هل يتحول "اتفاق الإطار" إلى اتفاق دائم يُنهي الصراع؟!

السنةالثالثة عشر ـ العدد 146 ـ ( ربيع الثاني 1435 هـ) شباط ـ 2014 م)

بقلم: هيثم محمد أبو الغزلان

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

تسعى الإدارة الأمريكية عبر وزير خارجيتها جون كيري لإنهاء، أو لنقل، تصفية القضية الفلسطينية؛ ترفع سقف التوقعات حيناً، وأحياناً تلجأ إلى المراوغة والخداع والتهويل وممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني كونه الحلقة الأضعف.. هل تنجح جهود أو ضغوط الأمريكيين في تحقيق تقدم ملموس ينهي القضايا العالقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني؟!.

هل يمكن تحويل "اتفاق الإطار" الذي تسعى الإدارة الأمريكية إلى تسويقه إلى اتفاق دائم يُنهي الصراع؟! أسئلة كثيرة تبدو الإجابة عنها معقدة ولكن يبدو أن بوادرها بدأت تلوح بالأفق استناداً إلى تجارب سابقة في المفاوضات مع الإسرائيلي، وخصوصاً أن قادة السلطة الفلسطينية كانوا ولا زالوا يرددون أنه لا بديل عن المفاوضات إلا المفاوضات!!

وبات الجميع يعلم أن الهدف الأمريكي بمساعدة أوروبية بات واضحاً، ويتحدد بـ"إنجاز اتفاق إطار يتحول إلى اتفاق دائم ينهي الصراع "الفلسطيني ـ الإسرائيلي"، وإدخال كل عناصر اتفاق الإطار في سياق المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في قرار يصدر عن مجلس الأمن، يحل بدل القرارين التاريخيين 242، و338، حسبما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، وذلك بهدف أن تصبح مبادرة باراك أوباما ـ جون كيري، جزءاً من التراث التاريخي للمنطقة.

ويصف الإسرائيلي خطة كيري للحل، بأنها "اقتراح كأساس للتباحث ينبغي أن تُعدل فيه سلسلة أشياء طويلة"، أما جانب "السلطة الفلسطينية فيراه خطة إسرائيلية في رداء أمريكي، تثير أفكاراً لا يستطيع أي زعيم فلسطيني التسليم بها"، بحسب ما تحدث يوسي بيلين..

فالإسرائيليون يربطون بين ملفي الحدود والأمن، وهم لا يفصلون بينهما ـ "يديعوت أحرونوت" ـ، أما السلطة الفلسطينية فهي تعلن أنها غير مستعدة للبحث في الترتيبات الأمنية من غير أن تعرف ما هي الحدود الدائمة.

وفي موقف يظهر تنسيقاً كاملاً بين الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أصدر الإتحاد بياناً (16-12-2013)، أبدى فيه استعداده لتقديم "حزمة مساعدات استثنائية لدولتي فلسطين وإسرائيل بعد التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بينهما له جوانب اقتصادية علمية ثقافية وأمنية وإعطاء الدولتين مكانة ومعاملة لم تحظَ بهما من قبل دولة أو أكثر من خارج الاتحاد الأوروبي".

كما نقل سفراء وممثلو الدول الخمس الكبرى في الإتحاد (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وايطاليا) رسائل للجانب الإسرائيلي تحذر من المضي قدماً في السياسات المتبعة حالياً كما من فشل عملية التسوية وعواقب ذلك على العلاقات بين الجانبين، بينما كانت الرسائل أكثر لطفاً في الاتجاه الفلسطيني وشملت التشجيع على المضي قدماً في المفاوضات وصولاً إلى التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي مع تحذيرات ضمنية من التوقف عن تقديم المساعدات للسلطة في حال الفشل علماً أن هذا التحذير نقل أيضاً للجانب الإسرائيلي.

