اخطر أنواع التهويد الاستيطاني لمدينة القدس
"صهينة" المناهج التربوية لطمس الهوية الفلسطينية

السنة الثانية عشر ـ العدد142 ـ (ذو القعدة ـ ذو الحجة 1434 هـ ) تشرين أول ـ 2013 م)

بقلم: عدنان أبو ناصر

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

يقول محافظ القدس عدنان الحسيني: "ان إسرائيل تقوم بتهويد مدينة القدس، وبتغيير معالمها وتزوير تاريخها، وإنهم لا يريدون أن يكون للآخرين أي تاريخ في هذه المنطقة الحساسة، حيث يعتبرونها ملكاً لهم ولتاريخهم".

ويضيف الحسيني: "إن إسرائيل تقوم بكل إجراءات التهويد في المدينة، هناك مفاهيم إسرائيلية هدفها إزالة كل ما هو غير يهودي، لأن كل ما هو يهودي في المدينة يكاد لا يُذكر بالنسبة إلى التاريخ. هناك تاريخ عربي وإسلامي عريق جداً، سبقه تاريخ بيزنطي وروماني في هذا المكان".

وأردف "إنها قضية تلاعب بالتاريخ وتغيير ملامحه، حتى عندما يأتي أي زائر من أي بلد في العالم، يريدونه أن يرى تاريخهم أو تاريخاً زرعوه أو حقنوه في المنطقة، ولا يريدونه أن يرى التاريخ الحقيقي لهذه المنطقة".

فرض الأمر الواقع

يسعى الكيان الصهيوني منذ قيامه في الأراضي الفلسطينية عام 1948 لفرض إجراءات أمر واقع لتثبيت وجوده اللاشرعي, وذلك عبر محاولاته طمس المعالم التاريخية والهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، ناهيك عن هدم الأماكن الأثرية وتهويدها وتهجير السكان وحفر الأنفاق أسفل المسجد الأقصى والاستمرار في الاستيطان، وأخيراً استبدال المنهاج الفلسطيني في المدينة المقدسة بمنهاج صهيوني.

ويؤكد الفلسطينيون أن تلك الإجراءات الإسرائيلية في القدس لن تستطيع أن تغير شيء من الواقع، قائلين بأن الجذور الأصلية للمدينة واضحة وضوح الشمس مهما فعل الصهاينة من إجراءات فالحق سيعود لأصحابه يوماً ما ليس ببعيد.

يأتي ذلك في الوقت الذي قررت فيه بلدية الاحتلال في القدس المحتلة استبدال المنهاج الفلسطيني بآخر إسرائيلي ليتم تدريسه في خمس مدارس بالقدس تابعة للبلدية.ووفقا لمصادر إعلامية، فإن إدارات مدارس (صور باهر للذكور، وصور باهر للإناث، وابن خلدون، وابن رشد، وعبد الله بن الحسين) المقدسية توجهت بخطوة تواطؤية مع العدو الصهيوني إلى بلدية الاحتلال تعلن فيها رفضها تطبيق المنهاج الفلسطيني على هذه المدارس، لافتة إلى أن البلدية قررت إغراء هذه المدارس بتقديم مكافأة مالية لإدارات المدارس التي تعتمد المنهاج الإسرائيلي بزيادة علاواتهم الشخصية، ودفع 2000 شيكل لإدارة هذه المدارس عن كل طالب مسجل فيها.

ويتضمن المنهاج الجديد أن "الهيكل" حقيقي وموجود مكان المسجد الأقصى، وأن بلدية الاحتلال تعطي التراخيص لتنظيم البناء في المدينة المقدسة ولكنها تهدم منازل "الفلسطينيين الفوضويين" وسترسخ بفكرهم الأسماء العبرية للشوارع والأماكن في المدينة المقدسة وتشطب الأسماء الأصلية العربية للمدينة.

إن لهذه الخطوة عواقب خطيرة، فالمناهج الصهيونية المفروضةتحرف التاريخ والدين والجغرافيا وتشوه الثقافة الوطنية الفلسطينية، مما يدعو لمطالبة الجامعة العربية ومنظمة التضامن الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بالعمل على إيقاف هذا الإجراء الذي يتعدى على حق الطالب الفلسطيني في دراسة منهج يراعي قيمه وهويته الثقافية والعقائدية.

