|
|||||||
|
اتفاق مخيم الشاطئ في قطاع غزة بين قطبي الانقسام في الساحة الفلسطينية، حركتي فتح وحماس في الثالث والعشرين من نيسان الماضي. هو اتفاق تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة أيار2011، والدوحة في السادس من شباط 2012. وعلى الرغم مما ورد فيه من نقاط جديدة ـ قديمة لاقته جموع الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية في الوطن والشتات بالترحيب والتأييد والاحتضان والإحاطة، كيف لا وشعبنا وقضيتنا دفعا الأثمان الباهظة خلال سنوات التيه في دهاليز هذا الانقسام، في تبديد المزيد من الحقوق والثوابت الوطنية لأن الكيان الصهيوني وظف هذا الانقسام في سياسة فرضه للوقائع الميدانية في التهويد والاستيطان والقتل والاعتقال واستباحة المقدسات، والعدوان على القطاع وتشديد الحصار عليه. ومع حال الارتياح التي تركها هذا الاتفاق في خطوة على طريق إنهاء الانقسام. يبقى هذا الارتياح مشوباً بالحذر والتوجس لجملة أسباب تشكل في مجموعها مخاوف مشروعة. إذا كان الذين اجتمعوا وأنتجوا هذا الاتفاق قد عملوا بروح الفريق الواحد، مستحضرين اللحظة التاريخية، ومتجاوزين سنوات الانقسام. "حسب ما ورد في مطلع كلمة السيد إسماعيل هنية الذي افتتح المؤتمر الصحافي المشترك لوفدي المنظمة وحماس". أين كانت هذه الروح واللحظة التاريخية منذ أيار العام 2011، وشباط 2012؟. وهل الدافع الحقيقي لطرفي الانقسام في إبرام الاتفاق هو استشعار المخاطر التي تُحدق بالقضية الوطنية الفلسطينية، أم أن الطرفين يعيشان مأزقهما ويريدان الاستقواء يبعضهما إلى حين؟ وهل غادر طرفا الانقسام مربع الحسابات التنظيمية الضيقة لكل منهما، لصالح الحسابات والمصالح الوطنية العليا؟ وهل تحصين المصالحة ونجاحها، ضمانتها هو في إعطاء الأولوية لآليات تطبيق الاتفاق فقط، على حساب العناوين الأساسية المتعلقة بمفاوضات التسوية، والاتفاق على المشروع الوطني وبرنامج المقاومة. وعليه كيف ستتم المزاوجة بين الأمرين المفاوضات والمقاومة، خصوصاً أن خيارات رئيس السلطة واضحة في هذا السياق، أن لا بديل عن المفاوضات إلاّ المفاوضات. وأيهما سيكون على حساب الأخر؟. وهل ستقود المصالحة إلى الدخول في عملية الإصلاح السياسي الشامل والمسؤول للمؤسسات الوطنية في منظمة التحرير (المجلس الوطني – المجلس المركزي – اللجنة التنفيذية)، ومؤسسات السلطة (الرئاسة – المجلس التشريعي – الحكومة)؟. وهل تأجيل البحث والبت في إعادة صياغة هيكلية الأجهزة الأمنية، ودمجها في كل من القطاع والضفة، من شأنه أن يخدم المصالحة؟ أم أن تأجيلها يأتي في سياق اختبار النوايا لدى الطرفين؟. ما يؤكد أن الثقة لا زالت في مكان أخر. وما هو مصير سلاح المقاومة وتشكيلات الكتائب الفلسطينية المسلحة. في ظل ما دعا إليه القيادي في حركة فتح زياد أبو عين إلى حلّ الأجنحة العسكرية التي وصفها بـ"المليشيات المسلحة"، كأساس لاستحقاق تشكيل حكومة التوافق الوطني، وأضاف أبو عين "أنه من غير الممكن بناء دولة في ظل تعدد الأجنحة"؟. وكيف ستتعاطى الحكومة القادمة مع مسألة التنسيق الأمني واستمراره مع الاحتلال وأجهزته الأمنية؟ وهل هناك جدية في إعادة تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية بموجب اتفاق القاهرة في آذار العام 2005. وعلى أية أسس سياسية؟ وهل المصالحة ستتيح شراكة سياسية حقيقية. أم نحن أمام محاصصة ثنائية، وبشكل أوضح أمام هيمنة ثنائية؟ هذه الأسئلة وغيرها طفت وستطفو على ألسنة الكثيرين من الأوساط الفلسطينية وغيرها. في محاولة للإجابة على السؤال المركزي حول ما هي الدوافع التي ساهمت في التوصل لاتفاق مخيم الشاطئ. لنرى أن اللقاءات التي جمعت بين حركتي حماس وفتح في قطاع غزة، وتكللت بالنجاح في التوقيع إلى الاتفاق لها أسبابها ومسبباتها لدى الطرفين هي المآزق التي يواجهانها كل من اعتباراته. حركة حماس وبعد سقوط نظام محمد مرسي في مصر، الذي كان أثره البالغ على المشروع السياسي لأسلمة المنطقة والدول التي سقطت أنظمتها أو التي يُعمل على إسقاطها. بدأ مشهد الاستقواء الذي مارسته حماس على السلطة يميل سريعاً لصالح السلطة ورئيسها وحزبها حركة فتح. وسرعان ما فتح ملف حماس من البوابة المصرية، واتهامها أن متورطة في التدخل والعبث في الأمن القومي المصري، الذي رد بمزيد من التضييق على قطاع غزة. الأمر الذي أفقد حركة حماس الكثير من قدرتها على الحركة في ظل انغلاق العديد من الساحات في وجهها. مما دفعها إلى إعادة تقييم للمرحلة السياسية التي تلت بما سمي بالربيع العربي. والذي بموجبه ذهبت فيه الحركة بعيداً في التماهي المطلق مع توجهات حركة الإخوان المسلمين الأم، على حساب هويتها الوطنية. أما السلطة وحزبها حركة فتح، وإن وجدت في مأزق حماس المستجد نتيجة انقلاب المشهد في عدد من دول الإقليم لاسيما في مصر. فهي أيضاً أي السلطة وفتح تعاني مأزقها، بسبب انغلاق أفق التسوية وتوقف المفاوضات، التي أوضحت بما لا يدعو للشك أن حكومة نتنياهو لا تريد إعطاء أي مكسب للسلطة، بل على العكس تريد الأخذ ومطالبة رئيس السلطة الاعتراف بيهودية الكيان لن تكون أخر مطاف مطالبها. ولا تريد أن تدفع، وإن دفعت فهي بالتأكيد تدفع من الجيب الفلسطينية. لتجد السلطة ورئيسها ومفاوضيها أنهم أمام المأزق فلا هم وبسبب التعنت "الإسرائيلي" ومواصلته للتهويد والاستيطان. غير قادرين على مغادرة خياراتهم والتزاماتهم. وفي ذات الوقت لا يستطيعون إكمال مشوار المفاوضات في ظل ممارسات كيان الاحتلال. لذلك وجد الكثيرون أن أهم عامل حاسم في التعجيل في الاتفاق ما سبق. وحتى لا نبدو وكأننا ممن يقف في صف الذين يرفضون الاتفاق، ويعملون على تخريبه وإفشاله، وفي مقدمة هؤلاء حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية. فنحن جزء من هذا الاتفاق الذي وقع في أيار 2011. وصفقنا له ولموقعيه. ونحرص على إنجاحه، ووصوله إلى أهدافه في ظل تعاظم التحديات التي يراكمها الاحتلال في وجهنا كفلسطينيين. على اعتبار أننا نؤمن كما الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات أن الوحدة الوطنية مثلت في الثقافة والوجدان الفلسطيني ذاك التطلع المرتجى نحو التحرير والعودة، لأنها أي الوحدة من الركائز الأساسية لتحقيق الانتصار على عدونا الأبدي الكيان الصهيوني الغاصب. وندعو إلى أن يمثل هذا الاتفاق فرصة حقيقية نحو تراكم المشتركات من أجل توسيع هوامش الثقة بين جميع مكونات الشعب الفلسطيني السياسية والوطنية. هذا من جهة ومن ثانية ليشكل الاتفاق فرصة حقيقية نحو مراجعة نقدية شاملة إلى ما آلت إليه أوضاع الساحة الفلسطينية، من أجل الخروج باستخلاصات تشكل دليل عمل لمواجهة المرحلة ومخاطرها وتحدياتها. لأنه من دونها ستكون القضية الوطنية عرضة إلى مزيد من التبديد في حقوقها وثوابتها. ومع انتهاء مهلة الأسابيع الخمسة المقبلة بسلام، وتشكيل حكومة التوافق الوطني، سوف تبقى الأيدي موضوعة على القلوب خشية أن يصاب هذا الاتفاق بأي انتكاسة تجهضه خلال مهلة الستة أشهر من أجل تنظيم الانتخابات. الأمر الذي من شأنه أن يترك آثاراً وتداعيات مباشرة في جموع الشعب الفلسطيني الذي نزل إلى الشوارع محتفلاً بالاتفاق والأمل. وقبلها نزل رافضاً المماطلة والتلكؤ في تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام ومفاعيله. |
||||||