|
|||||||
|
"إن هناك عجزاً استخباريا كبيراً لدى الجيش الصهيوني وجهاز "الشاباك" في الوصول لمعلومات عن الصواريخ التي توجد في غزة". هذا ما قالته يديعوت أحرونوت العبرية بتاريخ 10\7\2014. وأضافت: "إن إسرائيل هاجمت خلال عملية عامود السحاب السابقة عشرات الصواريخ بعيدة المدى في بداية العملية، لكن الآن لا تعرف عنها شيئاً". وأشارت إلى أن مئات الصواريخ ما زالت تخرج من غزة دون أن يكون للجيش أو الشاباك علم أو دراية بها ولم يعلم عن أماكن وجودها مسبقاً. ولفتت إلى أن "الشاباك" يقول بأن العملية معقدة وليست كما كانت سابقا "فحماس تعمل بقدرة أكبر من خلال إخفاء الصواريخ وإطلاقها". وأضافت نقلاً عن المخابرات الصهيونية: "أي مكان نعرفه يتم استهدافه، لكن هناك نقص في المعلومات الاستخباراتية بشكل كبير وواضح". من جهته قال رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي تامير باردو، إن "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يشكل اكبر تهديد للأمن الوطني الإسرائيلي في المرحلة الراهنة". سلاح يوم القيامة "سلاح يوم القيامة" هو مصطلح عسكري يستخدم في إسرائيل منذ زمن طويل، ويشير إلى قدرة الجهات التي تقاتل إسرائيل في امتلاك أسلحة حديثة وخطيرة على الشارع الإسرائيلي. فالسلاح الجديد أكثر ما تخشاه إسرائيل حاليا في حال دخلت في معركة مع المقاومة الفلسطينية في غزة التي قد تلجأ لاستخدامه، هذا السلاح الاستراتيجي الذي تملكه وتحتفظ به للمعركة الكبيرة التي قد تنشب في أي لحظة. بات من الواضح مدى القلق الأمني والسياسي في إسرائيل من الدخول في عملية عسكرية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وقد وصل هذا القلق إلى مجلس الوزراء المصغر "الكابنيت" الذي باتت الحيرة على محياه خلال الجلسات الأخيرة المتتالية التي عقدها في قاعدة كيرياه العسكرية وسط تل أبيب. وظهر جلياً من خلال التحليلات الإسرائيلية عبر القنوات العبرية التي تابعت خطاب الناطق باسم كتائب القسام، وجلبت محلليها لدراسة ومحاولة فهم ما بين السطور من خطاب القسام، فاستخدم جميعهم مصطلح "سلاح يوم القيامة" في إشارة لسلاح المقاومة الفلسطينية. ورأى المحللون العسكريون للقناة العاشرة ألون دافيد وتسفي يحزيكلي أن خطاب كنائب القسام يظهر مدى الجاهزية لدى المقاومة وحرصها على الدخول في معركة مغايرة قد تجبر فيها إسرائيل على إعلان حالة الطوارئ وتعطيل الحياة في الغالبية العظمى من المدن الإسرائيلية، مشيرين إلى تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة حماس، محمود الزهار والمعروف بقربه من الجناح العسكري، حول وجود صواريخ لدى حركته تطال كافة المدن الإسرائيلية. وقال دافيد: ما يجري على جبهة غزة ومواصلة المقاومة إطلاق الصواريخ يؤدي بنا إلى تحليل واحد لا لبس فيه، "بأن المقاومة تريد المواجهة وتريد أن يشاهد الإسرائيليون قوتها الجديدة كما تريد أن يراها الجميع في العالم، معتبرا التصعيد المتواصل بأنه سيهيئ الفرصة لبدء المعركة قريبا، وأن إسرائيل لديها حسابات معقدة بشأن