|
|||||||
|
"أيها المارون بين الكلمات العابرة.. كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة، وانصرفوا فلنا ما ليس فيكم: وطن ينزف شعباً.. وطن يصلح للنسيان أو للذاكرة أيها المارون بين الكلمات العابرة.. آن أن تنصرفوا". هذا ما قرأه النائب العربي د. أحمد الطيبي للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش, في الجلسة الصاخبة للبرلمان الصهيوني مساء يوم 24/06/2013, والتي تمت فيها المصادقة بالقراءة الأولى على اقتراح قانون "برافر- بيغن" العنصري بأغلبيّة 43 مؤيّد للقانون مقابل 40 معارض. كما هاجم النائب محمد بركة في كلمته حكومة الإرهابي نتنياهو التي تقرّ مثل هذا القانون العنصري الجائر الذي يدعو المواطنين العرب للانتفاض مرّة أخرى، وأنهى بركة كلمته قائلاً، أن اقتراح قانون كهذا له مكان واحد يناسبه وهو سلّة القمامة وقام بتمزيقه على منصة الكنيست. ثم توالى أعضاء الكنيست من القائمة الموحدة والعربية للتغيير والتجمع بإلقاء الكلمات الرافضة لاقتراح القانون واعتباره تحرشاً بالجماهير العربية واستدراجهم لمواجهات، وقاموا أيضاً بتمزيق وريقة اقتراح القانون. بعد ذلك قام رئيس الجلسة اديلشطين بإبعاد أعضاء الكنيست العرب الذين مزّقوا اقتراح القانون بشكل تظاهري واحتجاجي من القاعة إلى حين إجراء عملية التصويت عليه. من جهته، أكد د. ثابت أبو راس، مدير فرع "عدالة" في النقب أن "مصادقة الكنيست على اقتراح القانون تأتي على الرغم من إجماع القيادات السياسية العربيّة في النقب، ومؤسسات المجتمع المدني، والأكاديميين، والمجتمع الدولي على الرفض القاطع للقانون". وأضاف أبو راس أن "الحكومة الإسرائيلية رفضت سماع المواطنين العرب البدو ومشاركتهم في اتخاذ القرارات حول هذا القانون قبل طرحه في الكنيست. كما تتجاهل الحكومة وممثلوها جميع المخططات البديلة والحلول التي قدمها العرب البدو لحل قضية الأرض والتخطيط في المنطق". واختتم أبو راس حديثه في بالقول إن "اقتراح القانون هذا لا يشكل مساً خطيراً بحقوق الإنسان والحقوق الدستوريّة للسكان العرب البدو فحسب، بل إنه أيضاً خطوة كارثية باتجاه تهميش وإفقار المجتمع البدوي الفلسطيني، وتحويل قراه إلى بؤر للجريمة والعنف". مخطط برافر يهدد قانون برافر- بيغين العنصري بتدمير عشرات القرى غير المعترف بها في النقب وتهجير عشرات آلاف المواطنين العرب البدو، ومصادرة نحو 800.000 دونمٍ من أراضيهم. مرّ قانون برافل بمراحل كثيرة بدأت منذ أيلول 2011 حين نشرت لجنة برافر، وهي لجنة حكومية برئاسة نائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق أيوهد برافر، مخططًا بخصوص "تنظيم إسكان البدو في النقب". وعلى الرغم من أن لجنة برافر أقيمت أصلاً بهدف تطبيق توصيات لجنة غولدبرغ الصادرة عام 2008، إلى إنها ابتعدت عن توصيات غولدبرغ وأعدت مخططاً جديداً كلياً. مع أن لجنة غولدبرغ لم تعترف بالملكية التاريخية للمواطنين العرب البدو في أراضيهم، إلا أنها أوصت بالاعتراف بالقرى غير المعترف بها "بقدر الإمكان". لجنة برافر لم تقبل الاعتراف بأي قرية غير معترف بها، وفي حال