|
|||||||
|
"إن مسألة عدم تبني عملية الخليل لغاية الآن لها دلالات هامة ويجب التعمق في أهدافها، فهي تدلل على مستوى الشعور بالأمن الذي يعيشه الخاطفون في مخبأهم". هذا ما أكده وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق شاؤول موفاز. وقال موفاز في حديث نقلته صحيفة "معاريف" العبرية يوم الاثنين 16\6\2014، إن "تأخر تبني العملية يشير أيضًا إلى تورط قادة التنظيم في عملية الخطف وأهدافها"، مؤكدا أن "إسرائيل" سترد بشكل قاسٍ في حال المساس بالمستوطنين الثلاثة المفقودين. بدوره شدد رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية بيني غانتس على أن جيشه يعمل كل ما بوسعه للوصول إلى نهاية لعملية الخليل، واصفاً إياها بـ"الخطرة جداً"، مشيراً إلى أن التركيز حالياً ينصب على إعادة المستوطنين أحياء وضرب حماس بشكل موجع. وأشار غانتس خلال جلسة خاصة عقدت في مقر لواء جنوب الضفة لمناقشة تداعيات الموقف وسير الخطط العسكرية إلى أن الجيش مخول بالعمل في كل مكان يستلزم العمل ويعمل وفقاً لتعليمات المستوى السياسي الإسرائيلي. وأردف قائلاً: "سنواصل هذه العملية وسنستخدم كل طاقاتنا للوصول إلى نهاية سريعة قدر الإمكان مع إبقاء أعيننا مفتوحة على باقي الجبهات سواء في غزة أو الحدود الشمالية، وسنعمل بحزم كما كنا حتى الآن لتحقيق الإنجازات الميدانية". وامتدح غانتس قوات جيشه العاملة بشكل عام وفي الخليل بشكل خاص، قائلاً "إننا أمام عملية واسعة النطاق ومعركة حقيقية وأمامنا هدف واحد وهو إعادة الأبناء أحياء إلى بيوتهم" على حد تعبيره. المشهد العام بعد أكثر من عشرين عاماً على اتفاقية أوسلو وملاحقها، فإن الأراضي الفلسطينية المحتلة والخاضعة لإدارة السلطة، تشبه سجناً كبيراً, حيث كان المفترض أن يكون هناك مرحلة انتقالية سقفها خمس سنوات، تنطلق خلالها مفاوضات الوضع النهائي، وصولا إلى رحيل الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة بجوار الكيان الإسرائيلي. إلا أن الذي حصل أنه بعد عقدين في مختبر التجارب، تحوّلت السلطة إلى مقاول محلي للاحتلال؛ تحمل عنه عبء إدارة الشؤون الحياتية والخدمية للفلسطينيين، بينما تستكمل إسرائيل مشروعها التوسعي. فالمستوطنات تتمدد على قمم التلال والجبال، لتزنر المناطق الفلسطينية، وتخنق معها الأمل بتسوية مقبولة للفلسطينيين. أما جدار الفصل العنصري فقد تمدّد في سنوات ليحول دون وصول سكان الضفة الغربية إلى إسرائيل أو المستوطنات، مقطّعا أوصال الدولة المنشودة. في الأثناء، تحولت الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية إلى ذراع ضمن المنظومة الأمنية الإسرائيلية لحماية دولة الاحتلال التي تتحكم بأدق تفاصيل حياة الفلسطينيين ورئيسهم غير القادر حتى على السفر إلى الأردن من دون تنسيق مسبق. لذلك نجد أن غالبية الفلسطينيين اليوم، على قناعة بأن المستقبل الآتي لا يحمل حلاً سياسياً، وأن البناء والصمود والمقاومة هي الطريقة الفضلى لإدارة حياتهم. لقد غدت حياة الفلسطينيين صعبة ومؤلمة مع تكشّف كذبة مفاوضات السلام التي أصبحت مهنة لفريق التفاوض في منطقة؛ أقلية فيها ما تزال تؤمن بخيار التفاوض السلمي. "قبل أوسلو، كان بإمكاني الذهاب إلى يافا للاستجمام والسباحة في مياه البحر. اليوم، أصبحت أسير جدار