|
|||||||
|
من المعروف أن المجتمعات الاستيطانية مجتمعات ذات طابع عسـكري بسـبب رفض السكان الأصليين لها. والكيان الصهيوني لا يشكِّل أيَّ استثناء من هذه القاعدة، فهو مجرد تحقُّق جزئي لنمط متكرر عام. وقد ظهرت منظمات ومؤسسات وميليشيات عسكرية قبل عام 1948 دُمجت كلها في مؤسسة واحدة، هي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي أصبحت العمود الفقري للتجمُّع الاستيطاني الصهيوني. ويتميَّز المجتمع الإسرائيلي بصبغة عسكرية شاملة قوية، فجميع الإسرائيليين القادرين على حمل السلاح رجالاً ونساءً يؤدون الخدمة الإلزامية. وينطبق على هذا المجتمع وصْفُ "المجتمع المسلح"، أو "الأمة المسلحة", أو "جيش له دولة" كما يصف الإسرائيليون أنفسهم. ولا تمثل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالنسبة للكيان مجرد آلة مسلحة لتحقيق أهدافه السياسية ومصالحه الحيوية، ولكنها تتغلغل في معظم أوجه الحياة السياسية، بدءاً بإقامة المستوطنات وتنظيم الهجرة إلى فلسطين المحتلة، وتحقيق التكامل بين المهاجرين إليه، وتنظيم البرامج التعليمية لأفراد الجيش، ومراقبة أجهزة الإعلام وتوجيهها، وتطوير البحث العلمي، إلى تحديد حجم الإنفاق العسكري بما يؤثر على عموم الأحوال الاقتصادية، والتأثير على مجال الصناعة وخصوصاً الصناعات الحربية والإلكترونية، ومجال القوى العاملة والتنمية الإدارية. وتقوم المؤسسة العسكرية بدور مهم في التأثير في وضع الأراضي العربية المحتلة وتحديد الأراضي التي يتم ضمها إلى إسرائيل، وطرد العرب من هذه الأراضي. ويُضاف إلى ذلك أن المؤسسة العسكرية تحتفظ بصلات وثيقة، بهدف التنسيق والمتابعة، مع معظم أجهزة الدولة مثل وزارات الخارجية والمالية والتجارة والصناعة والعمل والتربية والتعليم والشرطة والزراعة والشئون الدينية. وللمؤسسة العسكرية شبكة للعلاقات الخارجية تشمل الاتصالات من أجل الحصول على معلومات أو أسلحة، والقيام بعمليات سرية في الخارج، وتدريب أفراد من الدول النامية على القتال. فماذا عن وضع المؤسسة العسكرية الصهيونية اليوم؟. فشل نظريات الصهر يعتبر الجيش الإسرائيلي العمود الفقري للكيان الصهيوني بمختلف مركباته المدنية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والتربوية - الثقافية، واعتبره الآباء المؤسسون "فرن الصهر" الذي يتم في بوتقته أثناء الخدمة العسكرية والتي مدتها ثلاث سنوات إلزامية صهر المجند ليصبح إسرائيلياًَ وفقاً للمقاسات الثقافية والتربوية التي وضعت معاييرها قبيل قيام الكيان، وذلك بسبب التعددية العرقية واللغوية لليهود الوافدين إلى "إسرائيل" وكلهم يحمل ثقافات مغايرة وأفكار مختلفة وقيم وأنماط حياة قد تودي بواقعه ومستقبله... لذلك كان للجيش الدور الأساس في بناء "الأمة الجديدة". وازدادت أهمية الجيش والثقة فيه مع منظومة الضوابط التي زودت من خلالها المجتمع الإسرائيلي العلماني وإلى حد ما المتدين ممن خدموا في الخدمة العسكرية خاصة وان المؤسسة العسكرية منحتهم من الإمكانيات المادية والمدنية بعد تخرجهم العسكري, ما دعاهم ليكونوا مؤثرين في مجتمعاتهم، فضلاً عن مهمة الدفاع عن "الوطن الوليد" من غابة الأعداء المحيطة بهم.. فكونوا مفاهيم