تطبيقها ستؤدي إلى اقتلاع 70 ألف إنسان من بيوتهم وأراضيهم. تهدف لجنة برافر إلى قوننة موضوع حساس جداً، وهو ملكية الأراضي من خلال اقتراح قانون لتنظيم إسكان البدو في النقب (2012). وسيقرر القانون من يحق له تقديم ادعاء ملكية على أرض وما هو الحد الأدنى من التعويض جراء مصادرة الأرض، كما ويتيح اقتلاع وتهجير عرب بدو من القرى غير المعترف بها إلى البلدات "الثابتة" التي أقيمت بشكل لا يلائم نمط حياتهم. وبعد نشر مسودة القانون في كانون ثاني 2012، بادرت الحكومة إلى فترة استماع جماهيري برعاية الوزير بيني بيغن، التي انتهت في 1 نيسان 2012. مخطط برافر والسياسية الحكومية الإسرائيلية التي تقوم على سلب واقتلاع السكان العرب البدو في النقب من أراضيهم، هما نتاج الأساطير السائدة والأفكار النمطية المسبقة التي لا أساس لها تجاه المواطنين البدو. السكان العرب البدو في النقب هم سكان النقب الأصليين، وهم مرتبطون بعلاقة تاريخية مع أراضي أجدادهم. في 6 أيّار 2013، أقرّت اللجنة الوزاريّة لشؤون التشريع اقتراح "قانون تنظيم توطين البدو في النقب – 2013" (اقتراح قانون برافر- بيغن)، حيث طرح اقتراح القانونِ على طاولة الكنيست وتم التصويت عليه في القراءة الأولى، كما هو متوقع، في نهاية شهر حزيران 2013. إنّ القانون المُقترَح، التمييزيّ في نواياه وفي أثره، ينتهكُ كلاً من "القانونَ الدستوريّ الإسرائيليّ"، بما في ذلك الحقَّ في الكرامة، وكذلك المبادئ الدوليّة لحقوق الإنسان مثل المساواة والمُشاركة الفعّالة في صُنع القرارات المتعلّقة بحياة الإنسان ورفاهيّته. على نحوٍ واضح، يشرعن اقتراحُ القانونِ، أيضاً، التنصّل من الحقوق المتعلقة بإجراءات التقاضي السليمة، وبالتالي الخضوع لسيادة القانون. سيكون التشريعُ بمثابةِ الذراع التنفيذيّة لمخطط برافر- بيغن, الذي يُعتبرُ الإطارَ الشّامل للسياسة الحكوميّة في مسألة العرب البدو. في 26 نيسان 2013، اتّفق أعضاءٌ ينتمون إلى الأحزاب الأربعة المشتركة في ائتلاف الحكومة الإسرائيليّة الجديدة، على أنّ التعديلات التي أجراها الوزير السابق، بيغِن، كانت "سخيّة أكثر ممّا ينبغي"، ولذلك يتعيّن شطبها من مخطّط برافر الأصليّ. وهكذا، عندما أقرّت اللجنة الوزاريّة لشؤون التشريع اقتراحَ القانون في وقتٍ سابقٍ، فإنّها قد فرضَت على القانون الشروط التالية: 1. الحدّ من المساحة التي سيتمّ اعتمادها ضمن مخطّط تعويض الأراضي في النقب عبر استخدام خريطةٍ واضحةٍ ومفصَّلة. 2. تضييق الإطار الزمني لتنفيذ المخطّط من خمس سنوات إلى ثلاث سنوات. 3. تعيينُ لجنةٍ حكوميّةٍ للإشراف على تنفيذ المُخطَّط. 4. تجنيدُ أفراد شرطة إضافيّين لغرض تنفيذ المخطَّط (وبالتالي، وضع التقديرات والاستعداد لاستخدام القوّة). وبصرف النظر عن التغييرات الطفيفة التي أدخلها بيغِن سابقاً، واللجنةُ الوزاريّة الآنَ، فإنّ الهدفَ الأساس لمخطّط برافر هو التهجيرُ القسريُّ لعشرات آلاف العرب البدو الأصلانيّين مواطِني إسرائيلَ من أرضهم في القرى غير المُعترَف بها. يرتكزُ المُخطَّط على التضليل المتعمّد للمعلومات الذي لطالما اعتمدته السياسة