|
|||||
|
تحدث رئيس المكتب التنفيذي في اتحاد علماء بلاد الشام سماحة الشيخ حسان عبد الله في اجتماع لجنة المساعي الحميدة المنبثقة عن مؤتمر الوحدة الإسلامية لمجمع التقريب بين المذاهب في اسطنبول – تركيا المنعقد في 28/11/ 2013. وهذا نص الكلمة: في البداية لا بد لي من أن أشكر الأخوة في مجمع التقريب بين المذاهب على هذه الدعوة المباركة التي تظهر مدى اهتمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال قيادتها الحكيمة بالعمل على وحدة الأمة الإسلامية وإخراجها من دائرة الصراع المذهبي إلى دائرة التكامل والتعاون لبناء الأمة الإسلامية الواحدة التي بها خير الإنسان ورضا الله سبحانه وتعالى. كما لا يسعني إلا أن اشكر سماحة آية الله الشيخ محسن الآراكي على هذه الهمة العالية وعلى السعي الدؤوب لدرء الفتنة وسط بحر متلاطم الأمواج قل من يغوص به إلا إذا كان سباحاً ماهراً وكذلك سماحة الشيخ وفقه الله. والشكر موصول هنا للإخوة في حزب السعادة وخاصة للأخ الدكتور أوزهان أصيل ترك. السادة العلماء والمفكرين الحضور الكرام... • المشكلة اليوم ليست بين سنة وشيعة كما قد يتوهم البعض وإن اتخذت في بعض مظاهرها هذا الطابع ،إنما المشكلة الحقيقية هي بين نهجين نهج الإسلام الأصيل الذي أراده الله سبحانه وتعالى من خلال بعثه نبينا محمد (ص) ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ هذا النهج الذي يتبنى المقاومة ويقدم أرقى صورة للإسلام كما هو الإسلام ونهج آخر يشوه صورة الإسلام ويقدمه كأسلوب تدميري يُلغي الآخر مهما كان الآخر قريباً منه حتى لو كان معه في نفس المذهب أو كان معه في نفس الخط السياسي والانتماء الواحد قبل الاختلاف فيتحول بلحظة إلى كافر ويهدر دمه! كما يحصل اليوم في الصراع بين داعش والنصرة وحاشا وغيرها من التسميات. • الوضع في سوريا صعب جداً والميدان اليوم هو الطاغي وبالتالي فإن الاقتراح بعقد جلسة علمائية مشتركة للموالاة والمعارضة برعاية لجنة المساعي الحميدة هو أمر جيد وأنا كمسؤول للمكتب التنفيذي لاتحاد علماء بلاد الشام مستعد للسعي في هذا الإطار مع علماء سوريا من الطرفين، الموالاة والمعارضة ممن لم تتلوث أيديهم بفتاوى هدر الدم أو دعوة الدول الأجنبية للتدخل العسكري. • هنا لا بد من أن أشير إلى أن أخذ جانب واحد مما يحصل في سوريا هو إيغال في التعمية على الحقيقة، فإن القول بالفساد وقمع الحريات يمكن أن يحل بالحوار الإيجابي لا بالأسلوب الهمجي في قطع الرؤوس وأخذ السبايا وجهاد النكاح وأكل القلوب والأكباد والعمليات الانتحارية وهذا ما يفرض على لجنة المساعي الحميدة عدم الدخول في هذه التفاصيل والتوجه نحو التركيز على وضع الحلول والمبادرات التوفيقية. • إن الأزهر الشريف يراد تحويله إلى طرف في المعركة الحاصلة في مصر اليوم وتعريضه للضغط ليكون مع هذا الطرف أو ذاك في حين إن الدور الطبيعي للأزهر الشريف هو أن يكون مع المصلحة الإسلامية العليا وأن يسعى لوضع خارطة طريق للحل يفرضها على الجميع ويلزمهم بالسير عليها، ونحن كلجنة مساعي حميدة لا نستطيع أن نكون مع هذا الفريق أو ذاك فلكل أخطاؤه ولكن يجب أن نسعى لأن يُعمل على تسوية معقولة تضع حلولاً منطقية موضوعية على أن يخرج الجميع من دائرة الخطأ الكبير الذي هو الإقصاء والإلغاء وأن يعودوا للاحتكام إلى الشعب سريعاً عبر الوسائل الديمقراطية. • في العراق تحصل اليوم أكبر عمليات قتل جماعية باسم الدين والدين من ذلك براء ويجب العمل من خلال لجنة المساعي الحميدة على إصدار فتوى واضحة بحرمة العمليات الانتحارية التي يكون هدفها المدنيين أو تكون أداة في الصراع بين المسلمين أو بين أبناء الوطن الواحد وما أُفتي به