|
|||||||
|
ولدت دولة جنوب السودان في 9 تموز 2011، بعد عقود طويلة من الحروب الأهلية (1959-1972) ثم (1983-2005)، بموجب النتائج الرسمية التي أسفر عنها الاستفتاء لجنوب السودان الذي جرى يوم 9كانون الثاني 2011، والذي عبّر عن اختيار الانفصال من قبل سكان جنوب السودان، بنحو 98.83%. ومنذ نشأة هذا الدولة الفتية، التي تعتبر الأحدث في العالم، عقب حرب أهلية ضروس أسفرت عن مقتل مليونين شخص، وتهجير أربعة ملايين، ودولة جنوب السودان تصارع من أجل البقاء منذ عامين، على الرغم من اعتقاد الكثير من المحللين أن الشيء الأصعب قد مرّ. وأثارت دولة جنوب السودان عند انفصالها في العام 2011 آمالاً كبيرة، سرعان ما انهارت في شهر واحد بسبب النزاعات السياسية التي أغرقت هذه الدولة الفتية في دوامة العنف. وحتى المراقبون المتابعون للصراعات المعقدة على السلطة في جنوب السودان أدهشتهم السرعة التي اتسعت بها رقعة النزاع، وضراوة أعمال العنف التي تفجرت بين القبيلتين الجارتين"الدينكا" للرئيس سيلفا كير و"النوير" لنائبه السابق رياك مشار. وكان الخبراء في علم الاقتصاد والتنمية البشرية أجمعوا أن إنشاء دولة جديدة في الجنوب السوداني، بعد أن قرر الجنوبيون التصويت لمصلحة الانفصال، سيجعلها عرضة لتحديات جمّة. فهذه الدولة الوليدة ستعتمد بالكاد على الواردات من المبيعات النفطية التي تقدر بـنحو98% من ميزانية عام 2011م بالنسبة لجنوب السودان ما يجعل الاقتصاد في الجنوب معرضاً للهزات الاقتصادية الناتجة من عدم استقرار أسعار النفط العالمية. ويعيش أغلب سكان جنوب السودان من الزراعة وتربية الماشية، وتعاني البلاد من غياب شبه كامل للبنيات التحتية، من الطرقات، والمدارس، والمستشفيات. وبعد عامين من الانفصال، ظلت هذه المشاكل قائمة، إضافة إلى استمرار النزاعات بين جوبا والخرطوم، حول ترسيم الحدود بين البلدين، والإنتاج النفطي. فالمشكلة التي تواجه هذه الدولة الجنوبية تتمثل في مواصلة استخدام البنيات الأساسية المتواجدة في الشمال، مثل خطوط الأنابيب لتصدير نفطها أو وسائل النقل النهري و الموانئ البحرية خصوصاً، نظراً لعدم توافر منافذ بحرية للدولة الوليدة، مما يجعلها تعتمد كليا على الدول المجاورة ذات المنافذ البحرية: السودان الشمالي، كينيا.. فبين كانون الثاني 2012 ونيسان 2013، قررت جوبا توقيف إنتاجها النفطي الذي يقدر بنحو 3500000 برميل في اليوم الواحد، بسبب نزاعها مع الخرطوم حول نسبة الاقتطاعات من مرور النفط في خطوط الأنابيب التي يمتلكها السودان. فالنفط كان ولا يزال في قلب الصراعات بين الخرطوم وجوبا، ففي 7 أيار2013، قرر السودان إعادة ضخ نفط جنوب السودان في البنية التحتية النفطية للشمال عبر الأنبوب الذي يمتد على مسافة 1500 كيلومتر حتى ميناء بورت سودان المطل على البحر الأحمر، وهو الميناء الوحيد القدر على تصدير النفط للسودانيين، وجلب مليارات من الدولارات لهذين البلدين الفقيرين. غير أن تصدير النفط كان لمدة قصيرة جداً، إذ اتخذ الرئيس السوداني عمر حسن البشير قراراً في 8 يونيو الماضي، بوقف تدفق نفط جنوب السودان عبر بلاده، بسبب الدعم العسكري الذي تقدمه جوبا للمتمردين من ولاية كردفان الجنوبية الواقعة على النيل الأزرق، الذين يقاتلون الحكومة المركزية السودانية في الخرطوم. إضافة إلى موضوع النفط، هناك الخلاف حول منطقة