|
|||||
|
رفيف الروح لكل ميلادٍ عيدُهُ.. وميلادي نوافذُ العمر علي.. لا تُشرَعي الليلةَ أيا نوافذَ الولادة.. لا تنظري إليَّ وأنا ألمَّ أشلائي وأبكي عليَّ.. نامي لا تخرجي غداً من قميص المساء.. قلبي يتمشّى.. وغداً أشجار الحديقة تصحو.. هذا التراب يخنق روحي ويغلق أنين الفضاء على يديَّ.. لا تُشرَعي أيا نوافذَ العمر.. صوتي ينزُّ من شقوق العصور.. لا تنظري إلى بهو حزني فأنا خنقت كلَّ الزهور.. لا تهمسي لي.. لا تُطِلِّي عليَّ.. ظلّي كما أنتِ طريقاً للخلاص ظلّي.. باحةً يركضُ في أرجائها السؤال.. لا أحتاجُكِ الآن.. أنا أشربُ ماء الغموض وأروي خساراتي بالذهول.. لا أحتاجُ سلالَ الضوءِ أطوي بها طورَ سينين ولا أحتاجُ العتمةَ أرشُّها على شِعْرِي الحزين.. لا المفرداتُ تريدُ أن تميلَ عليكِ ولا يدي تودّ زرع الحيرة في حناياكِ دعي قلبي يتهادى فوقك اتركي رمادي يهطل ورموزيَ تهطلُ دعيني أستلُّ ضرامي وأحلُّ في قميص الورود.. فأنا لا أريدُ لكِ أن تكوني شاهدةً على موتي.. فتغلقي آخر الضحكات على مصاطب الوردِ.. يا نوافذي على الحياة.. ضاعت في أناملي الغزالات الشريدة.. ضاع في قدمي العشبُ ووسوسةُ اليقين.. ضيعتُ برزخ المجازات وغرقتُ في مطرِ الأساطير.. كسرتُ زيزفونةَ حقلي.. وكنتُ أُظلِّلُ بها أطيافَ الزمان.. هزَّأتُ قمطرير الحكايات ورميت للأفق بأشلاء البياض.. أمسك الليل يدي.. سرتُ مع العصف والمساء الحائر.. كأننا متساويان أنا والمساء.. حائران أنا وأنا.. غداً.. أسيرُ على الكلامِ الذي زرعَتْهُ القصائدُ في الطريق.. غداً أنسى أُنسَها على كتفي وبعضَ همسِ الصباحاتِ ينبتُ على كفيّ.. غداً تصيرُ الكلماتُ ذكرياتٍ ومقبضُ البياض على أعتابِها برداً.. وقد يرى كلُّ الخلائقِ بعضَ بعضِها على قمرِ المساءْ.. أو يلتقطون رونقها طيفاً من درب الهواءْ.. غداً.. يحكي الرمل عن رجلٍ وملاكٍ يمرّان على الضوء.. ينكسران قبل طلوع القهر.. يصير كلٌ منهما مدينةً غابرة.. غداً.. أحنُّ إلى دفاتر الذاكرة.. أنبلج من الوهمِ الذي يخيفنا من الفراقِ بُعيدَ اللقاء السريعِ على غيمةٍ مسافرة.. وقد أصيد من التخوم قطا الأسئلة.. أجمع العتمة والضوء وأمضي خلف التحولات.. وقد أمرّ بباعة اليقينِ.. أشتري حكايات مدجّنة وعطراً أخرس وقد أشتري سكراً لحزني أو علبة تطوي الأزمنهْ.. غداً.. أمرّ بشارعٍ ضمَّ فُلكَ نافذتي على الحياةِ.. فلا أجدُ برزخاً يشيلُ من نجمةٍ على وجنةِ الصبحِ فيها رفوف الحكايات ويسدل النهارَ العتيقَ على نورها.. قد لا أعرِفُ لونَ مشاتلها ولا شرفةً تنسكِبُ من وميضِها ولا حقولاً ترفّ على قلبها.. قد أخطئ كيف أسمّي شمسَها.. كيف أرمي الحنطةَ لعرجَونِها القديمِ وربما توبخّني عتباتُها وأنا أمرُّ بلا انحناءٍ ودون تلفُّتٍ نحو البهاءِ المُطلِّ من عليائها.. وقد أرتمي في حضن النميرِ النازِلِ من صوتِها وأُنسَ السلام من المنحدراتِ على روحِها وقد أشربُ في حضرتها المنافيَ وأمضغُ خبزَ المتاهةِ.. لن أدعوها إلى ولائم قهري ولن أستجدي شموسَ حرَّاسِها.. سأقطع خيوطَ الزمان بين جهاتي وقلبها كي لا تستعيدني من الصدى وتندبَ على فرساني الميتين.. لا أريدها أن تصرفَ أيامَها في سوقِ انتظاري.. أو تنسجَ لي من حريرِ لهفتها طريقاً للحنين.. سأعرف كيف ألتقط البحارَ مثل الهموم.. أزرع وجهي في المحارات تقرؤني نوافذي.. وترمي الورودَ للجهات.. ها أنا أمرُّ غريباً كما كنتُ مرور الغيومِ في حقل الرياح.. حاملاً جرار الصباح.. في دمي صفصافة أسوق بها النهارات وعلى كتفي صوتها قلعة مغلقة.. ثقيلةٌ ذكرياتُنا.. لنرمِ قليلاً من حجارتها بباب النعاس.. لنلقِ بعض يقيننا في جيوب الظلام.. ماذا نفعلُ بكلِّ هذه النجومِ النائمةِ حولنا؟.. بكل هذه الأيام الميتةِ في أكفّنا؟.. بأحبَّتنا الخائرين من الشوق؟؟.. بمساءاتنا المتكاثرة؟؟.. ماذا نفعل؟ باللغة الجائعةِ الحائرة؟.. بالنوافذِ المهملات تنسى اسمها؟.. بالأحراشِ المغفّلةْ؟.. ببقايانا في قميص الحسرة؟.. فلنترك قليلاً من رمادنا في المراعي.. ولنترك بعض جمرنا في المحيطات.. لنترك قليلاً من لهفتنا على نوافذ الزمان.. ولنَدَعِ الوقتَ ينقرُ أخبارَنا.. ربما ينبتُ حبقُ الأمنيات على رؤوسنا.. ربما نعود مرةً.. أو مرةً إلى أشلائنا.. ربما نلتقي بغفلةٍ عن الوقتِ المكابرِ فنعلِنَ ولادَتنا من رفيفِ أرواحنا.
|
||||