام برنامج انتخابي واحد بلغتين، "ناعمة" خادعة، و"خشنة" صريحة، ليس إلا. استيطان لا يتوقف خلال الأسابيع القليلة الماضية كانت هناك هجمة استيطانية واسعة النطاق عبر نشر عطاءات لوزارة البناء والإسكان الإسرائيلية لبناء المئات من الوحدات السكنية في المستوطنات المقامة على أراضي القدس، وكذلك على أراضي الضفة الغربية، إذ أن هذه العطاءات كان يعلن عنها بكل وقاحة في تحد كبير للسلطة الوطنية الفلسطينية، وكذلك للمجتمع الدولي الذي يعارض الاستيطان، ويعتبره مخالفاً للقوانين الدولية. وأهداف هذه الهجمة تكمن في تعزيز الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، والتأكيد على رفض إسرائيل التنازل عنه، وكذلك من اجل عرقلة أي حل سياسي يؤدي إلى إزالة هذه المستوطنات. وليمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أي لإنهاء حل الدولتين المطروح دولياً، والذي تبنته منظمة التحرير منذ عام 1988. وهناك هدف أساسي وجوهري من هذه الهجمة هو كسب أصوات المستوطنين في الانتخابات القادمة إذ أن عددهم في الضفة والقدس يتجاوز السبعمائة ألف مستوطن ومستوطنة. وارتفعت مؤخراً وتيرة مصادرة أراض في كل من القدس والضفة بهدف توسيع المستوطنات القائمة، أو إقامة مستوطنات جديدة، أو لفتح طرق جديدة أو توسيع الطرق الالتفافية الحالية. كل هذه المصادرات تتم لصالح الاستيطان، ولقضم الأرض الفلسطينية، وبالتالي عدم إبقاء مساحات لإقامة مشاريع بناء فلسطينية في هذه المناطق. وتقوم الدولة الإسرائيلية بمصادرة هذه الأراضي من خلال إدارتها العسكرية المسماة إدارة مدنية في الضفة الغربية، وهذه المصادرات هي وسيلة لطمأنة المستوطنين وكذلك اليمين الإسرائيلي بأن إسرائيل تفعل ما تريده من أجل تعزيز وجودها في الضفة الغربية، ولا انسحاب إسرائيلي من هذه الأراضي. وأعلنت سلطات الاحتلال الصهيوني طرح مناقصة لبناء 450 وحدة استيطانية في ثلاثة تجمعات استيطانية بالضفة الغربية وفقاً لما كشفت عنه صحيفة هآرتس الصهيونية، وهي ضمن سياسة ممنهجة لفرض الأمر الواقع الاستيطاني على الأراضي المحتلة عام 1967، على الرغم من أنها تعزى في هذه الأيام إلى أنها مناورة انتخابية يقوم بها رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ليكسب أصوات المستوطنين في الانتخابات التي ستجري في 17 من الشهر الحالي. ولكن الحقيقة هي أن الاستيطان هو الحلقة المركزية في التطبيق العملي للفكر الصهيوني الذي اعتمد ثلاث حلقات مترابطة في تطبيق إستراتيجيته: الهجرة - الاستيطان – التوسع. فالمهاجرون اليهود من أنحاء العالم إلى فلسطين يحتاجون الأرض الفلسطينية ليستوطنوا عليها وكلما ازداد عدد المستوطنين ازدادت الحاجة إلى أرض للتوسع في بناء المستوطنات فيها ولا بد من التوسع على حساب الأراضي العربية، إن الكيان الصهيوني مستوطنة كبيرة على أرض فلسطين العربية. إذاً، إقامة المستوطنات اليوم هو امتداد لأول مستوطنة في فلسطين لأن الحكومات الصهيونية المتعاقبة تطبق الفكر الصهيوني على الأرض لفرض الواقع الذي يؤدي إلى إقامة "الدولة اليهودية" التي وضع أسسها ثيودور هيرتسل في