الثورة الإسلامية الإيرانية وأحدث إنجازاتها

السنة الثانية عشر ـ العدد135 ـ ( ربيع ثاني ـ جمادى أولى 1434  هـ ) آذار ـ 2013 م)

بقلم: محمود إسماعيل

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

الحادي عشر من شباط عام ١٩٧٩، تاريخ يشهد على انتصار ثورة غيرت مجرى التاريخ وأصبحت أمثولة لكل الأحرار والمستضعفين للتخلص من الظلم والاضطهاد في كل مكان. تلك هي الثورة الإسلامية في إيران بقيادة مفجرها الإمام الخميني(قدس). ثورة لم تحد عن المبادئ التي قامت عليها، على الرغم من التحديات والصعوبات، وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على انطلاقها.

لقد التزمت إيران بالدفاع عن قضايا المستضعفين وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهي تدفع ضريبة باهظة بسبب دعمها لهذه القضية. " الثورة الإسلامية رسالة الخلاص لمستضعفي العالم وسلاح القضاء على المستكبرين "، كلمات للإمام الخميني ( رضوان الله تعالى عليه ) قالها عقب انتصار الثورة، فأبرزت ورسخت المبادئ والوجهة التي تريد الجمهورية الإسلامية سلوكها، لتحقيق آمال المستضعفين والأحرار في جميع أنحاء العالم.

الشعب الإيراني يحتفل بذكرى ثورته

ملايين الشعب الإيراني أحيت الذكرى الـ٣٤ لانتصار الثورة الإسلامية، مجددة العهد بالتمسك بالمبادئ والشعارات التي أرساها الإمام الخميني (قدس) والقائم على محاربة الظلم والاستكبار. المسيرات عمت كافة أرجاء إيران، رافعة شعار الموت لأمريكا وإسرائيل. ففي العاصمة طهران، تدفقت الحشود باتجاه ساحة "آزادي"، حيث أقيم الحفل المركزي، للتأكيد على ما قاله الإمام السيد علي الخامنئي بأن الشعب الإيراني ما زال يقف صفاً واحداً خلف قيادته وثورته.

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وفي كلمة له أمام الحشود في ساحة "آزادي"، أعاد التأكيد على رفض بلاده سياسة الحوار المقرونة بالتهديد، داعياً واشنطن إلى وقف عدائها ورمي أسلحتها التي ترفعها بوجه الشعب الإيراني قبل الحديث عن أي مفاوضات أو مباحثات، مضيفاً أن إيران اليوم أصبحت دولة نووية والغرب لا يستطيع تحمل هذه الحقيقة، موضحاً أن الجمهورية الإسلامية حققت قفزات نوعية كبيرة في كافة المجالات، ولاسيما في مجال الفضاء.

لقد عبرت المسيرات المليونية عن تمسك الإيرانيين بمكتسبات ثورتهم التي أخرجت إيران من ظل الوصاية الأمريكية وحولتها إلى قلعة من قلاع المقاومة بوجه المشاريع الصهيو/أمريكية، التي تحاول ضرب محور الممانعة عن طريق الفتن والحروب والمؤامرات.

الذكرى الـ٣٤ لانتصار الثورة الإسلامية تحولت إلى استفتاء شعبي على مبادئ الثورة والتمسك بشعاراتها، حيث نزل ملايين الإيرانيين إلى الساحات ليردوا على الدعوة الأمريكية للحوار، فلا مباحثات في ظل التهديد والعقوبات، مطالبين باعتراف دولي بحق إيران بالطاقة النووية السلمية. لقد أراد الشعب الإيراني توجيه رسالة إلى واشنطن وكل من يراهن على إيجاد شرخ بين الشعب والنظام الإسلامي، رسالة وصلت عبر هتافات الجماهير بالموت لأمريكا وإسرائيل.

قبل ٣٤ عاما، أي في ١٠ شباط عام ١٩٧٩، توجهت تظاهرات الشعب الإيراني الثائر نحو القاعدة الجوية في شرق العاصمة طهران، حيث يحاصر حرس الشاه جنودا وضباطا موالين للإمام الخميني والثورة، فتدور اشتباكات عنيفة بين الشعب والعناصر المتبقية من أتباع النظام الذين استخدموا أحدث الدبابات والطائرات في المواجهات.

إزاء هذه التطورات، نظام الشاه يعلن في ذلك اليوم الأحكام العرفية ومنع التجول في جميع أنحاء البلاد، في محاولة لإنقاذ ثكنات الجيش من الجماهير المنتفضة، في وقت كانت فيه قيادة الجيش الإيراني تعلن وقوفها على الحياد اتجاه ما يجري على الساحة السياسية، ليتضح بعد ذلك أن هذا الموقف يأتي في سياق خطة لإفراغ الشوارع من الجماهير الغاضبة إفساحا في المجال أمام العناصر المتبقية من الجيش وآلياته لتسلم المنطقة في محيط القاعدة الجوية ومن ثم اعتقال القيادات الإسلامية تمهيدا لإنهاء الثورة.