الإسرائيليّة تجاه مواطنيها البدو: أولاً، المُجتمَعُ البدويّ يتعدّى على "أراضي الدولة" حيث يُعتبر مجرد وجوده "منافياً للقانون"؛ ثانياً، ليس للبدوِ أي حقّ قانونيّ بشأن أرضِ آبائهم وأجدادهم في النقب، وأيّ مَطالب نهائية للتوطن على أرضٍ بدويّة، يتعيّن حلُّها لصالح الدولة. يعترف تقريرُ لجنة غولدبرغ، الذي سبق صدور مُخطّط برافر، بهذا التاريخ، ويخلص إلى ما يلي: "إننا لا نستطيع تجاهل الانتقال القسريّ لبعض (العشائر البدويّة) باتّجاه السياج ما بعد قيام الدولة، ولا نستطيع تجاهل أنّ آخرين كانوا يملكون أرضاً داخل السياج على مدى سنواتٍ طويلة. لا يُمكن القول عن العشائر التي كانت هناك، والأشخاص الذين كانوا يتنقّلون، بأنهم مُتسلّلون إلى داخل السياج".مع ذلك، أجاز كلّ من تقرير غولدبرغ ومُخطّط برافر وقوعَ تناقضاتٍ ومعاييرَ مُزدوجة. على سبيل المثال، قضيّة قرية الزرنوق غير المُعترَف بها. تعترف الحكومة، في هذه القضيّة، ببيع جزءٍ من أرضٍ كانت ملكاً لعائلةٍ بدويّةٍ عام 1935 لمُشترٍ يهوديٍّ، حيث باتت هذه الأرضُ تُعتبرُ مُلكاً شخصياً له. بينما لا يتمّ الاعترافُ بالأرضِ التي بقيَت بملكية صاحبها البدويِّ والمُطالِبِ بها. في حال كان صاحبُ الأرضِ يهودياً، تكون إسرائيلُ مستعدّةً للاعتراف بصفقةٍ يكون البدويّ فيها قد باع الأرضَ دونَ الاعتراف بملكيّة البدويّ لتلك الأرض. تسعى الدولة، من خلال مخطّط برافر، بما في ذلك التعديلات التي أجراها بيغِن، إلى تقنين هذا التمييز وشرعنته. على الرغم مما تمّ تصويره على أنّه تنازلٌ حكوميٌ كبيرٌ من جانب أحزابِ اليمين، فإنّ التعديلات التي أدخلها بيغِن على مخطّط برافر في أعقابِ "عمليّة استماع" استمرّت ثلاثة أشهر مع المجتمع البدويّ– بعدَ تصديق الحكومة على المخطّط في أيلول 2011 – لم تغيّر سوى الشيء اليسير من آليّة برافر. إنّ "عمليّة الاستماع" و"التعديلات" اللاحقة للوضع السّائد، كانت ببساطة واجهة خارجية لعمليّةٍ استشاريّةٍ تشاركيّةٍ، في أعقابِ تعرَّض الحكومة الإسرائيليّة لنقدٍ لاذعٍ من جانب المجتمع الدوليّ لعدم مشاركة العرب البدو. في هذا الصدَد، يتوافق اقتراحُ قانون برافر-بيغِن مع موقف الكيان الصهيوني القديم من البدو، الذي يعتبرُهُم "مشكلةً" تستلزمُ "حلاًّ". "الحل" عبارةٌ عن إطارٍ مفروضٍ تمّ تطويره دون أيّ تشاور أو مراعاة لحقوق البدو أو مصالحهم. إنّ الحكومةَ، ومن خلال انتهاكها حقوقَ البدوِ في الكرامة، الملكيّة، المساواة، عدم التمييز، المشاركة في التخطيط وصُنع القرار، وحريّة اختيارهم مسكنهم، تسعى إلى إسكانهم قسراً، بعيداً عن أرض آبائهم وقراهم التاريخيّة واقتصادهم التقليديّ. النتيجة المبتغاة لمخطّط برافر-بيغِن هي تركيز المجتمع البدويّ على أقلّ مساحةٍ مُمكنةٍ من الأرض في بلدات مُفقَرَةٍ ضمنَ مخطّط حكوميّ، وجعل هذه الأرضِ مُتاحةً لإنشاء مشاريع تنمية تابعة للدولة تمنحُ امتيازاً للمواطنين اليهود في الدولة. تعملُ الحكومةُ جنباً إلى جنبٍ مع سُلطات التخطيط على تهجير واقتلاع العرب البدو. يرتكزُ مخطّط برافر- بيغِن على المخطط الهيكليّ الرئيسيّ التمييزيّ لمنطقة بئر السبع الكبرى (ميتروبوليتان بئر السبع)، الذي تمّ التصديق عليه في آب 2012، على الرغمِ من الاعتراضات الشديدة من جانب المجتمع البدويّ. يعرضُ المخطط الهيكلي الرئيسيّ خطط "تطوير" منطقة ميتروبوليتان بئر السبع من قبَل الدولة، كما يعرضُ، بصورة ملموسة، مصادرة الدولةِ أراضي العرب البدو في النقب، وإخلاء وتدمير معظم القرى غير المعترَف بها. في حين أنّ المخطط الرئيسيّ يحول دون الاعتراف بالقرى غير المُعترَف بها، بشكلٍ ناجع، فإنّ مخطّط برافر- بيغِن، بدوره، يُجرّد المجتمع البدويّ من حقوقه القانونيّة في تحدّي تهجيره القسريّ وطرده من أرضه. إضافة إلى ذلك، يُرسِّخُ اقتراحُ قانون برافر- بيغِن ويُشرعنُ استحواذ السلطة التنفيذيّة على نظام التخطيط، من خلال منحِ مكتب رئيس الوزراء حريّة التصرّف الكاملة في تنفيذ وتطبيق مُخطّط برافر-بيغِن. لذلك، فإنّ اقتراح القانون هذا ينتهكُ المبدأ الديمقراطيّ الأساس الخاصّ بفصل السُّلطات ويُقوّض سيّادة القانون. كذلك يحظرُ اقتراحُ قانون برافر- بيغِن، بشكلٍ صريح وصارم، الشروع في عمليّة مراجعة قضائيّة من خلال إلغاء عمليّات الهدم والإخلاء بأمر من المحكمة وتحت إشرافها، لصالح أوامر إداريّة عاجلة. يُمكن الطعن في هذه الأوامر من الجانب التقنيّ فقط (على سبيل المثال، التاريخ غير صحيح). وهكذا، يسلب اقتراحُ قانون برافر- بيغِن الحقّ الأساس في خوض إجراءٍ قانونيٍّ عادل، مُنتهِكًا بذلك سيادة القانون. يضمّ اقتراح قانون برافر- بيغِن موادّ عدّة تتناول بالتفصيل الظروف التي يُمكن في ظلّها تقديمُ تعويضٍ ماليٍّ للبدو المُزمَع تهجيرهم من قراهم وبيوتهم. من خلال ذلك، يفرضُ اقتراح قانون برافر-بيغِن حدوداً وشروطاً صارمة على مقدّمي الطلب، ما يُبقي، في ضوء ذلك، مجموعة محدودة للغاية من المطالبين المؤهلين، الذين قد يحصلون، في أفضل الحالات، على تعويضٍ جزئيٍّ مقابل اقتلاعهم، تهجيرهم، وتنازلهم عن مَطالبهم بالأرض. أحد أكثر هذه الشروط صرامةً هو أنّ الشخص الذي يحقّ له تقديم طلبِ تعويضٍ هو فقط مَن كان قد قدّم مطالبةً بالأرض في الفترة الواقعة بين 2 أيّار 1971 و 24 تشرين الأوّل 1979. إذا كانت المحكمة قد رفضت في السابق ملكيّته على الأرض، لا يكون المُطالِبُ مؤهّلاً للحصول على تعويض. إضافة إلى ذلك، تكون جميع التعويضات مشروطةً بموافقة المُطالِبين على الانتقال إلى بلدات بدويّة عربيّة والتنازل عن حقوقهم في الأرض. إنّ الدليل المُعتمَد للإشارة إلى استخدام الأرض أو امتلاكها، يقتصرُ حصراً على الدليل الذي توفّره الدولةُ نفسُها، وذلك على شكلِ صورةٍ جويّةٍ ووجهة نظر خبيرٍ يقدّمهُ مُستشارٌ أمام اللجنة المسؤولة عن التعويض. قد لا يقدّمُ المُطالِبون البدو دليلهم الخاصّ (على سبيل المثال، السجلات الضريبيّة العثمانيّة والبريطانيّة، الأدلّة الأثريّة والأنثروبولوجية، مثلَ الآبار، المَقابر، التاريخ الشفهيّ، وغير ذلك) لدعم مَطالبهم. إنّ المُطالِبين المُؤهَّلين الذين يعيشون على أرضِ آبائهم، قد يحصلون على تعويضٍ بقطعةٍ أرضٍ و/أو بالمال، وهو ما تبلغ قيمته 62.5% من مساحة الأرض