اسبرطية تقوم على مبدأ الفناء من اجل الوطن ومفاهيم مدنية تقوم على احترام المؤسسة المدنية والقرارات التي تتخذها والمنطلقة من تبني معايير وقيم ديمقراطية تتساوق مع اليهودية كدين وكهوية وطن. بقيت هذه الحالة مستقرة في المؤسسة العسكرية والجيش وازدادت بقوة هائلة بعد نكسة حزيران 1967 ودخول الشباب الصهيوني المتدين من حملة القبعات المنسوجة في تلكم المعارك، والتبشير بالعصر التوراتي الجديد والمملكة الثالثة وعودة "يهودا والسامرة" و"حائط المبكى" كتجليات لصحة قيام "الدولة العبرية". وصار الالتزام العسكري سمة من السمات التي يصبو إليها كل يهودي، وتوطن في روعهم أنهم "جيش لا يقهر وأن الله معهم"، وأن العواصم العربية باتت تحت رحمتهم ولا رادّ لقوتهم التي هزمت جيوش العرب في ساعات معدودات.. بيد أنه ومباشرة بعد الاحتلال للضفة والقطاع وجد الجيش مقاومة من الفلسطينيين, وتزامنت مع الرفض الفلسطيني لنتائج الحرب، حرب الاستنزاف ومن بعدُ حرب تشرين عام 1973، فبدأت عمليات التسرب والتفلت والتهرب من الالتحاق بالخدمة العسكرية ومن الجيش وبدأت تتهاوى أسطورة الجيش الذي لا يقهر وتتهاوى معها نظرية "الصهر" وبدأت الشقوق تظهر في جدار المؤسسة العسكرية وعزز ذلك الانتفاضة الأولى التي فاجأت المؤسسة الإسرائيلية وفوجئت من جلادة الشعب الفلسطيني ودرجة تحمله مقابل هشاشة المجتمع الإسرائيلي، مما عمق التسرب والهروب إلى خارج البلاد ليصل عددهم إلى 2.5% من تعداد الملزمين بالخدمة العسكرية. رافق ذلك المتغيرات العالمية وانهيار المعسكر الاشتراكي وبدايات العولمة والانفتاح العالمي والدعوات إلى حل سلمي في المنطقة تحت رعاية القوة العظمى التي أعلنت رعايتها الخاصة للكيان الصهيوني لتشجيعه على دخول السلام، فشرعت المؤسسة العسكرية في وضع تصور جديد للجيش وكانت نظرية جيش ما بعد الحداثة قد بدأت تستحوذ على كبار العسكريين والمخططين الاستراتيجيين ممن حسبوا على النخب والاليتا القديمة، أو ما أطلق عليه الآباء المؤسسون. الانتفاضة الأولى والثانية والمعارك التي خاضتها مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية ومن بعد حزب الله في حرب 2000 و2006 تركت شقوقها القوية في سنحات الشباب اليهودي المكلف بالخدمة العسكرية الإلزامية، وما عادت المؤسسة تستطيع إخفاء حجم التسرب من الخدمة الإلزامية ولا التهرب منها قبل التجنيد، وقد كشفت معطيات المؤسسة العسكرية الصادرة مؤخراً والتي كشفت عنها صحيفة هآرتس في عددها الصادر الأحد 23/6/2013 من أن شخصاً من كل ستة أشخاص لا يتمم مدة خدمته العسكرية حيث وصلت نسبة المتسربين إلى 16% من الذكور و7.5% من الإناث. ووفقا للمعطيات فأنه مع نهاية كل عقدتهبط نسبة المنتسبين للجيش بنسبة 4%. ففي حين كانت عام 1990، 74.1% ، هبطت عام 2000 إلى 70.1% وفي عام 2010 هبطت إلى 66.6% ومن المتوقع أن تهبط عام 2020 إلى 64.1%، هذا دون حساب المتسربين من الجيش خلال فترة الخدمة العسكرية والتي وصلت إلى 18% عام 2006 و16% عام 2013م. تأتي هذه المعطيات في وقت شرعت فيه المؤسسة الإسرائيلية ببحث سبل تجنيد أبناء الطائفة الحريدية الرافضين من حيث المبدأ للخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي وبسبب الاتفاق التاريخي الذي تم التوقيع عليه بين بن غوريون وقيادات الطائفة الحريدية في مطلع عام 1949م، والمعمول به إلى هذه اللحظات، والذي يهدد نسيج المؤسسة العسكرية ويحيلها إلى مؤسسة دينية – عسكرية تحمل دلالات خطيرة في المنطقة لطالما سعت المؤسسة الإسرائيلية لتجنبها، حيث عملت دائماً على أن يكون الصراع في المنطقة بين علمانيين من الإسرائيليين والعرب مبعدين الدين عن دفة الصراع، ويؤمنون بحلول علمانية لا تتجاوز التراب الذي يتم الصراع عليه. وفقاً لمعطيات الجيش لعام 2012م فإن كل فتاة يهودية ثانية ملزمة بالخدمة العسكرية من الفتيات اليهوديات العلمانيات تطلب الإعفاء وبرر 35.8% من الفتيات سبب الإعفاء بأسباب دينية...وواحد من كل أربعة من الذكور يتقدم بطلب الإعفاء لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بالأوضاع الصحية ونسبتهم 2.8% وآخرون لأسباب دينية. هذه المعطيات تضاف إلى الأوضاع الأخلاقية الشاذة التي بدأت تتسرب من معسكرات الجيش والانهيار الأخلاقي في تلكم المعسكرات حيث تم ضبط مجندين بتهم تعاطي المخدرات وسرقة الأسلحة من المخازن وبيعها لعصابات الإجرام المنظم بل ووصل بعض هذه الأسلحة إلى جهات من المقاومة فضلاً عن أوضاع شاذة بين المجندات والمجندين. يأتي هذا كله في وقت بدأ يظهر فيه تغلغل الشباب اليهودي المتدين من أبناء المستوطنات المحتلة عام 1967 في مرافق المؤسسة العسكرية وتقدمهم المستمر على المستوى القيادي، وهي خطة تحدث عنها بصراحة الحاخام الأول للجيش الراب رافي بيرتس والذي شغل من قبل منصب مدير هيئة الإعداد العسكري في منطقة الجنوب كما ورد في كتاب "بين الطاقية الدينية والطاقية العسكرية - الدين والسياسة والجيش في إسرائيل،2012م": "إننا نرسل أبناءنا الشباب إلى كل مكان.. وينتشرون في كل مرافق الجيش ووفقاً لهذا الفهم، هذا انقلاب في الجيش فبدلاً من أن يُرْسَلوا إلى كتائب خاصة بهم وبدلاً من أن تكون لهم وحدات خاصة لأنهم متدينون فإن جنودنا موجودون في كل مكان في الجيش".. ومعلوم لدى المطلعين على الفكر المسياني لهذه المجموعة أنهم يسعون لبناء "دولة الشريعة" وفقاً لمفهوم كبار علمائهم من الحاخامات تلاميذ مدرسة الراب كوك، وهو ما يقلق المؤسسة العسكرية والمدنية ولكنهم لا يجرؤن على الحديث الصريح بهذا الموضوع حتى لا يتعمق الشرخ القائم أصلاً بين مكونات المجتمع الإسرائيلي الذي عاد كل مكون إلى تقوقعه الفكري والثقافي والبنيوي في ظل فشل نظريات الصهر من خلال الجيش وفي ظل التمييز المدني الحاضر بقوة في مسارات الحياة المدنية الإسرائيلية، فمدن التطوير ما زالت تعتبر هوامش لمدن المركز ولدولة تل أبيب وفي ظل التحولات السياسية الجارية في المجتمع الإسرائيلي والتي تركت آثارها على شكل الخارطة الاجتماعية-العسكرية الإسرائيلية، حيث بات المجتمع الإسرائيلي أكثر تطرفاً وعنصرياً اتجاه الآخر العربي والفلسطيني والمسلم وبات أكثر تماهياً مع الغرب وتحديداً الولايات المتحدة والارتباط بها والاعتماد عليها في الملمات، فضلاً عن الشق الكبير داخل المجتمع بسبب الحالة الدينية والعلمانية المسيطرة على المجتمع الإسرائيلي، ولأنّ المجتمع الإسرائيلي عسكري بحكم الإلزام