أبيي الغنية بالنفط والتي تنتج 500 ألف برميل، وتمثل 5% من نفط السودان، فقد استثنتها اتفاقية نيفاشا واضعة لها بروتوكولاً خاصاً كجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة. وكان من المقرر إجراء استفتاء في شهر كانون الثاني 2011، لتحديد مستقبل أبيي، لكنه لم يحصل بسبب الخلاف حول تحديد جسم الناخبين، ولم يتم تحديد موعد آخر، لتحديد الوضع النهائي لهذه المنطقة الغنية بالنفط. وهناك قرابة 5000 جندي من قوات الأمم المتحدة، أغلبهم من الأثيوبيين، يتمركزون في هذه المنطقة للفصل بين الطرفين المتنازعين. وكادت هذه الخلافات أن تقود البلدين إلى حافة الحرب في ربيع 2012. جذور الصراعات بين الإثنيات يسكن في دولة جنوب السودان حوالي عشرة ملايين نسمة، يتوزعون على ستين قبيلة وإثنية مختلفة، وتشكل قبيلة "الدينكا" الغالبية العظمى من السكان70%، وهي حاضرة بقوة في رئاسة الدولة والجيش، وتتهمها القبائل والإثنيات الأخرى، لاسيما قبيلة "النوير" المنافسة على السلطة، بمحاولتها السيطرة على مقدرات البلاد. وتعتبر الصراعات بين الإثنيات المختلفة من مخلفات الحرب الأهلية التي عاشها جنوب السودان. وترجع الأسباب العميقة لأعمال العنف إلى الصراعات القديمة بين المتمردين الذين أصبحوا زعماء سياسيين، إضافة إلى جراح لم تندمل للحرب الأهلية التي دارت لأكثر من 20 عاماً بين المتمردين الجنوبيين وسلطات الخرطوم. ينحدر قادة دولة جنوب السودان، وفي مقدمتهم الرئيس الفريق سلفاكير ميارديت، من الجيش الشعبي للتحرير السودان، الذي أسسه الزعيم التاريخي للتمرد في الجنوب الجنرال جون قرنق الذي لقي مصرعه في حادث الطائرة التي أقلته من أوغندا في أوت 2005. ويترأس الفريق سلفاكير ميارديت الحركة الشعبية لتحرير السودان، الجناح السياسي السابق للتمرد، وهو في السلطة منذ توقيع اتفاقيات نيفاشا في عام 2005، من دون معارضة تذكر. فمنذ أن تولى سلفاكير زعامة الحركة الشعبية، و رئاسة حكومة الإقليم الجنوبي، فضلاً عن موقع رئيس جمهورية دولة جنوب السودان بعد الانفصال، ازدادت التشققات داخل الحزب الحاكم: الحركة الحاكمة الشعبية لتحرير السودان (الحركة الشعبية)، وأصبح الجيش معرضاً أكثر من وقت مضى لانقسامات على أساس إثني، بسبب المشاكل الداخلية التي تمزقه، إضافة إلى انتشار الأسلحة على نطاق واسع، الأمر الذي جعل الوضع الحالي متقلباً بشكل خاص. فالنائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار، والخصم السياسي المعلن لسلفاكير داخل الحركة الشعبية، والذي يريد أن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع عقدها في عام 2015، قاتل في الجهتين طيلة الحرب الأهلية، فقد تحالف مع الخرطوم ضد الحركة الشعبية في عقد التسعينيات، قبل أن يندمج في حركة التمرد مع بداية عام 2000. وقد أثار التقارب الذي أجراه مؤخراً الرئيس سلفاكير مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير، امتعاض قادة كبار داخل النظام القائم في جنوب السودان، لاسيما رياك مشار، وأرملة جون قرنق، وعدة وزراء آخرين تمت الإطاحة بهم في جويلية 2013. فقد أعلنت هذه المعارضة الحديثة في بيان رسمي صدر في شهر تشرين الثاني الماضي رفضها للاتجاهات الديكتاتورية للرئيس سلفاكير ميارديت. كما أن المنظمات الإنسانية ومسؤولين سابقين أميركيين، وجهوا للرئيس الجنوبي اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان. وتجلت المعارضة السياسية لكير مطلع كانون الأول الماضي مع إقالة مشار منافسه القديم الذي يتهمه بالتصرف بـ"ديكتاتورية". وانهمرت مليارات الدولارات من المساعدات الدولية والاستثمارات الخاصة على هذه الدولة الفتية التي كان عليها بناء مؤسساتها، إلا أن الكثيرين كانوا يخشون مثل هذا النزاع مع التحذيرات المتكررة من الفساد المتفشي، وخصوصاً سرقة مليارات الدولارات من النفط، والتجاوزات التي اتهمت بها قوات الأمن. كما أن الاندماج السريع في الجيش لمختلف الفصائل المتمردة السابقة التي كانت بينها منافسات قديمة، أخفى سطحياً الانقسامات العميقة والمتجذرة. ويوم 15 ديسمبر 2013 حصلت اشتباكات عنيفة، عقب إعلان الحكومة عن محاولة انقلاب عسكري ضد الرئيس سلفاكير قادها النائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار، الذي دعا الجيش إلى إطاحة رئيس الدولة سالفا كير ميارديت، مؤكداً انه لا يريد أن يناقش إلا "شروط رحيل" منافسه بعد معارك أسفرت عن أكثر من 500 قتيل، وذلك في وقت بدأ وفد وساطة من الاتحاد الأفريقي محادثات في جوبا من أجل إنهاء القتال. وقال مشار في مقابلة مع راديو "فرانس انترناسيونال"، "أدعو الحركة الشعبية لتحرير السودان، (الحزب السياسي الحاكم) وجناحها العسكري (الجيش الشعبي لتحرير السودان، القوات المسلحة في البلاد) إلى الإطاحة بـ(سالفا كير) من منصبه على رأس البلاد". وأضاف "إذا ما أراد أن يتفاوض على شروط تنحيه عن السلطة فنحن موافقون. لكن عليه أن يرحل، لأنه لا يستطيع أن يحافظ على وحدة شعبنا خصوصاً عندما يعمد إلى قتل الناس كالذباب ويحاول إشعال حرب إثنية". وشدد رياك مشار الذي استبعده سالفا كير من منصب نائب الرئيس في تموز 2013، على القول: "نريد أن يرحل، هذا كل شيء. لقد أخفق في الحفاظ على وحدة شعب جنوب السودان، التي توصلنا إليها بعد صراع طويل وصعب". وقال: "لست مضطراً لقتال سالفا كير، فقواته التي أغضبها تصرفه ستنقلب عليه". لقد تفاقمت النزعات هذه بسبب الإصلاحات السياسية التي منحت دوراً مهماً إلى السلطات "التقليدية" المفترض بها تأمين الصلة بين الحكم المحلي وبين الجماعات الإثنية. وقادت العملية الإصلاحية هذه والسعيُ إلى تعزيز الدولة في نواح نائية، إلى زيادة التفتت العرقي في مختلف أنحاء البلاد، في سياق عملية زادت من ارتباط الأرض بمفاهيم الانتماء إلى الجماعة. ويضاف إلى ذلك أن التصنيفات الإثنية التي طرحت أثناء الصراع على الاستحواذ على موارد الدولة، تكاد لا تتفق مع تلك التي جرى تناولها في العنف المسلح الدائر حالياً. وبدلاً من عبارات فضفاضة من مثل الدينكا مقابل النوير، تبرز أهمية الإثنية في السياسات المحلية. وغالباً ما يشار إلى تلك عبر مفاهيم "العشيرة" أو "الفئة"، وتتبدل معاني التسميات هذه في أرجاء البلاد. المشترك في هذه التسميات التفصيلية أنها لا تفسر الأزمة السياسية الراهنة تفسيراً مُرْضياً. واستمرت المعارك منذ يوم الخميس26 كانون أول الماضي بين الجيش وحركة التمرد في منطقة نفطية في جنوب السودان بينما يحاول الرئيس الكيني أوهورو كينياتا ورئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريم ديسيلين القيام بمساعٍ حميدة في جوبا. ولا تزال قوات رئيس جنوب السودان سلفا كير تواجه متمردي نائبه