يوم القدس.. الإسلام.. وقيادة الحياة...

السنة الثالثة عشر ـ العدد 152 ـ (شهر شوال 1435 هـ)آب ـ 2014 م)

بقلم:الشيخ حسان عبد الله

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

يوم القدس هو يوم إحياء الإسلام هذا ما أعلنه الإمام الخميني قدس سره عندما أعلن عن هذا اليوم قد يتساءل المرء كيف يكون إحياء يوم هو بمثابة إحياء دين؟!.

والمدقق بالمعنى لا بد من أن يعكس السؤال لتتضح له الصورة، هل هناك معنى للإسلام وفلسطين مغتصبة من قبل العدو الصهيوني؟! هل إن الإسلام يمارس دوره في قيادة الأمة وأقدس المقدسات أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين أسير للإرادة الصهيونية؟!.

عند ذلك يتضح لنا أن إحياء هذا اليوم بخروج الأمة جمعاء للتظاهر فيه طلباً لتحرير الأقصى الشريف وإبقاء القضية حاضرة في أذهان الأمة يعني بالضرورة أن الإسلام لم يمت ولم يخرج عن قيادة الحياة ولذلك كان إحياء هذا اليوم بمثابة إحياء الدين.

لقد اختار الإمام الخميني قدس سره أفضل يوم من أيام المسلمين وهو يوم الجمعة وأفضل شهر من شهورهم وهو شهر رمضان شهر الصبر والتحمل ومواجهة المغريات والتنازل عن المباحات في غيره للحصول على رضا الله واختار أفضلَ ليالي هذا الشهر وهي ليلة القدر لكي يكون يوماً للقدس كل ذلك للتدليل على أهمية هذه القضية وكأنه يقول إن أفضل وأطهر وأولى وأعز قضية لا تكون إلا في أفضل يوم وشهر وليلة عند المسلمين.

السؤال الأبرز هو ماذا فعلنا نحن كمسلمين لقضية القدس؟ وهل تحتل هذه القضية الأولوية عندنا؟ هل نعتبر أن كل الإمكانات والجهود يجب أن تصب في خدمة تحرير فلسطين؟ أم لدينا قضايا وهموماً أخرى تصرفنا عن قضيتنا الأساس؟ وانطلاقاً من ذلك فلنعد إلى حال أمتنا اليوم الأمة اليوم تقودها العصبية والجاهلية وتقتل بعضها بعضا الحكام عندنا في أغلبهم عملاء وأدوات عند الأمريكان وبالتالي هم في خدمة الصهيونية لأن الأمريكان في خدمة الصهيونية. العلماء في أغلبهم إلا ما رحم ربي منساقون في خضم حرب مذهبية ودعوة للفرقة بدلا من الوحدة. فماذا تنتظرون من أمة فسد حكامها وعلمائها والرسول يقول صنفان من أمتي أن صلحا صلحت وإن فسدا فسدت العلماء والأمراء؟؟.

لا أريد أن أجعلها صورة حالكة ولكن لا يجوز لنا أن نجمل القبيح ونضحك على أنفسنا فهذا هو واقعنا وعلينا الاعتراف بالمرض لنجد العلاج أما إذا أنكرنا هذا الواقع فسنكون كالنعامة التي تدفن رأسها في التراب ظنا منها أنها بذلك لا يراها أحد.

اليوم ليبيا البلد الذي افتتح كذبة الربيع العربي يعيش الفوضى وحكم المليشيات والقبائل ولا وجدود للدولة والبلد مهدد بالتقسيم. تونس تعيش حالة عدم اتزان والتكفيريون يعيثون في الأرض فسادا والصراع مرشح للتصعيد بين لحظة وأخرى.

ومصر سُرقت انتفاضة وصحوة شعبها مرتين وعدم الأمن والأمان يسود البلد وبدلاً من أن يتوجه الجيش إلى الحدود للدفاع عنها منشغل في الداخل بملاحقة شعبه.

وفي العراق عاث التكفيريون بالأرض فساداً ولم يقدم المسئولون الجدد البديل وسط صراع مريع على السلطة وفساد مستشري في كل قطاعات الدولة ودعوات للتقسيم وكيانات تخلق من جديد  وهجمة وحشية على أهلنا المسيحيين من طردهم وتدمير لكنائسهم وإن كنا هنا نحن وهم نتعرض ولله الحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه لنفس الحملة فمقامات الأنبياء تدمر أيضا.

