|
|||||||
|
موقع يديعوت أحرونوت - رون بن يشاي القانون لا يسمح بنشر ما سمعه وزراء المجلس الوزاري المصغر من كبار مسؤولي أجهزة الاستخبارات في إطار التقدير السنوي الذي عرض أمامهم. إلا أنّ مصادر من اليمين تفيد بأنّ الوزراء خرجوا بمزاج ليس بسيئ من اللقاء الهام الذي جرى في مقر الموساد الموجود وسط إسرائيل. قبل التفصيل، من المناسب إيضاح أنّ "تقدير الاستخبارات" يعرض فقط التطورات في المنطقة وفي العالم التي من شأنها أن تؤثّر على امن إسرائيل القومي والخاص، بخلاف "تقدير الوضع القومي" السنوي الذي يأخذ بالحسبان جهات أخرى. وكما نشر بعد النقاش في المجلس الوزاري المصغر، الانطباع العام هو أنّ تقدير الاستخبارات للعام 2014 متفائل في جوهره. أولاً، لأنّ التهديدات التقليدية المباشرة (من جهة جيوش دول) على إسرائيل تراجعت في السنة الماضية بشكل دراماتيكي - بعد المواجهات الداخلية التي تنشغل فيها الجيوش النظامية في الدول المجاورة، والتي ستبقى على ما يبدو منشغلة بها في السنة القادمة. ثانياً، لأنّ المنظمات المسلحة في الواقع تكاثرت وفتحت جبهات جديدة، وحتى أنّها زادت من قوّتها العسكرية، لكنّ الخطر المنبعث منها حالياً وفي السنة القادمة لم يزد بشكل بارز. والأمر الأهم: هم مرتدعون أكثر من الماضي. لدى حزب الله، حماس، الجهاد الإسلامي الفلسطيني وحتى السلفيين وجهات الجهاد العالمي في سيناء وفي سوريا، هناك حالياً - وستبقى على ما يبدو في السنوات المقبلة - أسباب جيّدة ووجودية للسعي لعدم التورط في مواجهة واسعة مع إسرائيل. "الإرهاب" مرتدع ليس فقط بسبب القدرات الإستخباراتية والعملياتية لدى الجيش الإسرائيلي إنّما أيضاً، وبنسبة لا تقلّ أهمية، بسبب جهات أخرى (على سبيل المثال، السياسية الأمنية للنظام الجديد في مصر). ثالثاً، لأنّه ثمة في المنطقة عمليات سياسية، دبلوماسية وعسكرية لديها فرصة- نظرية على الأقل- لأن تتطوّر باتجاه إيجابي من زاوية أمنية إسرائيلية. الاتفاق الحاصل حالياً بشكل متقن لتجريد سوريا من سلاحها الكيميائي، المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، إنجاز محتمل للقوى العظمى في المفاوضات بينهم وبين إيران يعيد البرنامج النووي العسكري عدّة سنوات إلى الوراء، منظومة المصالح المشتركة المتشكّلة بين إسرائيل والسعودية، دول الخليج ومصر نظراً لضعف موقع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، التعاظم المتوقع لموقع إيران الإقليمي والعالمي، والتهديد المنبعث عليهم وعلينا من قبل الإسلام السياسي المتطرّف. لن تتحقّق كلّ هذه الفرص الإيجابية وغيرها في السنة القادمة، لكن حتى في حال أثمرت بعضها نتائج إيجابية - فهذا يكفينا. إيران: عناد (السيد) علي خامنئي حتى الآن الأخبار جيّدة. يتصدّر الأخبار السيئة تقدير يفيد أن إيران لن تكون مستعدّة على ما يبدو، في إطار اتفاق دائم في غضون ستّة أشهر، للتخلي تماماً عن القدرات التي تسمح بتصنيع سلاح نووي في المستقبل. بكلمات بسيطة: إيران (السيد)"علي خامنئي" تسعى للبقاء كدولة حافة نووية، حتى وإن دفعت ثمناً باهظاً مقابل ذلك. رئيس أمان، اللواء أفيف كوخافي، قدّر في السابق، وحتى أنه أرسل تقريراً خاصاً حول الموضوع لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يفيد أنه يوجد حالياً تغيرات سياسية واجتماعية واستعداد أعلى من السابق للتقارب مع الغرب والاستجابة لطلباته. مع ذلك، يقدّر خبراء أنّ أحد الأسباب الأساسية لرغبة