كتابه الذي حمل اسم الدولة "اليهودية". لذلك قامت الحكومات الصهيونية أيضاً قبل أوسلو وبعدها زمن ياسر عرفات وقبل المفاوضات وخلالها وأثناء توقفها أيام عباس ببناء المستوطنات دون توقف، ولذلك رفضت الحكومات جميعها القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ضد عمليات الاستيطان وخالفت جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحرم إجراء أي تغيير في الأراضي المحتلة ، بدء من ميثاق حقوق الإنسان 1948 مرورا باتفاقية جنيف 1949 وليس انتهاء بـ(لاهاي 1970). وإذا كانت كل تلك القرارات والمواثيق الدولية لم تردع الحكومات الصهيونية عن الاستمرار في بناء المستوطنات وكذلك المفاوضات التي لم تكن وسيلة لإيقاف البناء في المستوطنات أو إقامة مستوطنات جديدة فمن يردعها؟. أثبتت التجارب أن المقاومة وقصف الكيان الصهيوني وقصف المستوطنات هي الحل. وفي انتفاضة الأقصى عام 2000 ترك المستوطنون مستوطناتهم بل تم إخلاء بعض المستوطنات من السكان. وأثناء الحرب العدوانية الأخيرة على غزة وقبلها هرب المستوطنون من المستوطنات المحيطة بغزة بفعل المقاومة الباسلة والتي أجبرت العدو الصهيوني على إخلاء المستوطنات داخل قطاع غزة في مرحلة سابقة . إذن المقاومة هي الحل لوقف المهاجرين اليهود للقدوم من أنحاء العالم إلى فلسطين وهي الحل لهجرة اليهود من فلسطين إلى خارجها أيضاً. عنصرية وتحريض تحول المشهد السياسي الصهيوني قبيل معركة انتخابات الكنيست إلى ساحة للمزايدات من قبل قادة الاحتلال على القضايا والحقوق الفلسطينية، وأصبح التحريض على الفلسطينيين وحقوقهم ومقاومتهم مادة يومية للمرشحين لكسب أصوات المستوطنين. ففي المعسكر المناهض لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو عاد الحديث حول صفقة تبادل الأسرى مع الجندي الصهيوني غلعاد شاليط، والذي اتخذ حزب "البيت اليهودي" منها مادة للهجوم على نتنياهو واتهامه بالإفراج عن ما وصفهم بالمخربين، وذلك ردا على الهجوم الذي يشنه الليكود بقيادة نتنياهو عليهم. ورفض حزب "البيت اليهودي" في تصريحات له اتهامات نتنياهو وفريقه لهم، واتهمه بشن هجوم عنيف عليهم وذلك بهدف إضعافهم ومنافستهم على نفس جمهور المصوتين داخل معسكر اليمين، مما حدا بزعيم الحزب نفتالي بينت بتوجيه نداء لنتنياهو وطالبه بالتوقف عن مهاجمتهم، ودعاه للتعاون من أجل كسب المزيد من الأصوات من خارج معسكر اليمين. كما أعربت عضو الكنيست عن "البيت اليهودي" آييلت شكيد عن استهجانها من حملات نتنياهو عليهم على الرغم من أنه - بحسب قولها - متورط في الإفراج عن "مخربين" في إطار صفقة تبادل الأسرى مقابل شاليط، وكذلك موافقته على قيام دولة فلسطينية. من جهة أخرى، دخل الصراع بين اليمين واليسار مرحلة جديدة شهدت هجوماً عنيفاً بين الطرفين لكسب الأصوات، حيث شن حزب الليكود في دعايته الانتخابية هجوماً قاسياً على اليسار الصهيوني، بشكل عام والمعسكر الصهيوني بقيادة "هيرتسوغ- لفني" بشكل خاص من خلال نشر مقطع فيديو تمثيلي يحذر من إمكانية دخول تنظيم "داعش" إلى داخل حدود "إسرائيل" في حال وصول اليسار إلى