|
|||||||
|
"الآن وبعد أن انتهت الملحمة السياسية بانتصار الشعب والنظام الإسلامي فان أجواء التعاون والوئام يجب أن تحل محل أجواء التنافس التي سادت البلاد خلال الأيام والأسابيع الأخيرة. وعلى أنصار المرشح الفائز وسائر المرشحين أن يقطعوا الطريق أمام ضامري السوء عبر التحلي بالصبر والرصانة والفطنة في أقوالهم وأفعالهم". هذا ما قاله قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، في بيان أصدره إثر الملحمة السياسية التأريخية التي سطرها الشعب الإيراني في الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة والانتخابات البلدية مؤكداً أن الفائز الرئيسي في هذه الانتخابات هو الشعب وان أجواء التنافس انتهت وعلى الجميع العمل لتحقيق التطلعات السامية للنظام الإسلامي. وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى الحضور المكثف والباهر لأبناء الشعب الإيراني المؤمن والغيور في ساحة الملحمة السياسية معتبرا هذا التواجد بأنه مؤشر على النمو المطرّد للشعور السياسي والتمسك بنظام سيادة الشعب الدينية ومؤشر على إبطال سحر الساحرين والأعداء الحاسدين. وأكد السيد الخامنئي أن الفائز الحقيقي في الانتخابات الأخيرة هو الشعب الإيراني الذي خطا خطوة راسخة بحول الله وقوته ورسم صورة ناصعة عن إرادته الصلبة وكشف عن وجهه المفعم بالحيوية والنشاط والأمل والإيمان. وقال السيد القائد: "الرئيس المنتخب هو رئيس الشعب بأكمله. ولذلك على الجميع مساعدة ودعم رئيس الجمهورية وزملائه في الحكومة بصدق وإخلاص لتحقيق التطلعات السامية التي وعد بتحقيقها وتحمّل عبء مسؤوليتها. مضيفاً, إن تحقيق الملحمة الانتخابية كان أمراً مستحيلا بدون مشاركة ومنافسة وجهود سائر المرشحين الرئاسيين. ولذا أشكر جميع الذين تواجدوا في الساحة وبذلوا جهودا مضنية لتسطير هذه المنافسة الملحمية. مشاركة شعبية حاشدة شارك في تغطية مشاركة الشعب الإيراني الواسعة في الدورة الحادية عشرة للانتخابات الرئاسية أكثر من 450 مراسلاً ومصوراً صحفياً و205 مراسلين ومصورين من خارج إيران وأكثر من 250 مراسلاً أجنبياً مقيماً يغطون الأخبار الانتخابية وأكثر من ألفي مراسل ومصور صحفي من الصحافة ووسائل الإعلام الإيرانية يغطون هذه الانتخابات الرئاسية. وأشار وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني محمد حسيني إلى حضور مراسلين من دول جمهورية أذربيجان والنمسا واسبانيا واستراليا وأمريكا وبريطانيا وأوكرانيا وايطاليا وبيلاروسيا وبلجيكا وتركيا والدانمرك وروسيا واليابان وسويسرا والسويد وفرنسا وفنلندا والنرويج وفنزويلا وهولندا والهند واليونان لتغطية الانتخابات في إيران. لقد شكلت المشاركة الشعبية الحاشدة في الانتخابات الرئاسية والتي تزامنت معها انتخابات المجالس البلدية والقروية ردا مدويا على مزاعم القوى الغربية التي تتهم الجمهورية الإسلامية بفقدانها قواعد الديمقراطية. إن اندفاع أبناء الشعب بشتى توجهاتهم وطوائفهم، ممن يحق لهم التصويت، إلى صناديق الاقتراع منذ الساعات الأولى من صباح يوم الانتخابات لمنح أصواتهم للمرشح المرجّح لديهم من بين المرشحين الستة، إلى جانب انتخابهم أعضاء المجالس البلدية والقروية في أنحاء إيران، مؤشر على اهتمام الإيرانيين بتقرير مصيرهم بأنفسهم. والسؤال الذي لابد أن تجيب عليه تلك القوى التي لا تعترف بسيادة الشعب الإيراني على مصيره، هو أنه إذا لم يكن هذا المشهد الانتخابي ديمقراطياً، فما هو المشهد الذي تعتبره هذه القوى ديمقراطياً، إذا كانت تغمض أعينها وترفض الإنصات لصوت الشعوب التي تعلن رفضها