|
|||||||
|
اختتمت القمة العربية (25) أعمالها في الكويت وكالعادة بدأت القمة بخلافات وانتهت ببيان إنشائي لا يُعبر عن واقع ولا يُداوي جرح ولا يرد معتدٍ ولا ينصف مظلوم. كعادة العرب.. لم يجتمعوا منذ الخليقة سوى عندما آخى الرسول(ص) بين الأوس والخزرج (الأنصار والمهاجرين) من قريش، عندها فقط يذكر التاريخ أن الأنصاري تنازل عن نصف بيته ونصف أثاثه ونصف أمواله للمهاجر(المهجَّر) من مكة، وكانوا يتقاسمون قرص الخبز والتمر وقِرَبَ الماء. تلك فقط كان العرب "أمة دون الناس" كما ورد في معاهدة الرسول(ص) مع قبائل اليهود في المدينة المنورة... أما قبلها!!.. وبعدها!!!... لا شيء من هذا. عندما نقرأ عن أمجاد الملوك والأمراء و... و... عندها نقرأ عن استيلاء وقهر واستباحة أموال وأعراض وأنهار من دماء وكبت وقهر واستغلال واغتصاب، وكل ذلك يكون مكتوماً بين أسطرٍ كتبها مؤرخ البلاط الفلاني. هو تاريخ كُتِبَ باستعباد الآخر وبتكفير الآخر مهما كان اسمه أو دينه أو مذهبه. دائماً كان الملك الفلاني أو السلطان الفلاني يأتي للحكم على جماجم وأشلاء الآلاف وعشرات الآلاف وعندما يتربّع على عرش الدم يُسمّي نفسه أميراً للمؤمنين وعلى الجميع دون استثناء الطاعة لأنه أصبح ولياً للأمور ويستجلب دهاقنة الفقهاء والرواة، فيُجيزون ويحرمون بحسب المرسوم الملكي أو السلطاني العالي المقام، ويصبح سيف الدين المسلط من قبل من تلَّبس بلبوس الدين أخطر وأمضى وأكثر ظلماً من سيف "ولي الأمر" "المفترض". وها هم اليوم "داعش والنصرة والجبهة الإسلامية وألوية الصلاح والفلاح والجهاد والنكاح والضراب والطعان وو..." يقومون اليوم بالذبح والتكبير والإعدام والتطهير باسم الدين. والهدم والتكسير باسم الإله الواحد وإبادة مجموعات بشرية بكبيرها وصغيرها باسم الدعوة إلى الله. وتدمير المجتمعات كاملة باسم الجهاد في سبيل الله. وبين الراحة والراحة يقتتلون فيما بينهم على الغنائم والسلطة والنفوذ، وكل ذلك باسم "السلف الصالح"... حقاً إنه سلف صالح!!! لأن أسلافهم هم أولئك الملوك والسلاطين الذين جعلوا الدين فراشاً وثيراً لهم ومزرعة خاصة لعائلاتهم، والتاريخ يتحدث كثيراً عن سلطة الغلبة كما يُسميها ابن خلدون. فيا أيها المسلمون ويا أيها العلماء.. أين لغة الغلبة في القرآن؟ أين منطق السلطة في القرآن؟ أين منطق القتل والإبادة في القرآن؟ أين منطق "أصدر جلالتنا قراراً مبرماً لا يجوز لأحد نقضه أو تغييره"؟؟.. لم يرد هكذا منطق في القرآن إلا على لسان النمرود والفرعون وشياطين الإنس والجن، فقط... لم يرد على لسان القرآن أن هدف الإسلام إقامة السلطة، بل ورد﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾. ولم يرد في القرآن أن هدف النبي (ص) كان الاستيلاء على السلطة والتمسك بمقاليد الحكم ولو بإبادة عشرات الآلاف أو بتكفير المجتمعات وإباحة القتل والدمار والخراب، كما نراه اليوم أو مرَّ في تاريخ ملوك"الملك العضوض". بل دعا الله ورسوله في القرآن الكريم - والمتفق عليه بين كل من يقول أنا مسلم- إلى المجادلة بالتي هي أحسن.. ﴿تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾.. ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾... و.. و.. إن مشكلتنا اليوم هي أن ما يعتبرونه هؤلاء ديناً، ويقاتلون به كل المسلمين من أهل السنة (كالأشاعرة والمتصوفة) وأهل التشييع من الإمامية والزيدية وغيرهم من الفرق والمذاهب، إن هذا لا يمت للدين الإسلامي الحنيف بصلة، وإنما هو دين الملوك والأمراء، وتحالف الملوك والأمراء وفقهاء السلاطين الذين باعوا دينهم بثمن بخس لقاء منافع دنيوية، فخرج لنا هؤلاء. أما إسلام محمد بن عبد الله(ص) والسلف الأول من صدر الإسلام، الذين حملوا راية الإسلام المضيء هو ما قدموه للبشرية كدواء وليس كداء!!.. وكحل لمشاكلهم وليس لإبادتهم!!.. فكان ولا يزال وسيبقى إسلام إقامة الدين في النفوس والصدور والعقول والقلوب ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾. ولم يكن هدف الرسول الاستيلاء على أي سلطة أو منصب أو كرسي، بل كان هدفه حفظ البشرية ورفع قيمة الإنسان، وصون كرامة الإنسان وهداية الإنسان، وليس إبادة الإنسان كما يفعل أتباع الملوك والسلاطين في عصرنا. ولعل أصدق توصيف يمكن أن يطلقُ على هؤلاء المبتدعين لدينهم الجديد.. دين القتل والنهب.. قتل الأغيار.. ونفي الآخر.. هو أنهم أصحابُ بروتوكولاتٍ تماماً كبروتوكولات بني صهيون.. ما يدعونا للقول لهم وبملء الفم: لكم دينُكم ولنا دين.. |
||||||