خطة المؤسسة العسكرية التي باركتها واشنطن سرعان ما أحبطها الإمام الخميني، عندما دعا الشعب الإيراني إلى عدم الاعتداد بقرار منع التجول والبقاء في الشوارع دفاعا عن ثورته الإسلامية، والاستعداد للمعركة الحاسمة مع أعوان النظام الجائر، وهذا ما حدث فعلا، حيث استمرت الجماهير الإيرانية بالتدفق إلى الشوارع، في تحد واضح لنظام الشاه وقراراته.

بعد عشرة أيام من التظاهرات والقتل والمواجهات، انضمت قوات الجيش الإيراني إلى الثوار وأعلن انتصار الثورة في ١١ شباط / فبراير عام ١٩٧٩. يعرف هذا اليوم في إيران ب " يوم الله "، باعتباره كان حجر الأساس والمسمار الأخير الذي دق في نعش الشاهنشاهية  التي أباحت إيران للهيمنة الأمريكية والغربية ونهب ثرواتها، وهو اليوم الذي أسس لقيام جمهورية إسلامية بقيادة الإمام الخميني (قدس)، الذي رفع شعار محاربة الاستكبار ونصرة المستضعفين في جميع أنحاء العالم.

إنجاز جوي إيراني جديد

إنجاز إيراني جديد، وهذه المرة في الكشف عن طائرة مقاتلة إيرانية محلية الصنع تحت اسم "قاهر ٣١٣". إنه إنجاز ذو دلالة واضحة كونه يأتي في الذكرى الـ ٣٤ لانتصار الثورة الإسلامية، وسط حصار ظالم على الصناعات الجوية منذ أكثر من ثلاثة عقود. تنضم مقاتلة "قاهر ٣١٣" إلى أسراب المقاتلات الإيرانية من طراز "أذرخش" و "صاعقة".

إن تطوير المقاتلات الإيرانية والقدرات الدفاعية للجمهورية الإسلامية لا يهدف إلى تهديد أحد، بل هو يصب في إطار رفع الجاهزية العسكرية، ضمن الإستراتيجية الدفاعية لإيران، حسب ما يؤكد المسؤولون الإيرانيون على الدوام.

تعد هذه الطائرة من الطائرات المتطورة في العالم، إذ إنها تتمتع بميزات متعددة من حيث الهيكل والتصنيع والقدرة القتالية والتحليق. وقد صممت هذه المقاتلة وأنتجت محليا، ويمكنها التحليق عن ارتفاع منخفض وهي قادرة على التسلح بصواريخ جو أرض والتزود بعتاد قتالي موجه، وما يميزها أيضا هو إمكانية هبوطها على المدرجات القصيرة والتمتع بقدرة على المناورة وسرعة الهجوم والتهرب من الرادارات.

قطعت هذه الطائرة المقاتلة مراحل التحليق التجريبي خلال أكثر من ١٠٠٠ ساعة طيران، ويجري تصنيعها حاليا في مصانع وزارة الدفاع الإيرانية لتشكيل أسراب مقاتلة، مهمتها الدفاع عن الأجواء الإيرانية ضد أي اعتداء خارجي.

إيران ترسل قرداً إلى الفضاء

إن إرسال إيران لمسبار يحمل قردا إلى الفضاء بنجاح يمثل قفزة عملية نحو المستقبل، وصولا إلى إرسال إنسان إلى الفضاء في المستقبل. فقد أطلقت إيران بنجاح المسبار البحثي "بيشغام"، أي الرائد، الذي يحمل قردا إلى الفضاء حيث تمكن من الوصول إلى ارتفاع ١٢٠ كلم والعودة بسلام إلى الأرض، مما يشكل خطوة متقدمة على طريق إرسال بشر إلى الفضاء الخارجي مع حلول عام ٢٠٢٠ كما تخطط طهران.

إن من حق كل الشعوب والبلدان العمل على اكتساب القدرة والخبرة والمهارة العلمية والتقنية لسبر الفضاء. إن خطوة إيران بإطلاق كبسولة تحتوي على قرد إلى الفضاء الخارجي والعودة به بسلام إلى الأرض تعتبر قفزة هائلة نحو المستقبل لإرسال عنصر بشري "إنسان" في الموعد المحدد إلى الفضاء، بعد السلحفاة والجرذان والخلايا البشرية التي تم إرسالها إلى الفضاء عام ٢٠١٠. تأتي هذه الإنجازات بعد عمل مكثف لمجموعة من العلماء الإيرانيين وفقا لبرنامج كامل ومحدد المعالم يتم خلاله اكتساب الخبرات وتنميتها. إن فشل مشروع إرسال قرد إلى الفضاء في عام ٢٠١١ لم يكن فشلا بالمعنى الدقيق للكلمة، وإنما كان خطوة نحو النجاح، إذ إن النجاح في مثل هذه المشاريع هو تراكمي.