لمنطق القوة والغطرسة؟. وكما أشار قائد الثورة إلى التصريحات الوقحة لأحد أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي بعدم اعترافه بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، فإن مثل هذا العضو ومن هم على شاكلته، أن يذهبوا بغيظهم إلى الجحيم طالما الشعب الإيراني يرد عليهم بخطواته الديمقراطية ولا يعير لهم أي أهمية تذكر. لم يحدث أن كان المقترع الأمريكي حراً في انتخاب المرشح الذي يريده، من خارج الدائرة الضيقة التي يستولي عليها مرشحا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، المدعومان من الكارتلات واللوبيات المتحكمة بمفاصل الإدارة والسياسة الأمريكية، وعلى الرغم من ذلك تتباهى الولايات المتحدة بأن لديها ديمقراطية مثالية! وتتهم الدول التي لا تسير في فلكها أنها غير ديمقراطية!. أما في إيران وكما حصل في الانتخابات السابقة فقد تنافس في هذه الدورة وبعد انسحاب مرشحين اثنين، ستة مرشحين من توجهات مختلفة للفوز بآراء المقترع بعد أن عرضوا لهم برامجهم للدورة الرئاسية المقبلة، وكل ذلك مؤشر على أن الناخب الإيراني يحظى بخيار أوسع من الناخب الأمريكي. وفي ضوء هذه الصورة الشفافة، فان الشعب الإيراني الواثق بخطواته، لن يعير أهمية لما يثيره الغرب وإعلامه من ضجيج وتضليل، وهو يواصل طريقه في بناء البلاد وانتخاب مسؤوليه. إن الملحمة السياسية تحققت في إيران، وإيران تقدم اليوم النموذج الأمثل في حق الانتخاب الحقيقي، وأثبتت أن الديمقراطية والانتخاب ليست آلية بل هي مشاركة في القرار السياسي. إن كل أطياف الشعب الإيراني ذهبت إلى صناديق الاقتراع لتقول رأيها للمرشحين كافة بغض النظر عن الضغط وعن كل أساليب الترغيب والترهيب، هذه الانتخابات بأنها ملحمة السياسية يسطرها الشعب الإيراني كل أربع سنوات. إن الانتخابات الإيرانية ليست عبارة عن حزبان يتنافسان من أجل الوصول إلى السلطة، إنها عملية سياسية وأيديولوجية ووطنية بامتياز، إنها نموذج راق من العمل السياسي وليس فقط من مسألة الانتخاب. الشعوب فعلياً تصنع دولاً وأمم ومستقبلاً نتيجة لهذه المشاركة، ومفهوم الكثافة الشعبية هو يوم وطني بامتياز ويعتبره الإيرانيون واجباً، وهم يتحمسون تماماً لهذه الانتخابات، لأن لها علاقة بانتخاب رئيس السلطة التنفيذية من أجل المصلحة الوطنية ومن أجل تحدي كل أنواع الحصار. لو أن الشعب الإيراني شعر يوماً بأنه غير مشارك بالعملية السياسية وبأن الانتخابات غير مهمة وأن الرئيس مجرد يتلقى أوامر من المرشد (كما يروج له البعض)، لما كان أقدم بهذه الكثرة على صناديق الانتخاب، لأنه يدرك تماما أن هذه العملية السياسية خاضعة لمؤسسات وقوانين، وأن رأيه في الانتخابات يحسم أمور كثيرة. هذه الكثافة هي أجمل صور الديمقراطية لما للشعب الإيراني من احتضان لدولته بكافة مؤسساتها، وإلا ما كان ليذهب إلى الانتخابات وعناءها، فالشعب الإيراني يعتبر نفسه مسؤولاً كما الرئيس سيكون مسؤول كما السيد القائد مسؤول عن مصير هذه الأمة ومبادئ الثورة، فالشعب الإيراني مهتم تماما بمبادئ الثورة كلها. إن إيران في كل دورة انتخابية تقوى أكثر، وإن الانتخابات بالنسبة للشعب الإيراني مسألة مصيرية وليست عابرة أو شكلية، معتبراً أن الشعب الإيراني لا يصوت لرئيس، بل أنه يصوت لثورة ودولة. انتصار للثورة الإسلامية في مقولة خالدة أطلقها الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)، بُعيد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، قال: "الميزان هو صوت الشعب". فكانت حقاً الميزان الذي يقاس به شرعية كل شيء، بدءً