|
|||||||
|
بحضور السفيرين الإيراني والسوري الدكتور غضنفر ركن آبادي، والدكتور علي عبد الكريم علي، ورئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد، والوكيل الشرعي العام للإمام القائد السيد علي الخامنئي في لبنان سماحة الشيخ محمد يزبك، وإمام مسجد القدس سماحة الشيخ ماهر حمود ولفيف من علماء الدين وحشد من الشخصيات السياسية والحزبية والاجتماعية، أقام تجمع العلماء المسلمين في لبنان واتحاد علماء بلاد الشام حفلاً تأبينياً لروح شهيد العلم والوحدة رئيس اتحاد علماء الشام سماحة العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي. عرّف للحفل عضو تجمع العلماء المسلمين فضيلة الشيخ إبراهيم بريدي الذي ألقى قصيدةً من وحي المناسبة بعنوان: "نعم الشهادةُ إذ أتوها طاهرين" بدايةً مع آيات بينات من الذكر الحكيم ومن ثم كلمة تجمع العلماء المسلمين ألقاها رئيس مجلس الأمناء في التجمع سماحة القاضي الشيخ أحمد الزين ومما جاء فيها: كلمة تجمع العلماء المسلمين بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آل عمران:169).. الحمد لله في السراء وفي الضراء.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.. أحرّ العزاء لتجمع العلماء المسلمين ولاتحاد علماء الشام وأحر العزاء لعلماء الأمة في سوريا ولبنان والعالم الإسلامي باستشهاد العالم الكبير رئيس اتحاد علماء الشام سماحة العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي. إن استشهاد الشيخ البوطي لم يكن هدفاً لذاته أو للنظام في سوريا أو رئيس النظام.. بل إن هذا العمل الجبان هو حلقة من حلقات المؤامرة على سوريا وعلى الأمة الإسلامية.. هذه المؤامرة التي تقف وراءها أمريكا وأوروبا والصهيونية وأزلامهم من زعماء الدول العربية. إننا نؤكد من خلال إظهار هذه الحقيقة بأنه ليس بشار الأسد هو المقصود.. وليس النظام السوري.. فخلعه لا يكون بقتل أكثر من 50.000 مواطن سوري وتشريد أكثر من مليوني نسمة.. في جوقة التكاذب العربي يريدون لنا أن نصدق أنها ثورة شعبية.. وهي مؤامرةٌ دوليةٌ وإقليميةٌ أذنابها زعماء الدول العربية الذين لم يجتمعوا بحياتهم لنصرة قضايا الشعوب ولا من أجل إرجاع شبر من فلسطين.. إنه لمن العار أن يلتقي العرب في الجامعة العربية في حفل التكاذب العلني تحت شعار مبطن هو في واقعه يعني الموت لسوريا.. المقصود هو سوريا وليس النظام.. سوريا التي دعمت المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق.. سوريا الشريك في الانتصار على العدو الصهيوني.. من أجل ذلك هذه الحرب على سوريا وليس من أجل شيء آخر... إن هذا الذي نراه في لقاءات الجامعة العربية يؤلم القلب ويندى له جبين الشرفاء.. انظروا على أي حدٍّ من الانحراف وصلت إليه الأمة العربية من خلال زعمائها المنحرفين أخلاقياً قبل انحرافهم سياسياً.. وختم سماحته بالقول: إن شهيدنا العظيم العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي كان يرفع راية الحكم الشرعي.. وكانت كل حياته عطاءً من أجل هذه الراية.. وقد تجلى ذلك من خلال العديد من مؤلفاته التي تجاوزت الستين مؤلفاً.. ولأنه كان داعياً للوحدة الإسلامية. نعم.. لقد قتلوه بسبب مواقفه الإسلامية ووقوفه إلى جانب مقاومة الظلم والطغيان ومقاومة العدو الصهيوني.. لأنه كان يدافع عن الدين ويعمل على