المُطالَب بها والتي تمّ الاستيلاء عليها بتوفيرِ دليلٍ (تُقدّمه الدولة فقط) على القيام بزراعة الأرض أو استخدامها وقتَ تقديم المَطالبة الأصليّة، مع إتاحة تعويضٍ ماليٍّ، فقط، مُقابل الـ37.5% المتبقية. قطعةُ الأرضِ التي سيحصل عليها المُطالِبُ كتعويض، تقعُ في موضعٍ تختاره الدولة (أي، غير الأرض المُطالَب بها). بالنسبة لمعظم المُطالِبين المؤهّلين الذين كانوا مهجّرين داخلياً من أرضهم، يكون التعويضُ بالمالِ فقط، وليس بقطعة أرض بديلة، حيث تصل قيمةُ هذا التعويض، كحدّ أقصى، إلى 62.5% فقط من مساحة الأرض المُطالَب بها. مع ذلك، وفي إطارِ تلك الحالات الاستثنائيّة التي لم تُصادر فيها الدولةُ، حتّى الآن، الأرضَ التابعة للبدو المهجَّرين داخلياً، فإنّ هناك إمكانيّة للحصول على تعويضٍ بقطعة أرضٍ بقيمة 25% من مساحة الأرض المُطالَب بها، والحصول على تعويضٍ ماليٍّ عن النسبة المتبقية. في جميع الأحوال، يكون الحدّ الأقصى من التعويضِ مُمكناً فقط إذا أصبحَ 50%، على الأقلّ، من نسبة الأرض المُطالب بها، جزءاً من عمليّة التعويض. إذا كان الأحفادُ الذين وافقوا على عمليّة التعويض يملكونَ أقلّ من 50% من الأرض التي طالبَ بها آباؤهم (على سبيل المثال، 2 من أصل 5 أخوة)، فإنّ قيمة التعويض على هيئة قطعة أرضٍ تُغطّي 20% من الأرض المُطالَب بها، في حين يتمّ تعويضهم عمّا تبقّى بواسطة المال فقط. يرى "عدالة" أنّ مجموعةٌ صغيرةً من المطالبين ستحصل، في أفضل الأحوال، على تعويضٍ بقطعةِ أرضٍ في ظّل هذه القيود التعسّفيّة، وأنّ مخطّط برافر-بيغِن يسعي إلى اقتلاع المواطنين العرب البدو الأصليّين من أرضهم في النقب بشكلٍ نهائيّ. نكبة جديدة يعتبر القادة الصهاينة العرب الفلسطينيين حجارة يمكن نقلهم من هنا إلى هناك, أو إخراجهم من الملعب كلياً ومن ثم إعادتهم إلى ملعب آخر كيفما شاء, ويمكن بالقوة أن تؤخذ منهم أرضهم ويتم طردهم إلى أي مكان, إنها العنصرية بكل ألوانها اليوم تتجلي في النقب العربي الفلسطيني البدوي, لوحة أكثر من عنصرية في النقب ولوحة أخري بالضفة الغربية والقدس بعد أن جهز أكثر من نصف مليون وحدة سكنية للمستوطنين, استجابة لطرح كيري الطويل الذي أوصاه بتجميد الاستيطان لفتح الباب أمام المفاوضات مع الفلسطينيين وبالذات لأن الإدارة الأمريكية تسعي في برنامج قد يعيد قليل من ماء الوجه لوجهها المشوه على خلفية الانحياز مع طرف ضد طرف آخر من أطراف الصراع وهذا بات معروفا للجميع,فلم تكن أمريكا حيادية يوما من الأيام في تعاملها مع ملف السلام بالشرق الأوسط ولو كانت هكذا لما استمر الصراع أكثر من قرن من الزمان. في هذه الأثناء يطل علينا قانون "برافر" العنصري ليهجر أهل النقب من بيوتهم ويصادر أرضهم لصالح مستوطنات صهيونية تعمر الجنوب وتصبح الحزام اليهودي للنقب بدلاً من العرب الفلسطينيين الذين يسكنوا هذه الأرض منذ مئات السنيين, لكن إسرائيل كعادتها لا تحتكم لقوانين ولا تنتظر قوانين وقراءات الكنيست المتأخرة فقد بدأت بالفعل في ترحيل أهل النقب وعشرات القرى الفلسطينية دون احترام لحقوق هؤلاء الناس ولا خجل من المجتمع الدولي لان