في التجنيد وبسبب حالات التسرب المستمرة من الجيش فقد تعمقت التصدعات في البنية العسكرية الإسرائيلية وصار أمراء العسكر يبحثون عن بدائل إبداعية في الحروب القادمة المرتقبة مع محيطها، خصوصاً وأن نسبة الأداء العسكري للجندي في ضعف مستمر منذ الانتفاضة الأولى إلى هذه اللحظات وقد كشفت الدراسات عن حجم التراجع المعنوي والأدائي لدى المجند الإسرائيلي على الرغم مما تبذله المؤسسة العسكرية من جهود للحفاظ على مستوى عال للجندي الإسرائيلي. ارتفاع وتيرة الانتحار أفادت صحيفة "معاريف" على موقعها الالكتروني أن القلق يسود أوساط قيادة الجيش الإسرائيلي، بسبب ارتفاع وتيرة الانتحار بين الجنود خلال أدائهم للخدمة العسكرية، وبعد فشل العديد من البرامج لتقليص هذه الظاهرة الحساسة. وأوضحت "معاريف" أنه بعد برنامج نجح بنسبة 15% في انخفاض عدد الجنود المنتحرين، مرة أخرى عادت المعطيات المرتفعة إلى لائحة هذه الظاهرة. وحسب إحصائية نشرها الجيش الإسرائيلي، بلغ عدد الجنود المنتحرين خلال العام 2011... "21" جندياً غالبيتهم انتحروا خلال أدائهم للخدمة، فيما بلغ عدد الجنود الذين انتحروا العام الماضي 14 جندياً طيلة العام. وأوضحت الصحيفة أنه بناء على هذه المعطيات فإن قسم الصحة النفسية في الجيش الإسرائيلي يقوم بعمل برامج لقادة الجيش لمعرفة الأسباب التي دفعت العديد من الجنود في وحدات مختلفة من الجيش للانتحار، والمساعدة في تقديم العلاج، وأيضاً كجزء من مكافحة الظاهرة وتقليصها اصدر الجيش تعليمات إلى الجنود بعدم اصطحاب سلاح العسكري إلى البيت. بالإضافة إلى إرسال رسائل إلى قادة الوحدات العسكرية الإسرائيلية للتقرب أكثر من الجنود، وكذلك مراقبتهم جيدا بهدف معرفة من يعاني من مشاكل نفسية قد توصله إلى الانتحار، وذلك بهدف التدخل لمعالجة الأمور قبل تفاقمها. وقالت الصحيفة إن القلق يسود أوساط الجيش الإسرائيلي لهذا الارتفاع الملحوظ على عدد الجنود المنتحرين، والذي لم يكن مقتصراً على جنود في وحدات محددة، بحيث شمل الانتحار مختلف الوحدات في الجيش، وقد كان انتحار العقيد في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي بإطلاق النار على نفسه مثار قلق كبير في الجيش الإسرائيلي. يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي شهد أعلى نسبة من المنتحرين في صفوفه عام 2005 حيث وصل عدد الجنود الذين أقدموا على إنهاء حياتهم إلى 30 جندياً، وقد قام الجيش آنذاك ببحث موسع لمعرفة أسباب الانتحار وشكل طواقم إضافية من الأخصائيين النفسيين لمعالجة هذا الموضوع، بحيث كانت النتائج انخفاضاً ملموساً خلال السنوات ما بعد 2005 حتى نهاية عام 2009، ولكن المعطيات الجديدة منذ بداية عام 2010 حتى الآن تعيد إلى أذهان قيادة الجيش ما حدث عام 2005. وقال الكاتب الإسرائيلي "أشلون أدرت" بصحيفة يديعوت أحرونوت 02/04/2013 إن من بين كل 500 مجند بالجيش الإسرائيلي ينتحر اثنان سنوياً ومع ذلك تحاول الحكومة الإسرائيلية إغفال الأمر. وأوضح الكاتب الإسرائيلي من خلال مقاله أن خبرته داخل النظام العسكري الإسرائيلي جعلته يعي جيداً أن انتحار المجندين ليس من قبيل الصدفة فهم يمرون بمحنة حقيقية والجيش يحاول تخفيض هذا العدد