تحقيق الوحدة الإسلامية من خلال الموقف الشرعي. فإلى جنان الخلد أيها الشهيد العالم. كلمة سعادة سفير الجمهورية العربية السورية في لبنان علي عبد الكريم علي: أيها القوي الحضور برغم غيابك... الساطع الضوء رغم حصار الأعداء.. أيها العلامة الحكيم الرائي الشجاع المؤمن.. لن تسمح سوريا التي أحببت وأفتديت بالهزيمة... ولن يسمح مريدوك ومحبوك وتلامذتك بغير اندحار الفكر الظلامي النقيض لصورة العدل والتسامح والإخاء التي كانتها دمشق وسوريا وستبقى. سوريا التي منحتها عمرك وفكرك وجهادك، قابلت عبقريتك وكرمك ومواقفك الشجاعة وفاء بوفاء، فثمة أجيال وأجيال تملأ ميادين الحياة يحملون فكرك وصلابتك ورؤيتك الوفاقية الإخائية الإنسانية المنتمية إلى الإسلام الحق، فلا اتجار ولا مساومة ولا إكراه في الدين الحنيف السمح الذي كنت أحد أكبر رموزه ودعاته. أيها الراحل الكبير... أنت في وجدان سوريا كل سوريا وفي وجدان أمتك العربية والإسلامية، بل أنت ضيف مرحب به في كل ناد وكل ملتقى ينشد الإخاء والحوار والعدل والكرامة والحرية على امتداد العالم. لك في نبي الرحمة والعدل محمد بن عبد الله (ص) الأسوة التي اقتديت بها، وأنت قدوة للأجيال التي عرفتك أستاذاً وفقيهاً وإماماً ومعلّماً ومواطناً حميماً قريباً من الناس. فلن تمحى من ذاكرة دمشق وحلب واللاذقية وحمض والسويداء ودرعا ودير الزور وكل المدن والقرى في سوريا ولن ينساك محبوك على امتداد العالم في قاراته وأصقاعه المختلفة. فيك يصح قول خاتم النبيين محمد (ص): "يبعث العالم يوم القيامة أمة واحدة". دماء شهيدنا ودماء آلاف الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن سوريا الواحة الأجمل للعيش الواحد الغني بالتنوع والتسامح والإخاء واحترام الكل للكل. هذه الدماء سترسم طريق النصر وستقف سداً في وجه الفجور واستخبارات الجشع وإعلام التزوير وقلب الحقائق وأسلحة الترويع والتدمير من أربع رياح الأرض... ستهزم دماؤك ودماء شهداء سوريا التكفير والتدمير والتزوير، لأن سوريا تكتنز معاني القوة والتسامح في آن، ولديها جيوش من المنتمين إلى قيم الكرامة والحرية والسيادة. رفضت سوريا التفريط بأي شبر من أرضها ورفضت المساومة على فلسطين وشعبها لكنها نادت بالعدل والتوازن في المعايير الدولية والحوار مع القوى الدولية على أساس ذلك واجهت إسرائيل والمستعمرين المباشرين والمقنعين وستبقى ، بَنّت جيشها وربت أجيالها على افتداء الأرض والإنسان والأبطال المقاومين للاحتلال والعاملين على تحرير الأرض والإنسان الشراكة في كل حروب التحرير في هذه الأرض العربية، يشهد على ذلك تاريخها وثمة قامات خالدة في لوحة الشرف من أبنائها. سوريا وفية لمبادئها، لحلفائها، لأصدقائها لا تساوم ولا تفرط ولا تستسلم وهي واثقة من النصر. فنم قرير العين أيها الشهيد الكبير العلامة الدكتور الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي. لأن من اقتديت وفيّ لقيمك ولدمائك ولصورة سوريا التي أحببت وحصنت بالفكر والموقف والشهادة. لك الرحمة الواسعة وجنان الخلد والشكر لتجمع العلماء المسلمين وكل من دعا لوداعك وتكريمك. ومعاً لمواجهة كل رياح الفتنة وكل مخططات العدوان الإسرائيلي الصهيوني وداعميه المعلنين والمستترين. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. كلمة سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور غضنفر ركن آبادي الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والرسل والصديقين لا سيما النبي المصطفى الأمين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. أصحاب السماحة والفضيلة... أيها الحضور الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... بدايةً يشرفني أن أكون بينكم في هذا الحفل التأبيني بدعوة كريمة من السادة أصحاب السماحة والفضيلة في تجمع العلماء المسلمين، وأتقدم منكم ومن الأمة الإسلامية والجمهورية السورية الشقيقة والعلماء الأجلاء بأسمى آيات العزاء بالمصاب الجلل باستشهاد رئيس اتحاد علماء بلاد الشام العلامة الدكتور الشيخ محمد سعيد البوطي باعتداءٍ آثم طاول قامة إسلامية ووطنية وعالماً جليلاً يشهد له العالم بأسره على مكانته وعلمه وإيمانه. أيها السادة: في الحديث الشريف عن نبينا الأعظم محمد(ص): (العلماء ورثة الأنبياء) والعلامة الشهيد كان من العلماء البارزين والدعاة المخلصين الذين أغنوا الفكر الإسلامي والثقافة الإنسانية بعلومهم وثقافتهم وهو من الحريصين على وحدة المسلمين وتضامنهم مقابل مشاريع أهل الفتن، من خلال الكلمة الطيبة والدعوة الصادقة والعمل الصالح. وهو العالم المتخصص في العلوم الإسلامية الذي انتشرت مؤلفاته الستون في مختلف بقاع العالم الإسلامي. لقد عُرف الشيخ الشهيد محمد سعيد البوطي باعتداله وتسامحه ومنذ بدء الأزمة في سوريا كان السبّاق في الدعوة لوقف العنف وإراقة الدماء وتخريب البلاد حيث لم يتوانَ لحظة عن دعوة الشعب السوري إلى التحلي بالحكمة والوعي لحجم المؤامرة وطبيعة الصراع وخلفياته وضرورة وقف العنف وبدء الحوار الوطني إنهاء هذه الاشتباكات وهذه الأزمة التي لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة الإسلامية وأعداء الشعب السوري، العدو الصهيوني ومن يقف معه من قوى دولية مستكبرة وإقليمية متآمرة تعمل ليل نهار لإذكاء الفتن خدمة للمشروع الصهيوني بتقسيم أبناء الأمة الواحدة والتي لن تنجح بإذن الله تعالى. إننا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ ندين بشدة الاعتداء الوحشي الذي استهدف مسجد الإيمان في دمشق والذي أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء... فإننا على يقين بأن هذه الجريمة النكراء لن تنال من عزيمة سوريا قيادةً وشعباً ومن علمائها الأجلاء، كما أنها لن تنال من مواقفها الثابتة حول مواجهة المؤامرة الصهيوني التي تستهدفها في موقعها الاستراتيجي الداعم للمقاومة والسد المنيع أمام العدو الصهيوني مؤكدين على أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمة آملين أن تصل الجهود إلى خاتمة طيبة تنهي دوامة العنف المستمرة لإرساء الاستقرار وليعم الأمن والسلام سوريا وشعبها المقاوم. وعلى الصعيد اللبناني فإننا ندعم ونؤيد كل جهد مبارك من شأنه المحافظة على الأمن والاستقرار في لبنان وتعزيز روح الوحدة الوطنية بين أبنائه مؤكدين على أن الحوار والتواصل بين كافة الأفرقاء هو السبيل الوحيد لحل كافة المشاكل السياسية ومواجهة التحديات التي تعصف بلبنان والمنطقة والحيلولة دون وصول تداعيات الأزمة السورية إلى لبنان. في الختام: الرحمة والرضوان والدرجة العليا في الجنان لشهيدنا الكبير ولأهل سوريا ولنا ولكم جميعاً الصبر