ويبدو من خلال المتابعة لمجريات الأخبار والتقارير التي تصدر تباعاً حول الخطط الأمريكية المقدمة للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وعرض الرئيس عباس على الاجتماع الوزاري العربي الطارئ الذي عقد بمقر الجامعة العربية في القاهرة ما أسماه بوادر اتفاق إطار، ما تقدم يُظهر أن الأمور مُتجهة إلى التوقيع على اتفاق إطار. فالمحاولات الحثيثة لكيري والزيارات المتكررة، واستئجار وزارة الخارجية الأمريكية أكثر من خمسين غرفة في أحد الفنادق الفخمة في القدس المحتلة لمنتصف شهر كانون الثاني، بالإضافة إلى زيادة عدد فريق كيري في المسيرة السياسية ليصبح نحواً من 130 شخصاً، بحسب "يديعوت أحرونوت"، لم يكن مجرد مناورات أو حباً بدفع المال، وإنما ستكون نتيجته التوقيع على الاتفاق المقدم. فما هو هذا الاتفاق؟ وما هي خطوطه العريضة؟ وهل سينجح؟

حاول كيري الالتفاف على مطالب نتنياهو بربط "الحدود بالأمن" من خلال الحديث فقط عن الأمن، فعرض رئيس فريقه الأمني الجنرال جون ألان، قبل أكثر من شهر، على الجيش الإسرائيلي ووزارة الحرب بحثاً جرت بلورته خلال عدة أشهر.

ونقلت "يديعوت" عن مصادر أمريكية قولها، إن نتنياهو لم يرفض الخطة، بل قال إنه مستعد لقبول أجزاء منها، لكنه أضاف تحفّظاً بأن الأجهزة الأمنية لديها ملاحظات كبيرة، وإلى أن توافق عليها سيكون من الصعب تأييد الخطة.

كما لم يتحمس أبو مازن للأفكار الأمنية التي عرضها الجنرال ألان، لجهة إبقاء وجود عسكري إسرائيلي في طول نهر الأردن لعدة سنوات، بما في ذلك إبقاء محطات إنذار، إضافة إلى توصية بوجود إسرائيلي خفي في المعابر الحدودية، لضمان مراقبة إسرائيلية للداخلين والخارجين. ورفض الأمريكيون طلباً فلسطينياً باستبدال الجيش الإسرائيلي بوجود أمريكي أو دولي.

ولفتت "يديعوت" إلى أن الجزء الذي لم يُنشر من الخطة الأمريكية الشاملة، المتعلقة بغور الأردن، هو أن الأمريكيين سيطلبون من إسرائيل أن تخلي، بالتدريج خلال ثلاث أو أربع سنوات، المستوطنات في غور الأردن، التي تراها الحكومة الحالية جزءاً لا يتجزأ من أرض إسرائيل، وهي تمثل 6% من مساحة الضفة.

وكشفت "يديعوت" عن وجود تفاهم أساسي بين إسرائيل والولايات المتحدة، يرى أن استقرار النظام في الأردن يمثل عنصراً حاسماً في تحديد متى يخلي الجيش الإسرائيلي غور الأردن، لكنّ الفلسطينيين يرون أن الموافقة على وجود عسكري إسرائيلي في أرض فلسطينية ستؤبد الاحتلال.

وأوضح كيري في رسالته إلى السلطة الفلسطينية أن المفاوضات تجري على أساس خطوط حزيران عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية، مضيفاً بأن خط الحدود المستقبلي لن يكون مطابقاً لخط حزيران عام 1967 وإنما سيتضمّن تغييرات تتلاءم مع الوقائع المستجدّة على الأرض، كما أن موقف إدارته من قضية اللاجئين الفلسطينيين هو إعادتهم إلى الدولة الفلسطينية العتيدة، أو توطينهم حيث هم، وتهجير البعض إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا "هآرتس 30-12-2013 "، وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده جون كيري ساعة وصوله إلى القدس المحتلة تم إعلان ما سمي بـ"إطار المبادئ" متضمناً رسالة الضمانات المقدمة لطرفيْ التفاوض، وتجديد الدعوة لاستئناف المفاوضات المتوقفة، "من أجل التوصل إلى حل نهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني" ووضع نهاية للمطالب المتبادلة ضمن الجدول الزمني المحدد في "إطار التفاهمات" هذا أولاً، أما ثانياً فهو التعهد بإجراء الجولات المقبلة للمفاوضات بالتناوب بين القدس ورام الله! وحدّد كيري دور الموفد الأمريكي مارتن إنديك وطاقمه بأنه دور "الميسّر" وليس وسيطاً أو مفاوضاً.. وشدّد كيري على ضرورة أن تناقش جولات المفاوضات القادمة جميع الموضوعات الجوهرية: "حدود الدولة الفلسطينية، الترتيبات الأمنية، القدس، اللاجئين، المستوطنات، المياه، يهودية الدولة، تبادل الأراضي".