من منصب الولي الفقيه وانتهاءً بالمجالس البلدية. لا صوت في ظل نظام الجمهورية الإسلامية في إيران يعلو على صوت الشعب، فهو صاحب الكلمة الفصل، التي لا تقبل التأويل والتشكيك، عندما تخرج من صناديق الاقتراع، فهي مهيمنة على غيرها، فكانت الانتخابات عنوانا كبيرا للحياة السياسية في إيران، فالشعب الإيراني لا يخرج من انتخابات حتى يدخل في آخرها. آخر هذه الانتخابات، هي الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة التي شهدتها إيران يوم الجمعة الرابع عشر من حزيران/يونيو، والتي فاجأت الأصدقاء قبل الأعداء، بعدما سجلت نسبة مشاركة شعبية فاقت كل التوقعات، وسجلت تلوناً في أطياف المرشحين، وسلاسة في تنفيذها، وهو ما فاق كل توقعات الأصدقاء تفاؤلاً، وجاءت في الوقت نفسه صادمة للأعداء الذين راهنوا على الحظر الظالم الذي فرضوه على الشعب الإيراني، وما كانوا يعتقدونه من حصول هوة بين هذا الشعب وبين نظامه الإسلامي. مهما تكن نتائج الانتخابات الرئاسية الحالية فإن الفائز الأول والأخير فيها هو الشعب الإيراني، الذي نجح وبذكائه الفطري، في تحصين إيران أمام كل المخاطر التي تتهددها ومن كل ما يحاط بها من فتن، والتي نشهد جانبا منها في العديد من بلدان المنطقة، التي دخلت في دوامة من الفوضى والتشتت تحت ذرائع شتي وفي مقدمتها تصدير الديمقراطية وحقوق الإنسان. الانتخابات الإيرانية، التي تعتبر تجسيداً للسيادة الشعبية الدينية، ربيع تعيشه إيران منذ أكثر من ثلاثين عاما، تهب نسائمه مع كل انتخابات، والتي تجاوزت عددها أكثر من ثلاثين عملية انتخابية، أي بمعدل انتخابات واحدة في كل عام. الانتخابات في إيران تتراوح بين انتخابات رئاسية وتجري كل أربع سنوات، وتشريعية تجري أيضاً كل أربع سنوات وانتخابات مجلس خبراء القيادة وتجري كل ثماني سنوات وانتخابات المجالس البلدية تجري كل أربع سنوات. الانتخابات التي دشنت فيها الجمهورية الإسلامية في إيران عهدها الجديد كانت الاستفتاء الذي جرى يومي 30 و31 آذار/ مارس 1979 لتغيير النظام الملكي إلى الجمهوري، ولم يمر على انتصار الثورة سوى شهرين فجاء استفتاء آذار الذي حدد طبيعة الثورة الإسلامية وأفكار قادتها كما كان علامة فارقة بين هذه الثورة والثورات الأخرى التي شهدها العالم منذ انتصار الثورة الفرنسية عام. الفرز الذي تم في استفتاء آذار بين الثورة الإسلامية في إيران والثورات الأخرى كان بفضل إرادة قادتها وفي مقدمتهم قائد الثورة الإسلامية ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني (رض). المعروف في منطق الثورات التي عرفتها الشعوب أنها تنتهي عادة بتأسيس أنظمة دكتاتورية تحكم بقرارات تصدرها مجالس قيادات هذه الثورات أو في أفضل الحالات تنتهي بدساتير مؤقتة، إلا أن الثورة الإسلامية في إيران وعلى الرغم من الشعبية العالية للإمام الخميني(رض) بين أبناء الشعب الإيراني، إلا أن سماحته أبى أن يؤسس الجمهورية الإسلامية على عواطف المواطنين على الرغم من صدقيتها، فما كان من سماحته إلا أن دعا إلى إجراء استفتاء يشارك فيه كل أبناء الشعب بإرادة حرة وبعيداً عن أي ضغوط من أي جهة كانت، فكان الاستفتاء، حيث صوتت الأغلبية الساحقة للشعب الإيراني بنسبة 98.2% على تغيير النظام الملكي بالجمهوري، فتحول الاستفتاء إلى أساس وقاعدة انطلقت منها كل الانتخابات التي شهدتها إيران الإسلام فيما بعد والتي ميزت الديمقراطية الإيرانية أو السيادة الشعبية الدينية. ويتفق أغلب المفكرين في العالم، من شتى المشارب والمذاهب، على أن الديمقراطية وسيلة يمكن خلالها الوصول إلى تقليص الأخطاء