الدخول في مثل هذه العملية خشيةً من السلاح الاستراتيجي لدى حماس. من جانبها، كتبت صحيفة معاريف العبرية، على صدر صفحاتها يوم الجمعة 11\7\2014، معلقةً على خطاب القسام: "تطور نوعي وراء تهديدات القسام"، مشيرةً إلى أن ذلك يرجع لعمل القائد الجديد للقسام مروان عيسى الذي خلف أحمد الجعبري. لافتةً إلى أن القائد العام للكتائب محمد الضيف لا زال يدفع بخبرته من أجل قيادة الكتائب نحو مزيد من التقدم العسكري. وأشارت الصحيفة إلى اعتماد المقاومة على صناعة الصواريخ ذاتياً وأنها تمتلك عشرات الصواريخ التي تصل تل أبيب المدينة، حيث ستكون تحت دائرة الاستهداف مع بداية أي عملية عسكرية على غزة. لافتةً للعتاد العسكري الآخر للمقاومة والذي يغطي دائرة مستوطنات غلاف غزة بالإضافة للأنفاق الهجومية والدفاعية وأماكن تخزين السلاح والصواريخ أسفل الأرض. وأضافت: "المقاومة تعاني أسوأ أزماتها الاقتصادية ولم يعد لديها ما تخسره". مشيرةً لاختفاء قيادة المقاومة عن الأنظار وربما أصبحوا الآن تحت الأرض. وفقا للصحيفة. فيما قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في نفس التاريخ، إن إسرائيل وحماس لا ترغبان في التصعيد العسكري، وأن هناك قلقا لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من القدرات العسكرية المحسنة لحركة حماس في قطاع غزة. وحسب الصحيفة، فإن حماس منذ عملية عامود السحاب، عملت على تعزيز قواتها العسكرية من خلال إنتاج الصواريخ بعيدة المدى ذاتياً التي بإمكانها أن تصل إلى غوش دان "تل أبيب" ومدن أخرى، في حين حسنت من عمليات حفرها للأنفاق وهذا ما ظهر جلياً في النفق المكتشف العام الماضي داخل كيبوتس العين الثالثة والذي اكتشف من قبل الجيش الإسرائيلي وتم تدميره. وتقول الصحيفة: من الواضح أنه سيكون لحماس في المعركة المقبلة لديها إمكانيات وقدرات عسكرية سيجعلها أكثر قوة مما لم يسبق لها مثيل. ولعل الترجيحات الإسرائيلية في هذا الصدد نابعةً من معلومات استخبارية، فقد نشرت كتائب القسام عبر موقعها الرسمي يوم 11\7\2014 صورة لمقاوم يحمل صاروخا ومن خلفه راجمة صواريخ ونيران تشتعل وكتب أسفلها باللغتين العربية والعبرية "كل المدن قريبة إلى غزة". في إشارة إلى أن كل المدن الإسرائيلية في مرمى صواريخ القسام. كسر هيبة الجيش الإسرائيلي رأى محللون سياسيون فلسطينيون وإسرائيليون، نقلاً عن فلسطين أون لاين، 13/7/2014, أن إعلان كتائب عز الدين القسام، نيتها توجيه ضربة عسكرية صاروخية لمدينة (تل أبيب) وسط (إسرائيل)، قبل ساعة من التنفيذ، هدف لإثبات قوة الردع الفلسطينية، وقدرتها على تنفيذ تهديداتها على الرغم من القوة التي يمتلكها جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتحليق المكثف لطائرات الاستطلاع والمروحية والحربية في سماء غزة. وأكدوا أن "القسام" نجح في "كسر هيبة الجيش الإسرائيلي"، وتسبب بـ"صدمة نفسية عميقة" للإسرائيليين، و"تلاعب بأعصاب" القيادة الإسرائيلية. ورأوا أن حركة "حماس" تمكنت من تسجيل نقطة لصالحها في الحرب النفسية ضد (إسرائيل)، عندما