|
|||||
|
نحو ضفاف الروح (أنشودة للسؤال) لماذا إذا أوصد الليلُ بابيَ.. والذكرياتُ استبتني وحرَّقني في الظلام قميءٌ ليسمع آهي ويُخرس لحني.. وداس فؤادي زحفُ الجرادِ.. وساءلَ شيبيَ ثغرٌ فتيٌّ: لماذا هو العمرُ يمضي احتراقاً؟.. لماذا يفتَّتُ صبرُ الفؤادِ.. وتذوي على الرملِ أحلى السنينْ؟.. لماذا إذا داهمتني الظنونْ!... تذكّرتُ معنى فناء الحبيب بذات الحبيبِ، ومعنى التحام السواقي ومعنى اعتناق الغصونْ؟.. وأقعد عند ضفاف شبابي أراقبُ قافلةً من سنينٍ زُرعنَ كحباتِ قمحٍ بتلك الروابي.. وكانت نوافذُ العمرِ تُشرَعُ في المساءِ وتُسلمني الضفّتينْ فأبحرُ نحو الأقاصي التي ما استبتها الظنونْ.. وتاهتْ عيونيَ في الأفقِ.. هرولَ وجهيَ خلفَ خطايَ.. أفتِّشُ عن نخلةٍ ما سقاها غثاءُ بل الطلُّ روّى وأسقى الغصونْ.. فهفهف قلبي اشتياقاً لجذوةِ جذعٍ يلوحُ وحيداً هفوتُ إليهِ، حنوتُ عليهِ بدفقة حبّي، بلهفةِ طيرٍ حنونْ.. التفَتُّ ورائيَ.. كانت ضفافُ الروحِ تمحو خطايَ.. وتنثر في الريح دفتر عشقٍ فريدْ.. تطاردني مثل ذئبٍ تحاصره فوهات الحديدْ.. ويبحثُ عن مكمنٍ مؤتمنْ ليرخي الجفونَ التي أحرقتها ليالي الشجنْ.. وتُولم للقادمين مآدب عشقٍ مريبٍ.. فلوّحتُ بالساعدينْ.. سلاماً، ألا أيها الحاقدونَ.. سلاماً، أبالحقد ترفع دار الوطنْ؟ وأقعد عند ضفاف شبابي.. أفكّر هل كان ما كانَ وهماً ولمح سرابِ.. غداةَ الضفافُ تحاصرُ ذئبَ الفلاة الجريحِ وترميهِ من حالقٍ للمحنْ.. لماذا ضفافي تحاصرني واستجرتُ بصفصافها من عوادي الزمنْ؟!!.. وكيف تقلِّبُ لي في أماسي الغياب المريرة ظهر المجنْ.. أحقّاً ضفافي خرائبُ دمعٍ هتونْ؟.. محالٌ!! ضفافي البنفسجُ والياسمينْ.. ضفافي التألّق والزيزفونْ ضفافي الأماني العِذابُ.. الشباب العصيّ، الملاذ الأمينْ.. ولكنّها حاصرتني عشيّ انكساري.. وما كان عذراً لديها جنوني.. وأنّي أحمل في الصدرِ دفءَ الفرات وعطر الفراتِ وشوقُ الشواطئ يحنو على مقلتي في ليالي عثاري. وأقعدُ عند ضفافِ شبابي فيسألني الصحبُ: أين الطريقْ؟.. فأبكي وأبكي لأنّ الدليل أضاعَ الطريقْ.. وأشتاق للصدق في صوت الحبيب.. لدفء يعشش عند ضفاف الروح.. وأسرجُ خيليَ مجنونةً للرحيلِ.. تحمحمُ مسغبةً للصهيلِ وكانتْ شموسي تغيبُ التياعاً.. فأدخل كهف الظلامِ الملولِ فألمح في آخر الأفق وجهاً كنجم الشمال العصيّ الأفولِ يبشّ بوجهي يؤانسني حين يزهر في القلب حزنٌ ويذبل في الليل ضوء الشموعْ.. يكركر في قاع قلبي ويرشد خطوي لدرب الرجوعْ.. لماذا إذا أوجع الليلُ قلبيَ؟؟.. لماذا إذا زاحَمَ الفأرُ دربي؟؟ تذكرتُ معنى فناءِ الحبيبِ بذات الحبيبِ.. ومعنى اعتناق السواقي ومعنى غياب المحنْ.. ومعنى ائتلاق الوطنْ؟
|
||||