مهمة العلماء في التغيير: وقائع ومعوقات وحلول

السنة الثانية عشر ـ العدد139 ـ (شعبان ـ رمضان 1434  هـ ) تموز ـ 2013 م)

بقلم: سماحة الشيخ حسان عبد الله(*)

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

إن مَهمة العلماء هي قول الحق وتبليغ الرسالة الإسلامية دون أن يأخذهم في ذلك لومة لائم فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً﴾(الأحزاب:39). وفي فهم طبيعة الخلاف لا بد من توضيح أمور أساسية:

1- الخلاف هو خلاف سياسي وليس خلافاً مذهبياً، ولا بد من توضيح أنه من الناحية المفهومية الخلاف المذهبي هو خلاف في أمور عقدية وفقهية وليس خلافاً حول السلطة والإمساك بزمامها كما هي طبيعة الخلاف الحاصل اليوم في الأمة الإسلامية، ولكنّ السياسيين يعملون على الاستفادة من الشحن المذهبي من أجل دفع الناس للالتفاف حولهم متعامين عن أخطائهم وتسخيرهم لمصالحهم الشخصية التي قد تكون على حساب الدين فيما المتبع يظن انه يدافع عن الدين.

2- هذه الخلافات يجب أن لا تؤدي إلى القتال بل إلى التنافس في شرح المعنى والاختيار من الشعب على أساس الشورى ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾(المطففين: من الآية26).

3- إذا حصل القتال يجب الإصلاح بين المتقاتلين وحسناً فعل مجمع التقريب بين المذاهب بعد مؤتمره الأخير في تشكيل لجنة المساعي الحميدة.

4- يجب أن نتعامل في اختلافنا مع الآخرين على قاعدة أنهم مخطئون انطلاقاً من مقولة: "فكري صواب يحتمل الخطأ وفكر غيري خطأ يحتمل الصواب"، وليس على أساس التكفير الذي لا يجوز أن يكون بيد أي كان وأن ينتشر بين الناس وهذا ما نهى عنه رسول الله (ص) بقوله "لا ترجعوا من بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".

كيف نتعامل مع الأنظمة

1- النظام الذي لا يحكم بالإسلام لا بد من التعامل معه على أساس التغيير بأية وسيلة ممكنة مع تحري ما لا يؤدي إلى أذية الناس إن أمكن.

2- النظام إن كان يحكم بالإسلام ولكن هناك إشكالات في التطبيق لا بد من التعامل معه على أساس النصيحة، وهنا فائدة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

المطلوب

1- أن تقبل القوى التي وصلت إلى الحكم النصيحة.

2- أن تعطي القوى المعترضة الفرصة للقوى في السلطة ومحاولة الدلالة على الأخطاء، فالمهم هو الوصول إلى الهدف، وهو أن يؤمن للناس الأمن والآمان والاستقرار والازدهار والسيادة.

3- لا يصح أن يُقال هنا فليخطئوا فهذه فرصة لنا للوصول إلى الحكم على قاعدة قم لأجلس مكانك، فهذه ميكافيلية غير مقبولة من الناحية الشرعية.

إعادة جمع الأمة على هدف يوحدها

- لا بد لنا من تحديد أولوية الصراع، هذه الأولوية عندما يتركها لنا الله، لنا الحق في التفكير بذلك وقد نختلف عليها ولكن الله حدد لنا أولويةً في صراعنا بقوله: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ (المائدة: من الآية82).

- عليه لا بد من توجيه البوصلة نحو الهدف الأساسي وهو تحرير فلسطين من الغدة السرطانية وشحذ الهمم لتحريرها.

- يجب أن لا يكون هناك خلاف ذا قيمة يعيق عن تحرير فلسطين.

- لا بد من ترسيخ خط الوحدة الإسلامية من خلال:

1- جمع كلمة العلماء ضمن تجمعات علمائية مناطقية وإقليمية وعالمية.

2- ترك النقاش التاريخي والفقهي لأهله في الحوزات والمعاهد وعدم جره إلى التداول الشعبي المفرق.

3- نبذ القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية التي تدعو للتفرقة والتشهير بها وبخلفياتها والدعوة لتأسيس ما يقابلها من قنوات فضائية ومواقع إلكترونية وحدوية.

4- فضح الدور الأمريكي والصهيوني والأوروبي في إثارة الفتن بين المسلمين وشرح مؤامراتهم للقاعدة الشعبية.

5- الإكثار من اللقاءات التي تجمع علماء المذهبيين بل وإنزال هذا التشكيل إلى الشارع ليراه عامة الناس.