من المنتحرين. وأشار إلى أن استمرار مسلسل الانتحار داخل الجيش الإسرائيلي يوحى بالأزمة النفسية العميقة التي خلقتها بداخلهم حكومتهم وأنظمتهم العسكرية حيث تنتهج وحشية وهمجية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل ولاسيما ظاهرة هروب بعض المجندين من الخدمة والتي تمثل أزمة حقيقية أيضًا داخل إسرائيل. وتقف إسرائيل مكتوفة الأيدي تجاه ظاهرة الانتحار المتفشية بين الشباب وتتفاقم يوما تلو الأخر حتى طالت الجنود، وعلى الرغم من تجنيد اختصاصيين نفسيين في صفوف الجيش لمواجهة هذه الظاهرة إلا أنها تزداد وتضع الحكومة في موقف تعجيزي حيال الحد من الانتحار. تكشف معطيات جديدة أن ظاهرة الانتحار في الأراضي المحتلة بازدياد، وأن شخصين ينتحران كل يوم فيها وأن آلاف الإسرائيليين يحاولون الإقدام عليه سنوياً. ووفق دراسة لجمعية "طريق للحياة" المتخصصة في معالجة ظاهرة الانتحار، فقد ارتفع عدد ضحاياها في العقد الأخير من نحو خمسمائة إلى سبعمائة شخص ينتحرون كل عام. وذكرت الدراسة أن ستة آلاف إسرائيلي يحاولون الانتحار سنويا ويصلون المستشفى، بينما هناك آلاف آخرون يحاولون ولا يصلون العيادات العامة. ووفقاً لدراسة إسرائيلية سابقة، فإن نسبة الانتحار في وسط الشباب الإسرائيلي بلغت 18.5% من إجمالي عدد الشباب الإسرائيليين.وتناولت الدراسة عددًا من محاولات الانتحار غير الموثقة بين أبناء الشباب الإسرائيليين، خاصة في مجموعة الشواذ والشاذات. وبينت الدراسة أن 3.5% ممن شملتهم الدراسة قد عاشوا محاولات انتحار، معظمهم لا يذهبون للعلاج، لذلك هم غير مسجلين في أوراق وزارة الصحة". وبحسب البيانات الرسمية الإسرائيلية، فإن المستشفيات في كافة أنحاء إسرائيل يصل إليها كل عام نحو 5000 شخص حاولوا الانتحار. وأشارت البيانات إلى أن هذه البيانات أظهرت أنه خلال السنوات ما بين عامي 2006- 2009 كانت نسبة الشباب الذين حاولوا الانتحار بلغت 17%، أي 178 لكل 1000 شاب. وعلى جانب أخر كشفت إحصائيات إسرائيلية رسمية بأنّ الانتحار ما زال هو السبب المركزي للوفاة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وإن كانت حدّة الظاهرة قد تراجعت خلال العام المنصرم. وكشف الناطق بلسان جيش الحرب الصهيوني أنّ عام 2012 شهد 14 حالة انتحار بين جنوده، فيما قتل ثمانية جنود في حوادث مرورية، وثلاثة آخرون خلال تدريبات عسكرية. ويُستدلّ من لوائح الأرقام أنّ ظاهرة الانتحار في صفوف الجيش الإسرائيلي تصاعدت في السنوات الأخيرة رغم تراجعها في العام الماضي. ففي عام 2007 انتحر 17 جندياً، وفي العام التالي ارتفع العدد إلى 20، وفي 2009 توفي 23 جندياً انتحاراً، وفي 2010 بلغ عددهم 28 جندياً، وفي 2011 انخفض العدد إلى 21 جندياً؛ ويبلغ عدد الجنود الإسرائيليون الذين انتحروا في العقد الأخير (2002-2012) 278 جندياً. ويرى الاختصاصيون النفسيون أنّ الأرقام الرسمية أقل من العدد الحقيقي، إذ إنّ الجيش الإسرائيلي يحجب جزءاً من الحقيقة لاعتبارات أمنية وحفاظاً على دافعية الالتحاق بالجيش، إضافة لمراعاة مشاعر المجموعات اليهودية المحافظة. وتتهم أوساط تربوية وإعلامية إسرائيلية الحكومات المتعاقبة بعدم مواجهة الظاهرة المتفاقمة، وتخصيص