 

كما أن هذه العملية التهويدية تستوجب من أهالي الطلبة المقدسيين اليقظة من تدريس أبنائهم المنهاج الإٍسرائيلي كبديل للمنهاج الفلسطيني.

فتدريس الطلبة المنهاج الإسرائيلي هو تعد على الثقافة والفكر والتاريخ الفلسطيني، ولقد أثبتت السنوات الماضية ان الطلبة الذين التحقوا بامتحان "البجروت" الإسرائيلي كبديل "للتوجيهي الفلسطيني" لم يكونوا أكثر نجاحاً، لذلك فان هذه الخطوة خطيرة جداً وهي تمس بالوعي الإنسان المقدسي لإبعاده عن واقعه تمهيدا لتسهيل عملية السيطرة عليه بعد إخضاعه لعملية الغسل الدماغي التي تسلخه عن ثقافته وتاريخه ومعتقداته.

ويقول رئيس لجنة اتحاد أولياء الأمور في المدارس التابعة للبلدية بمدينة القدس، عبد الكريم لافي: "إن الأهالي كانوا يخوضون حربهم لعدم استبدال التوجيهي بنظام (البجروت) الإسرائيلي، ليصطدموا بالعام الجديد باستبدال شامل لكافة المنهاج".ويتابع: "لن يقتصر الأمر الآن على استبدال امتحانات التوجيهي كما يعتقد البعض، بل سيكون هذا التدريس من الصف الأول وصولاً إلى الصف الثاني عشر".

إن المنهاج الإسرائيلي يتكلم عن "التاريخ الإسرائيلي" وينفي وجود كل ما يتعلق بالتاريخ الفلسطيني، وعلى سبيل المثال لن يدرس الطالب بأن يافا هي مدينة فلسطينية إنما إسرائيلية وبالتالي يسلخ الجيل الجديد عن الفكر والوعي الفلسطيني.

محاولة لتهويد العقول

كما هو معروف فإن قوات الاحتلال الصهيونيتعمل بشتى الطرق على ترسيخ احتلالها للأراضي الفلسطينية ومدينة القدس المحتلة عبر اجراءات التهويد المتتالية, مستغلة الاوضاع التي تمر بها المنطقة, من حيث التراجع العربي الرسمي للاهتمام بالقضية الفلسطينية وانشغال جل النظام لرسمي العربي بما تشهده المنطقة من أحداث وأزمات .

ومن بين الاجراءات والممارسات التعسفية قيام سلطات الاحتلال بفرض تدريس المنهاج الاسرائيلي على الطلبة الفلسطينيين في القدس المحتلة.

هذه الاجراءات التعسفية التي تأتي ضمن ممارسات الاحتلال بمحاربة الوجود والحق العربي الإسلامي والفلسطيني في القدس المحتلة في البناء والتعليم, حيث يعمد الى منع بناء المدارس الجديدة او التوسع في الابنية المقامة حاليا الى جانب محاولاته المستمرة السيطرة على المدارس الخاصة، بالإضافة الى تحريف المنهاج الفلسطيني وتحجيم عدد المدارس التي ينهل منها الطلبة العرب المعرفة بموروثهم الحضاري .

وإذا ما حاولنا دراسة أو تحليل مضمون المناهج الإسرائيلية التي تفرض على الطلبة الفلسطينيين فإننا سنجد أن هذه المناهج التي يعمد الاحتلال الصهيوني استبدالها بالمنهاج الفلسطيني تحتوي على مواد تعليمية في مقدمتها نشيد الكيان الصهيوني عوضا عن النشيد الوطني الفلسطيني والتركيز على ان القدس عاصمة لدولة الاحتلال وليست مدينة فلسطينية عربية اسلامية محتلة.