نجحت في إطلاق صواريخ على (تل أبيب) في الموعد الذي كانت قد حددته مسبقاً في بيان معلن. وكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام، أعلنت في بيان أنها "ستوجه ضربة عسكرية صاروخية لمنطقة (تل أبيب) وضواحيها الجنوبية بصواريخ من نوع J80 عند الساعة التاسعة من مساء يوم السبت 12 من تموز/ يوليو في إطار معركة العصف المأكول المستمرة للرد على العدوان الصهيوني الهمجي ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة" متوعدة (إسرائيل) بالقول "فلينتظر العدو صواريخنا في ذلك التوقيت". وفعلاً وفي الساعة التاسعة وسبع دقائق كانت صافرات الإنذار تدوي في منطقة (تل أبيب) وبحسب بيتر ليرنر، المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن صافرات الإنذار دوت مرتين. وقال هاني البسوس أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، إن "كتائب القسام أرادت من وراء إعلانها، كسر هيبة الجيش الإسرائيلي، وإثبات أنها تمتلك قوة تستطيع من خلالها ردع قوات الاحتلال وتستطيع أن تنفذ ما وعدت به فبعد الساعة المحددة لضرب (تل أبيب) نفذت الكتائب وعدها". وأضاف البسوس أن "كتائب القسام أثبتت للعالم أن لديها من الإمكانيات التي تستطيع من خلالها قصف المدن الإسرائيلية، بدون أن تكشف (إسرائيل) مكان انطلاق الصواريخ، أو تستطيع منع وصولها لـ(تل أبيب)"، موضحاً أن "القسام" استخدمت هذا "التكتيك الجديد" لتثبت أنها تستطيع نقل المعركة من غزة لداخل (إسرائيل). وأشار إلى أن تهديد القسام تسبب بصدمة نفسية عميقة للإسرائيليين، وتلاعب بأعصاب القيادة الإسرائيلية. وقال إن استخدام المتحدث باسم كتائب القسام لكلمة "بعد الساعة التاسعة" يدل على أن القصف سيتواصل ولن يقتصر على ساعة محددة. بدوره، قال المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري، إن حركة حماس، هدفت من وراء هذه العملية، إلى تسجيل انتصار ما ضد (إسرائيل)، وقد نجحت في ذلك. وأضاف المصري، وهو مدير مركز "بدائل"، للدراسات والأبحاث، في مدينة رام الله: "حماس بحاجة إلى انتصار في هذه الحرب وقد نجحت بتحقيق انتصار في الحرب النفسية على الإسرائيليين"، مضيفاً:" حماس أعلنت أنها ستطلق صواريخ على (تل أبيب)، وقد نجحت، وهذه نقطة تسجل لصالح حماس رغم إمكانياتها المحدودة". على الجانب الآخر، قال آفي لسخارف، المحلل السياسي الإسرائيلي، في موقع (واللا) الإخباري الإسرائيلي المستقل، إن ما قامت به حماس يأتي في إطار الحرب النفسية، وقد نجحت في هدفها. وأضاف لسخارف الذي تواجد في(تل أبيب) لحظة إطلاق الصواريخ: "من لحظة إعلان حماس نيتها إطلاق صواريخ على(تل أبيب) في الساعة التاسعة مساءً، كان الشارع في(تل أبيب) بانتظار ما إذا كانت حماس ستنجح في تنفيذ إعلانها، وفي نهاية الأمر فقد حدث إطلاق الصواريخ في الموعد، وفيما بعد عادت الحياة إلى روتينها في المدينة"، ملفتاً إلى أنه عند إطلاق صافرات الإنذار "توجه الناس إلى الملاجئ". من جانبه، كتب دانيال نيسمان، المحلل السياسي الإسرائيلي، في تغريدة على