ميزانية لمعالجتها. لكن مدير جمعية "طريق للحياة" أفشالوم أديرت يعيب على الإعلام الإسرائيلي تعمده تغييب الظاهرة خوفاً من تشجيع الآخرين واقتدائهم بالمنتحرين. ويعتقد أديرت بإمكانية خفض الظاهرة بنحو 40 إلى 60% في حال تبنت الطريقة الأوروبية، مشيرا لنجاح مشابه في مجال حوادث السير التي انخفضت بفعل الإرشاد المكثف. وورد في دراسة جديدة صادرة عن مركز العلوم في الكنيست "البرلمان" أنّ إسرائيل تشهد 400-500 حالة انتحار كل عام، ثلاثة أرباعها بين الذكور والمسنين، وأنّ الانتحار ما زال سبب الوفاة الثاني لدى جيل الشباب 15-24 كما في الدول الأوروبية. وكشفت مصادر رسمية في الجيش الإسرائيلي عن انتحار 240 جندياً إسرائيلياً في العقد الأخير، أي بمعدل 24 جندياً في كل عام. وجاء هذا الكشف في أعقاب قيام مدوّن إسرائيلي بنشر معلومات حول وجود تبايُن بين العدد الحقيقي للجنود المنتحرين مقابل ما يقوم به الجيش بالإعلان عنه، مشيراً إلى أن بين يديه معلومات موثقة تثبت أن عدد المنتحرين أكبر مما هو مُعْلَن بالأرقام الرسمية. وقد اعتقلت أجهزة الأمن الإسرائيلي في الآونة الأخيرة المدوّن الإسرائيلي للتحقيق معه حول مصادره، ومنعته من نشر معلومات إضافية حول الموضوع، الأمر الذي طرح تساؤلات عِدّة في إسرائيل حول العدد الحقيقي للجنود المنتحرين. وذكرت صحيفة "هآرتس" أنَّ الفحص الذي أجرته على حالات انتحار الجنود في الفترة الواقعة بين عام 1990 وعام 2000 يشير إلى معدل 40 جنديًا في كل عام. التهرب من الخدمة بتاريخ 20/2/2013 كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية النقاب عن تدن نسبة المتجندين لصفوف الجيش، خلال السنوات السبع الأخيرة، لافتةً، بحسب المصادر الأمنية في تل أبيب، إلى أنْ تستمر دالة الانخفاض تلك حتى عام 2015. ويعزى هذا الانخفاض إلى تدني نسبة المهاجرين في جيل التجنيد وانخفاض نسبة المتجندين في صفوف المتدينين اليهود. وقالت المصادر عينها للصحيفة إن 2500 من الشباب الحريديم يخدمون اليوم، في أسلحة الجو والبحرية وغيرها وأن السنوات الثلاث الأخيرة سجلت تجنيد 1500 مجنداً إضافياً، في كل سنة وأن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى زيادة المجندين في صفوف المتدينين والحريديم بموازاة تشجيع التطوع للجيش وزيادة استيعاب المهاجرين الجدد. يضاف إلى النتائج التي تصدر في هذه الأيام عن مؤسسات وجهات رسمية وأهلية إسرائيلية حول إجمالي معطياتها لعام 2012 في مجالات مختلفة، سُجل ارتفاع نسبة التسرب من الخدمة العسكرية خلال عام 2012، حيث بلغت 14.5% ما يعني عشرات ألاف من الجنود. فقد أصدر قسم القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي معطياته لعام 2012، وكان من بينها ارتفاع نسبة التسرب من الخدمة العسكرية للعام الماضي وسط الشباب الإسرائيلي، ووفق المعطيات فإن حالة من القلق تسود قيادة الجيش ليس فقط من انخفاض نسبة التجنيد وإنما من انخفاض نسبة الدافعية للخدمة العسكرية. ونشرت صحيفة "معاريف" على موقعها الالكتروني، نقلاً عن مسئولين رفيعين في قسم القوى البشرية قولهم إنهم ليسوا فقط لم يستطيعوا مواجهة انخفاض مستوى التجنيد في الجيش خلال العام الماضي، بل