وتلزم الطلبة بدراسة الاساطير التوراتية اليهودية خاصة الاعياد والكنيس والصلوات والاحتفال بما يسمى (بعيد الاستقلال) بدل النكبة واستبدال المسجد الاقصى المبارك بالهيكل المزعوم والاحتفاء بالزعماء الصهاينة الإرهابيين الذين قاموا بارتكاب سلسلة من المجازر وكان لهم دور كبير في قتل وتشريد الفلسطينيين مثل: ديفيد بن غوريون واسحق شامير ومناحيم بيغن على اعتبار انهم قادة لاسرائيل .

إن العدو الصهيوني كسلطة احتلال دأب على فرض سياسة تعليمية على مدارس القدس المحتلة تهدف إلى استيطان العقل العربي الفلسطيني بتجهيله بهويته الوطنية الفلسطينية وبانتمائه لامته العربية والإسلامية باستبدال المناهج الأردنية منذ بداية احتلال القسم الشرقي من المدينة المقدسة في العام 1967 ومحاولة استبدال المناهج الفلسطينية ابتداء من عام 1994 بالمناهج الإسرائيلية, مستفيداً من تعدد المراجع التعليمية للمدارس في القدس حيث تشرف ما يسمى بـ(وزارة المعارف الإسرائيلية) على التعليم الابتدائي بينما التعليم الثانوي خاضع لرقابة بلدية الاحتلال في القدس .

ان التشويه الذي يتعرض له طلبة القدس في مناهجهم التعليمية القائمة على تسويق الاحتلال وتزيينه في عقول الناشئة، هو اخطر أنواع التهويد الاستيطاني الاحلالي الاستعماري المستند إلى سياسة عزل القدس عن محيطها من خلال الحواجز العسكرية وجدار الفصل العنصري وكذلك من خلال الإغراءات المادية التي توفرها سلطات الاحتلال التعليمية لمعلمي المدارس التابعة لها.

وان الأخطر من كل ذلك هو ان تقدم مدارس أهلية فلسطينية على اعتماد منهاج التعليم الإسرائيلي ( البيجروت - الثانوية العامة الإسرائيلية) طواعية, وهذا يطرح إشكالية كبرى يجب التصدي لها مقدسيا وفلسطينيا وعربيا وإسلاميا ودوليا على وجه السرعة لا ان يكتفى باعتصام تقوم به بعض الفعاليات التعليمية مثل (حملة منهاجي فلسطيني) أمام مدرسة عبيدة بن عامر الجراح.

لذلكفان على أهل القدس خاصة وأهلنا في فلسطين المحتلة عامة مقاومة مثل هذه التوجهات الخطيرة التي لا تخدم إلا مصالح الاحتلال الصهيوني وسياسته التهويدية الاستيطانية الاستعمارية الاحلالية.

وعلى العرب والمسلمين ان يوفروا لمدارس القدس والضفة الغربية المحتلة الأهلية والخاصة وكذلك المدارس التابعة للأوقاف الإسلاميةالحكومية كل وسائل الدعم المادية والبنيوية بما يمكنهم من تخطي جميع العراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال أمامها ويحول بينها وبين الاندفاع وراء مغريات سلطات الاحتلال المادية والتعليمية .

كما أن على المجتمع الدولي من خلال مؤسساته وأبرزها الأمم المتحدة وتحديدا منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) ان يعمل باتجاه إلزام إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بالإذعان إلى قرارات الشرعية الدولية، قرارات الأمم المتحدة الوقائية التي تطلب إلى إسرائيل الامتناع عن إجراء أية تغييرات ديموغرافية أو تاريخية أو حضارية أو روحية أو قانونية أو تعليمية، والسياسية التي تطلب إلى إسرائيل الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها من الشطر الشرقي من القدس ضمن إطار زمني محدد, وبغير ذلك فعليها ان تواجه مجتمعا دوليا متحدا في تحديها له، إذ لا يمكن ولا يجوز لها ان تبقى بعيدة عن جزاءات القانون الدولي ولا عن تطبيق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة بحقها. خاصة وأن هذه النغمات نسمعها اليوم في كل مكان من العالم, حيث يتشدق ما يسمى بالمجتمع الدولي بالحديث عن حقوق الإنسان ويدعي العمل بكل الوسائل لحماية حقوق الإنسان بكل جزئياتها.