حسابه في موقع (تويتر)، وسط إطلاق صافرات الإنذار في (تل أبيب): "الهجوم الصاروخي على (تل أبيب) ووسط (إسرائيل)، وهو الأكبر منذ حرب 1948، ما زال مستمراً"، في إشارة إلى إطلاق صافرات الإنذار مرتين . بدوره كتب المحلل السياسي الإسرائيلي، يوسي ميلمان على حسابه في موقع (تويتر): "كان هذا هو الهجوم الأكبر على تل أبيب في وقت واحد منذ العام 1948، حينما قصفت الطائرات المصرية المدينة، ومنذ إطلاق صواريخ سكاد العراقية على المدينة عام 1991". وقد استضافت المحطة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، نادلة في مطعم في (تل أبيب)، وقالت إن أحد الزبائن طلب منها الإسراع في جلب طلبه، بسبب القصف المتوقع على (تل أبيب) الساعة التاسعة. خلافات إسرائيلية داخلية بعد التلخيصات الأولية للعملية الحربية على غزة "الجرف الصامد"، فإن النقاش المتصاعد في أروقة الحكم في إسرائيل، تركز على الاجتياح البري للقطاع وإذا ما سيكون سلاح الجو قادراً أم عاجزاً عن القضاء على قواعد الصواريخ وحده من دون مساعدة برية، واحتدم هذا النقاش مع تكثيف إطلاق الصواريخ على تل أبيب ووصولها إلى مشارف حيفا وعلى مقربة من المفاعل النووي في ديمونة. وترافق النقاش مع التحذير من مفاجآت يمكن أن تواجه الجيش الإسرائيلي عند إعادة احتلال القطاع، بخاصة بعد كشف الأنفاق الضخمة التي تقيمها المقاومة، واحتمال نصب الكمائن للجيش والتخطيط لعمليات نوعية. الوزراء في المجلس الوزاري المصغر وأعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، من اليمين الإسرائيلي، دفعوا باتجاه عملية برية لتصفية المقاومة وإضعافها قبل أن تستعيد تأييدها الجماهيري. لكن القيادة والاستخبارات العامة لم تحسم القرار لأنها ترى غير ذلك فسلطة حماس –حسب زعمهم- تكرس الصراعات الداخلية بين الفلسطينيين وتبقي للجيش الإسرائيلي حرية شن حرب على القطاع متى يشاء. وتغلغل هذا الخلاف إلى وزارة الخارجية، إذ أن الخبراء والسلك الدبلوماسي يرون أن الاجتياح البري سيكلف ثمناً باهظاً للدبلوماسية الإسرائيلية، فكلما زاد عدد القتلى المدنيين في القطاع، يقل التأييد الدولي لإسرائيل وتزداد احتمالات تشكيل لجنة تحقيق دولية على نمط لجنة غولدستون. بينما يرى وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، أن تصفية المقاومة ستعزز علاقات إسرائيل مع الدول العربية التي تكافح الإرهاب وهذا بدوره يساعد على إبقاء وتعزيز التأييد الدولي لإسرائيل. وقد أمر ليبرمان السلك الدبلوماسي الانطلاق في حملة شرح وإقناع في دول العالم بضرورة تصفية المقاومة. وبدأ هذه الحملة بنفسه، من خلال إجراء سلسلة اتصالات هاتفية مع مختلف القادة في دول العالم. ويرى ليبرمان وغيره من زعماء اليمين السياسي المتطرف، أن عدم وقوع خسائر بشرية بين الإسرائيليين، يساعد على مواصلة التصعيد. فالجمهور الإسرائيلي يؤيد بغالبيته العمليات الحالية، على رغم أن القصف الصاروخي من غزة بات يصل إلى تل أبيب وحيفا، ومفاعل ديمونة النووي في النقب. وهم يريدون تصفية حماس ومخزونها الصاروخي