والحد من استغلال الأفراد للسلطة من اجل تحقيق مآرب شخصية أو فئوية، وذلك عبر تقسيم السلطات وإيجاد آليات تكفل الحد الأعلى للمشاركة الشعبية في تقرير مصير البلاد. وفي المقابل يتفق هؤلاء المفكرون أيضاً على أن مثل هذه الوسيلة تختلف من مكان وآخر على الرغم من وجود نقاط تشترك فيها مختلف هذه الديمقراطيات. هناك نقطتان تعتبران من أهم النقاط التي تدخل ضمن القواسم المشتركة لمختلف الديمقراطيات في العالم، الأولى هي وجود دستور دائم يكفل الحريات ويحدد الواجبات ويعيش الأفراد في كنفه حياة كريمة لا مجال فيها للتجاوز والعدوان، تحت أي ذريعة كانت، والثانية المشاركة الشعبية، والتي تأتي الانتخابات في طليعتها، حيث تكفل وبشكل كبير مساحة واسعة لصياغة السياسات العامة لأي مجتمع من المجتمعات. فإذا نظرنا نظرة سريعة إلى التجربة الإيرانية في الديمقراطية أو السيادة الشعبية الدينية، من خلال هذين العاملين، يمكننا حينها أن نرسم صورة يمكن من خلالها تقويم هذه التجربة بموضوعية، بعيدا عن أي أغراض. إن الملحمة السياسية التي صنعها الشعب الإيراني في الانتخابات الرئاسية ضاعفت اليأس والإحباط لدى الأعداء وأذاقتهم مرارة الهزيمة. وإن الإقبال الجماهيري الكبير على صناديق الاقتراع أثبت للعالم أجمع دعم وتأييد الشعب الإيراني للنظام الإسلامي المقدس والجمهورية الإسلامية الإيرانية. إن الملحمة السياسية أذهلت الأعداء وأحبطت مخططاتهم، وفي الحقيقة أثبت أن الشعب الإيراني قرأ المؤامرة جيداً وفهم خيوطها، وأنه لا يفكر بشيء سوى باعتلاء بلده وحفظ استقلاليته. فأعداء الجمهورية الإسلامية حاولوا جاهدين منع الشعب من المشاركة في الانتخابات إلا أن الإقبال على صناديق الاقتراع كان أكثر من الانتخابات السابقة، ونسبة المشاركة في الانتخابات أكبر بكثير من نظيراتها في الدول التي تدعي الديمقراطية. إن البطل الحقيقي للملحمة السياسية هو الشعب الإيراني العظيم الذي رد على الإدعاءات الأمريكية والصهيونية بتزوير نتائج الانتخابات في الجمهورية الإسلامية بالضربة القاضية. وإن المشاركة المكثفة في العملية الانتخابية أثبتت أن الشعب الإيراني داعم لسياسة النظام الداخلية والخارجية لاسيما وقوفه في وجه أطماع وسياسات قوى الاستكبار العالمي والكيان الصهيوني الغاصب. فالشعب الإيراني بوعيه حال دون تحقق أهداف أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني الذين كانوا يتمنون مقاطعة الشعب الإيراني للعملية الانتخابية. لقد جاءت نتائج الاستحقاق الانتخابي الإيراني مباغتة للدوائر الغربية، كما كان الحال في الانتخابات السابقة، لتفنّد مزاعم هذه الدوائر بغياب الحرية والنزاهة في الانتخابات. إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قدمت نموذجاً مثالياً في الاستحقاق الانتخابي الذي يتمتع به المواطن وأثبتت إن هذا المواطن، على الرغم من الإعلام الغربي السلبي، هو الذي يصنع القرار السياسي بالآليات الديمقراطية والانتخابية. فذهاب كل أطياف الشعب إلى صناديق الاقتراع وبكثافة، كان له أثره الذي يحمل معه خطاباً إلى القوى والدوائر التي لازالت تشكك في نزاهة الانتخابات الإيرانية، وهو خطاب يحذر من أن الشعب الإيراني يقظ وحذر ولن تفلح الألاعيب والمخططات ضده من الالتفاف عليه وعلى نظامه. إن عملية تداول السلطة ومنذ 34 عاماً من عمر الثورة، لا زالت تجري بسلاسة في الجمهورية الإسلامية. ففي كل مرة أثبت الناخب الإيراني انه يستخدم حقه الانتخابي بأفضل نحو، وهو اليوم يوجّه باستحقاقه الجديد خطاباً من أن الضغوط والعقوبات وعداء الغرب لبلاده لن تثبط