الحكم بدلا من الليكود اليميني، وقد قام نتنياهو بنشر هذا الفيديو على صفحته الشخصية على الفايسبوك. وقد استدعى هذا الأمر عدداً من ردود الأفعال كان من أبرزها ما قاله يوفال ديسكن رئيس الشاباك السابق، إن نتنياهو هو الذي قام بالإفراج عن الشيخ أحمد ياسين عام 1997، وساهم بذلك في إعادة بناء تنظيم حماس من جديد، وهو الذي قام بالإفراج عن أكثر من 1000 "مخرب" عاد معظمهم لممارسة نشاطاتهم التخريبية، وهو كذلك الذي قام بالإفراج عن مخربين بدلاً من الموافقة على تجميد الاستيطان ضمن صفقة مع البيت اليهودي، وهو الذي تسبب في الحرب الأطول مع تنظيم حماس "الإرهابي" في غزة، ووقف عاجزا أمام إخضاعه، في الوقت الذي نسمعه فيه يوجه التهديدات إلى إيران. وواصل المعسكر الصهيوني المناهض لنتنياهو رداً على هذا الفيلم بقوله إن نتنياهو يعيش في فيلم سينمائي، ويظن بأننا قد نسينا الفشل الذريع الذي مني به على الصعيد الأمني، بالإشارة إلى الحرب الأخيرة على غزة، وأنه هو من قام بالإفراج عن أكثر من 1000 "مخرب" ملطخة أيديهم بالدماء مما تسبب في ازدياد قوة حماس. كما أصبحت إيران خلال فترة ولايته على أعتاب الوصول إلى السلاح النووي. ورداً على تصريحات ديسكن لم يجد حزب الليكود أيضا سوى الحقوق الفلسطينية للمزايدة بها على تصريحات ديسكن حيث قال، إن هذا الشخص هو يساري دعا في عام 2013 إلى تقسيم القدس، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، والتطبيق الجزئي لحق العودة، وهذا ما يمكن أن يتسبب بكارثة لـ"إسرائيل" على المستوى الأمني والسياسي. وكانت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان أصدرت تقريراً الأسبوع الماضي حول الانتخابات الصهيونية القادمة، كشفت فيه عن أجواء التحريض العنصري ضد الفلسطينيين، وذكر بتصريحات ليبرمان- وزير الخارجية ورئيس حزب "يسرائيل بيتينو"- وخطته للسلام التي دعت صراحة لتبادل السكان، إضافة لتصريحات رئيس الحكومة العنصرية منذ حرب غزة إلى اليوم. واستعرض التقييدات التي تعرض لها أعضاء الكنيست العرب، وخاصة قضية إبعاد النائبة حنين زعبي عن الكنيست، إضافة للمحاولات الجارية لمنعها من الترشح للانتخابات المقبلة من خلال لجنة الانتخابات العامة، وسن قوانين خاصة، إضافة للتحريض عبر وسائل الإعلام العبرية ومحاكمة بعض أعضاء الكنيست العرب. وقال التقرير إن السياسة الصهيونية تجاه الفلسطينيين حملت الكثير من العنصرية والتحريض، وهو ما يتوقع تصاعده خلال الحملة الانتخابية الحالية، حيث أصبح التحريض والعنصرية في جوهر الخطاب السياسي "الإسرائيلي" الرسمي، الذي يساهم بخلق ثقافة سياسية تشرع التحريض ضد الأقلية الفلسطينية، وتعمل على تجريم تمثيلهم ومشاركتهم السياسية. وقالت المؤسسة في تقريرها، إن هذا التوجه لم يعد حكراً على الأحزاب المتطرفة، بل سياسة بارزة لدى كافة الأحزاب الصهيونية المركزية، وانتقد التقرير التوجه الطاغي لأحزاب "المركز واليسار الصهيوني" التي ترى بالعرب مجمعاً للأصوات فقط، ويهدف استعماله لإسقاط حكم اليمين الصهيوني. وحول التقرير قال محمد زيدان- مدير المؤسسة، إن هذا التقرير