أنهم لم يتمكنوا من مواجهة مشكلة لا تقل خطورة عن التسرب من الخدمة، وهي تهرب الجنود من إنهاء فترة الخدمة العسكرية الكاملة ومدتها ثلاثة أعوام متواصلة. وفي إعقاب ذلك، قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، محاربة هذه الظاهرة عبر إقرار خطة جديد يكون هدفها أن تصل نسبة التسرب من الخدمة في كل عام 10% فقط من مجموع الجنود. وتنص الخطة على زيادة عدد الضباط النفسيين في الجيش ومنحهم صلاحيات جديدة فمثلاً بدلاً من إعفاء الجنود من الخدمة العسكرية بسبب الأمراض النفسية سيمنحون تسهيلات مختلفة منها إمكانية عمل زيارات إلى منازلهم خلال فترة الخدمة، كما فرضت الخطة على كل قادة الوحدات متابعة نسبة التسرب في صفوف الجنود العاملين في وحداتهم والعمل على تقليصها. وتضمنت الخطة أيضاً عمل فحص للجالية التي نسبة تسرب أفرادها من الخدمة العسكرية عالية، من أجل أعداد مسار تأهيل خاص بها خلال فترة الخدمة العسكرية للجيش الإسرائيلي. وكشف تقرير إسرائيلي عن أن قرابة 14 ألف جندي ومجندة بالجيش الإسرائيلي دخلوا السجن العسكري خلال عام 2012 غالبيتهم بسبب التهرب أو التغيب عن الخدمة العسكرية. ونقلت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية 10/7/2013عن تقرير لمركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست عن أن 16% من هؤلاء الجنود احتجزوا من قبل ولو لمرة واحدة في سجن عسكري. وقال التقرير إنه حتى شهر يونيو/حزيران الماضي مازال هناك 6563 جندياً ومجندة في قاعدة الاحتجاز، نصفهم تقريباً بسبب التهرب من الخدمة العسكرية، إضافة إلى 1392 جندياً بسبب التغيب عن الخدمة العسكرية، وقرابة ألف جندي بسبب الجرائم التأديبية. وأشارت إحصائية للجيش الإسرائيلي خلال شهر يونيو/حزيران الماضي أن واحدا من كل ستة جنود رجال يتم تجنيدهم للخدمة الإلزامية يتسرب أو يفر من صفوف الجيش قبل انتهاء فترة التجنيد الإلزامي. ويعيش الجيش الصهيوني حالة من الانهيار وتفشي ظاهرة الهروب والانتحار والتراجع في عدد الجنود العاملين في الجيش فقد أماط قائد شعبة التخطيط في جيش الاحتلال الصهيوني، اللواء "نمرود شيفر"، اللثام عن أن عدد الجنود في جيش الاحتلال وصل 700 ألف، بينهم حوالي 210 آلاف جندي نظامي فقط، مشيراً إلى أن 70% احتياط، وأبدى قلقه من تراجع نسبة الشباب الصهاينة الذين يتجندون للجيش. وقال شيفر خلال المؤتمر السنوي لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب أن حجم القوات المقاتلة في الجيش الصهيوني هو نصف حجمها قبل 30 عاماً، وأن ما بين 3%- 5% فقط من الجنود معرفون كمهنيين، وهذا قليل جداً قياساً بجيوش أخرى، وهناك نقص بآلاف الجنود بين ما هو مطلوب وما هو موجود للتجنيد في ظل عدم تقدم الشباب المتدينين للخدمة في الجيش الصهيوني. وأضاف: "الانخفاض في نسب التجنيد هو تحدٍ اجتماعي للدولة"، فهناك جنود أقل يتحسسون هذا النقص من خلال الممارسة اليومية، وعلى سبيل المثال يوجد نقص في حجم قوات الحرب الإلكترونية في الإنترنت، وهذا ما أظهره هجوم السايبر الأخير على دولة الكيان، والقبة الحديدية وهي المنظومة المضادة للصواريخ القصيرة المدى. من جهة أخرى فقد سادت حالة من التذمر والاحتجاجات