وخلال جولة كيري الثامنة ولقائه برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس وعرضه لمخطط حول الجانب الأمني المتعلق بغور الأردن، والذي يتضمن وجوداً عسكرياً إسرائيلياً، الأمر الذي تحفظ عليه عباس، عاد كيري ليعرض على عباس رؤية إسرائيلية ـ أمريكية، تتضمن وجوداً أمنياً عسكرياً في غور الأردن مع رقابة أمريكية عبر الأقمار الصناعية ومحطات إنذار مبكر.

ويبدو أنه وفي إطار الضغوط من جهة، ومحاولات استيعاب التحفظات من قبل الطرفين، تم الكشف عبر موقع تيك ديبكا "الإسرائيلي" عن تراجع جون كيري عن خطته الأمنية لنشر قوات "إسرائيلية" في أغوار الأردن وبدلاً من الجنود "الإسرائيليين" سيتم نشر جنود أمريكيين، كما ستبني أمريكا خط سكة حديدي يربط غزة بالخليل.

وكشفت إذاعة الجيش "الإسرائيلي"، النقاب عن خطة كيري للترتيبات الأمنية، مشيرة إلى أنه سيتم بناء جدار ضخم يضاهي جدار الفصل العنصري بالضفة الغربية على طول حدود غور الأردن، بحيث يصبح الفلسطينيون حبيسي جدارين، كما تشمل الخطة تحليق الطائرات بدون طيار "الإسرائيلية" بحرية كاملة في أجواء الضفة الغربية، بهدف مراقبة المنظمات الفلسطينية المقاومة وجمع المعلومات الاستخبارية.

كما تتضمن الخطة خلال السنوات الأولى للتسوية قيام القوات "الإسرائيلية" بدوريات على طول الحدود مع الأردن بمفردها، وبعد عدة سنوات تصبح هذه الدوريات مشتركة مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالتنسيق مع الأردنيين الذين سيكونون موجودين على الطرف الآخر من الحدود. ووفقاً للموقع، فإن كيري ألغى قضية نشر جنود "إسرائيليين" في الأغوار بعد ممارسة السلطة الفلسطينية ضغوطاً كبيرة عليه.

ووفقاً لمصادر أمريكية، فقد ألغى كيري أيضاً عرضه الأول لوضع إشارات على طرق في الضفة الغربية يمكن لجيش الاحتلال "الإسرائيلي" أن ينقل قواته من وإلى الأغوار، وأن يتم نشر مراقبين "إسرائيليين" على محطات حدودية بين "الدولة الفلسطينية" والأردن.

وحسب المصادر، فإن كيري اقترح الآن نشر قوة أمريكية على امتداد نهر الأردن مع إشراف ومراقبة "إسرائيلية" عن بعد، عبر وسائل الكترونية حديثه لمراقبة الحدود مع الأردن والضفة الغربية، كما عرض كيري نشر مراقبين أمريكيين على المعابر الحدودية. وقال خبراء أمريكيون و"إسرائيليون" أن معنى نشر قوات أمريكية في الأغوار يعني حماية حدود "إسرائيل".