إسرائيل عرفت ماهية المجتمع الدولي وإمكانية عقابها, ولا يعنيها ماذا سيفعل إن كان سيفعل شيء!, وعلى الرغم من ذلك عقدت محكمة الصلح في بئر السبع جلسة للنظر في أوامر إخلاء وهدم قرية "أم الحيران" في النقب، وذلك أكبر دليل على مضي السلطات الإسرائيلية بتطبيق قانون "برافر" حتى قبل المصادقة عليه نهائياً. وتخطط السلطات الإسرائيلية إلى هدم قرية "أم الحيران" العربية البدوية الفلسطينية بهدف إقامة مستوطنة يهودية باسم حيران على أنقاضها. إن نكبة "برافر" هي من أخطر نكبات القرن الحادي والعشرين والذي يعتبره البعض القرن الذي سيتحقق فيه السلام بالمنطقة العربية, لكن لا يبدو كذلك فإسرائيل ماضية في كل أشكال الاستيطان والتهجير والتدمير, ويبدو من هذا السلوك أن إسرائيل تحاول بنفس الزمن الإجهاز على التواجد العربي الفلسطيني ضمن حدود معينة رسمتها مسبقاً لـ"لدولة" اليهودية وهذا للقول للعرب إن الدولة اليهودية أصبحت الأمر الواقع وفي النهاية ستطبق دولة القومية الواحدة دون اعتراف بالدولة الفلسطينية أو أراض الدولة الفلسطينية لأنها تريد من الفلسطينيين أن يبقوا شيعاً وقبائل بلا كيان سياسي وان حاولوا تجميع كيان سياسي لهم فإن هذا الكيان سيكون مقطعاً وغير قابل للتواصل جغرافياً وغير قابل للتطور والازدهار بسبب الانفصال الجغرافي وبسبب تحكم إسرائيل بالبوابات الكبيرة التي أبقت يدها مغلولة داخلها لتتحكم في اتصال وتواصل الدولة الفلسطينية مع العالم الخارجي. "برافر" اليوم أقر جريمة صهيونية ترتكب مع سبق الإصرار والترصد والغريب أن العالم يسمع ويشاهد خطوات إسرائيل نحو إكمال ارتكاب الجريمة, ويشاهد إسرائيل وهى تهجر البدو الفلسطينيين بعيداً عن أرضهم لتقوم بتدمير بيوتهم لحساب الاستيطان, "برافر" اليوم يثبت أن إسرائيل بادعائها للديمقراطية كيان لا يعترف بالديمقراطية وينكر حق الأقلية الذين يتواجدون ويعيشون في امن وسلام على أرضهم وينكر كافة القوانين الدولية والإنسانية الداعية لاحترام حق الأغلبية في العيش والحماية ؟. وإسرائيل بعملها هذا تثبت أنها كيان عنصري بامتياز, كيان لا يرغب بالعيش في أمن وسلام واستقرار, كيان لا يكترث بأي قوانين إنسانية أو شرعية وقوانينه الوحيدة التي يعترف بها هو بقائه كياناً عنصرياً مستوطناً سارقاً ناهباً لأراضي الفلسطينيين التي ملكوها عن أجدادهم وأقرتها كل هيئات الأراضي على مدار التاريخ الفلسطيني, والعالم اليوم يشاهد هذه الجريمة بات عليه التحرك سياسياً وإنسانياً ليمنع إسرائيل من ارتكاب هذه الجريمة وتمرير قانونها العنصري المسمي "برافر", ولعل تحرك العالم ومنظمات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة المنظمات التي تعني بحقوق الإنسان واستمرارية الأمن والاستقرار عليها إدراك أن تنفيذ هذا القانون سيلقي بتبعات كبيرة وخطيرة أولها تشريد عشرات الآلاف والزج بهم في مناطق قد تكون مناطق خصصت للعزل الديموغرافي أو مناطق ساخنة الاحتكاك وإبعادهم عن ارض أجدادهم التاريخية وبالتالي سيعيد المنطقة إلى دائرة العنف الأولى. تهجير المهجرين ترافقت المصادقة على قانون "برافر- بيغن" بالقراءة