6- فلسطين وحضورها في الصحوة والتغيير العربي، في الواقع نحن لم نرتقي في جعل فلسطين في عمق حركة الصحوة الإسلامية، وأية صحوة هذه التي لا تكون فلسطين في عمق توجهاتها والتزاماتها وغاياتها وأهدافها.

7- الصهاينة يتفرغون لتغيير الواقع ونحن نتفرغ للتقاتل.

8- الجامعة العربية لأول مرة تتخذ قراراً مع بند تنفيذي فيما يخص سوريا ولكن فيما له علاقة بفلسطين يكون في إطار الشكوى لحل من مجلس الأمن والمبادرات على الطاولة التي يهددون كل مرة بإزالتها عنها ثم يسكتون عن ذلك.

9- مؤتمر هرتسيليا وتداعياته والمؤتمر الثالث عشر هو الذي يطبق اليوم، هم يدعون إلى الفتنة بين السنة والشيعة وعندما لا يكون هناك سنة وشيعة فإن عناوين أخرى جاهزة للنشر فمثلاً حماس هي رأس حربة المشروع الإيراني أو الصفوي.

10- المشكلة أن دعاة الوحدة يخاطبون العقل فيما دعاة الفتنة يخاطبون الغريزة ومن المعروف أن خطاب الغريزة أسهل بالوصول والاستنفار من خطاب العقل الذي يحتاج مقدمات وهدوء وانعزال عن التأثيرات الخارجية.

موضوع الدخول في الشأن السوري

لا بد من الاتفاق هنا وأن نخرج من ذاتياتنا والحديث بشكل واقعي.. ماذا لو حصل السيناريو التالي: "أن يقول سيادة الرئيس بشار الأسد ما يلي: "أنا بشار الأسد مستعد أن أتخلى عن دعم المقاومة في لبنان وفلسطين وأتخلى عن موضوعة المقاومة وفلسطين وأقبل بحل أخذ الجولان من دون الشط السوري لبحيرة طبريا وأريد أن أتفرغ للبناء الديمقراطي والتنمية"؟!... ألا تجبى له خيرات الأرض ويُتْرَك له لبنان يفعل به ما يشاء طالما أنه ينفذ سياسة أمريكية. هل سيكون لديهم مشكلة مع النظام حتى لو كان ظالماً أو عائلياً وهي تدعم كل الممالك في دول الخليج، الذين يرثون الحكم كابراً عن كابر وأباً عن جد.

لكن ما الذي حصل في الوقت الذي جاء فيه كولن باول إلى سوريا وعرض نفس هذا العرض على سوريا ورفض الأسد، ابتدأ العد العكسي لتدمير سوريا وإخراجها من دائرة الصراع؟!...

- لقد وفر هذا النظام الدعم للمقاومة ووفر لحركة حماس وغيرها من الحركات الفلسطينية المأوى والملاذ والدعم اللوجيستي والتدريجي في وقت حوصرت هذه الحركة من كل الدول العربية وكان من يجمع التبرعات للفلسطينيين في بلاد الخليج يسجن؟!!.

- نحن نقر أن النظام ليس نظاماً مثالياً وهناك فساد إداري وظلم وعدم حرية ولكن كل ذلك يمكن إصلاحه من دون تدمير سوريا ولكنهم يريدون فعلاً تدمير سوريا والتخلص من القاعدة بجلبهم إلى أرض سوريا وهم رابحين في كل الحالات، إما بإسقاط النظام أو القضاء على القاعدة أو حصول الاثنين معاً.

- منذ البداية حاولنا الإصلاح وسعى سماحة السيد حسن نصر الله حفظه المولى بعدة محاولات لذلك مع عدة جهات حزبية وإقليمية حكومية ولكن كانت الإجابة دائماً أنهم يريدون إسقاط الأسد والنظام ولا مجال للتفاوض، وأخذت المقاومة جانب الحياد الإيجابي لسنتين إلى أن وصل بهم الأمر إلى الاعتداء على أهلنا في القصير وتهجيرهم من قراهم وتعريض أعراضنا للهتك وشبابنا للقتل، فاضطرت للدفاع عن نفسها وأهلها.

 وكان لا بد من عملية استباقية تحمي ظهر المقاومة في خزان المقاومة البقاع اللبناني وهذا ما حصل لا أكثر ولا أقل، فنحن لا ندافع عن نظام بل عن أهلنا وأبنائنا ومقاومتنا وعن نهج المقاومة المعتمد من قبل هذه الدولة التي تدفع ثمن هذا النهج غالياً وهم إن تركوا هذا النهج لتركناهم.. وقد دعونا وما زلنا ندعو إلى طاولة حوار تجمع الجميع للوصول إلى تسوية تحفظ ما تبقى من هذه الدولة وتعمل على التطور والرقي بإذن الله تعالى.

رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين(*)

اعلى الصفحة