|
|||||
|
"ظاهرة الإبداع" في إنتاج النص الصحفي المكتوب
يتحدث كتاب "الإبداع في الكتابة الصحفية – رؤية علمية" للدكتور حسام محمد إلهامي، عن مفهوم الإبداع من خلال مكوناته ومراحله، واتجاهات دراسته، وعن العوامل الاجتماعية والإدارية والمهنية المرتبطة بتحقق الإبداع في الكتابة الصحافية تحديداً، من خلال تحليل السمات الإبداعية في النص الصحفي، برؤية علمية تفسيرية. وصف مؤلف هذا الكتاب الصادر عن دار أسامة للنشر والتوزيع في عمان، هذا النص بالقول إنه يشكل محاولة لدراسة ظاهرة الإبداع في الكتابة الصحفية، وفي عمليات إنتاج النص الصحفي، لافتاً إلى أن النص الصحفي يعد بمقاييس الزمن نصاً ما يزال في مرحلة المراهقة، مقارنة بأشكال الكتابة والتدوين الأخرى. ورأى إلهامي أن النص الصحافي "نص متمرد، عصي على الفهم والتفسير العلمي"، مشيراً إلى العمليات التي تتم قبل وأثناء كتابة النص، من خلال دراسة علمية منهجية، للعوامل التي يمكن أن تؤثر في ممارسة هذا الشكل من الكتابة على نحو إبداعي. وأضاف المؤلف أنه استند في هذا البحث على مسلمة أساسية وهي: وجود جانب "الإبداع" في درجات وحالات العمل الصحفي والإعلامي عموماً، وفي كتابة النصوص الصحفية على وجه الخصوص. ورأى إلهامي أن العمل الصحفي منذ بداياته عرف شبه اتفاق في الآراء بين الصحفيين أو الباحثين على وجود أداء صحفي تحريري تتوفر له عناصر التميز والتجديد والتفرد والإبداع، في مقابل أداء آخر يتسم بالنمطية والتقليدية. وبين المؤلف أن النصوص الصحفية الناتجة عن هذين الشكلين من الأداء يتم الحكم عليها إما بوصفها بالنصوص المتميزة الجذابة التي تتضمن الكثير من عناصر التجديد والإبداع، وتحظى بإعجاب القارئ، وإما بوصفها بالنصوص النمطية التقليدية التي لا تنطوي على أي شكل من أشكال التجديد، ولا تجذب القارئ أو تؤثر فيه. ونوه إلهامي إلى أن مستوى الإبداع في الرسالة الاتصالية مهم للغاية، ويرتبط بمستوى نجاح وفاعلية الاتصال. فتحقيق قدر من التميز والإبداع في صياغة الرسالة الإعلامية يجذبان المزيد من المتلقين، ويتميزان بالقدرة على التأثير فيهم، لتحقيق الهدف المنشود من عملية الاتصال، ما يؤدي إلى جذب المزيد من المعلنين، وما يرتبط بذلك من تحقق للأرباح. واعتقد المؤلف أن الحديث عن الإبداع والتجديد والتفرد في الكتابة الصحفية ما يزال أقرب إلى الحديث عن أمر مبهم غامض، حيث يفتقر الحكم على الإبداع في النص الصحفي إلى معيار موضوعي علمي يمكن الاستناد إليه في إصدار هذا الحكم، رغم جوهرية المكون الإبداعي في عملية الاتصال، لافتاً إلى أن عنصر "الإبداع" من أهم العناصر التي يجب توافرها في الرسالة الاتصالية، إلا أن الظاهرة الإبداعية في العمل الصحفي تعد من أقل الظواهر خضوعاً للبحث العلمي. واعتبر إلهامي أن التسليم بوجود الإبداع يقودنا إلى عمليتين تشكلان منطلقاً لهذا البحث، وهما: "كل ما هو موجود فهو موجود بمقدار، وكل ما هو موجود بمقدار يمكن قياسه" بالبحث الذي يبدأ من ظاهرة الإبداع، مع إمكانية تحققها في النصوص الصحفية المكتوبة، وكذلك بالتبعية، مع إمكانية إخضاع الظاهرة الإعلامية ذات البعد الإبداعي للدراسة العلمية الموضوعية. وقال المؤلف إن الموضوع الأساسي الذي يناقشه الكتاب هو "ظاهرة الإبداع" في إنتاج النص الصحفي المكتوب، من خلال دراسة علمية منهجية، بهدف بيان محددات الإبداع ومتغيراته المختلفة، والعوامل التي تساهم في تشكليه، والكشف عن مؤشرات تحقيقه في النص الصحفي، بوضفه منتجاً نهائياً للعمليات والممارسات الإبداعية في عملية الاتصال. واعترف إلهامي أن الإبداع عموماً، وممارسته في مجال الكتابة الصحية، قد يتخذ أشكالاً لا نهائية، بحكم هذا الأداء الإبداعي، ويمكن الكشف عن هذا النسق في ضوء التسليم بأن الظواهر الإنسانيةتحكمها فكرة القانون أو النظام. وأوضح المؤلف أن الظاهر الإبداعية لا تحدث في فراغ، بل تتأثر بغيرها من العوامل والمتغيرات، وتؤثر في غيرها من الظواهر. لقد حاول المؤلف في هذا الكتاب دراسة طبيعة العلاقة بين الصحفي المبدع، وممارساته الإبداعية من جانب، وبين الإطار المهني والاجتماعي العام المحيط به، ودور هذا الإطار في إنتاج المنتج الصحفي الإبداعي. واعتبر إلهامي أن الدراسة العلمية للظاهرة الإبداعية في الكتابة الصحفية تسهم في تحقيق المزيد من التحليل والتفسير العلمي لظاهرة الإبداع عموماً، والإبداع في العمل الصحفي المكتوب، وهو ما قد يوضح هذه الظاهرة غير المحددة المعالم، ويضع لها تفسيرات علمية تتمتع بقدر من الموضوعية. وأضاف المؤلف أن كتابه يساهم في تجاوز الأحكام الانطباعية الذاتية التي يمكن أن تطلق على بعض جوانب الأداء الصحفي التحريري، خاصة ما يتسم منه بالتجديد والتفرد، إلى رحابة الموضوعية العلمية في الحكم على هذا التجديد، والمقصود بالموضوعية العملية هو "التفسير الذي يقدمه البحث للظاهرة الإبداعية يمكن الوصول إليه عند تكرار عمليات القياس، باستخدام نفس أدوات القياس والتحليل". وقال إلهامي "تتجلى أهمية هذا الكتاب في محاولته إلقاء نظرة فاحصة إلى المرحلة التي يطلق عليها في مجال الكتاب الصحفية "مرحلة ما قبل النص، وهي مرحلة ذات أهمية كبيرة في تفسير الجوانب المتعلقة بعملية الكتابة والتحرير الصحفي وتشكل النص، وهي مرحلة ربما أغفلتها البحوث العلمية الإعلامية، أو ربما درستها في سياق عابر". ويتحدث الكتاب عن المعايير التي يمكن من خلالها الحكم على الصحفيين المبدعين، أو على المناخ في المؤسسة الصحفية، ومدى قدرة هذا المناخ على تحفيز الأنشطة ذات الطابع الإبداعي، أو على تعويقها، وهو ما يساعد على إيجاد آلية يمكنها التفرقة بين الأداء التقليدي النمطي والأداء الإبداعي في عملية الكتابة الصحفية التي ترفع مستوى المنتج الصحفي وقدرته على التأثير في القارئ وإمتاعه.
|
||||