كانت إيران قد أرسلت ثلاثة أقمار صناعية إلى الفضاء منذ عام ٢٠٠٩، إضافة إلى كبسولة تحتوي جرذاناً وسلاحف وحشرات. إن تطوير العلم هو حق للجميع، إذ ليس من حق الغرب احتكار العلوم واعتبارها أموراً حصرية لا يجوز للآخرين الاضطلاع عليها. فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد نددت بهذه التجربة العلمية الإيرانية، معتبرة أنها تبيح إطلاق شحنات إلى الفضاء.

إن التطور والتقدم العلمي ينفع البشرية كافة، وإن ما تحققه إيران في مجال الفضاء وغيره من المجالات العلمية والتقنية هو خلاصة فكر وعلم لعقول علماء حرصوا على خدمة بلادهم والبشرية قاطبة في جميع أنحاء العالم.

إيران تطور طائرة بدون طيار تقلع رأسياً

أفادت تقارير إعلامية إيرانية أن طهران تمكنت من تطوير طائرة بلا طيار، تستطيع الإقلاع رأسياً دون الحاجة إلى مدرج. يجري اختبار هذه الطائرة حالياً، لكن سيتم الكشف عن شكلها النهائي في وقت لاحق. إن هذه الطائرة التي لم يطلق عليها اسم حتى الآن، تتمتع بتكنولوجيا متطورة وتقنية عالية.

كانت إسرائيل قد أسقطت في شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي طائرة بلا طيار بعد أن اخترقت مجالها الجوي بمسافة ٥٥ كلم. وكان حزب الله قد أعلن مسؤوليته عن إرسال هذه الطائرة، وذكر أن مكوناتها صنعت في إيران ولكنها جمعت في لبنان.

قال وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي بأن الطائرة التي أسقطها الإسرائيليون لا تمثل أحدث ما توصلت إليه التقنية الإيرانية. لقد بثت هذه الطائرة صوراً لقواعد إسرائيلية حساسة قبل إسقاطها، إذ إن هذه الطائرة تبث الصور بشكل فوري، وتملك إيران صوراً لمناطق حساسة ومحظورة داخل الكيان الصهيوني. يذكر أن إسرائيل تفرض رقابة صارمة على مجالها الجوي وتحظر الطيران فيها، عدا مجالات معروفة ومحددة تستخدم للملاحة الجوية المدنية.

التطور العلمي في إيران

حققت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال السنوات القليلة الماضية تطورات مذهلة في المجالات العلمية و التقنية كانت بمثابة نقلة نوعية أنجزتها طليعة من جيل الشباب نوجزها في ما يلي:

المجلس الوطني الأمريكي للمعلومات اعتبر إيران من إحدى الدول العشرة في العالم المتميزة في مجال التقدم العلمي والتقني خلال العقدين القادمين، مؤكداً أن مصادر الإنتاج العلمي في إيران كانت ملفتة للنظر خلال الأعوام الأخيرة.

حصلت إيران على المرتبة ١٣ بين دول العالم في مجال إنتاج العلم حسب تقييم منظمة (آي أس آي)، وإن المقالات والأبحاث العلمية المقدمة لهذه المنظمة والموجودة على الموقع الالكتروني (اسكوبوس) وصلت إلى ١٤ ألف مقالة.

حصول الدكتور غلام علي بيمان على الميدالية الوطنية الأمريكية للعلوم للعام ٢٠١٣، وذلك بسبب اختراعه تقنية جراحة الليزيك للعين. وقد اختارت الأكاديمية الوطنية للعلوم في أمريكا هذا الطبيب الإيراني لأهمية اختراعه المذهل الذي أحدث ثورة كبرى في عالم طب العيون وجراحتها.

يتواصل التبادل العلمي والهندسي بين إيران وحوالي ٣٠ دولة في آسيا، أفريقيا وأمريكا اللاتينية في مجال علوم الجيولوجيا و كشف المناجم، وتقيم المؤسسات الإيرانية دورات تدريبية وتأهيلية لتعليم المهندسين في هذه الدول بإشراف خبراء ومتخصصين من إيران.