سابقاً حول جواز هذه العمليات إنما كان في مواجهة الاحتلال العسكري لبلداننا من خلال التعرض للمحتلين وأدوات احتلالهم وأنا هنا اقترح إضافة لإصدار الفتوى عقد لقاء خاص حول العراق. • أما فلسطين، ألا ترون معي هنا أن العدو قد نجح في صرفنا عن قضيتنا الأساس ألا وهي تحرير فلسطين وإن كل ما يحصل في منطقتنا هو إيقاع الفتنة بين أبناء أوطاننا وديننا الواحد لنفشل متناسين قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾. إن الحل هو بإعادة البوصلة إلى القضية المركزية قضية فلسطين لأن كل ما يحصل هدفه الأساس هو صرفنا عن هذا الهدف الحقيقي وبرجوعنا إليه نفشل مخططات العدو، ألا تعتبرون أن صرف جزء بسيط من المليارات المتعددة التي صرفت في الفتنة في عالمنا الإسلامي لو صرفت في قضية تحرير فلسطين لكنا حررناها اليوم وبعد ذلك فليحكم العالم الإسلامي السني أو الشيعي لا هم طالما انه مسلم. • إن التدخل السياسي في المؤسسات الدينية وصرفها عن مسارها في قول الحق واستخدامها بإثارة الفتنة وإسكاتها إذا أرادت الإصلاح يُعطِل عمل هذه المؤسسات التي يجب أن تعود إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني العلمائية خاصة إلى الجهر بالحق مهما كانت التضحيات فنكون مصداقاً لقوله: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً﴾. • إن أخطر ما يحصل في أمتنا اليوم هو فتنة التكفير التي لم يخرج وبفضل الوهابية أحدٌُ من دائرة الوقوع فيها فكلنا عند هؤلاء الجماعة كفاراً في حين إن رسول الله حذرنا من ذلك بقوله: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". • الخطر في هذه الفتنة كبير ونحن يجب أن نعمل على مواجهتها والتحذير منها ومد اليد لكل المخلصين في سبيل مواجهة علمية موضوعية تفضح الأهداف الحقيقية من ورائها والتي هي شق عصا الأمة الإسلامية. • أما في لبنان فإننا صمدنا طويلاً أمام رياح الفتنة وها هي اليوم تدخل علينا بقوة عاتية وترسل إلينا الانتحاريين، كل ذلك لأننا رفضنا أن ننجر وطوال أكثر من سنة إلى وحول فتنة أرادوها لنا انطلاقاً من سوريا وعندما أرادوا الدخول إلينا وقتالنا في عقر دارنا وتدمير مقدساتنا ذهبنا لا لقتال الشعب هناك بل للدفاع عنه من هذه الفئة التي تريد فرض نهج تكفيري والقضاء على محور المقاومة وهم أعلنوا ذلك من اليوم الأول، ونعود فنؤكد أن الهدف الأساس هو ضرب محور المقاومة وكسر شوكتها، ونفس الذين دفعوا الأموال لحرب تموز يوم سمونا بالمغامرين وأصروا على استمرار الحرب بعد الثلاثة والثلاثين يوماً غير أن الكيان الصهيوني كان قد استنفد كل قوته فتراجع مهزوماً، هم من يدفع الأموال اليوم لضربنا في مركز أمدادنا ودعمنا في سوريا، وأما حقوق المواطنين والحرية التي أطلقوها في البداية فكلها عناوين كاذبة للتعمية عن القضية الحقيقية آلا وهي ضرب المقاومة وبالتالي نحن مع حقوق الشعب السوري في الحرية والكرامة والعزة والديمقراطية وتكافؤ الفرص لتُبنى سوريا حديثة على أن يشمل هذا أيضاً كل بلدان العالم العربي فتكون الديمقراطية هي حكم الشعب في كل الخليج لا حكم الملوك والأمراء الذين أزعجهم النصر الإيراني في الاتفاق النووي فكانوا منزعجين أكثر مما أنزعج الكيان الصهيوني بدلاً من أن يعتبروا هذا الإنجاز هو في مصلحة الأمة الإسلامية ككل، خاصة مع إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية مد يدها إلى كل دول الخليج واستعدادها لإعانتهم على انجاز معامل إنتاج نووية في بلدانهم. وهنا اقترح أن يتضمن البيان الختامي تنويهاً بنجاح الدبلوماسية الإيرانية في الانجاز العظيم في حفظ حق الشعب الإيراني بالاستفادة من الطاقة النووية في المجالات السلمية.
|
||||