يأتي مساهمة من المؤسسة لفضح العنصرية المتصاعدة في الثقافة الصهيونية السائدة شعبياً وسياسياً، خاصة وأننا نتوقع تصاعداً خطيراً ضمن الحملة الانتخابية التي ظهرت منذ بدايتها، وأن هناك توجهاً واضحاً لاستعمال العنصرية والتحريض ضد الفلسطينيين في البلاد كوسيلة لتجنيد الرأي العام للتصويت للأحزاب التي أخذت تتنافس فيما بينها على العداء للعرب، وحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية الأساسية أولاً. وأضاف زيدان أن المؤسسة تنوي إصدار تقرير ثان قبيل يوم الانتخاب بهدف تلخيص المعركة ونتائجها بنظرة حقوقية، ومطالبة العالم ومؤسساته الرسمية والشعبية ليس فقط بمعرفة المواقف العنصرية المتجذرة في "إسرائيل"، بل بالعمل لاتخاذ مواقف واضحة لإدانتها ومساندة المجتمع الفلسطيني في البلاد على مكافحة العنصرية، والعمل من أجل إحقاق كافة حقوقه الإنسانية الأساسية. ومن الإجراءات القمعية التي تصاعدت في الآونة الأخيرة وضع حواجز عسكرية ومضايقة المواطن الفلسطيني في تنقلاته وتحركاته بين مدن الضفة، إضافة إلى شن حملات واعتقالات بعد مداهمة قرى وبلدات في الضفة الغربية بذرائع أمنية مفتعلة. وقامت إسرائيل مؤخراً. بحجز أموال الشعب الفلسطيني وعدم تحويلها إلى ميزانية السلطة، وذلك كعقاب للسلطة الوطنية لتوجه القيادة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدولية، وهذا الإجراء يؤكد أن إسرائيل تنوي معاقبة شعبنا الفلسطيني، وفرض حصار اقتصادي جديد بخطوات متتالية حتى يعاني أكثر وأكثر. وكل هذه الإجراءات تضع شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة على "مذبح" الانتخابات الإسرائيلية، على مسرح المزايدات الحزبية لإظهار من هو أكثر بطشاً وتشدداً في مواقعه نحو شعبنا الفلسطيني. هذه الإجراءات القمعية تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية القادمة، سواء أكانت يمينية، أو يسارية/ يمينية، فهي لن تقدم أي شيء لدفع مسيرة السلام إلى الأمام، بل ستعمل على إتّباع سياسة التوسع والاستيطان واستمرار الاحتلال.. وهذا الأمر متوقع كثيراً، ولذلك فان من يراهن على هذه الانتخابات بأنها ستدفع المسيرة السلمية إلى الأمام فهو خاسر، ولذلك فانه من غير المتوقع أن يحدث أي شيء جديد، ولربما تتدهور الأمور أكثر، وتشتد معاناة شعبنا الفلسطيني أمام تفرج العالم كله على ذلك. وهكذا نرى أن الحملة الانتخابية تترافق مع المزيد من الاعتداءات على الشعب الفلسطيني وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس والتي تعد بمثابة "جرائم حرب"، بحسب وصفه. فالدعاية الانتخابية الإسرائيلية بدماء فلسطينية وبمزيد من الاستيطان في الأرض الفلسطينية. وان التصريحات المعادية لمختلف المرشحين الصهاينة تصريحات تحريضية شجعت على المزيد من الاعتداء على الشعب الفلسطيني والتهويد وحرق المساجد والكنائس وتدمير البنية التحتية. إضافة إلى أن ظاهرة الانتخابات الإسرائيلية الداخلية المبكرة دليل على هشاشة الوضع داخل الكيان الصهيوني ومحاولة للهروب من مواجهة التحديات البنيوية التي تواجه هذا الكيان. |
||||||