من إرادته ولن تفلح في النيل من استقلاله وكرامته، وهذا ما أكده المواطن الإيراني على الرغم من بعض المشاكل التي أوجدتها الضغوط الغربية في حياته المعيشية والاقتصادية. أفضل الديمقراطيات الإسلامية قال سابا شامي من المستشارين السياسيين في الحزب الديمقراطي الأمريكي إن إيران من أفضل الديمقراطيات في العالم العربي والإسلامي. وقال شامي في تصريح أدلى به مساء الجمعة 15-6-2013- لقناة العالم: أنا متحمس جداً لرؤية عشرات الملايين في دولة إسلامية يذهبون للاقتراع وإن أردنا أن نقارن الديمقراطية في إيران بالدول الغربية فإننا نستطيع أن نقول بأنها ديمقراطية على طريقة الشرق أوسطية وآمل أن نصل إلى أوقات نرى فيها أن الانتخابات في إيران تجري بشكل حر 100%. وأضاف: ما تسرب ووصل إلينا بشكل مباشر من إيران من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات الإخبارية المعتدلة وذات المصداقية نرى بأن أولويات الشعب الإيراني لا تختلف عن أولويات أي شعب آخر وهي في الواقع الاقتصاد والتي جاءت في تصريحات معظم المرشحين الذين أكدوا أيضاً على حق الأمة في امتلاك الطاقة النووية وتقرير المصير والمستقبل بمنعزل عن التأثيرات الخارجية والتدخل الأجنبي. وحول نظرة الساسة الأمريكيين تجاه الانتخابات الرئاسية الإيرانية قال شامي: من وجهة نظر معظم الأمريكيين المسيسين فإن هذه الانتخابات هي حدث متوسط الحجم ليس بالكبير وليس بالصغير إلا أن الأمريكي العادي يرى بأن إيران لاعب أساسي في الشرق الأوسط ومن ثم فإن مصلحة الولايات المتحدة تكمن في التفاهم مع إيران على بعض الأسس لهذه العلاقة ولذا نجد أن الكثير من الأمريكيين المسيسين يدفعون ويطالبون الكونغرس والبيت الأبيض بإيجاد حل لهذه العلاقة المتوترة باستمرار مع إيران مؤكداً أن الإدارة الأمريكية لا تستطيع أن تقول بان الانتخابات مزيفة ومزورة وحتى ما سمي بالطعون للمرشحين (رفض بعض المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور) فإن هناك طعوناً في كل الدول وليست في إيران فقط. وحول العلاقات الإيرانية- الأمريكية قال شامي: الإدارة الأمريكية تعرف أن كل المرشحين ملتزمون بالثورة الإسلامية ومن هذا المنطلق لا تعتقد بأنهم يعملون لمصلحة الولايات المتحدة ولكنهم يعملون لتحسين الأداء الخارجي لوزارة لخارجية الإيرانية بما يتعلق بدول الجوار ومن ثم دول العالم اجمع من خلال تطوير منظومة العلاقات التي تعتمد على الحوار وليس على التحدي مؤكداً إن الجميع في الشرق الأوسط يعرف بان إيران دولة محورية ومهمة ومن ثم فان الولايات المتحدة مهتمة بالمواقف الإيرانية. وتابع إن إيران لها مكانة مهمة في المنطقة والعالم وهذا الأمر يعترف به الجميع وإن الطاقات الذاتية التي طورتها إيران تنال إعجاب الكثير من شعوب ومثقفي العالم ومن ثم فان التحالفات التي قامت بها إيران في العالم تؤكد على أنها دولة مركزية في الشرق الأوسط والعالم. مما لا شك فيه بأن الملحمة الانتخابية التاريخية الكبرى التي سطرها الشعب الإيراني المسلم في الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة، شكلت في الواقع منعطفاً كبيراً في تاريخ الانتخابات العالمية من حيث الكمية والنوعية سواء على صعيد كثرة المرشحين أو حجم المشاركة الشعبية حيث لم تألفها دول العالم وحتى الغربية التي تدعى إنها الأكثر ديمقراطية، وهذا ما أذعنت إليه مضطرة أكثر وسائل الإعلام العالمية بعد أن فرض الواقع الانتخابي الإيراني من العيار الثقيل نفسه على الجميع. فالمشاهد الحية لمسلسل الطوابير الطويلة للمقترعين الإيرانيين أمام صناديق