الأولى مع قرار اتخذته حكومة نتنياهو صادقت فيه على مخطط يقضي بتهجير آلاف البدو الفلسطينيين ممن هُجِّروا في نكبة العام 1948 وأقاموا في محيط مدينة القدس ونقلهم إلى بلدة أبو ديس، إفساحا في المجال لإقامة العديد من المشاريع الاستيطانية بعد مصادرة الأراضي التي كان يقيم فيها الفلسطينيون. ما ينوي الاحتلال تنفيذه في النقب بدأت مخططاته منذ سنوات طويلة وكشفت مصادر إسرائيلية أن بعض المشاريع الاستيطانية المنوي إقامتها هناك وضعت تصاميمها الهيكلية منذ عقدين من الزمن على الأقل. فلطالما نظرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى التجمعات السكانية الفلسطينية وانتشارها كمعيق لتنفيذ سياساتها التوسعية، مستهدفة ما تبقى بين أيدي هؤلاء من ممتلكات وما في حوزتهم من أراض، وينطبق الأمر بشكل رئيسي على السكان الفلسطينيين في النقب. حيث تنتشر قراهم على مساحات واسعة من الأراضي التي يملكونها منذ أزمان غابرة. فقد بدأت سلطات الاحتلال مشروعها التوسعي من خلال اعتماد تصنيف "قانوني" للقرى الفلسطينية في النقب، حيث اعتمدت عددا قليلا من القرى قليلة المساحة كقرى "شرعية" في حين صنفت الغالبية العظمى من التجمعات الفلسطينية في خانة القرى "غير الشرعية" وبالتالي لا يتم الاعتراف بها من قبل مؤسسات الحكومة الإسرائيلية، ولا تندرج في إطار الموازنات المحلية كما هو مفترض من أجل تنمية هذه القرى وخاصة في مجالات البنى التحتية والتعليم والصحة. وكان هذا التصنيف مقدمة لبلورة قوانين من نمط "برافر ـ بيغن" من أجل التخلص من هذه التجمعات وتوطين اليهود الإسرائيليين مكانهم إلى جانب إقامة منشآت سياحية وخدمية خاصة بالمستوطنين. مشروع القانون المذكور ينص على نقل السكان الفلسطينيين و"تجميعهم" في أماكن أخرى على قاعدة "سكان أكثر على مساحات أقل". وإذا عدنا إلى الوراء بضع سنوات، نستعيد تصريحات مسؤولين إسرائيليين ومنهم أريئيل شارون، الذي قال بأن "حرب 1948 لم تنته بعد"ما يعني أن الهدف التوسعي الصهيوني لم يستكمل مهامه حتى في أراضي الـ 48 التي يقطنها اليوم نحو مليون ومئتي ألف من أصحابها الشرعيين. ويعني أيضا، وفي الوقت نفسه، أن النكبة بالنسبة لهؤلاء لم تنته أيضاً. وتأتي مسألة المصادقات على قوانين من هذا النمط لتستكمل دائرة التضييق على الفلسطينيين، بعد أن طاولتهم قرارات متعاقبة للكنيست تعاملهم كطابور خامس. وما يحصل مع الفلسطينيين البدو في محيط القدس يؤكد أن الاحتلال يعتبر أيضا من الناحية العملية أن حرب 1967 لم تنته في الضفة، وهو منذ ذلك الوقت يعمل على نهب الأرض الفلسطينية ونشر المستوطنات فيها.. وخاصة في القدس التي تتكثف خلال الأعوام القليلة السابقة إجراءات تهويدها. فالحرب التي بدأها العدو الصهيوني في العام 1967، لم تستكمل أهدافها، وسياستها الديموغرافية تجاه الفلسطينيين في الضفة لم تتغير وكشفت حتى في سياق تطبيق المراحل الأولى من اتفاق أوسلو أنها تعتمد فيما يسمى "نبضات" تسليم بعض المناطق للسلطة الفلسطينية على قاعدة "سكان أكثر.. أرض أقل" وهو المبدأ الاحتلالي نفسه التي تطبقه على الفلسطينيين في أراضي