قبل أن يتفاقم أكثر ويهدد مواقع إستراتيجية تتسبب في كارثة (مثل قصف المفاعل النووي أو مصانع تكرير البترول والكيماويات أو مجمع تجاري تقع فيه ضحايا كثيرة). ومع أن الجيش يميل إلى موقف الاستخبارات، ويرى أن الوضع يستدعي بداية القيام بعمليات قصف تتصاعد بالتدريج بلا عملية اجتياح تكلفه ثمناً باهظاً من الضحايا، إلا أنه يؤيد استخدام العملية البرية كتهديد فعلي، أي بالترافق مع خطوات عملية. ولذلك استدعى 40 ألف جندي من قوات الاحتياط وأرسل أرتال الدبابات التابعة لثلاثة ألوية. ولكنه يعتمد على عمليات الضغط الجوي والاغتيالات. ويقول إنه طالما لا توجد خسائر بشرية في البلدات الإسرائيلية فإن مسار عملياته الحالي يجب أن لا يتغير. ويقف نتنياهو محايداً بين الطرفين، مع الميل لموقف الجيش وهو ما دفعه إلى الإعلان، في أعقاب المطلب المصري بوقف قصف غزة، أن إسرائيل "قررت زيادة الهجمات على حماس والتنظيمات الإرهابية في غزة، وأن الجيش على استعداد لكل الاحتمالات، بما في ذلك الاجتياح البري". وتطرق إلى قلة الخسائر البشرية بشكل غير مباشر قائلاً: "الجبهة الداخلية الصامدة في إسرائيل هي الرد على التنظيمات الإرهابية التي تسعى إلى المس بنا". وأضاف: "إن العملية ستتواصل حتى يتوقف إطلاق النار على بلداتنا ويعود الهدوء". ومواصلة العملية، في هذه المرحلة تكمن في تنفيذ سلاح الجو ضرباته، وفي حال استنفذ بنك أهدافه وتواصل قصف الصواريخ على إسرائيل، أي عدم تنفيذ أهداف العملية، ولم تنجح جهود الوساطة بتحقيق التهدئة فلن يكون أمام إسرائيل إلا تنفيذ عملية برية. وبحسب التوقعات الإسرائيلية فإن بنك أهداف سلاح الجو يستغرق أسبوعاً. وفي التوقعات الإسرائيلية فإنه لدى صدور قرار بالاجتياح البري لن يتم السعي إلى احتلال القطاع وتحطيم "حماس"، وإنما الاكتفاء بأهداف أقل تواضعاً وقابلة للتحقيق كتقليص القصف الصاروخي أو إصابة منظومات إستراتيجية لحماس، يصعب معالجتها بالقصف الجوي. وقبل الوصول إلى استنفاد بنك أهداف سلاح الجو، تعمل أجهزة الاستخبارات والشاباك للحصول على المزيد من المعلومات حول حماس وصواريخها لتوفير أهداف جديدة لسلاح الجو، على أمل أن تكون الهجمات الجوية كافية لإخماد النيران فلا يتحتم إرسال القوات البرية بشكل مكثف، وإنما بشكل موضعي لتحقيق أهداف معينة فقط. وفي التقديرات الإسرائيلية فإن حماس تملك من الصواريخ ما يبقيها قادرة على إطلاقها لمدة أسبوعين. وفي أية عملية برية سيواجه الجيش مفاجآت تستخدمها ورقة ضغط، كالطائرات من دون طيار التي يمكنها الانفجار في قواعد عسكرية، أو صواريخ من طراز جديد، أو عملية كوماندوس مثيرة، أو إصابة مفاعل ديمونة أو أي منشأة استراتيجية أخرى. على الرغم من كل ما حاولت إسرائيل إظهاره وكأنه "بطولات"، خلال ترويج الجيش لصور اعتراض خلية فلسطينية وتصفية جميع أفرادها الخمسة، الذين تسللوا عبر البحر باتجاه قاعدة لسلاح البحرية، شمال غزة، إلا أن عسكريين وأمنيين وصفوها بالعملية الجريئة، ومثل هذه الجرأة أثارت نقاشاً لجهة ما قد يعترض مخططات الاجتياح