ان الاحتلال الاسرائيلي ومن خلال ما يسمى بوزارة المعارف الاسرائيلية يعتدي على المنهاج الفلسطيني بشتى الطرق عبر طمس وشطب بعض العبارات التي تخص الهوية الفلسطينية بقلم أسود .

وان هذا الاعتداء تطور الى طباعة الكتاب الذي تصدره وزارة التربية الفلسطينية مرة اخرى بعد ازالة الرسومات والخرائط والصور التي تشير من قريب او بعيد الى مدينة القدس وأرض فلسطين والنشيد الوطني الفلسطيني، والعبارات ذات البعد الوطني والحديث عن الشهداء والاسرى بما يشكل مخالفة قانونية واضحة بحق الوزارة صاحبة الكتاب .

إن خطوة سلطات الاحتلال الاسرائيلي فاشلة ولن تنجح، لانه سبقها خطوات اخرى كان مصيرها الفشل, حيث ان الطالب هو الذي يختار منهاجه, ورغم ذلك فقد تم عقد اجتماعات مع مديري المدارس لتأكيد خطورة هذا الامر الذي يهدف الى عزل القدس والمقدسيين من خلال عزل تربوي واكاديمي وسياسي اذ ان من يدرس المنهاج الاسرائيلي يجبر على تقديم امتحان بالمنهاج الاسرائيلي .

ان الاحتلال الاسرائيلي يعمل وفق استراتيجية مكشوفة وواضحة مستغلا التوقيت لان الوضع العربي الراهن يشجع على الاستمرار في عمليات التهويد والاستيطان .

ان الاحتلال لم يكتف باغتصاب الارض واستيطانها بل يريد استباحة عقول الفلسطينيين بحيث يغذون بالفكر الاسرائيلي في الوقت الذي يضطهدون فيه في حقوقهم، وهذا انتهاك صارخ لحقوق الانسان الفلسطيني يجري جهارا نهارا وعلى مرأى ومسمع من دول العالم ككل.  ان الكارثة الكبرى هي اصرار الاحتلال على حرمان الشعب الفلسطيني من ابناء وبنات القدس من حقهم التاريخي في وطنهم وذلك بإلغاء هذا الحق اذا كانوا يعيشون خارج مدينة القدس في الوقت الذي لا تطبق فيه هذه القاعدة على اليهود والإسرائيليين .

ان ما يثير الاسى في معركة تهويد المناهج الفلسطينية التي بدأتها الحكومة الصهيونية ان عقول اطفالنا ستسلب وسيجدون انفسهم امام خيار ترك مدينة القدس وفلسطين, وبالتالي تتحقق للاحتلال الاسرائيلي غايته في افراغ القدس وفلسطين من سكانها رويدا رويدا.

ان قيام عدة مدارس في بلدية القدس باستبدال مناهج وزارة التربية الفلسطينية بمناهج اسرائيلية ابتداء من العام الدراسي الحالي 2013, يأتي ضمن سلسلة من الاعمال التهويدية التي تستهدف تحريف التاريخ والدين والجغرافيا اضافة الى تشويه الثقافة المقدسية لدى الناشئة.

ان المنهاج الاسرائيلي يرسخ مزاعم المنظمة الصهيونية كما ورد في احد الكتب بان نشيد اسرائيل (هتكفا) هو نشيد المنظمة الصهيونية, وورد ايضا في احد الكتب (القدس عاصمة اسرائيل), وفيها المؤسسات الهامة مثل:الكنيست, الوزارات, المحكمة العليا.

رئيس ملتقى القدس الثقافيالدكتور اسحق الفرحان أكد رفضه للممارسات الاسرائيلية بشكل قاطع وإقدام هذه المدارس على تغيير المنهاج الفلسطيني إلى منهاج الاحتلال الصهيوني، مشيرا الى ان هذا يعد عملاً خطيراً يخدم أجندات الاحتلال الاسرائيلي في طمس الهوية العربية والإسلامية ويضرب الثقافة الوطنية الفلسطينية في الصميم ويغيب ويحرف الحقائق الدينية والتاريخية والجغرافية ويربط الجيل الفلسطيني بالفكر الصهيوني، داعيا القائمين على تلك المدارس إلى التراجع فوراً  .

