|
|||||
|
أخشى البدايةَ أخافُ البدايةَ.. لكنَّ زيتونةً تجمعُ الشّملَ في لغتي نبّهتني: "تماسكْ.. فتخرُجُ كلُّ الفصولِ لتَعْبُرَ نهجَ نشيدكَ ثمّ انْقَسِمْ قريتين على قلبِ طفلٍ ووحّد خطابك فيهِ.. وخلِّ البدايةَ من وردهِ والنهاية مفتوحةً ربّما ستكونُ الوطَنْ.. وإنْ أخرجوا منكَ سوسنةً سكنتكَ.. استعِدْ عطرها.. فالأريجُ يؤدّي إليكَ وهذا الطّريق الأحاديُّ غيرَّكْ.. لا تبتئسْ.. فالأنينُ شجنْ. وهذي النّهاية لابدّ منها لصنع البدايةِ.. لا بدّ للحرف من لحظةٍ من زمنْ. *** هنا... أعبُرُ الحزنَ وحدي وأرسمُ من حبرِ صبري عليّْ. فأحيا، إذاً أبدأُ المفرداتِ.. وأكتبُ أشجاني في مآقي الكتابْ ولكنّني لست أبكي فقلبي لديّْ. وكلّ القصائدِ زاولَها قلمي.. فاكتشفتُ بأني بُنَيّْ. وأنّي غريبٌ عن السّربِ والدُ نفسي ولا أشبِهُ البحرَ.. لا ولا أنا توأمُ روحْ.. لا أبتغي الشهرةَ.. إنما أشتهي صفةً جمَّعَتْها القصائدُ.. ولا أبدأ النارَ من جذوةٍ.. والبكاءَ من دمعةٍ لأنوحْ.. قلمي شامخٌ وحروفي تنامُ على غيمةٍ في سطوري وقبلي قناديلُ كشفي وبعديَ طوفانُ نوحْ. *** سألتكَ عن ألقِ الشّعرِ.. قلتَ: كلانا يعمّرُ بركانَه فغمرتُ شموسكَ ضمنَ سحابِ القصيدةِ في سفح روحي ومِلْتُ أقبّلُ منعطفَ البحرِ عند حضوركَ هذا أنا عندما يشعرُ البحرُ قربيَ.. بأنَّ عصافيرَهُ تشتهي زورقي ولأنّكَ تنساني أكثرَ ليلكَ في أوّلِ الحبِّ في آخر القلبِ.. في لحظات الحضورِ.. أخاتلُ من سبقوا مركبي لاكتشاف كواكبِ روحِكَ.. أحفُرُ اسميَ على راحتَيكَ وأعلن أنّيَ هِمْتُ كما هامَ قلبي كما دخلَ العاشقونَ إلى صُوَرِي. أتَذْكُرُ الّذي نَقَلَ الحبَّ بينَ نوافذِ المساءِ وفواصلِ العمرِ؟ هذا أنا.. أبداً.. والبداية بعض العتابِ فحين ينامُ الملاكُ في أضلعي ممسكاً خفْقَهُ عن منامي يطيرُ إلى لهفتي بلبلٌ خارجٌ من صلاتِكَ يُخرجُ ناياتِه كي أفيقَ وأعْرِفَ أنّ المآذنَ استمالتْ دعاءَ الصبحِ على شفاهكَ.. كي لا أراكَ، وكي لا يصافِحَني صوتُ الدعاءِ ما الّذي أرتجيهِ؟ وأنتَ القصائدُ العصيةُ تغني الضراعةَ مفردةً كي تجمِّعَها نزهةً في يديَّ وأنتَ الأنا والثّريّا وكوخُ البنفسج.. آوي إلى نبعةٍ قربه فأرى الشّمسَ ترشُحُ من سقْفِهِ وأرى الكروان يعيدُ روائعَهُ.. إذا رآني أدثّر أحلامنا. فسامحني بأن يتجاوزَ عشقُكَ ديوانَ شعري وظلَّ كعادةِ ثغركَ حين يصعِّدُ لحنَ دعاءٍ حميمْ: "إلهي.. لإن أدخلْتني النار.. لأخبِرنَّ أهل النارِ بأني أحبك.." وسامحني إن قلتُ للعصافير على ذرى البشائرِ.. أنكَ تعصف بالروحِ نسيماً.. وتسكنُ النبضَ حميماً.. قصري حروفُ قصائدكَ.. ووجيبُ فؤادي فرادتكَ.. فطوّقْ غرقي إن سقطتُ شغوفاً بما لذَّ منكَ.. وما طاب منّا وأقولُ: أولَ كلاميَ هذا.. أقولُ.. ما قد لا يُقالُ: سأحتاج ظلّكَ إنْ سافرَ الجسمُ عن مركبي كي يظلَّ بريقُكَ مشتعلاً في مراياي. يا قصّةً عبرتْ كالقطارِ بساتين من غادروني ويا مستقيمَينِ ينحدرانِ أماماً وراءَ القطارِ أقولُ: فخذني لأنشقَّ عنكَ إلى نحلتينِ.. تبنيانِ صرحَ مباهجنا ودعني أحرّرُ من سجنِ طهرِكَ كلَّ ارتعاشٍ يؤدّي لنيسانَ.. منكَ ابتدأتُ ومن وجنة أكّدتها شفاهي. سمعتُ دعاءَ الصّباح.. يردِّدُ.. "واجعل صباحيَ هذا نازلاً عليَّ بضياء الهدى.. ومسائي جُنَّةً من كيد العدا.." قلتُ.. سأعبرُ الصباحَ إلى الصباحْ.. إلى مهابطِ الهدى.. وأمشي إلى جزرٍ عانَقَتْها المياهُ الهارجةُ من الصمِّ الصياخيدِ عذبةً وأُجاجا.. وأغرزُ في كلِّ واحدةٍ قمراً ليكونَ لكَ علماً يرفعونَ ضرورتَهُ في المساء وحين الصّباح ينكَّسُ مثل لهاثي.. أبعْدَ الذي قلتُ.. مولى الروحِ.. أخشى البدايةَ.. والزَّمَنَ الكهلَ؟ ليس افتراضاً خروجيَ عن السّربِ لكنّما البدءُ صعبٌ كحالِ النهايةِ.. أولُ الكلامِ كآخرهِ.. والسّهلُ ما بَين... بينْ. ودوماً أسائلُ ذاكرةَ البحرِ فيكَ وفيَّ.. زمني.. كيفَ... أينْ؟. لتبقى الأغاني معلّقة والمدى واحداً والقصائدُ عينْ.
|
||||