|
|||||
|
الصفحة الأولى عبرة الكلمات شاعر وقصيدة يجلِسُ إلى طاولَتِهِ، يُزِيحُ الكرَّاساتِ، والدفاترَ، والمصنفاتِ، والجداولَ، يأخذُ رشفةً من فنجانِ قهوتِهِ، يطارِدُهُ الدخانُ، تحاصِرُهُ الدقائقُ والثواني، يذوي بين أكداس المصنفات، يحاولُ اقتناصَ قصيدةٍ، تهرُبُ منه القصائدُ، يتقمَّصُهُ الحزنُ والملل، يرتدي أوراقَ الخريفِ، تتزايدُ الدقائقُ، تتكاثرُ الأيامُ، وما زال يُمسكُ فنجانَ القهوةِ بيدِهِ المرتجفةِ، يُزيحُ الكراساتِ، تسرح عيناه خلف الرؤيةِ، يحلُمُ بكتابةِ قصيدة، ينتظِرُ الراتِبَ كلَّ شهرٍ، تحاصرُهُ المشكلاتُ، والأماني، الدموعُ، الأمواتُ والأحياءُ، نشراتُ الأخبار، الجرائدُ حولَهُ، الذعرُ والخوفُ.. يدفُنُ رأسَهُ في المصنفات.. يُخْرِسُ الصوتَ الصاعِدَ من أعماقِهِ، يجمِّدُ أنفاسَهُ، وتهرُبُ أحلامُه بعيداً.. ويعودُ فلا يجدُ القصيدةْ.. عنكبوت لماذا تزورني أيها العنكبوتُ؟! ألم أحرِّمْ عليكَ أن تطرُقَ أبوابَ ذاكرتي؟!ألمَ أوصِد أبوابَ شراييني وأوردتي دونَكَ؟! تنتهزُ فرصةَ غفلةٍ مني فتسرِقُ مفاتيحي، تفتحُ أبوابَ ذاكرتي، شراييني، أعصابي، مخيلتي، قلبيَ النابضَ، وتنسُجُ خيوطَكَ المخيفةَ، تتكاثرُ خيوطُكَ، تصيرُ شرنقةً تحيط بي، أصحو، أكتشِفُ أن خيوطَكَ الواهيةَ تكاد تخنقني، أثورُ بعنف، أمزِّقُكَ، أطرُدُكَ من مملكةِ خيالي، أصيرُ فراشةً تتجول في رياضِ النورْ.. شهريار معاصر توقف شهريارُ عن سماعِ الحكاياتِ، باعَ قصرَهُ وجواريهِ.. وهَرَبَ من الحروب.. شهريارُ عصرنا مزروعٌ بالألغام.. حينَ حاولَ قتلَ أوَّلِ امرأةٍ انفَجَرَ معها.. صَدِيقُ الوَهْم .. صَارَ تَارِيْخَاً صَدِيْقُ الوَهْمِ وَالْعِبْءِ الثَّقِيْل.. لَمْ يَعُدْ يَأْوِي إلى الوَاحَاتِ في وَقْتِ الأَصِيْل.. لَمْ يَعُدْ يَقْوَى عَلَى زَرْعِ النَّخِيْل.. أَقْفَرَتْ عَيْنَاهُ مِنْ إِيْمَاضِهَا الشِّعْرِيِّ وَاسْتَعْصَى عَلَيْهِ الفَجْرُ في لَيْلِ السَّبِيْل.. لَيْسَ للتَّارِيخِ مِنْ وَجْهٍ جَمِيْل!.. عِنْدَمَا تَمْشِي وَرَائي.. عِنْدَما تَمْشِي وَرَائي فَاْنَطَلِقْ مِنْ أَعْمَقِ الأَبْحُرِ حَلِّقْ في السَّمَاءِ.. تَنْهَمِرْ شِعْرَاً على الصَّحْرَاءِ.. تُصْبِحْ جَنَّةً وَاللَّيْلُ نَاءِ.. كَمْ جَمِيْلٍ أَنْ تَرَى المَعْنَى قَرِيْبَاً عِنْدَما تَمْشِي وَرَائي.. عِنْدَهَا الحُبُّ سَيَبْقَى أَيُّها الهَارِبُ مِنْ وَحْشِ الفَنَاءِ!.. آه يا زمن يَا زَمَنَاً لا يَقِفُ.. خَلَّفْتَ على أَطْلالِكَ بَعْضَاً مِنْ جَسَدٍ وَقَليلاً مِنْ رُوْحٍ تَرْتَجِفُ.. مَا كََانَ أَمَامِي صَارَ وَرَائِي.. وَنَهارِي يَتَشَظَّى وَالليلُ وصَيْفِي وَشِتَائِي والنَّهْرُ.. البَحْرُ.. الرَّمْلُ.. الصَّدَفُ.. اَسْتَقْبِلُ أَيَّامِي بَيْضَاءَ.. وَأُرْسِلُهَا دَاكِنَةَ الأَلْوَانِ.. وَتَكْبُرُ مِنْ حَوْلِي الأَشْيَاءُ الأَشْخَاصُ.. وَنَفْسِي تَتَرامَى بَيْنَ صُعُودٍ وهُبُوطٍ.. وَيَغِيبُ وَيَحْضُرُ في مِرْآةِ الوَهْمِ الهَدَفُ. ظلٌّ القائم بِضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ أَحْفِرُ في المَجْهُولِ وُجُودِي.. وَالغَائِبُ فِيَّ يَمُدُّ على الآفَاقِ حُدُودِي.. يَأْتَمِرُ المَحْوُ مَعَ الأَمْطَارِ علَى كَلِمَاتِ نَشِيدِي.. والشَّمْسُ تُجَفِّفُنِي لو تَقْدِرُ... لكنِّي في ظِّلِّ القائِمِ أَسْتَنْبِتُ جَنَّاتِ خُلُوِدي.