إسرائيل وحدود سلطة السلطة" يقول مواطن. فلسطيني آخر ضمن ما يسمى المنطقة (ج) -حيث السيطرة لإسرائيل أمنياً وإدارياً- غير قادر على بناء شقة فوق منزل والده ليسكنه مع زوجته، لأن إسرائيل لا تمنح تراخيص بناء هناك، بهدف إبقاء الفلسطينيين داخل المناطق الخاضعة تماما لإشراف السلطة (المنطقة (ج) تغطي 61 % من مساحة الضفة الغربية، وهي تشكل بدورها 22 % من فلسطين التاريخية). وحين لجأ هذا الشاب إلى محام إسرائيلي على أمل استصدار إذن أشغال تشييد الشقة، أطاحت بها الجرافات الإسرائيلية أمام عينيه. فلسطيني ثالث اعتقل 18 مرة في إسرائيل بعد القبض عليه متسللاً للعمل هناك، حيث الأجر ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه في المناطق الفلسطينية "المحررة". أما سكان مدينة القدس ممن يزاوجون بين الجنسية الأردنية وهوية إسرائيل، هم مثار حسد أقرانهم في سائر الضفة الغربية. فالهوية توفر لهم مزايا مجانية، وحقوقاً مشابهة لما ينعم به الإسرائيليون، بما في ذلك فرص عمل بأجور مرتفعة. مع ذلك، يشتكي معظم هؤلاء من عدم استطاعتهم توسعة عقاراتهم لتواكب التزايد السكاني، فيلجأ بعضهم إلى استئجار شقق في أراضي السلطة، حيث المساحات أكبر وأقل سعراً. ويقيم المقدسيون بين المنطقتين وسط رعب دائم من انكشاف أمرهم، فيفقدوا حق الإقامة. يحق لسكان القدس التجول داخل إسرائيل والعمل فيها، وطبعاً، هناك تداخل بين الأمني والسياسي. وحدها غزة لا يستطيعون زيارتها. الانتقال من رام الله إلى بيت لحم قبل "أوسلو" كان يتم في 20 دقيقة. اليوم، يأخذ 90 دقيقة بسبب الجدار والحواجز. الاقتصاد الفلسطيني يعتمد على إسرائيل. ثمة شكوى في رام الله من استفادة أقلية من اتفاقية أوسلو وتبعاتها. وتعتمد هذه الفئة على العمل في مؤسسات السلطة أو تنفيذ المشاريع الرسمية، بعد أن كانت تعيش في المنافي. البطالة والفقر في تنامٍ، وحال الحريات السياسية والإعلامية في تراجع. فالأجهزة الأمنية لا تحتمل حتى تظاهرة للصحفيين، فتفرقهم بالضرب، كما حصل في رام الله مؤخراً، فيما شبهات الفساد تتناسل. في الخندق الآخر، يشكّل الوضع القائم مصدر راحة بال للإسرائيليين. حياتهم تسير بسلاسة؛ يعملون، ويسهرون، ويستحمون في مياه البحر، بعد أن تخلصوا من كابوس إدارة غالبية مناطق الضفة، وأبعد الجدار "شر العمليات الانتحارية" التي عايشوها في بدايات "أوسلو". لم يعودوا يكترثون بما يحصل في مناطق "السلطة"، ولا يشعرون بحاجة إلى تغيير الوضع القائم، ما لم يرتفع الثمن عليهم. الإسرائيليون يمارسون رياضاتهم المفضلة على الكورنيش كل يوم، غير مبالين بمعاناة الفلسطينيين على يد حكومتهم، لا يأبهون بالجدل الدائر بين الفلسطينيين بين مؤيد للسلطة ومناوئ لها، وبين من يريد تغييرها عبر انتخابات رئاسية وتشريعية تعيد ثقة الناس، ومن يعتقد أن الجهاد والانتفاضات والعنف هي الوسيلة الوحيدة لإجبار إسرائيل على إنهاء الاحتلال. جدل متنام حول ضرورة تخلي عباس عن السلطة، ومراجعة سياسة التفاوض التي يؤمن بها مع أقلية كخيار أساسي، وسط انتقادات لطريقة إدارة التفاوض، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين على إخفاقهم في وقف استفحال سرطان المستعمرات والجدار. وثمّة سجالات حول أسباب رفض عباس الانضمام إلى معاهدة روما ومحكمتي الجنائية