البري لدى دخول الجيش إلى قلب غزة. وفي نقاش المعارضين للحملة ما اعتبره إسرائيليون دروس حزب الله في غزة، أي أن "حماس" تعلم كيف استطاع حزب الله أن يحافظ على ترسانته الصاروخية ويطورها ما بين عام ألفين وحرب تموز. غزة، بحسب الإسرائيليين، مبنية كفخ، وفي حال انطلاق إسرائيل إلى عملية برية فإنها ستكون الحرب الحقيقية، فوق وتحت الأرض، فتحت المدينة هناك مدينة من الأنفاق، التي يمكن لحماس أن تستخدمها لاختطاف جنود. وعلى الرغم من أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لم تعرض صورة حقيقية لوضع القدرات العسكرية لحماس، خلال الاجتماعات التي عقدت مع المجلس الوزاري المصغر إلا أن الشاباك وأجهزة الاستخبارات، خرجوا في اليوم الثالث من العملية بتقارير تستعرض معطيات عن حيازة حماس للصواريخ، في محاولة لإظهار أن إسرائيل، وقبل دخولها في عملية اجتياح لديها بنك أهداف وخريطة لمخازن هذه الأسلحة وقدراتها، وهو أمر جاء مناقضاً لما طرحه عسكريون وأمنيون. فقد خرج ضابط رفيع في سلاح الجو الإسرائيلي بتصريحات لوسائل إعلامية إسرائيلية يقول من دون ألغاز ولا تلعثم أنه لو كان سلاح الجو يعرف أين تتواجد الصواريخ طويلة المدى لقام بقصفها. وبأن سلاح الجو "لا يعرف كل شيء، ولا يمكنه مهاجمة كل شيء". ووفق الضابط فقد تمكن الجيش خلال عملية عمود السحاب بفضل المعلومات الاستخبارية الدقيقة، من تدمير غالبية الصواريخ طويلة المدى في قطاع غزة، ولكن، يضيف: "إن الحديث كان في حينه عن عدد قليل من الصواريخ، أما الآن، فهناك مئات الصواريخ التي تصل إلى أبعد من 40 كيلومتراً". ومن دون أن يوجه إليه أي سؤال قال هذا الضابط: "لم ألمح إلى عدم وجود استخبارات لنا، وإنما إلى محدودية فعالية حتى أفضل الاستخبارات التي نملكها". وقال إن سلاح الجو يهاجم الأهداف بشكل واسع بحسب ما يملكه من معلومات توفرها قيادة الجنوب وشعبة الاستخبارات العسكرية والشاباك". وبحسب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فإن "حماس" تملك مئات الصواريخ التي يصل مداها إلى 80 كيلومتراً. كما يتكهن الجيش بحيازتها صواريخ M302 التي يصل مداها إلى 150 كيلومتراً. وفي تقارير الشاباك فقد طورت حماس قوتها العسكرية ومستوى عملياتها، بشكل كبير منذ عمود السحاب. وعملت على إعادة بناء قوتها الصاروخية بخاصة بواسطة أسلحة مصدرها إيران. ويدعي الشاباك أن حماس قامت بتفعيل شبكة لتهريب الأسلحة عبر السودان وليبيا ودول أخرى، تصل إليها الأسلحة ويتم تحويلها إلى القطاع عبر سيناء. تطور قدرات المقاومة إن أداء المقاومة الفلسطينية في العدوان الإسرائيلي "حرب غزة الثالثة" يشير إلى تطور إيجابي متواصل في قوة النيران الصاروخية, وفي دقة توجيهها نحو أهدافها داخل فلسطين المحتلة, وفي بعد مداها الذي يصل إلى تل أبيب و ما بعدها, وفي حرص المقاومة على عناصرها البشرية المكلفّة بضرب الصواريخ و كذلك مقدراتها الصاروخية عن طريق نجاحها في التخّفي عن أعين العدو الالكترونية في الجو, وأعينه البشرية من العملاء على الأرض, وذلك بعد أن