أما سوريا فالحرب عليها لم تتوقف ونحن في السنة الرابعة، وصمود الجيش البطل عطل المؤامرة كل محاولات الرئيس الدكتور بشار الأسد للعمل على إصلاحات جذرية إلا إنهم استمروا في حربهم لأن الهدف هو تدمير سوريا وجيشها لأنها تحتل الموقع الريادي في  المقاومة والممانعة للعدو الصهيوني.

في خضم هذا الواقع عمد العدو الصهيوني لخوض حربه على غزة ظناً منه أن الفرصة سانحة، وأن فترة طويلة من الحصار المطبق أدت إلى عدم استمرار التسليح، والعالم العربي مهيأ في جانبه المقاوم ليقف متفرجاً نتيجة للخلاف الحاصل مع حركة حماس نتيجة الوضع في سوريا. لكن ولله الحمد.. ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾. لقد كانت هذه الحرب فرصة لحصول عدة أمور نبيّنها فيما يلي:

أولاً: أدت هذه الحرب إلى إعادة اللحمة بين أبناء خط المقاومة على كافة انتماءاتهم ما أدى إلى توجيه رسالة واضحة للعالم أن هذا الخط يعتبر قضية المقاومة عنده أساس وأصل وهو مستعد لتناسى كل خلاف من أجل توفير الدعم للمجاهدين في فلسطين.

ثانياً: عاد العدو الصهيوني في نظر كثيرين ممن تاهوا في طريق العصبيات المذهبية ليكون العدو الأول والأساس لنا كعرب وكمسلمين وكأحرار في العالم.

ثالثاً: لقد أثبتت هذه الحرب أن الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت وأن الجيش الصهيوني لا يقاتل على الأرض مباشرة بل هم كما وصفهم الله في القرآن الكريم: ﴿لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ﴾(الحشر:14)، فإذا نزلوا إلى المواجهة البرية علا صراخهم وأصبحوا أكلة سائغة للمجاهدين. ولذلك فإننا نعتبر أن المقاومة ومنذ الآن انتصرت بصمود رائع لمجاهديها والتفاف أروع لشعبها  والعدو ومن وراءه باتوا يفكرون في كيفية الخروج من المأزق.

رابعاً: لقد أثبتت الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوربية الغربية وللمرة المليون أنها لا يمكن أن تكون وسيطاً عادلاً في الصراع الذي يكون طرفه العدو الصهيوني لذا فإن تعليق الآمال على هذه الدول هو غباء أو عمالة. وأن الرهان يجب أن يكون فقط على الحضور الميداني والقتال في الميدان.

خامساً: يجب على المقاومة أن تستمر في صمودها وحربها حتى تحقيق شروطها المشروعة ومن ضمنها الفك النهائي للحصار وإطلاق جميع الأسرى خصوصاً من أعيد اعتقالهم بعد صفقة شاليط والتأكيد على حق المقاومة في الدفاع المشروع عن النفس على أساس التزام العدو بعدم القيام باعتداءات جديدة.

سادساً: ننظر بعين الغضب وعدم الرضا من الموقف المصري الذي لم يصل حتى إلى ما كان يقوم به حسني مبارك ما يجعلنا نعتقد بأن الثورة قد سلبت وأميركا هي الممسكة بالقرار ومن ظنه البعض أنه عبد الناصر جديد لم يرق ليكون مبارك.

سابعاً: نحذر من قيام الحركات التكفيرية بخلق كيانات مذهبية تكون سبباً لتبرير الكيان اليهودي وكذا تدميرها للمساجد والمقامات والكنائس الذي قد يكون سبباً لهدم المسجد الأقصى كما حذر من ذلك سماحة أمين عام حزب الله حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله حفظه المولى.

ثامناً: إن الخيار الوحيد المتاح أمام قوى التحرر في العالم بشكل عام وقوى المقاومة في منطقتنا بشكل خاص هو العمل على توحيد الجهود وجمع الطاقات والبعد عن الخلافات المذهبية والعرقية والطائفية للتفرغ لمواجهة الخطر الأول على الإنسانية وهو الصهيونية وإلا فإن واقع امتنا يسير نحو الأسوأ. وهنا نؤكد على دور علماء الدين الذي يجب أن يصب في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والألفة الوطنية ودعم القضايا المحقة وعلى رأسها قضية فلسطين.

اعلى الصفحة