إيران بالحصول على سلاح نووي هو الحفاظ على بقاء النظام، بمثابة بوليصة تأمين. في إيران شاهدوا ما حصل لمعمّر القذافي الذي جُرّد من قدراته النووية والصاروخية في ليبيا. لذلك فإنّه حتى الزيادة الإضافية على السكان بسبب العقوبات لن يوقف السعي للحصول على الأقل على قدرات على حافة السلاح النووي ومنظومة الصواريخ. مع ذلك، من غير الواضح حجم المساحة التي سيمنحها(السيد) علي خامنئي لروحاني ووزير الخارجية محمّد ظريف في إطار المفاوضات على الاتفاق النهائي. صراع القوى الداخلي في إيران ما زال مفتوحاً ومرتبطا كثيراً بالشكل الذي تُدار فيه الأمور خلال تنفيذ الاتفاق المرحلي. لذلك، من المحتمل حتى في إطار الاتفاق الدائم، أن يكون الإيرانيون مستعدين لتسوية تبعدهم مسافة عدّة سنوات عن القنبلة. بالمناسبة، من المناسب معرفة أنّه في مسار تخصيب اليورانيوم تقدّمت إيران في السنوات الماضية تقدماً مفاجئاً عندما ركّبت آلاف أجهزة الطرد المركزي، ولذلك هي اليوم في موقع دولة حافة نووية أو تقريباً دولة حافة نووية في المقابل، في برنامج تطوير وإنتاج السلاح النووي (النموذج الأصلي للجهاز المتفجر والرأس الحربي) الإيراني لم تتقدّم كثيراً. هذا الموضوع بدوره يستلزم عناية أساسية في المفاوضات على الاتفاق الدائم. على كلّ حال، النظام في إيران مستقر في هذه الأثناء، وحتى أنّ موقفه تعزّز بعد الاتفاق في جينيف. الإسلام: براعم الجهاد في الضفة كل المسائل الأخرى تقريباً (باستثناء النووي الإيراني) المتعلقة بالأمن تُملى وتنبع مما يسمونه في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "الهزة الإقليمية". هذه الهزة رمت المنطقة في وضع يتميز بالشك والانفجار. لا يجب فقط على زعماء دولة إسرائيل الاستعداد لما هو غير متوقع، ولهجوم جماهيري مفاجئ وبشكل عنيف. كذلك على زعماء العرب، ورجب طيب أردوغان في تركيا و(السيد) خامنئي في طهران، عليهم أن يأخذوا بالحسبان اليوم القوة التي يظهرها الجمهور الذي يبحث عن راحة اقتصادية، حرية وعدالة، قدرته على زعزعة استقرار الأنظمة. حتى تلك الأنظمة التي نشأت بعد موجة التمرد الأولى في مطلع العام 2011. هذا ويسمون في "أمان" (شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية) الثورة التي أقصي في إطارها محمود مرسي عن رئاسة مصر بـ "هزة 0-2". أي نحن شهدنا الموجة الثانية من الاضطرابات التي تمر بها المنطقة، التي تبدو فيها الخيبة من الإسلام السياسي الراديكالي واضحة. ليس فقط من الإخوان المسلمين الذين خيبوا الآمال في مصر وفي تونس، إنما أيضا من مجموعات الجهاديين والسلفيين حيث شهدنا إعادة نمو في صفوفهم. هذه الهزة في العالم العربي أنقذت الجهاد العالمي من مدرسة القاعدة، الذي عانى من حالة ركود، فأعطته قوة زخم جديدة. السلاح الذي سُلب في ليبيا وفي مناطق غير خاضعة للسيطرة التي تكونت في سوريا، في اليمن، في ليبيا، في سيناء، في العراق، في شمال أفريقيا، تسمح للمنتسبين للقاعدة بتجميع القوة وبأن يكونوا رأس الحربة المقاتلة للأنظمة القديمة. في الآونة الأخيرة يزيد السلفيون والجهاديون من نشاطاتهم في غزة وينشئون - ما لم نره حتى الآن - خلايا ناشطة في الضفة الغربية. مع ذلك، يشير خبراء الاستخبارات، إلى أن الخطر الفوري ليس كبيراً. هذا لأنهم حددوا لأنفسهم سلم أولويات: بداية تقوّض الأنظمة والسيطرة على سوريا، لبنان، الأردن وسيناء، إرساء سياسة الشريعة ونشاط اجتماعي على شاكلة الإسلام "الدعوة" وفي المرحلة الثالثة فقط الصراع حتى القضاء على إسرائيل. هذه الأجندة تخيف الحكام العرب من السعودية وحتى مصر وتسيطر عليهم، لاسيما في ظل ضعف واشنطن وسياسة عدم مصداقيتها. هذا هو السبب الذي دفع بالسعودية ودول الخليج لمنح مصر 100 مليون دولار هذا الشهر من أجل شراء الطعام وكي لا تضطر لأن تكون معتمدة على طاولة واشنطن. سوريا: الأسد سيخفف من التورط مع إسرائيل التقدير هو أن الحرب الأهلية في سوريا تتلاشى قليلاً وهناك عدد قتلى أقل يومياً. لكنها ستستمر لوقت طويل نسبياً، حتى إذا سقط بشار الأسد أو قُتل لسبب ما فإن النار ستبقى مشتعلة هناك. كما ستتراكم الحسابات الدموية هناك. في هذه الأثناء، وضع الأسد يتحسن، لأن الثوار المنقسمين فقدوا الزخم في القتال بعد أن فقدوا الأمل بعملية أمريكية لمعاقبة الأسد على استخدام سلاح نووي، أو لأن الاتفاق بين روسيا وأمريكا لتفكيك السلاح النووي منح النظام شرعية دولية جديدة ومناعة. إيران تدعم الأسد اقتصادياً على الرغم من العقوبات، لأن نظامه يُعتبر بنظرها أهم موقع عسكري خارجي للثورة الإسلامية الإيرانية. روسيا تمنح الأسد مظلة سياسية وسلاحاً بغية استعادة المواقع التي فقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. هكذا تحولت الحرب الأهلية في سوريا إلى تشابك خطوط المواجهة التي تتقاطع في الصراعات القائمة بين السنّة والشيعة، بين المحور الراديكالي بقيادة إيران والمحور بقيادة السعودية وتركيا، ولمواجهة بين روسيا وأمريكا على هيمنتها إقليميا. يقول الخبراء إنه ثمة فرصة لتدخل خارجي مكثف يؤدي إلى إنهاء الحرب في سوريا. وماذا بالنسبة لنا؟ حتى عندما يتحسن وضعه، يميل الأسد إلى التخفيف من التورط في مواجهة مع إسرائيل. لبنان: المواجهة القادمة ستكون مختلفة حزب الله يعاني من وضع مشابه هو أيضاً، يقدّر الخبراء، وأنه سيدرس الأمر مرتين قبل أن يدخل في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي. (السيد) حسن نصر الله يحافظ على قواته كي يتمكن من مهاجمة إسرائيل في حال هوجمت منشآت النووي في إيران ولكي يتمكن من الاستمرار في مساعدة نظام الأسد في سوريا. هذه المساعدة - بأمر واضح من (السيد) خامنئي - أوقعت نصر الله في وضع معقد أمام الطوائف الأخرى في لبنان وأضعفته. هناك من سيفاجأ لسماع أن حزب الله لم يتعاظم عسكرياً تقريباً في العام الفائت، باستثناء الخبرة القتالية التي جمعها عناصره في سوريا. لم يصل لحزب الله سلاح استراتيجي كثيراً من سوريا أو من إيران. في حال اندلعت، مع كل ذلك، مواجهة، فالتقدير هو أن حزب الله سيوجه ضربة ستكون أقسى مما شهدناه حتى اليوم. لكن، هم يقولون، ليس لدى المنظمة قدرة على تقييد وعرقلة القدرة المشتركة لسلاح الجو وتشكيل الاستخبارات للجيش الإسرائيلي على المس بشكل قاس بتشكيل وبترسانة الصواريخ والقذائف الصاروخية، وبذلك تقويض قدرات الإطلاق منذ الساعات الأولى للقتال، مما سيخفف من الضرر في الجبهة الداخلية. كذلك لن يمتلك حزب الله في العام القادم قدرات على ضرب أهداف في الجبهة الداخلية بشكل أدق من الماضي. لذلك، يمكن الافتراض أنه في الحرب القادمة سيحاول توجيه ضربة مركزة بإطلاق مئات وربما آلاف الصواريخ، القذائف الصاروخية والطائرات بدون طيار منذ الساعات والأيام الأولى للمواجهة - قبل أن يشغّل سلاح الجو كل قوته، سعياً لشل قدرات "القبة الحديدية" ومنظومات دفاع فعالة أخرى. (السيد) نصر الله سيعمل بمشورة الإيرانيين