استفادت من تجاربها السابقة لاسيما في حربي غزة الأولى والثانية. وأصبحنا نقف أمام مقاومة محترفة تطور نفسها وتراكم الخبرة وتضاعف عناصر القوة لديها و تستفيد من نقاط ضعف العدو خاصة في جبهته الداخلية وحساسيته من الخسائر البشرية وقصر نفسه في حروب الاستنزاف الممتدة. وعلى الرغم من أهمية كل ما سبق إلا أن الأهم منه هو أن المقاومة الفلسطينية التي تمثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي بأجنحتهما العسكرية كتائب القسام وسرايا القدس عمودها الفقري استطاعت من خلال دك عمق الكيان الصهيوني بالصواريخ أن تضرب المشروع الصهيوني في مقتل - وليس فقط نظريته الأمنية - فمن أهم ركائز المشروع الصهيوني هو أن الكيان الصهيوني هو المكان الأكثر أمنا في العالم لليهود سواء الأمن الفردي لليهودي الصهيوني أو الأمن القومي لليهود كأمة واحدة كما تتزعم الأيديولوجية الصهيونية. وبناء على هذه المقولة تم ويتم جلب اليهود من كل أنحاء الأرض ليستوطنوا في فلسطين, وليحقق كل يهودي يؤمن بالفكرة الصهيونية حلمه في أرض الميعاد, وليحقق اليهود الصهاينة حلمهم في وطن قومي آمن يستطيعوا أن يمارسوا فيه غطرستهم وعلوهم وإفسادهم المستمد من تاريخهم الأسود وتلمودهم المزيف. ولكن ما يحدث اليوم في حرب غزة الثالثة وما حدث في الحروب السابقة وغيرها من جولات الصراع العديدة التي ضربت فيها المقاومة جنوب الكيان الصهيوني ومركزه وعمقه في القدس وتل أبيب وحيفا يقوّض أساس المشروع الصهيوني؛ لأنه يجعل هذا الكيان غير آمن لليهود القادمين من شتى أرجاء الأرض بحثا عن الأمن وإرضاء لطبيعتهم العنصرية التي تجعلهم لا يستطيعون الاندماج مع الشعوب التي آوتهم في بلادها, وبالتالي فان صواريخ المقاومة إضافة إلى أنها تمثل ردا على جرائم العدو تجاه أبناء شعبنا فهي تقوم بدور استراتيجي يخدم هدف تحرير فلسطين بتدمير أهم الأسس التي يقوم عليها المشروع الصهيوني وكيانه الغاصب . بل إن الدور الاستراتيجي لصواريخ المقاومة يمكن أن يتجاوز ذلك لو تم توظيفه في مشروع متكامل لتحرير فلسطين بشكل جدي عن طريق بناء مشروع وطني فلسطيني يستند على المقاومة – وليس المفاوضات الفاشلة -, ويستند إلى توحيد فصائل العمل الوطني والإسلامي حول هذا المشروع , وكذلك على حاضنة شعبية صامدة تحتضن المقاومة وتدعمها المقاومة لتواصل صمودها الأسطوري , وكذلك ترتكز على محور عربي وإسلامي رسمي و شعبي داعم للمقاومة بالكلمة الطيبة والموقف الصحيح والمال المقاوم و السلاح الفعّال , وتستند إلى الشرعية الدولية الحقيقية التي تعطي الحق للشعوب المحتلة أن تقاوم محتليها لتحقق استقلالها وحريتها. وفي الختام أن الذي يضمن عدم ضياع هذه الدماء الزكية التي ملأت ثرى أرض الإسراء المباركة أن توّظف هذه الجولة من الصراع مع العدو الصهيوني في إطار إستراتيجية التحرير المتكاملة لفلسطين انطلاقا من تراكم الفعل الجهادي المقاوم وخصوصاً القدرات الصاروخية للمقاومة التي حطمت نظرية الأمن الصهيونية وهي في طريقها لتدمير الأساس الذي يقوم عليه المشروع الصهيوني. |
||||||