الدولية والعدل الدولية؛ مفاتيح محاكمة قادة الاحتلال على أنهم مجرمون. وهناك نقاشات حول استدامة حكومة المصالحة، والتوافق بين "فتح" و"حماس" لإدارة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة وملء الفراغ السياسي. حكومة تشكلت من منطلقات تكتيكية آنية؛ إذ إنها تأتي عقب انهيار مفاوضات السلام برعاية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وعجز "حماس" عن تمويل إدارة قطاع غزة، مع وجود قرابة مليوني فلسطيني تحت حصار مزدوج: إسرائيلي ومصري. مفارقات مؤلمة في رقعة جغرافية صغيرة: فلسطينيون تحت سلطة وطنية يعتمدون على ما تبقّى من روح نضالية ورغبة في الصمود لدحر الاحتلال يوماً ما، ربما عندما تتغير موازين القوى. ودول غربية تغدق مئات الملايين لمساعدة "السلطة" على إدارة الحكم الانتقالي إلى ما لا نهاية، ما يتيح لإسرائيل شراء الوقت. أطقم من الأمم المتحدة يتنقل أفرادها بمركبات رباعية الدفع، بأمل تقديم العون للفلسطينيين، لكنهم عاجزون -حال أمريكا وأوروبا- عن فرض السلام. في الأثناء، تتعمق مخارج لدى "السلطة"، وإسرائيل، والأردن وسائر المجتمع الدولي، تقود إلى مستقبل بلا حل على المدى المنظور. ويصر الرئيس عباس - في غياب حل بديل يتعدى الشعارات والعواطف - على الانتشاء بالأداء الفلسطيني الذي تحدّى إسرائيل للفوز بعضوية أذرع الأمم المتحدة، بعد رفضها إطلاق سراح الوجبة الرابعة من الأسرى. في الأثناء، تتكشف الصورة الحقيقية. فإسرائيل لا تريد حلا، وتضييقها على الفلسطينيين بات سُنة الحياة، قبل أن تطلق إسرائيل حملتها الأمنية الأخيرة في الضفة الغربية، تحت عنوان "تنظيف الإسطبلات"؛ لتفكيك بنية المقاومة التحتية، انتقاما لاختطاف ثلاثة مستوطنين. فشل استخباراتي إن المشهد الحالي وحسب مصادر إسرائيلية أن عملية الخطف هذه أو الأسر والتي تمت في محافظة الخليل اكبر المدن الفلسطينية هي العملية الأعقد والأخطر والأدق والأكثر تخطيطاً وحنكة، وأنه لم يكن هناك لدى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي أي إنذارات مسبقة بنية الخطف وهذه سابقة لم نشهدها في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والذين دوماً كانوا يظهرون قدرة جهاز الاستخبارات وقوة مصادرة قبل وقوع الحدث، ومن هنا ومن متابعة الأحداث وجب الوقوف عند عدة نقاط هامة وأولها, أن لذلك تداعيات وسيناريوهات مهمة ستحدث بناء على ما سبق سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي ولعل أهمها إيصال رسالة قوية إلى حكومة نتنياهو مفادها أن الاستهتار الزائد والمتزايد بحقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم الأسرى ستدفع ثمنه حكومة إسرائيل وان الطريق بات مسدوداً لأي أفق سياسي في التوصل لحل المسائل الفلسطينية من خلال الحوار والتفاوض ومن هنا جاء التدخل الذاتي لحل هذا الملف (ملف الأسرى) وفق أخطر الطرق التي تكرهها إسرائيل وهي أسر لجنودها وان هذه العملية هزت كيانها وزعزعة صورتها الأمنية وقللت من شأن قوة استخباراتها الخيالية، ولعل الرسالة الأهم التي يرسلها الخاطفين إلى حكومة تل أبيب من خلال هذه العملية أن المحرم لديكم وربما لدينا في أسر الجنود على أرض الضفة الغربية بات مسموحاً ومباحاً على الرغم من صعوبة المكان، حيث أن المقاومة