كما دعا جميع المهتمين بالعملية التربوية والتعليمية في فلسطين إلى الضغط على تلك المدارس ومقاطعتها حتى تتراجع عن هذا الفعل الذي يتساوق مع أجندات الاحتلال ومخططاته في تصفية القضية الفلسطينية.

وقال: على أولياء امور الطلبة عدم ارسال ابنائهم الى المدارس المذكورة حتى تتراجع عن قرارها الخطير، وعلى المؤسسات المقدسية التعليمية رفض اية تدخلات من قبل بلدية الاحتلال وعدم اعطائها الفرصة تحت اي ذريعة كانت.

وطالب الدكتور الفرحان بدعم قطاع التعليم في مدينة القدس المحتلة, فهناك اكثر من 40 مدرسة اهلية وخاصة من اصل 69 تتلقى مالا ودعما مشروطا من بلدية الاحتلال في القدس ودائرة معارفها يتجاوز المئة مليون شيكل, ما سيجبر هذه المدارس في النهاية على الرضوخ لسياسة الاحتلال الاسرائيلي.

ودعا السلطة الفلسطينية ممثلة بوزارة التربية والتعليم الى توفير الدعم المالي والسياسي للمدارس لتغطية العجز لديها من اجل تعزيز مقومات صمود ادارات المدارس في القدس المحتلة، ووقف قضية التسرب من المدارس وتركها من قبل الطلبة والتي تقام برعاية صهيونية. واشار الى ان وزارات التربية والتعليم في الدول العربية مطالبة بان تسهم في الحفاظ على الهوية العربية في القدس المحتلة من خلال تقديم الدعم المالي وتطوير المناهج الفلسطينية وتدريب المعلمين على زرع القيم الوطنية لدى الطلبة بهدف تطوير ادائهم واستضافة الطلبة المقدسيين في مدارس مختلفة وتعريفهم بزملاء لهم بحيث يكون الطالب هو خط الدفاع الاول عن هويته ويقف سدا منيعا امام تهويد المفاهيم والقيم الاخلاقية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي.

يذكران المدارس في القدس المحتلة  تخضع لوزارة المعارف الإسرائيلية التي تشرف على التعليم الابتدائي بينما التعليم الثانوي يخضع لرقابة بلدية الاحتلال في المدينة المحتلة، ويتبع لهما 52 مدرسة، يصل عدد طلبتها الى 38820 أي ما يساوي 06 ر47 بالمئة من مجموع طلبة القدس الشرقية, في حين ان عدد معلميها 1700، أي ما يساوي 4ر42 بالمئة، بينما لا تشرف الأوقاف الإسلامية / الحكومية إلا على 39 مدرسة عدد طلبتها 12400، أي ما يساوي03ر15 بالمئة، وعدد معلميها 732, أي ما يساوي 3ر18 بالمئة .

في حين ان المدارس الخاصة والأهلية يبلغ عددها 69 وطلبتها 24110، أي ما نسبته 22ر29 بالمئة  وعدد معلميها 1429، أي ما نسبته 7ر35 بالمئة، بينما وكالة غوث اللاجئين لا تشرف إلا على 8 مدارس عدد طلبتها 2442، أي ما نسبته 2,96 بالمئة,  وعدد معلميها 147، أي ما يساوي 7ر13 بالمئة .

وتبين الارقام ان المدارس الخاضعة لإشراف سلطات الاحتلال التعليمية تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد طلبتها والثانية من حيث عدد مدارسها, وهنا مكمن الخطر الوجودي، كما قال امين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس .

التحريف والتهويد

وفي إطار الاستهداف الاسرائيلي المتواصل بحق مدينة القدس المحتلة ومواطنيها، حذر مدير التربية والتعليم في القدس سمير جبريل من محاولات، وصفها بالحثيثة، لسلطات الاحتلال للنيل من المنهاج الفلسطيني بالتحريف والتهويد.