الصفحة الثانية: عيون الشعر العربي
ابن النطروني موتٌ من الوجد يا ســـاحرَ الطرف لَيلى ما له سَحَرُ وقد أضرَّ بجَفني بعدك السَـــهرُ ولستُ أدري وَقد صوَّرتُ شخصك في قَلبي المشـوقِ أشـمسٌ أنت أم قَمرُ ما صوَّر الله هذا الحُســـن في بَشَر وكان يُمــكن ألا تُعــبَدَ الصُورُ أنت الـــــذي نَعِمت عَيني بِرُؤيته لأنها شــقيت من بَعدهــا الفِكَرُ أمــوتُ وجداً ومـا لي منك مَرحمةٌ وكم حَـذِرتُ ولــم يَنفَعني الحَذرُ أســـــتغفر اللهَ لا وَاللهِ ما خُلِقَت عَيناك إلا لكي يَفنى بها البَشـــرُ إبن الرومي الحب والحبيب وَلَهُ المحــــبِّ إلــى الحبيبِ ولَهُ المـــريضِ إلــى الطبيبِ بـانَ الحــبيبُ فـبـان عــنك بلذَّتَيْ: حُســـنٍ، وطــــيبِ إنّــي لَتُذْكِـــرني الحــبيبَ ســـوالفُ الرَّشــــأ الربيبِ والبـــدرُ فــوق الغـــصنِ والغـصنُ الــرطيبُ على الكثيبِ عــرِّجْ على ذكـــرِ الصديقِ وَعَــــدِّ عن ذكرِ الحـــبيبِ كــم مُــكْثرٍ لـــي مُـخْبِثٍ ومُقِـــلِّ قــولٍ لــي مُطيبِ الخنساء ريبُ الزمان كُنّا كَغُصنَينِ في جُرثومَةٍ بَســَقا حيناً عَلى خَيرِ ما يُنمى لَهُ الشَجَرُ حَتّى إِذا قيلَ قَد طالَت عُروقُهُمـا وَطابَ غَرسُهُما وَاِستَوسَقَ الثَمَرُ أَخنى عَلى واحِدٍ رَيبُ الزَمانِ وَما يُبقي الزَمانُ عَلى شَيءٍ وَلا يَذَرُ إبن دراج القسطلي يدٌ تَشفي إذا سُقِيَتْ أرضٌ فقد بُشِّرت أرضُ وعِندَ عُمــومِ الكُلِّ ينتظِــرُ البعضُ وقد ذَبُلَت فِي رَوضِ جُودِكَ زَهرَةٌ ثناؤكَ منهـــا فِي الورى يانِعٌ غَضُّ وأَظلَمَ فِي عُلْيا ســـمِائكَ كوكَبٌ يُســامِـي بذكراكَ الظَّـلامَ فَيَبيَضُّ وقد بَسَــطَتْ للجُندِ منكَ شفاءَها يَدٌ شَـــفَّني منهـا التَّأخُّرُ والقَبضُ وأجنادُ شُـكرِي لَمْ تَفُتكَ بِعَرضِها ولا فاتها فِي الأرضِ طُولٌ ولا عَرضُ أبو الحسن العاملي غدرُ الزمان كن من زمانك في حذرْ وذرِ التنعُّمَ فــيهِ.. ذَرْ ما الـــدهر إلا بَغتةً يقضي به البَشَـرُ الوطَرْ فَـ(بِهِ) تفوق أســهماً للحـــادثات يدُ القَدَرْ ترمي بِهِنَّ من الـورى حججَ الإلهِ على البشرْ وتشــن غاراتِ الردى فيه فتحظى بالظَفَــرْ كم أعينٍ ســهِرَتْْ بِهِ ولَكنْ قَذَفْنَ به الــدرر المحبي العقلُ والهوى دَعِ الهــوى فآفةُ العقلِ الهوَى ومَن أطاعَه من المجـد هَوَى وفي الغرامِ لَذَّةٌ لو سَـــلِمْت من الهَوانِ والمَـلامِ والنَّوَى وأفضلُ النُّفــوسِ نفْسٌ رغِبتْ عن عَرَضِ الدنيا وفتنةِ الظِّبَا والعشـــقُ جهلٌ والغرامُ فتنةٌ ومَيِّتُ الأحـياءِ مُغْرَمُ الدُّمَى قالوا لنا الغــرامُ حِلْيَةُ الحِجَى قُلنا لهم بل حليةُ العِقل التُّقَى وهل رأيتُم في الـورَى أذَلَّ مِنْ مُعذَّبٍ تلْهـو به أيْدِي الهَوى أو أحَــــداً أغْبَنَ مـن مُتَيَّمٍ تقُودُه شَـــهوتُه إلى الرَّدَى
|
||||