السابق رياك مشار من أجل السيطرة على ملكال، كبرى مدن ولاية النيل العالي النفطية، شمال البلاد، حيث أشير إلى وقوع معارك في الأيام الأخيرة. وأظهرت التطورات المتسارعة في جنوب السودان أن البلاد تتجه نحو اندلاع حرب أهلية، لاسيما في ضوء تصاعد حدة المعارك، واتساع رقعتها، تزامناً مع إعلان الأمم المتحدة أن الوضع يتجه نحو النزاع الإثني. ويأتي ذلك كله، بعد تأكيد الجيش سيطرة القوات المتمردة الموالية لنائب الرئيس السابق ريك مشار على مدينة بور، في الوقت الذي دعا فيه مشار إلى إسقاط الرئيس سلفا كير، رافضاً الحوار. لا ريب في أن آليات العنف المسلح في جوبا وجنوب السودان اتخذت بعداً عرقياً. وتمدد خط الانقسام هذا إلى القوات المسلحة، في الوقت الذي كان القتال للسيطرة على المواقع الإستراتيجية في جوبا يضع أفراد الدينكا والنوير بعضهم في مواجهة بعض. وتشير التقارير عن أعمال القتل الهادفة وعن اختيار المرتكبين ضحاياهم على أساس الانتماء إلى مجموعات عرقية معينة، إلى أن التمييز بين الأصدقاء والأعداء والاستراتيجيات القتالية، يقوم كله على أساس الانتماء العرقي. وأفاد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في جنوب السودان توبي لانزر، أن "تسعين ألف شخص على الأقل نزحوا منذ عشرة أيام بينهم 58 ألفاً لجأوا إلى قواعد الأمم المتحدة" في البلاد. وفي محاولة لاحتواء النزاع وتلبية الحاجات الإنسانية الطارئة، قررت الأمم المتحدة مضاعفة عديد قواتها في البلد لتبلغ 12500 رجل وأعلنت أن الوكالات الإنسانية تحتاج إلى 166 مليون دولار لتلبية الحاجات الملحة لسكان جنوب السودان حتى آذار المقبل. وتكمن الخطورة في الوضع الجنوبي السوداني، أن تتخذ المعارك بعداً إثنياً خالصاً، وهو ما سيقود إلى حرب أهلية حقيقية ذات أبعاد إثنية، ينجم عنها سقوط قتلى من المدنيين بسبب انتمائهم الإثني. ولا شك أن اندلاع حرب أهلية في جنوب السودان، ستكون لها تداعيات خطيرة على الجار الشمالي، السودان، حيث تخشى الخرطوم أن يؤثر الصراع الدائر في جنوب السودان على تدفق النفط عبر الأراضي السودانية، وهو ما سيضر مصالحها. فإذا امتد القتال من ولاية جونقلي الغنية بالنفط، والواقعة شمال شرقي جوبا إلى المناطق المتاخمة للسودان، فإن الخرطوم قد تواجه تهديداً أمنياً كبيراً، لاسيما أن نفط الجنوب يعبر الحدود السودانية وأن توقفه سيؤثر سلباً على السودان. تعدد الوساطات في ظل استمرار المعارك في غضون ذلك، تعمل الولايات المتحدة إلى تجنب انزلاق جنوب السودان نحو أتون الحرب الأهلية، من خلال وصول موفدها دونالد بوث إلى جوبا في إطار الجهود الدبلوماسية المكثفة لتفادي انزلاق البلاد في حرب أهلية. ويذكر أن الولايات المتحدة، مهندسة استقلال جنوب السودان عام 2011، تقف في مقدم الجهود الدبلوماسية للتوصل الى وقف القتال، وحذرت من مخاطر تفكك هذه الدولة الفتية التي تشهد نزاعاً مسلحاً دامياً. فقد أعلن مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، أنه بعد ثلاثة أسابيع من المعارك فإن حصيلة القتلى "تتخطى بكثير" الآلف قتيل الذين أعلنت عنهم المنظمة الدولية حتى الآن، فيما اضطر حوالي 240 ألف شخص إلى النزوح. وأرسلت واشنطن التي ساهمت في قيام أحدث دولة في العالم عام 2011، مستشارين وموفدين إلى جوبا للمساعدة في التوصل إلى وقف إطلاق نار. وقالت ليندا