في الزيارتين الأخيرتين اللتين قام بهما وزير الخارجية الأمريكي لعمّان، وفي إطار إنجاز "اتفاق إطار" يُمهِّد للمفاوضات النهائية، عمِل على إقناع الملك الأردني عبد الله الثاني بأن يوافق على مشروع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، القاضي باعتبار الأردن إحدى الدول الفلسطينية الثلاث المطروح إنشاؤها، وهي: فلسطين الشرقية (الأردن)، فلسطين الغربية (الضفة الغربيّة)، وفلسطين الجنوبية (غزّة).

ففكرة "الترانسفير"، أي تهجير الفلسطينيّين إلى الأردن، ليكون هو الوطن البديل للفلسطينيّين مطروحة منذ تأسيس إسرائيل. ووفقاً لما يطرح نتنياهو، تكون الدويلات الفلسطينية الثلاث خالية من الوجود اليهودي تماماً، وفق عملية تبادل للأراضي سيجري تنظيمها، في مقابل الاعتراف بالهوية اليهودية لإسرائيل، على أن يكون غور الأردن والخليل والقدس ومحيطها جزءاً من الدولة اليهودية.

وعمليّاً، تعني الخطة الإسرائيلية، التي يعمل كيري على تسويقها، تهجير الفلسطينيّين من "إسرائيل" إلى الأردن، وإنهاء المطالبة بحقّ العودة، والمساهمة في تجنيس الفلسطينيين في البلدان التي يقيمون فيها (التوطين). (الجمهورية 10-1-2014)

كما زار كيري الرياض محاولاً إقناع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بأن يدعم الخطة ويساهم في تمويلها وتغطيتها سياسيّاً بما للسعودية من وزن عربيّ وإسلامي، وأن يعلن وزراء الخارجية العرب تأييدها (وزراء خارجية فلسطين والأردن والسعودية ومصر وقطر والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي)، ثمّ يبارك مجلس الجامعة الخطّة لاحقاً.

لكنّ كيري قوبِل بالرفض حتى اليوم. وهو لم ينجح حتى في إقناع السعودية والأردن بعدم تعطيل أيّ اتّفاق من هذا النوع، إذا وافق عليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، علماً أنّ عباس مصاب بالإرباك نتيجة الضغوط العربية والفلسطينية عليه، وهو ناقش المسألة في عمان.

وكتب د. صبري صيدم في صحيفة القدس العربي (10-1-2014): "حكومة الاحتلال امتهنت المراوغة وهي تسعى اليوم للمزيد: اتفاق إطار يا حبذا بالنسبة لها إن صادر الأغوار الفلسطينية وأبقى القدس إسرائيلية وشطب حق عودة الفلسطينيين وفرض سيطرة إسرائيل على المجال الجوي والمياه والحدود، وطيف الاتصالات الترددي والسيادة على الخط الرابط بين غزة والضفة.

إسرائيل تريد اتفاق إطار كوصفة انهيار للحلم الفلسطيني بالاستقلال والعودة لأنك وإن وقعت فلن تجد أرضاً ولا سيادة ولا عودة ولا قرار.

اتفاق الإطار بنسخته الإسرائيلية منصة متطورة لإضاعة الوقت وكأن عقوداً من الزمن وآلاف القرارات الاحتلالية ومئات المستوطنات وعشرات القوانين وآلاف القرارات العسكرية ومئات الأحكام العسكرية لم تكن كافية لتشبع نهم المحتل فيحتاج وقتاً إضافياً لتدمير الهوية العربية للأراضي المقدسة وتفعيل حل الوطن البديل وتحفيز الفلسطينيين باتجاه الهجرة الطوعية حتى تصبح الأرض بالفعل بلا شعب".

