|
|||||
|
سبلٌ للحياة السعيدة.. بين الشرع والعرف
من خلال تجربته في مجال القضاء الشرعي، والتي طالت لحوالي سبعة عشر سنة، اكتسبَ خلالها خبرة لا بأس بها في مجال معالجة المشكلات الشرعية على اختلاف أنواعها، وخصوصاً تلك المتعلقة بالخلافات الزوجية، سواء تلك التي تتعلق بأسباب هذه المشكلات، أو تلك التي تتعلق بالحلول الناجعة لها. غير أن كثرة المشاغل كانت مانعاً عن تحقيق هذا الهدف، وقد طرح عليه عدد من العلماء الأفاضل هذا الأمر مراراً عديدة قائلين: إن الاستفادة من ذلك ستكون عامة ولن تنحصر فقط في فئة محددة، فإن عوام الناس يمكن لهم الاستفادة من هذا الكتاب لاختيار الأسلوب الناجح للتعامل مع مشاكل حياتهم. والباحث الاجتماعي يمكن له أيضاً الاستفادة من الكتاب، في تكوين صورة عن مجتمعنا ومشاكله، لأن هذا الكتاب لن يتعامل مع قضية فكرية بحتة، بل سيتعرض لقضايا ومشاكل معاشة يمكن من خلال تتبعها فهم واقع مجتمعنا، وكيفية وضع النظريات التي تتناسب مع هذا الواقع. وكذلك فإن العالم يمكن له الاستفادة أيضاً، خصوصاً العلماء المبتدئين، إذ يمكنهم التعرف على كيفية التعاطي مع المشكلات الشرعية التي سيواجهونها في مجتمعهم، فيتجهزون لمواجهتها، وتكون مادة لأبحاثهم وخطبهم التي سيلقونها على تلامذتهم وللناس عامة في مناسباتهم. بناء لذلك كله وجد سماحة الشيخ حسان عبد الله رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين أنه من الواجب عليه أن يكتب هذه التجربة كي لا تضيع، في وقت يمكن أن يستفاد منها، فاتخذ قراراً بأن يبدأ بإعداد أبحاث تختصر هذه التجربة بأسلوب تحليلي منطلق من تجربة عملية، ما يساعد على إغناء البحث وجعله واقعياً وغنياً. فكان أن شكلت هذه الأبحاث مادة لعدة كتب كان هذا الكتاب باكورتها وأسميته "المشاكل الزوجية بين الشرع والعرف". هذا الكتاب الواقع في 682 صفحةً من القطع الكبير صدر بعد جهد كبير استمر لأكثر من سنة. يقول سماحته أن هذا الكتاب ليس كتاباً فقهياً، ولم أرده كذلك، فهو يعتمد ما اتفق عليه الفقهاء ويشير إلى ما ورد من اختلافاتهم، ومن بين هذا وذاك قد يكون في بعض مواقفه متعرضاً لأحد الآراء دون الإشارة إلى الآراء الأخرى، وهو أيضاً ليس كتاب تفسير لآيات من القران الكريم، وإن تعرض بالشرح لبعضها فالهدف منه هو إلقاء الضوء على المشاكل الزوجية التي تعتبر أهم المشاكل التي تعاني منها مجتمعاتنا أكثر من أن يكون بحثاً فقهياً أو كتاباً ينقل الأحكام الشرعية البحتة بمعزل عن الواقع المعاش. وأيضاً فإن هذا الكتاب ليس بحثاً اجتماعياً لقضية محددة في واقعنا المعاش فهو يتعرض لأكثر من مسألة اجتماعية، وإن غلب عليه موضوع المشاكل الزوجية، حيث أن الأسرة هي اللبنة الأولى في تكوين المجتمع ومن خلال استقرارها هي وغيرها من الأسر يكون استقرار المجتمع. وهذا الكتاب لا يريد الخروج بنظرية واحدة لحل كل المشاكل الزوجية، وإن وضع قوانين عامة للتعامل مع هذه المشاكل فهو كتاب ينقل استفادات عملية من تجربة متخصصة، ومن وجهة نظر شخصية لا تريد أن تعمم لتقول إن هذه الطريقة هي الحل الأوحد لكل المشاكل بل ليحدد الطريق الأمثل لمواجهة كل مشكلة على حدة، وأيضاً ليلقى الضوء على الأسباب التي أدت للوقوع فيها ليمكن تلافيها من خلال التعرف على هذه الأسباب وبالتالي اجتناب الوقوع فيها. وقد قسم البحث في هذا الكتاب إلى فصلين من خلال العنوانين التاليين: - العنوان الأول: يتحدث عن الزواج بشكل عام وعن أنواعه ونظرة الإسلام إليه، فيتحدث عن الزواج بين الشرع والعرف، ليحدد ما هو الصحيح وما هو الخطأ من وجهة نظر الشرع الحنيف فيما هو معتاد عليه في العرف. ويركز على الاختيار السليم كعنصر أساسي في الوصول إلى زواج سعيد، وضرورة أن يكون الإيمان مع الأخلاق عنصرين أساسين في نجاح الحياة الزوجية. كما يتحدث عن الأهل ودورهم في نجاح أو فشل الحياة الزوجية، وموضوع المهر كعنصر معيق في بعض الأحيان لزواج الشباب. إضافة إلى عناوين أخرى مهمة في تحديد نظرة الإسلام إلى موضوع الزواج وما هي الشروط التي يجب أن تتخذ لنجاحه. - العنوان الثاني: يتحدث عن المشاكل الزوجية سواء تلك التي تؤدي إلى الطلاق أو التي تؤدي إلى عدم استقرار الحياة الزوجية والوقوع الدائم في مشاكل، فيضع هذا الكتاب طرقاً عملية أولاً لتلافي الوقوع فيها من خلال تحديد الاختيار الأسلم للزوج أو الزوجة، ومن خلال وضع السبل التي تساعد على حل هذه المشاكل. وقد ضَمّن سماحته هذا الكتاب بعض القصص التي عايشتها من خلال عملي في القضاء، والتي تشكل نوعاً من التجربة العملية لكي تكون عبرة يستفاد منها ولكي تشكل واقياً رادعاً من المشاكل التي يمكن أن تحصل عملياً من خلال عدم الإلتزام بالتحديدات الشرعية. يقول سماحته في مقدمة كتابه: "قد يستنكر البعض أني تعرضت للحالات الشاذة دون التعرض للحالات المشرقة والإشادة فيها، وكأنني أريد أن أقول أن هذه الصورة هي صورة مجتمعنا الإسلامي، والحقيقة إنه وبالنظر إلى عنوان الكتاب: "المشاكل الزوجية بين الشرع والعرف" يتضح أن الهدف هو تسليط الضوء على المشاكل مقدمةً لتحصين المجتمع من الوقوع في مثلها، وهذا لا يعني أبداً أن هذه الصورة هي عنوان مجتمعنا، بل إن في هذا المجتمع حالات مشرقة كثيرة أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقني للحديث عنها في كتاب يتحدث عن الإيجابيات الكبيرة الموجودة في مجتمعنا الإسلامي وخاصة في البيئة المتدينة". ويضيفُ سماحته: "كان يمكن لهذا الكتاب أن يكون أشمل إلا إن إخراجه بهذه الصيغة يهدف إلى وضع لبنة أولى في سلسلة أبحاث ستتوخى لاحقاً التفصيل في كل موضوع على حدة واسأل الله أن يوفقني لإنجازه إنه سميع مجيب".
|
||||