لم تنجح بذلك سابقاً وإن نجحت لم تستطع الاحتفاظ بالمأسورين لمدة طويلة، ومن هنا على حكومة نتنياهو أن تدق ناقوس الخطر الفعلي في نجاح هذه العملية المعقدة لأنها ربما تكون البداية لا أكثر. وهناك عدة تساؤلات تجوب في المكان وتحلق بذهن المحلل المتابع وأولها، لماذا هذا التوقيت بالذات وبعد إتمام المصالحة الفلسطينية ولماذا تسارع إسرائيل لاتهام حماس بها على الرغم من عدم الإعلان رسمياً من قبلها عن المسؤولية عن ذلك، وهنا الإجماع الفلسطيني يحبذ هكذا عمليات للمقاومة لأنها تدخل في تحرير الأسرى ونصرتهم إلا أن المنطق يقول هل ستدفع السلطة الثمن لذلك من قتل المشروع الوطني وهدم مؤسسات السلطة وتزايد الاعتقالات والهدم وعودة الاقتحامات.. وسيزف الشهداء وتتداخل الأوراق لتصنع حدثاً جديداً خططت له إسرائيل مسبقاً؟؟. الأيام القادمة ستتضح الصورة وسنعلم.. ويواجه جيش العدو الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) صعوبات كبيرة في الكشف والوصول إلى خلايا فلسطينية مسلحة في مدينة الخليل ومنطقتها. وفيما لم تتمكن هذه الأجهزة الأمنية من الوصول إلى طرف خيط يقودها إلى تحرير المستوطنين المخطوفين الثلاثة، ولا حتى إلى هوية خاطفيهم. وذكر تقرير نشره موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تصف مدينة الخليل بأنها "عاصمة حماس" و"مركز للإرهاب"، لكن هذه الأجهزة تؤكد أنه توجد في المدينة عناصر أكثر تطرفاً من حماس، بينها خلايا جهادية. ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن ضابط إسرائيلي قوله في محاولة تفسير صعوبة الوصول إلى منفذي عمليات كهذه، إن "الخليل هي مدينة متدينة جدا ويسهل فيها تخبئة مخربين بسبب مساحتها الكبيرة. وكل واحدة من البلدات المحيطة بها، الظاهرية ويطا وبني نعيم ودورا وحلحول، هي بحجم مدينة صغيرة في إسرائيل. والمشكلة هي بوجود تواصل جغرافي مأهول بين قسم من هذه البلدات، وهذه حقيقة بإمكانها أن تشير إلى مسارات اختفاء طويلة وآمنة وأماكن للاختباء في مناطق واسعة جداً". وأشار الضابط الإسرائيلي إلى أن ما يميز الخليل هو أن العمليات المسلحة تخرج من المدينة أو البلدات المحيطة بها، بينما في باقي مناطق الضفة تخرج مثل هذه العمليات من مخيمات اللاجئين. وقال الضابط إنه تنشط في المدينة حركات متطرفة. "على الرغم من أن حماس هي الحركة الأبرز في الخليل، إلا أنه خلال العام الأخير نشأت مقابلها خلايا إرهابية أكثر تطرفاً، وهي سلفية بالأساس، وتحاول تنفيذ عمليات ضد قوات الجيش الإسرائيلي وحتى ضد أهداف في السلطة الفلسطينية. والبيئة الدينية المتزمتة تسهل على استقرار خلايا كهذه في منطقة الخليل". من جهة أخرى وصف ضابط إسرائيلي رفيع المستوى ما وصفه بـ"عملية اختطاف" المستوطنين الثلاثة بأنها على "مستوى عال من الاحتراف"، مشيراً إلى أن فرضية العمل هي أن المختطفين ما زالوا على قيد الحياة، مؤكداً في الوقت ذاته أن "إسرائيل غير معنية بتصعيد الأوضاع في الضفة الغربية". وحول اتجاهات التحقيق في العملية قال الضابط في حديث لموقع "واللا" العبري: "فرضية العمل هي أن الفتيان ما زالوا على قيد الحياة. نحن لا نعمل في ظلام دامس أو فراغ". وأضاف "في الماضي أحبطنا عشرات محاولات الاختطاف، والتي تراوحت ما بين محاولات هواة، ومحاولات