وقال جبريل في حديث لمراسل "إرم" في القدس، أن التعليم والمناهج العربية الفلسطينية باتت عرضة للتحريف والتهويد حيث تسعى وزارة المعارف الاسرائيلية إلى فرض الرواية الاسرائيلية في مناهجها, هذه الرواية التي تنفي كل اشكال الوجود المادي للشعب الفلسطيني فـ"فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". كما أكد أن المدارس العربية في القدس المحتلة تعاني من نقص في الغرف الصفية، بسبب سياسات الاحتلال التي تستهدف التعليم في المدينة المقدسة بشكل مباشر.

 وأوضح أن سلطات الاحتلال لا تسمح ببناء مدارس جديدة، وهي التي تشرف على منح تراخيص البناء، كما أنها لا تقوم بصفتها جهة احتلال بتوفير خدمات التعليم لأبناء القدس الواقعين تحت الاحتلال.

 واستنكر جبريل بشدة إقدام إدارات خمس مدارس عربية في القدس على تدريس المنهاج الإسرائيلي في بعض الصفوف، وأكد أهمية التدريس في المناهج الفلسطينية، داعياً أولياء الأمور إلى عدم الانجرار وراء أوهام مفادها أن المدارس التي تُطبق المنهاج الإسرائيلي تحقق لهم الأفضل أو تُمهّد لمستقبل زاهر لأبنائهم.

 ولفت إلى أن هذه المدارس تُبعد الطالب عن الانتماء الوطني وتؤثر في وعيه وهويته الفلسطينية، مؤكدا أن اللجوء إلى فرض المنهاج الإسرائيلي مخالف لكل القوانين الدولية التي تمنح الشعوب التي تقع تحت الاحتلال الاحتفاظ بارتباطاتها الثقافية والوطنية وعدم التأثير على مناهجهم التعليمية.

وهكذا تجاوزت ممارسات التهويد التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة مرحلة السيطرة على الأرض، وهدم البيوت وتهويد المدن والمقدسات، لتستهدف عقول الفلسطينيين، وتهود مناهجهم الفلسطينية التي تم استبدالها بالمناهج الإسرائيلية التي تزوّر الحقائق، وتدعي حق اليهود في القدس وفلسطين.

وتدعي إسرائيل في أحد الدروس الذي حمل عنوان "السكان العرب في دولة إسرائيل مواطنون متساوو الحقوق"، أن العرب واليهود يعيشون في إسرائيل جنباً إلى جنب، ويتعاونون في مختلف المجالات، فيما عنون الاحتلال كتاب المدنيات بعنوان "مسيرة نحو الديمقراطية في إسرائيل للمرحلة الإعدادية في المدارس العربية"، فيما طبع عليه علم إسرائيل.

إن المنهاج الإسرائيلي الذي فرض على مدارس القدس يستهدف مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية، ومادتي التاريخ والجغرافيا، بالإضافة إلى مادة الثقافة العامة، لافتاً إلى أن ذلك هو بداية تشويه كامل للتعليم في القدس، وتعميم المنهاج الإسرائيلي على جميع المدارس وفي جميع المواد.

فالمنهاج الإسرائيلي الجديد يعمل على إحلال بعض المصطلحات والمفاهيم اليهودية وتعليمها للطالب الفلسطيني، فبدلاً من أن يقول القدس هي مدينة فلسطينية محتلة، يتم استبدالها بأنها عاصمة دولة إسرائيل، والمسجد الأقصى المبارك يصبح الهيكل المزعوم، فيما يلغى مصطلح ذكرى النكبة، ويحل مكانه عيد استقلال دولة إسرائيل، ويدرس الطالب نشيد هذه الدولة (هتكفا) بدلاً من النشيد الوطني الفلسطيني.

أن إسرائيل خطت خطوة خطيرة جداً نحو تهويد وأسرلة التعليم في القدس، أن هذا المنهاج هو عملية احتلال كامل لوعي الطلبة الفلسطينيين وثقافتهم، وتزوير تاريخهم، وتشويه الهوية الفلسطينية، إلى جانب إضعاف انتماء هؤلاء الطلبة القومي والوطني وزعزعة ثقتهم الوطنية، ومحاولة سلخهم عن مدينتهم الأصلية القدس.