بين أوساط الجيش بعد ارتفاع عدد الهاربين من "لواء جيفعاتي" احد أهم ألوية الجيش في المنطقة الجنوبية وهذا ما صرحت به صحيفة "يديعوت احرنوت"، ووفقا للصحيفة فإن عدد الجنود الذين هربوا بلغ 28 جندياً أعلنوا التذمر ورفض الخدمة الأسبوع الماضي، بسبب تعرضهم لمعاملة غير إنسانية من قادتهم. وأعرب قائد شعبة التخطيط في جيش الاحتلال الصهيوني عن توقعه بأن حجم القوات التقليدية سيتناقص في المستقبل بشكل أكبر، وقال: "لا توجد لدى الجيش الصهيوني موارد لتفعيل جيش بالحجم السابق، ومن الصواب أن يكون الجيش أصغر وتحويله إلى جيش ناجع أكثر، والجيش الصهيوني جاهز لتغييرات عميقة وجوهرية تشمل تقليصاً في حجم القوات". ونشرت صحيفة "هآرتس" إحصائية لجيش الاحتلال الإسرائيلي أكدت أن عدد الشباب الذكور المتهربين من أداء الخدمة العسكرية أكثر من عدد الفتيات المتهربات منها. وطبقاً للتقارير الإحصائية فإن جندياً من كل ست جنود لا ينهي مدة خدمته العسكرية ويتهرب من الجيش قبل تسريحه أو قضاء مدة الخدمة الإلزامية، وأضافت الصحيفة أن فتاة من كل 13 فتاة تتهرب من أداء الخدمة العسكرية بعد تجنيدها. وحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجيش الإسرائيلي فإن الشباب يشكلون 16% من نسبة المتهربين من أداء الخدمة العسكرية بعد تجنيدهم، بينما 7.5% فقط من الفتيات يتهربن من الخدمة بعد تجنيدهم. وأشارت "هآرتس" إلى أن هذه الظاهرة تزايدت في الفترة الأخيرة كثيراً، لافتة إلى أن الجيش يعمل جاهداً علي تقليص أعداد المتهربين من أداء الخدمة العسكرية بعد تجنيدهم فعلياً. وبتاريخ 07 يوليو 2013 صادقت الحكومة الصهيونية على قانون الخدمة العسكرية الجديد والمعروف بمشروع قانون زيادة المساواة في تحمل العبء، حيث أيد التعديل 14 وزيرا، بينما امتنع أربعة وزراء عن التصويت. ذكر ذلك راديو إسرائيل اليوم, مشيراً إلى أنه من المقرر أن تصادق اللجنة الوزارية لشئون التشريع على مشروع القانون قبل إحالته إلى الكنيست للتصويت عليه بالقراءة الأولى الأسبوع القادم. وينص مشروع القانون الجديد على إلزام جميع طلاب المعاهد الدينية بأداء الخدمة العسكرية أو المدنية في غضون أربع سنوات وذلك باستثناء 1800 طالب متفوق كل عام.كما يقضي القانون الجديد باختصار مدة الخدمة العسكرية الإلزامية للرجال بأربعة أشهر من جهة وتمديد الخدمة العسكرية الإلزامية للنساء بأربعة أشهر. وأدى إقرار الحكومة الإسرائيلية صيغة مشروع قانون يقضي بفرض الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال على اليهود المتزمتين "الحريديم" إلى تأجيج الجدل بين "الصهيونية العلمانية" و"الحريديم". ويأتي ذلك بالتزامن مع سلسلة إجراءات أجرتها حكومة بنيامين نتنياهو في الموازنة العامة، ويعتبرها "الحريديم" موجهة ضدهم، حيث تعالت الأصوات المهددة للحكومة بإجراءات تصعيدية حيال ذلك. ويجمع المحللون، أنه في حال تم إقرار القانون، فإنه سيقود إلى صدام ميداني بين الأجهزة الإسرائيلية و"الحريديم"، على الرغم من أن صيغة القانون تتحدث عن تطبيقه على مراحل تمتد إلى أربع سنوات. إن كل ما تم الحديث عنه في هذه الدراسة يقول: إن المؤسسة العسكرية الصهيونية تتصدع من الداخل. |
||||||