|
|||||||||||
|
بعد تراجع أمريكا عن ضرب سوريا بحجة الأسلحة الكيماوية، وتراجع حظوظ التدخل العسكري الأمريكي إلى جانب حلفائهم الإقليميين ومجموعاتهم القاتلة التكفيرية. وبعد التحضيرات الأمريكية الجارية على قدم وساق للخروج من المنطقة عبر تفاهمات وصفقات وتراجعات. وبعد الهزائم العسكرية الواضحة والبيّنة والتي مُنيت بها المجموعات الإرهابية المجلوبة من كل أنحاء العالم، وبعد التماسك الكبير وقدرة السيطرة والتحكم للجيش السوري ونظامه وتحولهم من الدفاع إلى الهجوم، وتطهير المناطق المستباحة من عصابات القتل والاغتصاب، بعد كل ذلك جن جنون بعض الدول الإقليمية التي كانت تُمنِّي النفس بالكثير من أوهام وخيالات الانتصار على محور المقاومة الممتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان، وتفكيكه بإسقاط سوريا ونظامها وجيشها، وبذلك تقطع الطريق على الإيراني وبالتالي يستطيعون السيطرة وضرب المقاومة في لبنان وفلسطين ومحاصرة إيران وتركيعها وتغيير نظام الحكم في العراق... لكن، ولأن الحرب هي حرب أدمغة واستراتيجيات، استطاع محور المقاومة الصمود أولاً، ثم الانتقال إلى مرحلة الهجوم والسيطرة، ومن ثم إلى مرحلة المواجهة الشاملة. وهكذا فهم الأمريكي سريعاً أن المعركة خاسرة وأنه يستطيع الخروج سالماً وبأقل الأضرار إذا استطاع التفاهم ورسم معالم جديدة في المنطقة، يكون هو شريك بها بالحد الأدنى ويحافظ فيها على بعض مصالحه ومصالح الدائرين بفلكه. لكيلا يأتي وقت لا يستطيع فيه أن يكون شريكاً على طاولة البحث عن مستقبل المنطقة. لكن بعض الدول في المنطقة والتابعة كلياً للسياسة الأمريكية هالهم هذا الانعطاف الأمريكي الحاد من قرع طبول الحرب والوعد والوعيد إلى المهادنة والاستكانة، ولم يستطيعوا قراءة المتغيرات السريعة والأحداث الجارية ـ وذلك بسبب شيخوختهم وعجزهم وفقرهم العقلي، وحقدهم القبلي وعنجهية الثروة التي تمتلكهم ـ فزرعوا الأرض طولاً وعرضاً بعواء المجروح وهم يرغون ويزبدون ويهدِّدون ويستحضرون أفظع ما لديهم من الحقد والكراهية والقتل والإبادات لعلَّ!!.. وليت!!... حتى أن فتيانهم وغلمانهم الواسعي الثراء والذين لم يكن لهم وظيفة سوى إدارة شؤون المال والإعلام والعهر خرجوا على العالم بأنياب دراكولا يهددون ويتوعدون وأنهم حماة أهل السنَّة والصحابة وأن الإسلام (كما يفهموه ـ حقدٌ ورقص وخمرٌ وجميلات وليالي أنس...) بخطر شديد وأنه حان الوقت للتكاتف والتعاضد مع الصهيونية العالمية لإبادة إيران ونفوذها وخطرها على الأمة. وقد استعملوا كل أسلحتهم التي صنعوها عبر القرون، من فضائيات وصحافيين وكتّاب ورؤوساء دول سماسرة ومجلات وجرائد وراقصات ومغنيات وغلمان وجواري ومشايخ وأمراء ومجموعات الانتحار والقتل، وأرعدوا وأزبدوا وصرخوا وغضبوا وقاطعوا واجتمعوا وتآمروا، واستخدموا كل الصفقات والسمسرة والكنوز المكنوزة وغير ذلك... ولكن لن يكون إلا ما كان وسيكون وأمريكا والأوروبيون من ورائها يسعون لاهثين للتفاهم على الحد الأدنى من حفظ المصالح، وإبقاء النوافذ والوسائط مُشرعة. ولهذا أيها الإخوة الإقليميون، اهدؤوا قليلاً وفكروا هنيهة، فاليد الممدودة من طهران إلى بيروت ستبقى ممدودة وإخوة الدين واللغة والجوار هي الحاكمة والسائدة ويمكننا أن نتفاهم على حفظ المنطقة وأمنها واستقرارها وعلى ثرواتها واقتصادها، ويمكننا أن نكون معاً. ولن يكون محور المقاومة إلا حضناً دافئاً لكم وشريكاً شهماً وعادلاً معكم.. فتعالوا إلى التفاهم والحوار، وما يجمعنا هو الكثير الكثير، ولا تفرقنا إلا الضغائن ومحاولة التسلط والاستئثار. فدعوا ذلك جانباً وتعالوا إلى شراكة عادلة متساوية. الوقت ليس لصالحكم، وكل كيدكم لن يفلح أبداً، وأنتم وإسرائيل لن تغيروا في الواقع شيئاً، سوى أنه يُمكنكم أن تبدأوا المعركة، لكن إذا بدأت لستم أنتم من ينهيها ولن تكون لكم أبداً، وعند ذلك لن ينفع الكلام ولا الاعتذار ولا السلام فأنتم أمة ونحن أمة!!. فيا أيها الإخوة الإقليميون والمحليون، قليلاً من العقل....قليلاً من الهدوء.... قليلاً من السلام.... وإلا لن ينفع الندم ساعةَ الحقيقة. |
||||||||||