كي يقصر جداً مدة القتال ويحول دون إلحاق ضرر خطير بلبنان يثير الطوائف الأخرى ضد حزب الله. أنفاق من سيناء إلى غزة ومن غزة إلى إسرائيل تكتيك مشابه تعتزم حماس والجهاد الإسلامي تطبيقه في غزة في حال حصول مواجهة مع إسرائيل. فبعد أن تشدّد الجيش المصري في مكافحة عمليات تهريب السلاح من سيناء، وهدّم أنفاق التهريب، تبذل المنظمات جهدا مركّزا لكي تنتج بنفسها قذائف صاروخية طويلة المدى نسبيا من طراز M-75، تحاكي الفجر 5 الإيراني. ويُبذل جهد موازي في حفر أنفاق وحُفر إطلاق مخبّأة. الهدف: التمكّن من إطلاق قذائف صاروخية هائلة باتجاه غوش دان والقدس، ستتغلب بوسائل قليلة على القبة الحديدية، وبذلك الدفاع عن بقاء التشكيل المقاتل أمام سلاح الجو. يشدّد الغزاويون بشكل خاص على حفر أنفاق حرب سيكون من الممكن بواسطتها ضرب مستوطنات النقب. لكن بشكل عام وضع حماس سيء، فهي تحاول إعادة التقرّب من إيران لتجديد المساعدة الاقتصادية. وهناك محاولة أيضا لتسريع المصالحة مع أبو مازن، الذي حتى الآن يرفض المداهنات. في مقابل ذلك، وضع أبو مازن يتحسّن بشكل مدهش في الآونة الأخيرة، إمّا بسبب وضع حماس السيئ، أو بسبب المفاوضات مع إسرائيل وإمّا بسبب إطلاق سراح الأسرى. مع ذلك رئيس السلطة يعي احتمال أن يستغل خصومه السياسيون أي تنازل من جانبه بغية إحداث تمرّد جماعي في الشارع الفلسطيني. الظل المهدد "للتقاذف"، الذي يخيم في هذه الأثناء على الشارع الفلسطيني، سيمنع بحسب تقديرات الخبراء أبو مازن من تقديم تنازلات كبيرة، على سبيل المثال التنازل عن حق العودة، التي تتطلب اتفاقاً دائماً. بيد أن الأمريكيين سيحاولون من دون شك طرح اقتراحات تقليص خلافات خاصة بهم، ولذلك أبو مازن يطلق مؤخراً شارات ضعيفة أنه مستعد للتوصل إلى اتفاق مرحلي سيحصل فيه على مناطق في الضفة بإمكان الإعلان عن سيادتها، رغم أنه ينكر ذلك رسمياً. الولايات المتحدة لن تذهب إلى أي مكان من المنطقي التقدير أن تقدير الاستخبارات تناول أيضا الموقع الضعيف للولايات المتحدة في المنطقة. ويحتمل أنه في هذا الموضوع فوجئ الوزراء لدى سماعهم أن الخبراء يعتقدون أنه رغم الشرخ في العلاقات بين واشنطن والسعودية، على الرغم من الجدال الموثّق إعلامياً بين إدارة أوباما وحكّام مصر الجدد، ورغم عتاب نتنياهو بشأن الاتفاق المرحلي مع إيران في الموضوع النووي - لا يوجد في هذه الأثناء بديل عن الولايات المتحدة كمصدر حماية، سياسياً وعسكرياً، للدول المهمة في المنطقة ولمصالحها. والأهم من ذلك: على الرغم من أن أمريكا متعبة من الحروب الفاشلة في العراق وفي أفغانستان وعلى الرغم من أن الرأي العام في الولايات المتحدة لا يؤيد التدخّل العميق جدا في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ستكون في غضون عامين - ثلاثة أعوام مستقلّة من ناحية الطاقة - فإنه لا يوجد أية نيّة لواشنطن بالتخلي عن المنطقة والتركيز بشكل خاص على شرق آسيا. كما تعرف الولايات المتحدة أن الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، الموجود فيه معظم احتياطي النفط العالمي، هو الذي يملي التأرجح صعودا ونزولا بأسعار الطاقة في السوق العالمي. هذه الأسعار تؤثّر على الاقتصاد العالمي، وهو بدوره يؤثر أيضا على الازدهار والعمالة في الولايات المتحدة. لذلك من المنطق الافتراض أنه في العام القادم وأيضا في السنوات التي تليه، ستستمر أمريكا في كونها المصدر الأساسي المؤثّر في المنطقة. |
||||||