أهالي وآباء الطلبة المقدسيين رفضوا قرار فرض المنهاج الإسرائيلي، وتدريسه لأبنائهم، وخرجوا في تظاهرات رافضة لهذا القرار، ومطالبة بإلغائه، فيما عمد عدد كبير من الأهالي إلى نقل أبنائهم من المدارس التي فرض عليها منهاج الاحتلال إلى مدارس أخرى، بالرغم من ذلك فإن نقل الطلبة من مدرسة إلى أخرى لا يقضي على خطورة فرض المنهاج الإسرائيلي في مدارس القدس، فهناك تخوف كبير من تعميم هذا المنهاج على جميع المدارس، ويصبح أمراً واقعياً لا نقدر على تغييره.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يحاول فيها الاحتلال السيطرة على المدارس المقدسية، فمنذ السنة الأولى لاحتلال مدينة القدس عام 1967 سعت إسرائيل إلى فرض سيطرتها على المدارس العربية والمناهج الدراسية فيها، فيما قوبلت هذه المحاولة بالرفض والاحتجاج والإضراب من قبل السكان وأهالي الطلاب، والتي أدت إلى إسقاط هذه المحاولة حينها.

وخلال السنوات الماضية تجددت المحاولات الإسرائيلية تجاه ذلك، فقد غير الاحتلال المناهج الدراسية لبعض الصفوف بشطب فقرات أو دروس من المنهاج الفلسطيني، ثم أدخل نظام (البجروت) والمطبق في مدارسه الثانوية إلى بعض المدارس في القدس عبر المراكز والكليات.

وتقول الإعلامية المقدسية والناشطة في "مركز معلومات وادي حلوة بالقدس" ميسة أبوغزالة: "إن استبدال المنهاج الفلسطيني بالإسرائيلي هو أخطر مما يحدث على الأرض هذه الأيام، وأخطر من اقتحام المسجد الأقصى وهدم المنازل وسحب الهويات وفرض الضرائب، فالجيل الجديد سيدرس أن (الهيكل المزعوم) حقيقي، وبذلك تصبح الدعوة لبنائه أمراً طبيعياً، بل حقاً لليهود". 

كما دعا مسؤولون فلسطينيون وقوى وهيئات ومؤسسات وفعاليات واتحادات مقدسية الحكومة الفلسطينية الى اتخاذ موقف سياسي واضح لمنع استبدال المنهاج الفلسطيني في مدارس المدينة بالمنهاج الإسرائيلي.

وطالب المجتمعون المقدسيين عامة والمعلمين والطلبة بموقف شعبي للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، برفض دراسة أو تدريس المنهاج الاسرائيلي في المدارس القدس الشرقية، مشابهة للهبّة التي قام بها الاهالي بعد احتلال القدس مباشرة، حيث فشل الاحتلال حينها بتدريس منهاجه بالمدارس العربية.

وحذر المجتمعون أولياء أمور الطلبة المقدسيين من الانجرار خلف المدارس التي استبدلت المنهاج الفلسطيني بالإسرائيلي، محذرين من خطورة هذه الخطوة الهادفة الى احتلال وعي الطلبة والجيل الشاب والسيطرة على ذاكرتهم.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مؤسسة يبوس بالقدس تحت عنوان "لا لتطبيق المنهاج الاسرائيلي على مدارس القدس العربية"، بحضور مسؤولين تربويين مختصين.وفي ختام المؤتمر دعا الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس إلى العمل الفعلي لرفض هذه الخطوة وإعادة احتجاج عام 1967 حين رفض أهالي القدس تدريس المنهاج، مشيرا الى أن الطوائف اليهودية في أوروبا تطبق المنهاج الذي تراه مناسبا لها ولا أحد يتدخل في ذلك.

وأكدت القوى والهيئات والمؤسسات والفعاليات والاتحادات المقدسية أن مواجهة خطط بلدية الاحتلال يكون وفق خطة وبرنامج وآليات عمل موحدة، مشددين على ضرورة وضع برنامج عملي جماهيري شامل للتصدي لهذا المشروع الخطير. 

اعلى الصفحة