مخاطر الاتفاق إسرائيلياً

وعدّد الياكيم هعتسني، في مقال له في صحيفة (يديعوت 16/12) المشاكل التي من المتوقع أن يواجهها كيانه في حال تم التوقيع على "اتفاق إطار" جديد، ومنها:

 - المشكلة الديموغرافية: مئات آلاف اللاجئين من لبنان، من سوريا، من مصر ومن غزة سيتدفقون إلى داخل يهودا والسامرة (الضفة الغربية). لأول مرة ستكون أغلبية عربية في غربي نهر الأردن. بالمسيرات الجماهيرية، بـ"الإرهاب" وعبر الأمم المتحدة سيضغطون على الحدود الجديدة. ويضيف: "هذه ستكون المرحلة التالية في "نظرية المراحل". وحيال "إرهاب" متجدد، هل ستكون "السور الواقي 2" لا تزال ممكنة ولا تؤدي إلى عقوبات وتدخل عسكري من الخارج؟".

- اقتصاد ماء بدون الخزان الجوفي للجبل: هل يمكن العيش على المياه المحلاة فقط؟

-  مطار بن غوريون: أين ستقيم إسرائيل مطاراً دولياً آمناً، ليس في مدى النار من يهودا والسامرة، بدلاً من مطار بن غوريون الذي يسيطر عليه من السامرة الفلسطينية.

- الممر الآمن" بين شطري فلسطين السيادية غزة والضفة لن يكون بسيادة إسرائيل.

-  كيف يمكن مواجهة مشكلة بتر النقب؟

-  الترتيبات الأمنية: آجلاً أم عاجلاً، عندما يقوم الاتحاد الفلسطيني من ضفتي الأردن ويصبح دولة واحدة، فإن "الترتيبات الأمنية" على الأردن لن تكون ذات صلة بعد ذلك. سلاح ثقيل، مخربون، جيوش أجنبية كل هذه ستتدفق دون عراقيل. وحيال دولة فلسطينية تمتد من حدود العراق وحتى البحر المتوسط، كم فرقة سيتعين علينا أن نوقف؟

- طرد 150 ألف مستوطن (في الموجة الأولى) سيكلف 150 حتى 200 مليار شيكل. من أين؟ وإلى أين سيعودون؟

- كيف تحسب التعويضات للفلسطينيين على كل دونم من "الكتل" في القدس وفي المناطق مقابل أرض مساوية من داخل الخط الأخضر؟ كم مئات أو آلاف الدونمات في النقب يساوي دونم واحد مبني في القدس؟

-  ما العمل بعرب القدس المنقسمة ممن سيرفضون التخلي عن الهوية الزرقاء؟

احتمالات

- مخاطر توقيع السلطة الفلسطينية على الاتفاق ستكون كارثية بالنسبة للشعب الفلسطيني؛ فمسيرة أوسلو الممتدة على مدى عشرين عاماً أثبتت وبالملموس أن الإسرائيلي لا يلتزم اتفاقاً، وكل اتفاق بحاجة لاتفاقية جديدة توضحه.. ولكن رغم كل ذلك، يبدو أن الأمور متجهة لتوقيع اتفاق إطار، ما لم يحدث تغير دراماتيكي يقلب الطاولة على رؤوس الجميع.

- يسعى نتنياهو إلى حشر السلطة وقيادتها في الزاوية من خلال مطالبتها بالاعتراف بكيانه "دولة يهودية"، من أجل إفشال عملية التسوية. وبحسب مقال للمعلق الإسرائيلي البارز عكيفا إلدار نشره موقع "يسرائيل بلاس" فإن إصرار نتنياهو على اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة هو "مجرد مناورة تهدف إلى إحباط فرص التسوية السياسية للصراع من خلال طرح شروط تعجيزية، وبعد ذلك تحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية عن فشل الجهود الأمريكية". ونقل إلدار عن المقربين من نتنياهو قولهم إن اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل سيسهل على الحكومة الإسرائيلية تمرير تسوية سياسية للصراع تتضمن "تنازلات مؤلمة"، في حين أن الهدف الحقيقي هو دفع الفلسطينيين نحو تبني الرواية الإسرائيلية للصراع.

- اتفاق الإطار الذي يجري العمل على إخراجه إلى النور سيزيد أعداد المستوطنين من أكثر من سبعمائة ألف إلى مليون في الضفة الغربية، بما فيها القدس. وهذا يقود إلى المزيد من فرض الوقائع الإسرائيلية على الأرض، بما يعني عملياً منع قيام دولة فلسطينية مترابطة..

