|
|||||
|
يا صاحبَيْ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَان.. لا تلقيا عندي متاعَكُما وتدَّعيانِ أنكما إذا ما تسألانِ رأيتماني أنا لا أخيفُكما ولكن قَد بما عندي من الصبر الطويل تأخُذَانِ فتؤْخَذَانِ إني أخاف عليكما قولاً يضركما فتُتْهَمَان فيه.. وتُنْكِرانِ ولأن لي جسداً أشكله على قَدَرٍ وأعلمُ منه.. ما لا تعلمانِ فدمي اختمارُ الوردِ في الأصقاع يفضحني.. ورائحتي تدب على لساني ويداي مئذنتان مشترطاً بنسفهما أذاني.. لا تدخلا الريحَ التي حملت ثياب الرمل أما تلقياني أو تعصبان بما استربتم منه لحظة تجلسان لتبكياني لا تسألا الرمل المسف متى وكيف أضعت فيه خطى حصاني خلقت نيراني على حجر من القلق المثار.. وجئت يحملني دخاني *** وحدي أزاولُ طقس رتابتي وفي عنقي رنين أصابع الموتى وحولي من صغار الحرب ينبوعان محترقاً أهشُّهُما فينبجسان في رئتي كيما يحرقاني وعلى يدي نثار مكحلةٍ.. ومسرجة من الليل الطويل ومن بقايا الموت ينبت فوق صدري أصبعان عندي من الوجع الكثير فحاذرا أن تلمساني انا ما وهبتكما إليَّ ففيم تقتربان من جسدي وتبتكرانني ها قد عصيتكما.. ففيما تحاولان عندي من الصمت الكثير وقد محوت ملامحي ويَديّ من قلقٍ إلى جسديٍ أضمهما مخافة لو غفوت ستوقظاني يا صاحِبَيْ.. فمن أشار إليَّ كي يلقي قميص الرمل عن جسدي ويفتح ما اشتهى مني لتنسلا إليْ.. وتسكناني يا صاحِبَيْ أنا احتراقكما وما بيني وبينكما مسافة وردتين وغربتين يمر ظلكما تمر سحابتان أغفو على حلمي وفوق يدي تنضج وردتان.. وغربتان *** لا تشغلاني الآن بينكما وتنشغلا بأيِّكما رآني صوتي بكلِّ مفازةٍ قمرٌ أعلِّقُهُ.. وعصفورٌ يدور وشرفتانِِ وبكلِّ أفقٍ لي مسيلُ دمٍ يجيئكُما إليَّ.. فمن أضاعَكما وكيف أضعتماني؟! رأسي على رمحٍ يدورُ.. ومثلُه قلبي.. وبينهما أدورُ.. لتبصراني عيناي في الأفقِ المغلقِ تعلَّقانِ فأي شيءٍ في اخضرارِ الأفقِ لوَّح أو يلوحُ.. تُراهُما عن أيِّ شيءٍ تَبْحثانِ.. *** الشمس تُلبسني عباءةَ فجرها ظلاً فكيف سألتقي فجراً وقد أَلبَست ظلي ظلاً ثاني ما الشمس إلا سنديانة عشقي المذبوح تعرفه النوافذ والطيور البيض والنجم المعلق في ثياب الليل حتّى أنتما إني كتبتكما على شفتي أغنيةً فما طربت عيونكما ولكن تدمعان لتندباني عجباً برغم قميصي المقدود من قُبُلٍ بحبكما أضعت براءتي وخسرت بينكما رهاني لا تحسبا /شكوت إليكما/ أني أعاني أنا نخلة للطهر لي وطن ولي أرض أمس جذورها بالكاد تحملني.. فكيف ستحملاني وقلائدي صخب العصافير.. وفضةُ فجرٍ هذا الرائع القزحي ما ألقيت إلا فوق تربته جُماني عودا.. فليس يجيرني إلا مكاني عودا.. فلي وطن سأحمله إذ انْبَجَسَتْ من الموتِ المؤجل لي يدانِ..
|
||||