والسلوان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كلمة إمام مسجد القدس سماحة الشيخ ماهر حمود سادتي إخواني أخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أعتذر لأنني سأكتفي بالقدر الذي استطيع أن أعبر به.. أقول أولاً: لقد ثبت من خلال ردود الفعل على استشهاد العلامة الكبير.. ردود الفعل المدانة لعلماء كبار منهم من القراء المتقنين للقرآن، ومن إسلاميين مزعومين، ومن دعاة مزعومين، أيضاً ثبت أننا نعيش أمام أزمة أخلاقية كبيرة، فمن قائل إن النظام قتله!.. إلى قائل إنه لو قُتل خارج المسجد كان أفضل!.. إلى شامتٍ.. إلى مفتٍ بأنه يجوز إعلان الفرح!!.. إلى مطلقٍ لعبارات بذيئة ومنها علماء الضلالة وما إلى ذلك. هذه الأزمة الأخلاقية العميقة تستوجب منا استنفاراً من نوع جديد أيضاً، عندما يصل مستوى العلماء إلى هذا المستوى نبكي على أنفسنا ونخاف على آخرتنا.. إنما الأعمال بخواتيمها.. فعندما يكون أحدهم قد قضى ستين عاماً يدرِّس ويفقِّه الناس ونتعلم من كتبه ثم يُفتى بقتله أو بقتل الجميع وهو على بُعد أمتار فقط من القاعدة الأمريكية في قطر.. أيهما أوجب يا صاحب السماحة العلامة القرضاوي.. أيهما أوجب؟!.. أن نقاتل الأمريكي في القاعدة الأمريكية؟!!.. أو أن نقاتل النظام الذي مدَّ المقاومة بكل نوع من أنواع الدعم؟!.. وأما الذين يقرؤون القرآن ويتقنونه فلعلهم أيضاً مما ذكر من صفات الخوارج يقرأون القرآن لا يجاوز تراقِيَهم، هذا أولاًَ ثم ثانياً لقد استبق الشهيد الزمن.. نعم.. لقد استعدت أمس كتاباً من كتبه "اللامذهبية" والذي يرد فيه على الذين يستهزأون بالمذاهب الأربعة ويبدون تجاوزها بالمذاهب المستجدة التي أنبتت فيما أنبتت "التكفير". طُبِع هذا المؤلف منذ العام 70 ثم أعيدت طباعته مرات عديدة، نقول لو أن المرحوم الشهيد لم يكتب إلا هذين الكتابين "المذهبية أكبر بدعة تحاصر الشريعة الإسلامية" و "السلفية مرحلة تاريخية وليست مذهباً إسلامياً".. هذان الكتابان بكر فيهما سماحته في اكتشاف الأزمة الفقهية السياسية الدينية المركبة التي نعاني منها. أنصح من يريد أن يغيِّر ما نحن فيه أن يُعيد طباعة هذين الكتابين وأن ينشرهما مجاناً على كل الناس إضافة إلى كتاب "النوارنيون والضلاليون" وهذا مستجد. الحقيقة أن في هذين الكتابين تحديداً نجد البُعد العميق أو الرؤية العميقة التي رآها سماحته رحمه الله وكيف استشرف ما سنصل إليه وليس بعيداً عليه.. فلقد درسنا على يديه ما بين العامين 72 و77 وفي السنوات الأربع لمجاورتنا كلية الشريعة.. درسنا في السنوات الأربع عدة مواد ليس بعيداً عليه أن يستشرف ما نحن وصلنا إليه. كم من مرة بكى أمام الطلاب وهو يقرأ جزءاً من السيرة النبوية، أذكر واحدة منها وهو يتحدث عن الصحابي الكريم الذي توفي خلال الذهاب إلى تبوك وكيف أن الرسول(ص) أمسكه بيديه وقال: "اللهم إني أمسيت راضٍ عنه اللهم فارضَ عنه".. وما لبث أن بكى كثيراً وقال: "يا ليتني كنت مكانه.. ماذا نريد أكثر من أن يقول الرسول في أحدنا: اللهم إني أمسيت راضٍ عنه اللهم فارضَ عنه. أقول يا سماحة الإمام إن شاء الله لقد مُتَّ والله راحمك بإذن الله.. إخواني الكرام سادتي الأزمة الأخلاقية هي التي تحتضن أيضاً أزمةً دينيةً سياسية، أن تصبح إيران التي تمد المقاومة بكل أنواع الدعم وليس في لبنان فقط بل في غزة وفي العراق تصبح عدواً تحت عناوين وهمية وتصبح أمريكا المخلص؟ ألا يستحي هؤلاء أن يقولوا اليوم بمؤتمر القمة وبدون أي خجل لا نكتفي بالدعم الأمريكي بل نريد تدخلاً مباشراً للناتو!!.. ألم يعوا ما الذي حصل في ليبيا وما حصل في العراق وما يمكن أن يحصل في أي مكان؟!!.. يريدون أن يسلموا سوريا نهباً للأمريكي المجرم من أجل شهوة الحكم ومن أجل زعم الإصلاح، الإصلاح لا يكون أبداً بالتدمير والقتل، كنا نظن أن الحديث النبوي الشريف الذي كنا نكرره ودائماً منذ أربعين عاماً "كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً" أنه خاص لعامة المسلمين.. أما أن يصبح العلماء أنفسهم وهم أدعياء العلم يرون المنكر معروفاً والمعروف منكراً؟؟!!. أقول، هؤلاء الذين يحتضنونكم هل يجرؤون على دفع ثمن طلقة واحدة تطلق في غزة؟ طلقة واحدة تطلق في لبنان؟ أو على أمريكي في العراق؟ إذا تكرموا قد يدفعون شيئاً مدنياً من أجل أن يكونوا جزءاً من المعادلة لفرض أمور لا يرضى الله عنها ولا رسوله ولا المؤمنون. إخواني.. وسادتي.. الأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك ولكن أقول أيضاً ومما ذكره في كتابه "اللامذهبية" وفي كتب أخرى ليس مستغرباً أن يُشتم العلماء المصلحون، ليس مستغرباً أن يُقتل العلماء المصلحون، هذا دأبهم، هذا الإمام الشافعي وما اتُّهِم به وهذا أبو حنيفة وهذا أحمد ابن حنبل وهذا مالك.. العلماء كلهم شُتموا.. وبعضهم قُتل.. وبعضهم هُجِّر، علماء أهل البيت ليسوا بدعاً من هذه الأمثولة ولكن الدم الزكي بإذن الله يصنع النصر ويوضح الرؤية ويصنع الآفاق في المستقبل، عظم الله أجركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كلمة نائب رئيس اتحاد علماء بلاد الشام محمد هشام سلطاني بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين اللهم صلي على سيدنا محمد وأله وصحبه وسلم. أما بعد... ما كنت أتوقع أن نكون في هذا الموقف.. ما كنت أتوقع أن يُغتال العلامة الشيخ البوطي في سنِّه وفي مسجده مع تلامذته.. وفي درس القرآن.. لكن حدث الأمر بتدبير كما يقولون بِلَيْل.. وهذا يقول لنا ويعيدنا إلى أن هناك مؤامرة كبرى، طبعاً هذه المؤامرة بدأت على سوريا، على المقاومة، على حزب الله، على الجمهورية الإسلامية، وتمثَّل هذا الأمر في اغتيال هذا العالم وكأن الأمر تمثَّل ليكون إرهاباً للعلماء وإرهاباً لمن يقول الحق، إرهاباً لمن يقاوم إسرائيل، إرهاباً لمن يقاوم أمريكا، وهذا يقودنا إلى أن علماء الضلال.. أُرِيد أن أقول وأوضح وأبيّن أن القرضاوي كان قد قال: (أن نقاتلهم عسكراً ومدنيين وعلماء) هذه المقولة لا تصدر من عالم ولا تصدر من عالم سني، والكل يشهد أن الشيخ البوطي وكل العالم الإسلامي أنه كان معتدلاً في مؤتمراته، في فكره وفي كل مكان، وهو يدافع عن الإسلام وعن الحق في كل مكان. ولكن هؤلاء العلماء الذين خانوا الأمانة ومنهم ذاك الذي يعيش هناك في قطر بجانب القافلة الأمريكية لم يقل للناس وللمسلمين توجهوا إلى فلسطين.. توجهوا إلى تحرير فلسطين وإنما قال: توجهوا إلى سوريا. ما هذا؟ أما الذي قال يجب أن نفرح بموت العلامة البوطي ما هذا الفكر؟ هذا الفكر الوهابي الذي يفرح بموت العلامة البوطي.. العلامة البوطي كان يحضر في مؤتمراتهم في جدة وفي مكة ويشارك في كل المؤتمرات وفي النهاية يقول هذا العالِم " يجب أن نفرح بموت العلامة البوطي". هذا يجعلنا نفكر بأنه هناك حرباً ضد الإسلام، الآن الإسلام الأمريكي الذي يقف ضد الإسلام الحقيقي الذي تمثل في جمهوركم الكريم في تجمع العلماء المسلمين، في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في حزب الله.. هذه الموجة موجة المقاومة ستُقاوم أكثر وأكثر وأقول باسم اتحاد علماء بلاد الشام لن يزيدنا إن شاء الله هذا إلا قوةً وتوحداً ضد إسرائيل وأمريكا وأعوانها على الساحة. إن الشهيد الذي استشهد في مسجد الإيمان لن يذهب دمه هدراً، هذا الدم الله وراءه والله يعلم أنه من الدم الزكي الطاهر الذي أهرق في بيت من بيوت الله سبحانه وتعالى وهذا يُعيدنا إلى أن نتفكر الآن إلى أن الحاضن للفكر التكفيري والإرهابي هو الوهابية. للأسف كنا نتوقع أن يجتمع العلم كله ويجتمع الناس في طريق واحد إلى فلسطين إلى العدو الرئيسي وإلى نصرة سوريا، سوريا التي تقاوم، لا تقاوم عن ذاتها إنما عن جميع المسلمين إنما تقاوم عن الفكر الإسلامي الحقيقي الذي وصفه القرآن: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾. أين هي الرحمة؟ أين هي الرحمة بالشعب السوري، كيف يريدون أن يدمروا هذا البلد؟ يريدون إقامة إمارة، لكن أقول لكم بصراحة لمن كان يفكر بذلك هل يريدون إبادة أهل السنة الحقيقيين؟ هل تريدون إبادة المتصوفة الذين يعتبرونهم مشركين؟ هل يريدون إبادة طائفة الدروز في سوريا؟ هل يريدون إبادة العلويين؟ ماذا يريدون؟.. كل هذا يجعلنا نفكر في كيفية مقاومة هذا الفكر التكفيري. أما الشهيد فعليه رحمة الله فهو مع الصديقين والشهداء والعزاء للجميع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته كلمة رئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد شهيد العلم والوحدة رئيس اتحاد علماء الشام سماحة العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي العالم الأستاذ الذي لم يتلوث فكره ولا عقله ولا يده.. ولم يصنع فكره الدولار الأمريكي ولا النفط العربي.. لم يصنع موقفه ولا كلماته ولا فتاواه.. فهو صاحب الفكر الطاهر والعقل الطاهر واليد الطاهرة.. أسميه شهيد محراب الفكر والوحدة والمقاومة. في الحديث: "إذا مات العالم ثلم الإسلام ثلمة" لكن إذا استشهد العالم فإن دمه يسد ثلمة في الإسلام بموته فنحن لم نفتقد عالماً وإنما نحنُ أمام شهيد عالم.. والشهداء ﴿أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾. لقد أرادوا أن يميتوا الإسلام بقتله لكن هذا الدم بالمفهوم القرآني يحي الإسلام أكثر وكما قال الإمام الخميني "أقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر".. إذاً فإننا أمام مرحلة من الوعي الجديد.. فالأضاليل الموجودة في عالمنا الإسلامي لهذا الموت وهذا القتل كثيرة وكبيرة.. وإن الذين يقتلون الشعب تحت عناوين متعددة مجرمون وإن هؤلاء القوم هم ضد الإسلام بكل مكوناته.. وهم عندما يريدون أن يُحدثوا فتنةً ما في لبنان مثلاً فإنهم يعملون على الفتنة بين السنة والشيعة.. ولكن اليوم في مسألة البوطي نرى أنها ليست سنية شيعية.. إنهم يعملون على الفتنة ليل نهار.. فهناك أشاعرة ومعتزلة وشيعة وسنة.. أيها الشهيد العظيم كثيرون الذين هم قتلوك.. كثيرون كما أنهم كثيرون الذين قتلوا الأنبياء والرسل والعلماء والمؤمنين في هذه الأمة. يجب أن يخرجوهم من دينهم ليقتلوهم ألم يقولوا أن الحسين قُتل بسيف جده؟!.. أولم يقولوا بأن الحسين قتل لأنه خرج على إمام زمانه؟!!. كثيرون الذين سهلوا وساعدوا وحاولوا وأفتوا وحرضوا على قتل المسلمين والذين سكتوا هم شركاء في قتل الشيخ البوطي.. والساكتون هم الذين ساهموا في قتل الشهداء... شهادة في مسجد أو مع مصلين أو في محراب لكن كلما سكتنا كلما استمرت هذه الجرائم... قتلوك في سياق أي مشروع؟ جريمة من أجل الجريمة فهو قتل إجرامي؟!.. لا أحد يمكن أن يقول إن هذا العمل جريمة من أجل الجريمة!.. بل هو جريمةٌ لأن الشهيد كان في متراس الدفاع عن الإسلام في سوريا وليس في متراس سوريا للدفاع عن الإسلام.. هم مجرمون يحاولون أن يصنعوا لجريمتهم ديناً يسمونه الإسلام... هو كان في خط الدفاع الأول عن هذا الإسلام.. تماماً كما تجمع العلماء المسلمين في لبنان.. جميعهم في خط الدفاع الأول عن الإسلام.. قتلوه ليسقط متراس من متاريس الدفاع عن الإسلام.. نحن نقول لهم مع كل قطرة من دم هذا الشهيد سنبقى متراساً للدفاع عن الإسلام.. أعزي العالم الإسلامي بشهيد العلم والمعرفة الشيخ البوطي.. وهو ليس كتاباً في مكتبة الإسلام بل هو مكتبة إسلامية واسعة.. وكلنا معنيون ومسؤولون بتكرار الشيخ البوطي أن لا يكون نسخة واحدة.. تماماً كما الإسلام إذا سقط واحد يصنع واحداً آخر.. لقد صنع إعلام الدول المتآمرة لبعض الأشخاص حصانة علمائية وعلمية وإعلامية وفتوائية.. فالفتوى تكون جاهزة متى ما احتاجوهم ليكون كلُّ شيء تحت شعار الحرب على النظام!!.. قد يصعب أو قد يمكن أن تقبل معادلة أن يكون إنسان ضد سوريا وضد إسرائيل في الوقت نفسه.. ويمكن أن يكون ضد إيران وضد إسرائيل في الوقت نفسه.. ولكن لا يصح أن يكون إنسان ضد سوريا ومع تحرير فلسطين.. ومن كان جزء من تحرير فلسطين لا يحارب سوريا.. ولا يخرج من سوريا ولا يتآمر على سوريا.. ومن كان مع مشروع تحرير فلسطين لا يمكن أن يكون عدواً للمقاومة في لبنان.. كما لا يمكنه أن يكون عدواً للجمهورية الإسلامية في إيران. لقد انقسم هذا العالم، جاء أوباما وقسم المنطقة إلى قسمين: قسم إسرائيل ومن معها والقسم الثاني الإرهاب، والتزم بالأمن الأبوي والحماية الأبدية لإسرائيل. كنا نتخيل أن الجامعة العربية سوف تجتمع لترد على الاستهزاء وعلى الإهانة.. لكن هؤلاء يجتمعون ليس ليستنكروا هذا الاستخفاف بهم لأن العالم العربي غائب عن الوعي والبعض الآخر لا يرى إلا سوريا. هناك تقسيم آخر يا إخوان ثبته في هذا العصر وفي هذا الزمن ثبته الإمام القائد السيد الخامنائي حفظه الله.. وتصريح القائد هو ليس تصريحاً عن مصدر دبلوماسي وليس تصريحاً لمصدر مسؤول وليس تصريحاً للمناورة ولا للتكتيك ولا للّعبَ ولا للتفاوض ولا لامتلاك أوراق القوة وإنما هو تصريح من أعلى موقع سياسي وديني في الجمهورية: يقول "إذا فكرت إسرائيل في ضرب الجمهورية الإسلامية تل أبيب سوف تمحى من الوجود". هذا ليس موقفاً.. بل هذا قرار أُعلنت فيه أمام الأمريكي وغير الأمريكي أن الزمن الذي يأتي فيه الأمريكي ليتحدى فيه ويقول أنا هنا وإسرائيل هنا نحن في زمن يستطيع قائد من هذا النوع أن يقول الإسلام هنا ونحن هنا والثورة هنا والمقاومة هنا والعلماء هنا وكل الأشراف المقاومين والمجاهدين في هذا العالم.. فلنختر في أي مكانٍ نكون والحمد لله رب العالمين. |
||||||