الاقتراع والتي بثت طوال النهار مباشرة من على شاشات التلفزة العالمية وإنْ تهرب البعض منها، لكنها في النهاية أجبرت حتى أعداء إيران وفي المقدمة أمريكا وحليفاتها من الغربيين والإقليميين أن يطأطئوا رؤوسهم وينحنوا إجلالاً واحتراماً أمام إرادة الشعب الإيراني وانتخابه وهذا ما جاء على السنة الكثيرين من وزراء خارجية الدول الأوروبية وحتى الأمريكي وان حاول البعض أن يتفلسف بعبارات امتطاها لنفسه لئلا يكسر غروره، لكن في كل الأحوال كانت كلمات الإشادات والترحيب واضحة في بيانات التهنئة وردود الفعل حيال انتخاب الرئيس روحاني. وعلى الرغم من أن هذه المواقف تشكل لهم صدمة كبرى. إلا أن المشهد الانتخابي الفريد الذي يستحيل عليهم إنكاره كان أقوى من مواقفهم لذلك اضطروا أن يعدلوا من ذلك ليغطوا على عوراتهم فيما خرج الإعلام الغربي قبيل إجراء الانتخابات بعشرات السيناريوهات بأن الانتخابات في إيران مجرد مسرحية وأن النظام هو الذي يختار من يريد إخراجه من الصناديق فإذا بهم أمام مفاجأة من العيار الثقيل يخرج السيد روحاني وان كان هو ابن الثورة ومن داخل النظام، إلا أن ذلك لا يدور حتى في ذهنهم لحساباتهم الخاطئة وتوهماتهم المزيفة. إن ملحمة الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة التي دعا إليها قائد الثورة الإسلامية منذ أشهر، كانت صفعة وإدانة قوية للمتربصين الدوائر بإيران عندما شككوا بنزاهة الانتخابات السابقة وشرعيتها وانجر إليها بعض الداخل للتنفيس عن خسارته وبالتالي سببت لهم فضيحة كبرى اضطروا ليجلدوا بها أنفسهم لحين من الزمن. وإذا حاول البعض من هؤلاء خلق بعض الذرائع ليغطي على تنازله أمام إيران وعظمة شعبها وهويته الدينية والتاريخية والحضارية، فإن ذلك شأنه ولا يضيرنا البتة كيف يفكر وكيف يريد أن يتصرف ويبرر مواقفه السابقة، إلا أننا نطمئنه أن النظام الإسلامي في إيران نظام عصري ومؤسساتي يتخذ قراراته وفقاً لمصالح البلاد وليس بناء على رؤية شخص رئيس الجمهورية وإن كان الرئيس في إيران يمتلك صلاحيات واسعة تخوِّله من أن يناور في تكتيكاته السياسية لكن تبقى مواقف الجمهورية الإسلامية ثابتة حيال السياسة الخارجية والقضايا المصيرية لأنها مبنية على أسس وقناعات راسخة لا تتزحزح ولا تتغير بتغيير رئيس الجمهورية أو غيره. لذلك من يريد محاورة إيران الإسلامية كائناً من كان فعليه أن لا يخرج عن إطار الندية وأن يحترم إرادة شعبها واختياره وحقوقه المشروعة دون زيادة أو نقصان، ومن يشذ عن هذه القاعدة فعليه أن يتحمل وزر ممارساته الخاطئة ولا يلوم إلا نفسه. فإيران الإسلامية منفتحة على الجميع وتتعاطى معهم بالإيجاب وفقا للقوانين والمعاهدات الدولية باستثناء الكيان الصهيوني الغاصب الذي لا شرعية لوجوده!. ضربة للإسرائيليين شكلت انتخابات الرئاسة الإيرانية عنواناً مفصلياً في إستراتيجية تل أبيب وواشنطن الكلية ضد الملف النووي الإيراني، وأخذتها سياسات البلدين بعين الاعتبار من زوايا مختلفة، لكنهما كانا قد اتفقا على أن أي توجه عملياتي كبير يجب أن يكون بعد الانتخابات الإيرانية وبناء على نتائجها ومعطياتها، فأوباما الذي ينحي باتجاه التهرب من الاستجابة لضغوط تل أبيب بتوجيه ضربة عسكرية، كأن يراهن ربما أن تعيد الانتخابات تكرار ما حدث عام 2009 بصورة أكثر اضطراباً وفوضى، أي نسخة إيرانية عن ما يسمى بالربيع العربي، ما يجعل أوباما أكثر قدرة على مواجهة ضغوطات تل أبيب، لأن أي عمل عسكري سيقضي على فرص نجاح الثورة الإصلاحية. أما نتنياهو المدفوع بالكراهية والعداء لإيران شعباً وحكومة وبالرغبة الشديدة لأن