الـ 48. وبقيت المعادلة التوسعية ذاتها في التعامل مع عناوين التسوية مع الجانب الفلسطيني حيث يشهر مبدأ "تبادل الأراضي" من أجل تشريع التوسع الاستيطاني في الضفة والحفاظ على الكتل الاستيطانية الكبرى وضمها إلى الكيان. وبقي الخطاب الإسرائيلي تجاه التسوية يستثني مدينة القدس الشرقية في سياق الضغط المتواصل من أجل إخلاء المدينة ومحيطها من سكانها الشرعيين والزج بهم داخل بلدات فلسطينية حول المدينة، دون السماح لهذه البلدات باعتماد تصميمات هيكلية مدينية جديدة تتوسع من خلالها وتوسع محيطها الحيوي. وما يحدث في محيط القدس ينبغي ألا يتم السكوت عنه، وهذا يفترض أن تكون ردود الفعل السياسية والشعبية على مستوى ما تمثله هذه القرارات والقوانين العنصرية من خطورة وتهديد للشعب الفلسطيني.. أخيراً نقول: يعيش أهالي النقب منذ سنوات كثيرة هاجس التعرض إلى نكبة أخرى بعد نكبة عام 1948 التي شهدت تهجير عشرات الآلاف منهم إلى الدول العربية المجاورة والاستيلاء على أراضيهم لإقامة مستوطنات. ونجا نحو عشرة آلاف من هذه العملية، لكنهم لم يفلتوا من جريمة ترحيل خارج أراضيهم إلى أنحاء أخرى في النقب. وفي تصديقها على المخطط الجديد، تكون إسرائيل، وجرياً على عادتها، أدارت ظهرها للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين سبق وحذراها من هذا "المخطط العنصري الذي يميز ضد عرب النقب"، وطالباً بإلغائه. كما لم تأبه بتحذيرات السكان البدو في النقب من أن تنفيذ المشروع سيؤدي إلى انتفاضة عارمة في النقب الذي يقطنه 220 ألف بدوي، والمجتمع الفلسطيني في الداخل. وحتى عام 1948 اعتُبر النقب الصحراوي الممتد من "الفالوجة" حتى الجانب الغربي من خليج العقبة، أوسع منطقة في فلسطين التاريخية، إذ امتدت مساحته على 13 مليون دونم، قامت إسرائيل بمصادرة 80% منها تماماً كما فعلت مع سائر الأراضي العربية في الجليل والمثلث. لكن الأنكى من ذلك هو أن إسرائيل رفضت الاعتراف بملكية البدو لما تبقى بأيديهم من أراضٍ بداعي أنهم لا يمتلكون مستندات خطية تثبت ذلك، على الرغم من اعتراف حكومة الانتداب البريطانية بهذه الملكية وفق قانون العُرف والعادة. في المقابل، وعلى مدار عقود، رفضت إسرائيل الاعتراف بالقرى البدوية الصغيرة القائمة منذ عشرات السنين وعددها 45، واعتبرتها غير قانونية وحاولت بشتى الوسائل، بالترهيب مثل حجب المساعدات الحكومية عنها أو رفض منح سكانها خرائط للبناء، أو بالترغيب من خلال إغرائهم بالمال، إقناع سكانها بالرحيل إلى تجمعات سكنية قائمة أو جديدة، لكن غالبيتهم رفضت كل الإغراءات. واعتبرت "مؤسسة النقب للأرض والإنسان" تنفيذ هذا المخطط، في حال إقراره بالقراءات الثلاث في الكنيست، بمثابة "نكبة جديدة لفلسطينيي النقب". وحذرت المواطنين من الوقوع في فخ الإغراء الحكومي ببعض المال في مقابل التنازل عن الأرض. ووصفت مثل هذا القبول بـ "الخيانة"، مضيفةً أن لا نيات حسنة لدى الحكومة، كما تدعي، "إنما نيات سيئة ومخفية للتهجير والتجهيل تحت مسميات براقة تهدف المؤسسة الإسرائيلية من خلالها إلى تمرير سياستها العنصرية في النقب". |
||||||