بمستويات متفاوتة من التخطيط وجمع المعلومات، وأخرى بمستويات أعلى من ناحية التخطيط والقدرة، والعملية الأخيرة تعتبر بمستوى عال من الحرفية". وتطرق الضابط الإسرائيلي إلى وضع حركة حماس في الضفة الغربية، قائلاً: "إن الحكومة الإسرائيلية تنسب لحركة حماس المسؤولية عن عملية اختطاف الفتيان. ووضع حماس في الضفة الغربية صعب حيث تتعرض لضغوط شعبية، إلى جانب جهودنا لممارسة الضغط عليها من أجل منعها من تنفيذ عمليات". وعن دوافع عملية الاختطاف قال: "ليس مستغرباً أن دوافع العملية مرتبطة بإضراب الأسرى". وعن إمكانية حصول تصعيد يؤدي إلى انفجار في الضفة الغربية، قال الضابط: "إن عملية الاختطاف تحمل في طياتها دوافع للتصعيد في الضفة، لكننا سنبذل كل ما يتطلب لكي لا تتسبب في التصعيد". مضيفا: "لا نية في المرحلة الراهنة لتجنيد احتياط، وما جرى حتى الآن هو تجنيد جنود احتياط لمهن محددة وخاصة". من جهة أخرى فقد هاجم يوفال ديسكين رئيس جهاز الشاباك السابق، أحد أهّم معارضي إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل استمرار المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، سياسية رئيس الوزراء نتنياهو التي فضّلت إطلاق أسرى على تجميد الاستيطان. وكتب ديسكين على حسابه الخاص في موقع الفايسبوك: سياسة نتنياهو هي التي أوصلتنا إلى عملية الخطف، من الأفضل لنا التفكير في وقف إطلاق سراح الأسرى سواء مقابل الجنود المختطفين أو تجميد الاستيطان. كما هاجم ديسكين الأصوات الداعية إلى استخدام القوة لحل أزمة المستوطنين المختطفين الحالية، كاتبًا على حسابه الشخصيّ في موقع التواصل الاجتماعيّ: “قرأت لخبراء ومحللون يوصون باستخدام القوة ضدّ محمود عبّاس رئيس السلطة، أنا لا أقبل ذلك، يجب إيجاد المستوطنين المختطفين. وتابع: يجب أنْ يتوحد الشعور بالمصير المشترك والخوف على حياة المستوطنين المفقودين، وبذل قصارى الجهود لاستعادتهم، ولكنّ الحديث عن المزيد من القوة وكأننّا لم نستخدمها ومن مثلي تواجد هناك لعدة سنوات يشهد على ذلك. وخلُص رئيس الشاباك السابق إلى القول: 44 محاولة خطف أُحبطت في العامين الماضيين تتحدث عن نفسها، لذا لنتوقف عن الحديث الرخيص الداعي إلى استخدام القوة، وحل المشكلة هذه هي المشكلة الأساسية في الوضع الحاليّ، على حدّ قوله. عملية الخليل بارقة أمل قرر الأسرى الإداريون المضربون عن الطعام بشكل نهائي عدم وقف الإضراب كرد على الموقف المتطرف من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي قال "إنه لا حل مع الأسرى المضربين عن الطعام في موضوع إلغاء الاعتقال الإداري"، إضافة لبدء تنفيذ تعليماته بسرعة إقرار قانون التغذية القسرية. وقال مدير الوحدة القانونية بنادي الأسير الفلسطيني جواد بولس نقلاً عن الأسرى "إن عملية الخليل معطى جديد لكنه لن يغير من إضراب الأسرى واستمراره ومخرجاته التي سيستمرون من أجل الوصول إليها". ويضيف أن عملية الخليل ستؤدي إلى تقييم استراتيجي لإضراب الأسرى، مؤكداً أن "إسرائيل" تتعمد ومنذ بدء الإضراب إشعار الأسرى بأنهم وحيدون ومنسيون. ويوضح أن هذا يظهر من خلال وقف أي حديث إسرائيلي مع المضربين منذ سبعة أيام والتأكيد بأنه لن يؤدي إلى تغيير في سياسة الاعتقال الإداري. ولكن الأسرى - بحسب بولس- على دراية