تقوم أمريكا والغرب بتدمير المشروع النووي الإيراني فكان دائم التشكيك بالعملية الانتخابية في إيران وبنتائجها على سياسات إيران الخارجية عبر النظر إلى الرئاسة الإيرانية على أنها مجرد أداة من أدوات المرشد السيد علي الخامنئي، لكن نتنياهو في ذات الوقت لم يكن يستطيع أن يتجاهل رغبة وتوجهات الغرب في منح الفرصة للشعب الإيراني ليقول كلمته، مع قناعتهم أن الحصار والعقوبات الاقتصادية ستؤثر أكثر من أي شيء آخر على توجهات الناخب الإيراني. لقد دأبت إسرائيل على تحريض العالم على عدم المراهنة على الانتخابات الإيرانية وامتلأ إعلامها بالسخرية والتهكم من العملية الديمقراطية "إيران تنتخب ناطقاً بلسان خامنئي، الاستطلاع الحقيقي هو معرفة من سينتخب خامنئي، إيران تصوت خامنئي سينتصر، انتخابات في ظل أجهزة الطرد المركزي، انتخاب معتدل حيلة لامعة، الرئيس هو مجرد عازف موسيقى لسياسات خامنئي ..الخ"، ولكن إسرائيل كانت تفضل في كل الأحوال أن تعم الفوضى والاضطرابات شوارع طهران على أن ينتخب روحاني الذي يشكل تهديداً وتحدياً كبيرين للسياسات الإسرائيلية ودعايتها التحريضية. إن نتائج الانتخابات الإيرانية بما شكلته من عرس ديمقراطي أنقذ إيران من فوضى داخلية، وما حمله من ارتياح وترحيب الكل الإيراني، محافظيه ومعتدليه، وفوز روحاني بما يمثله من برنامج ورؤى إصلاحية الذي جعل الغرب يتنفس الصعداء، وجعل أمريكا تشيد بشجاعة الشعب الإيراني وتعلن مع أوروبا رغبتها في التعاون مع الرئيس المنتخب، قد شكل صفعة مدوية لسياسات تل أبيب التحريضية ووضعها في مأزق حرج. يجمع الإعلام الإسرائيلي أن انتخاب روحاني يشكل ضربة للدعاية والدبلوماسية الإسرائيلية، فانتخاب روحاني (الذي يشكل بشرى للمواطنين الإيرانيين يخلق تحديات للدعاية الإسرائيلية التي ستواجه صعوبات في حشد العالم ضد برنامج إيران النووي وضد سياساتها الخارجية، "هآرتس")، فكل الإعلام الإسرائيلي المتلفز والمقروء تناول في اليومين التاليين للانتخابات الإيرانية من زاويتين؛ الأولى: تأثيره السلبي على الدعاية الإسرائيلية، والثانية: التقليل من دور الرئيس المنتخب والتشكيك في قدرته على تحقيق اختراق جدي على سياسة إيران في ملفي النووي والإرهاب، علاوة على أن بعضها رأى أن انتخاب روحاني جزء من حيلة لامعة للزعيم خامنئي. هوية الرئيس الجديد قال الرئيس الإيراني المنتخب الشيخ حسن روحاني في مؤتمره الصحافي الأول إن "الحظر المفروض على إيران من قبل بعض الدول الغربية هو حظر جائر لأن الشعب الإيراني لم يفعل شيئاً ليستحق هذا الحظر"، مشيراً إلى أن "المستفيد الوحيد من الحظر على إيران هو الكيان الإسرائيلي". وأضاف روحاني "سنقوم بخطوتين لإنهاء العقوبات، الأولى هي أننا سنضاعف الشفافية في برنامجنا النووي، والثانية تعزيز الثقة بين إيران والمجتمع الدولي، وبعبارة أخرى سنعمل على رفع الحظر بإتباع سياسة الخطوة خطوة". ورأى الشيخ روحاني أن "إيران تخطت مرحلة تعليق التخصيب"، لافتاً إلى أنه "توصل مع جاك شيراك (الرئيس الفرنسي السابق) إلى اتفاق نهائي حول الملف النووي قبل أعوام إلا أن البريطانيين لم يوافقوا على الحل بفعل ضغوط الأمريكيين". وقال إن "هناك فرصة سانحة لإقامة علاقات صداقة بين إيران والعالم، نؤيد إبداء المزيد من الشفافية والثقة المتبادلة في البرنامج النووي خدمة لهذا البلد وسنعمل على تفعيل المحادثات بين إيران ومجموعة 5+1. لكن الحكومة لن تتخلى عن الدفاع عن حقوق الشعب الإيراني". وأكد الرئيس الإيراني الجديد الشيخ حسن روحاني، أن "قضية العلاقة بين إيران وأميركا مسألة معقدة وليست