توماس جرينفيلد، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، أمام مجلس الشيوخ الأمريكي، في الذكرى الثالثة لتصويت جنوب السودان بغالبية ساحقة على الاستقلال: "اليوم وبشكل مأساوي، تواجه أحدث دولة في العالم ودون شك إحدى ديمقراطياته الأضعف مخاطر التفكك". ودعت مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض سوزان رايس، في بيان الطرفين إلى "التوقيع فوراً" على اتفاق وقف إطلاق نار طرحه المفاوضون عليهما. غير أنها أشارت تحديداً إلى النائب السابق للرئيس رياك مشار بالقول، إن "عليه الالتزام بوقف الأعمال العدوانية دون شروط مسبقة". وتواصل القتال بلا هوادة في جنوب السودان خلال الفترة الماضية بين قوات الجيش الموالية للرئيس سلفاكير والمتمردين بقيادة نائبه السابق رياك مشار تزامناً مع بدء الجانبين المتصارعين محادثات سلام بينهما في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا. وقال الناطق باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان فيليب أقوير في تصريحات صحافية إن "المتمردين تحركوا إلى الجنوب من بور والجيش الشعبي لتحرير السودان يتحرك باتجاه بور" التي تقع على مسافة 190 كيلومترا إلى الشمال من العاصمة جوبا. ورفض أقوير تحديد عدد القوات الحكومية التي تتحرك باتجاه بور التي ارتكبت فيها ميليشيات من قبيلة النوير مذبحة بحق أبناء قبيلة الدنكا العام 1991، مقدراً عدد المتمردين في بور بما يتراوح بين أربعة آلاف وسبعة آلاف متمرد. وأضاف أقوير إن "قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان تعيد تنظيم صفوفها أيضاً لاستعادة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة في شمال البلاد". واتفق الجانبان مبدئياً على وقف إطلاق النار ولكن لم يشر أي منهما إلى موعد وقف القتال الذي أدى إلى مقتل أكثر من ألف شخص ونزوح نحو 200 ألف آخرين. وتتصاعد الضغوط الدولية للتوصل إلى اتفاق. وحذرت الدول المجاورة التي تتوسط بين طرفي الصراع من أن يؤدي استمرار القتال إلى فشل المحادثات في أديس أبابا، التي كشف وزير خارجيتها تادروس ادانوم أن الشق الرسمي منها لن يبدأ قبل أيام. ويقول محللون إن السيطرة على بور تمنح المتمردين قاعدة قريبة نسبياً من جوبا ما يعزز موقفهم في المفاوضات. وذكر وسطاء أن محادثات السلام في أديس أبابا تهدف إلى التركيز على إيجاد سبل لتنفيذ وقف إطلاق النار ومراقبته. وتدهورت الأحوال في معسكر "أويريال" للاجئين على ضفاف النيل، الذي أصبح الآن مأوى لنحو 75.000 شخص فروا من القتال في عاصمة ولاية جونغلي، بور القريبة، التي استولى عليها المتمردون. وقال ديفيد ناش من هيئة إم إس إف الطبية: "لا توجد مياه صالحة للشرب. وخمس آبار لا تكفي". ووصف روبين اكورديت نجونج، أسقف بلدة بور الذي فر من القتال السبت الماضي والآن في العاصمة جوبا، البلدة بأنها "منطقة حرب"، مضيفاً أن "الجثث تنتشر في كل مكان". وينبغي على الأطراف الفاعلة الإقليمية والدولية دعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذ تدابير عاجلة، لدعوة جميع الأطراف إلى وقف الأعمال العدائية فوراً، وخصوصاً ضد المدنيين، وبالنسبة لحكومة جنوب السودان إلى الدخول في حوار مع معارضيها، من أجل تقاسم السلطة، و بناء وحدة وطنية على أسس ديمقراطية، بدلاً من الاستفراد بالحكم. |
||||||