واطلاع كامل بما يجري حولهم وبأهمية قضيتهم ومكانتها على المستوى العالمي والوسط الفلسطيني بشكل خاص. إن عملية الخليل تُعدُّ ثمرة طبيعيَّة للوضع القائم في الضفة الغربية، وهي ثمرة التفكير الصحيح في التعامل مع الاحتلال المتغطرس الذي استطاع أن يُفرغ عملية التسوية من كل محتوى أو مضمون ينتسب إلى معنى السلام الحقيقي بحدوده الدنيا، بعد أن قدَّم الفلسطينيون كل التنازلات المطلوبة وزيادة، وتم توقيع المعاهدات بضمانة العالم والقوى الكبرى. لقد أسفرت كل عمليات التسوية وما رافقها من تنازلات عن "سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً"، فقد تم تحويل الضفة الغربية إلى سجن ومعتقل كبير، وتم تحويل السلطة إلى مديرية شرطة تابعة لقوات الاحتلال، وأعطى قوات الاحتلال وجنوده حق مداهمة أي منزل في ليل أو نهار دون إذن أحد ودون أخذ موافقة أحد، فليس هناك سيادة فلسطينية ولا أمن حقيقي ولا اقتصاد ولا سياسة خارجية ولا حدود ولا جيش ولا حق الدفاع عن النفس. ليس هذا فحسب بل إن الاستيطان يسير بتسارع وتتم مصادرة الأراضي وهدم البيوت والاستيلاء على ممتلكات المواطنين، وتهويد القدس، وتدنيس الأقصى، والسير حثيثاً نحو الدخول المشرع إلى ساحات الحرم، ومحاولة دائبة لتقسيمه والاستيلاء عليه، زيادة على أعمال الحفر تحت الحرم، وبناء الأنفاق، وإقامة كنيس على بوابته ومنع المصلين المسلمين من الدخول إلى مسجدهم، ومطاردة النساء والأطفال، وممارسة عمليات الاغتيال والقنص بشكل مستمر، إضافة إلى إقامة الحواجز ومنع المواطنين من الشغل في الأرض الفلسطينية ومنعهم من الذهاب إلى أراضيهم ومزارعهم، والعمل على اقتلاع الزيتون وتخريب المزروعات. هذا غيض من فيض مما يجري للفلسطينيين داخل أرضهم المحتلة، التي لا يحمل المستقبل أي دلالة على زوال الاحتلال، ولا أمل للشعب الفلسطيني أن يأخذ حقوقه الطبيعية وأن يقرر مصيره على أرضه وفي وطنه، ما يدفع الفلسطينيين دفعاً نحو الإحباط واليأس، وزيادة مخزون الحقد في نفوس الأجيال التي تعيش الاستعباد والظلم والتعسف لمدة تزيد على (66) عاماً من الاحتلال البغيض. يجب أن يلجأ الفلسطينيون إلى أساليب أخرى مختلفة ويجب أن تتوقف السلطة عن زيادة المعاناة على الشعب الفلسطيني ويجب أن تتوقف عن كونها أداة من أدوات الاحتلال وأن تترك للشعب أن يحمي نفسه بنفسه، وأن يبتكر من الوسائل ما تشكل ردعاً للاحتلال. يجب أن يعلم (الإسرائيليون) أن الفلسطينيين لن يرحلوا من أرضهم، ولن يتخلّوا عن حقهم، وسيبقون متمسكين بالأرض والمقدسات إلى يوم القيامة، وهم متمسكون بحقهم في مقاومة الاحتلال، و متمسكون بحقهم في الدفاع عن أنفسهم وأرضهم وديارهم وأبنائهم. عملية التسوية التي نقلت مصطلح الاحتلال إلى إعادة الانتشار ستسفر عن مزيد من عمليات اختطاف جنود العدو، ومزيد من عمليات نوعية موجعة، هذا ما تنطق به الأحداث الجارية والسياسات المتبعة التي تنبع من نفس متغطرسة مشبعة بعقدة العنصرية والاستعلاء. كل فلسطيني على وجه البسيطة، وكل عربي ومسلم ينبغي أن يقف خلف المتشبثين بأرضهم والمتمسكين بحقهم، ويجب التخلي عن كل ما من شأنه الاستعراض الذي يهدر الوقت ويزيد من المعاناة، فهذا العمل الذي يقوم به فلسطينيو الداخل هو الأسلوب الصحيح بالمقاومة والجهاد والنضال المشروع. |
||||||