- توجد لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أسئلة كثيرة تتعلق بعدد القوات التي سينشرها الجيش في غور الأردن، وطريقة نشرها في طول المحاور أم في طول النهر فقط، وماذا سيكون عرض الشريط الذي سيسيطر عليه الجيش الإسرائيلي، وكم ستكون مدة انتشار هذه القوات، سبع سنوات أم عشر، ومن يحدد المدة الزمنية، وهل سيكون ذلك وفق أجل محدد، أم بحسب التطورات، والتي من المعروف أن من يحددها هو "إذا ثبت الفلسطينيون لامتحان التنفيذ؛ ولما لم يُقل من الذي يحدد هل نجح الفلسطينيون في مهمتهم فمن الواضح لهم أن الحديث عن أن عمل الحَكَم سيُمنح لإسرائيل"؟، بحسب يوسي بيلين.

-  يتضح من خلال الخطط التي تم تقديمها أن دوراً ما من المرجح أن يلعبه الأردن، خصوصاً في قضية اللاجئين لتمهيد "الرأي العام للتحول المثير الذي قد تفرضه بصمات وتفصيلات خطة كيري، التي يرى الدبلوماسي والمؤرخ الفلسطيني البارز الدكتور ربحي حلوم أنها خطيرة على الأردن وفلسطين وليست سوى عملية تصفية متخاذلة للقضية الفلسطينية وقفز على الحقوق التاريخية".

وبرأي البعض فإن اللاجئين في الأردن سيتحولون إلى "أردنيين" حتى ترعى حكومتهم حقوقهم المغتصبة من "الصديق الإسرائيلي" لكنهم ليسوا كذلك في الواقع العملي في عمق المعادلة الأردنية.

والبعض يرى أن جزءا من خطورة التمثيل الأردني لحقوق اللاجئين الفلسطينيين أنه سينتهي بإقرار حقوق سياسية لهم في الأردن ما دامت العودة الحقيقية مستحيلة، على حد تعبير السياسي البارز عدنان أبو عودة وما دام التوطين مقراً في البند الثامن لاتفاقية وادي عربة التي كان فايز الطراونة، رئيس الوزراء الأسبق من مهندسيها، على حد تعبير الصحافي المتابع محمد الخطايبة.

بكل الأحوال وبحسب ما ورد في "القدس العربي" يفترض بعض الهواة في إدارة السياسة الأردنية بإمكانية العبث بهذا الملف الحساس والخطير بإجماع المراقبين عبر لعبة سياسية تبدل الأدوار وتجعل الشارع الفلسطيني في بلد كالأردن ليس أكثر من أداة في يدي متفاوض ما أطال الجلوس إلى مائدة كيري وسط معادلة تحرم اللاجئين من كل حقوق الكون السياسية في الأردن وفلسطين معاً وتتفاوض باسمهم في الوقت نفسه وبدون التشاور معهم عندما يتعلق الأمر بالمال والتنازل عن حق العودة.

في الختام، إن مخاطر عديدة وجدية تتعرض لها القضية الفلسطينية تستهدف طمس معالمها وتصفيتها. فمنذ انطلاق عملية "التسوية" في مدريد العام 1991، وحتى الآن، مروراً بمحطات تفاوضية كثيرة ثبُت وبالملموس أن إسرائيل لا تريد أي سلام، وإنما تريد "حلاّ" يُهوّد القدس ويزيد الاستيطان ولا يترك مجالاً لإقامة دولة فلسطينية مترابطة أو قابلة للحياة. كما أنه يريد نسف وتصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين.. وما يحصل على أرض الواقع في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وفي الأراضي المحتلة منذ العام 1948، يثبت أن خيار التسوية مع الاحتلال هو فقط بالتسليم له بما يريد، وهذا ما يرفضه الفلسطينيون والشواهد في ذلك كثيرة، فهل يعي البعض ذلك؟!!!.

اعلى الصفحة