بسيطة وسهلة وهي جرح قديم يجب أن نجد له حلاً"، وقال: "نحن لا ننوي الاستباق للتجاذب والمواجهة، فالعقل السليم يحكم بأن الشعبين والبلدين يجب أن يفكروا بمستقبلهم أكثر وأكثر ويجدوا حلاً لمسائل سابقة، ولكن أي حديث مع أمريكا يجب أن يكون من خلال الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وان يكون هناك تساوٍ، وأن يكون هناك ظروف ملائمة". وأوضح أن "أولوية الحكومة على صعيد العلاقات الخارجية هي إرساء علاقات ودية مع جميع دول الجوار تأسيساً على مبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل"، مشيراً إلى أن "إيران تتطلع لأن تكون لها علاقات طيبة مع جميع دول الجوار لاسيما السعودية". وحول الأزمة السورية، قال الشيخ روحاني إن "القرار النهائي يعود إلى الشعب السوري"، مشدداً على أن "إيران تعارض الإرهاب والتدخل الأجنبي والحرب الأهلية وتؤكد على ضرورة حل الأزمة السورية وعودة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد لما هو في مصلحة الشعب السوري وذلك بمساعدة دول المنطقة". يملك الرئيس الإيراني المنتخب الشيخ حسن روحاني تجربة سياسية وفكرية ودبلوماسية عالية الثراء، تجعله شخصية لها خصوصيتها وقدراتها الخاصة. كما أنه يملك قابلية وكفاءة قلَّ نظيرها، ما أهله، نظرياً، ليشكل إحدى مفاجآت هذه الانتخابات. ولد حسن روحاني في العام 1948 في سمنان، لعائلة اشتهرت بمعارضتها للشاه. وبدأ دراسته الحوزوية في العام 1961 في قم، حيث درس على يد كبار العلماء أمثال السيد محقق داماد، والشيخ مرتضى حائري، والسيد محمد رضا كلبايكاني، وفاضل لنكراني. وعندما حصل على لقب "مجتهد"، أراد أن يجمع الديني بالدنيوي، فالتحق بجامعة طهران في العام 1969، ليحصل على إجازة في الحقوق في العام 1972. وواصل دراسة الحقوق خارج إيران، وبالتحديد في جامعة "غلاسكو" الكالدونية، التي حصل منها على شهادة الدكتوراه في الحقوق. التحق روحاني مبكراً بالمجموعة المحيطة بالمؤسس الإمام الراحل روح الله الموسوي الخميني، وكان أول من أطلق وصف الإمام على مؤسس الجمهورية، وذلك قبل اندلاع الثورة أثناء كلمته لتشييع مصطفى الخميني النجل الأكبر للإمام الراحل. اعتقلته الشرطة السرية "سافاك" وعذبته، وعندما أطلق سراحه غادر إلى فرنسا والتحق بالإمام الخميني. وبعد انتصار الثورة شرع روحاني في العمل السياسي العام، وانتخب عضواً في أول برلمان للجمهورية الإيرانية في العام 1980. وظل عضواً في البرلمان لمدة 20 سنة متواصلة تقلب فيها في اللجان، إذ شغل منصب نائب رئيس البرلمان ورئيس لجنة الدفاع ورئيس لجنة العلاقات الخارجية. عينه السيد علي الخامنئي ممثلاً له في مجلس الأمن القومي، الذي ترأسه لمدة 16 عاماً بين العامين 1989 و2005. وبالإضافة إلى مواقعه العسكرية، يعد روحاني من القلائل في الجمهورية الإيرانية، الذين يجمعون عضوية مجالس فائقة الأهمية في حياة إيران الدستورية، إذ أن روحاني عضو في مجلس الخبراء منذ العام 1999 وحتى الآن. وروحاني أيضاً، عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام منذ العام 1991، ويرأس لجنة الأمن القومي فيه حتى الآن، بالإضافة إلى كونه عضواً في مجلس الأمن القومي منذ العام 1989 وحتى الآن. وفوق كل ذلك يترأس روحاني مركز الدراسات الإستراتيجية في طهران منذ العام 1992، وهو مركز له إنتاجات متميزة، ويصدر دوريتين فائقتي الأهمية. وتدل عضوية روحاني المتعددة في مجالس مؤثرة وحساسة، على رسوخه المؤسساتي وخبراته الإستراتيجية والتفاوضية الواسعة، وقبل كل ذلك على الثقة التي يتمتع بها لدى المرشد. |
||||||