|
|||||
|
خريف المسافات زهرة الرّوحِ أفاضتْ في ربوع القلبِ تفّاحاً أضاءَ الهيكلَ الطينيّ بالأشواق.. خلاّني زماناً عاشقاً أجتازُ ما شئت.. فمن يومي كتبتُ الوجدَ ديواناً جميلاً وفرشتُ القلبَ بالنعناعِ للآتين إن يوماً أرادوا غبطة الأرواح أو شدّوا رحال الشوق للأفراح فاستلوا وميضاً يبعث الذكرى ويجلو ظلمةً مسّت عقولاً.. عاشقاً كنتُ.. وأبصرت ممّراً واحداً يوصل الشمس إلى كهف الغروب وطريقاً يوصل النفس إلى ظلٍ بعيد حيث لا تحيا إذا شاءت كما تهوى فتمضي في أتون الصمت يُدمي قيدها حتى تموت.. هكذا شبّهت نفسي مثل غيري فالهوى فينا جميعاً وبنا شوقٌ لأن نحيا كما شئنا بلا حزن على ما فات أو خوفٍ من الآتي.. فكنْ يا خوفَنا أمْناً رحيماً وابتعد عنّا قليلاً.. لا تزْرنا في ليالينا الطويلة حيث نشوي الوقتَ فوق النار نحكي عن بطولاتٍ حفظناها وأخرى لم نزل نبني لها جسراً طويلاً فابتعد عنّا قليلاً لنرى فصلاً جديداً من فصولٍ قد كتبناها ومثّلنا بها الأدوار كلٌّ يبتغي دوراً بديلا.. فكأنَّ اللعبةَ الحمقى استمالتنا وشدّتنا إليها ومدّت نحوناً سراً حبالاً.. وكأنّا ما شبعنا من قراءاتٍ تراءت تكشف الغيب وتستجلي الخيالا.. فتواصَلْنا وراءَ الليل نجري خلفه حتى أضعنا في الممّرات الدليلا.. وبنا شوق لنبقى فترةً أخرى نسوّي ما بنينا من خيالاتٍ وما بالوهم أصْعَدْنا نفوساً للعلى تمشي بريش الكبرياء.. ثم حطت في وهاد الصمت تستفتي الظّنونا.. وترى في الشك برهاناً يدير النّور في الأعماق علّ الشك يسقينا اليقينا.. فابتعد يا شكنا عنا قليلا لم نصلْ آخر ما نرجوه أو حتى بدايات التّمني.. فالبدايات جعلناها بلا سقفٍ فطارت في دخان الأفق واستعصت علينا.. والأماني تشتهي لمَّ الأماني من جهاتٍ بعثرتنا في جهاتٍ لا نرى حدّاً لها.. مثلنا ضاعت وضيَّعْنا إلى الشوق السبيلا.. فلكي نمشي بشوقٍ فابتعد يا قاتل الأشواق عن أبوابنا شيئاً قليلاً إنها الأبواب تفضي نحو دربٍ يوهن الخطو ولا يدني إلى ركنٍ يقينا.. شر أفعى تتلوّى في ثقوب النفس تأتينا إذا نمنا ككابوسٍ يهدّ النّوم في أحداقنا فيظل السّهد في الأقفاص يشكو لحظةً ألقت علينا موتها والذي من تحتها موتٌ ينادي في اصفرار الوقت سراً قد تنامى في عذابات التراب إنّه الماشي إلينا ليساقينا العذاب أو لينهي آخر المشوار في بحر تساقطنا به صرعى فلا ندري أكنّا قاتلي الأحباب أمْ أحبابنا كلٌ مضى يبكي قتيلا فلمنْ نشكو إذن! ولمنْ نزرع في البحر بساتين المحار؟.. ولمنْ نَفتح في الآفاق أبوابا لدهشات العيون؟.. ولمن نشعل من أجسادنا شمعاً ونجني من خلايا الجرح أزهار السنين؟!.. ولمن نترك حزن الناس إن غبنا؟.. ومَنْ مِنْ بعدنا يبكي على أيامنا؟.. سوف لن تحمل أرضٌ مرةً أخرى وفي أحشائها حملٌ ثقيلٌ كان يوماً فوقها حملاً ثقيلا.. فابتعد عنا قليلا أيها الموت الذي فينا تنامى منذ أن كنا صغاراً نرسم الدنيا طيوفاً للأماني ونرى في الغيم أشكالاً نسوّيها كما شئنا، أُسُوداً أو حمائم أو جبالاً من ثلوجٍ تنزف الأبيض للأرواح بشرى أو غنائم والرؤى من حولنا تكبر أشجاراً وأحجاراً وذكرى لم نكن ندري بأن الموت يرعى في دمانا هائجاً.. يأكل ما نأكل يمشي إن مشينا ويظل الليل سهراناً إذا نمنا ويبقى حارساً دوماً علينا.. يرقب الساعات سراً حول أيدينا.. ولا يبعد عنا كخيالٍ لا يُرى لكن يرانا.. دائماً نرجوه أن يمضي فلا يمضي بعيداً.. دائماً نرجوه أن ينسى فلا ينسى وعوداً.. يعبر الأمصار يومياً بلا إذنٍ ويجتاز الحدودا.. لا ينام الليل أو يهوى المقيلا.. يشحذ السكين في الأجساد حصَّادٌ لأشتالٍ وقاماتٍ حسودٌ يشتهي ذبح البيوت الواقفة ليرى في كل عينٍ غيمةً بالملح تبقى نازفة.. دائماً نبغي له موتاً فيحيا حينما يمضي بنا للموت جيلا يقتفي بالصمت جيلا.. لا يبالي أيّنا يغتال ليلاً أو نهارا حيث أعطى حرفة القتل لمن في قلبه البركان بالأحقاد يغلي مرةً يقذف سُمّاً ثم مراتٍ يصب الحقد نارا.. ولأنّا قد رجوناه كثيراً عله يبعد عنا لو قليلا.. فأبى واشتد قرباً وغروراً ولذا ندعوه منذ الآن أن يدنو قليلا.
|
||||