تعتبر إيران من أولى الدول في العالم من حيث إنتاج المحاصيل الزراعية المعدلة وراثياً. وقد نجح العلماء الإيرانيون في التعديل الجيني للرز الإيراني المشهور عالمياً بنكهته وطعمه المميز، وكذلك في إنتاج المحاصيل المقاومة للآفات الزراعية والوقاية من الأمراض الحقلية ومكافحتها.

التطور العلمي في مجال النانو حيث نجح الشباب الإيراني في تقديم اختراعات رائعة كإنتاج ألواح الزجاج ذات التنظيف الذاتي، والذي يستخدم في الأبراج العالية التي يصعب الوصول إليها لتنظيفها أو إنتاج الأصباغ والدهانات بسرعة تنشيف وجفاف فائقة أو بقية استخدامات النانو في الطب والهندسة وغيرها.

الثورة الإسلامية الإيرانية في أوج عطائها

تأتي الاحتفالات بالثورة الإسلامية في إيران وهي لا تزال تعيش في أوج عنفوانها وعطائها، على الرغم من كل محاولات الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة. إن سياسة إيران، وهي تحتفل بالذكرى الـ ٣٤ لانتصار ثورتها تتمحور على المستوى العملي والميداني في المنطقة حول الأولويات الآتية:

١- استتباب السلام والأمن في الجوار الإيراني.

٢- توطيد أواصر المودة والصداقة مع العالم الإسلامي، ولاسيما البلدان المجاورة.

٣- التعاون السياسي والثقافي والاقتصادي مع جميع دول العالم، ما عدا الكيان الصهيوني.

٤- المشاركة والتعاون الفعال مع المنظمات الدولية.

تقع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في منطقة حساسة وجيو/إستراتيجية على المستوى الدولي، وهي من أغنى دول العالم من حيث احتياطي المعادن، إذ تملك ١٠% من احتياطي النفط، و١٥% من احتياطي الغاز العالمي، وهي همزة وصل تاريخية بين آسيا وأوروبا، وتنعم بأكثر طرق الترانزيت أمانا باتجاه آسيا الوسطى والقوقاز، وهي تتمتع بشبكات خدماتية وإنتاجية واسعة ومتنامية وطاقات بشرية مدربة، وتعتبر إيران شريكا اقتصاديا وتجاريا مطمئنا، فحرصها على التعاون الإقليمي وسعيها لتحقيق السلام والأمن في المنطقة والعالم يعزز مكانتها الإقليمية والدولية.

إن التخويف والتهويل الذي تمارسه القوى الكبرى ضد إيران وجعلها فزاعة لدول المنطقة، ما هو إلا محاولة لتضليل الرأي العام العالمي، في حين أن طهران لطالما مدت يد الأخوة والمحبة لجيرانها ولم تفكر يوما بالاعتداء على دولة مجاورة، مؤكدة بأن تطورها النووي وإنجازاتها العسكرية هي لخدمة دول المنطقة وللدفاع عن حياضها ضد أي اعتداء صهيوني أو أمريكي.

إن مبدأ عدم تجزئة الأمن الإقليمي يبدو اليوم جلياً على مستوى المنطقة، وإن اعتماد دول المنطقة على بعضها في مختلف المجالات يجعل استتباب الأمن أو انعدامه يشمل الجميع. لذلك، على جميع دول المنطقة المساهمة في إرساء الاستقرار والأمن من خلال التعاون وبذل الجهود.

إن منطقة الخليج التي ذاقت خلال عقدين من الزمن تجربة حربين مريرتين ضد إيران والكويت هي بحاجة إلى مبادرة عاجلة للحد من التوتر، وإن توفير الأمن والاستقرار لمنطقة الخليج يمكن أن يتم على أحسن وجه بواسطة دولها، ما يضمن المصالح المشروعة للمجتمع الدولي إزاء مصادر الطاقة في المنطقة.

على هذا الأساس فإن دول المنطقة قادرة، من خلال تبادل الرأي المتواصل وتكثيف الجهود على أن تصل إلى ترتيبات أمنية مقبولة لكي تستخدم ثرواتها في سبيل البناء والإعمار، بدلاً من تكريسها لشراء المزيد من الأسلحة.

في مجال السياسة الخارجية، إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وانطلاقا من مبدأ رعاية حسن الجوار، فقد ركزت على تعزيز العلاقات الثنائية الإقليمية والدولية مع الدول الصديقة، خاصة مع دول الجوار العربية، فالتاريخ يبرهن على سلامة التعامل الإيراني مع الشعوب الصديقة.

إننا، ولدى العودة إلى التاريخ، لا نعثر على أي مؤشر يدل على اعتداء إيراني على أراضي البلدان الأخرى، بينما نرى أن الأراضي الإيرانية قد تعرضت لاعتداءات متكررة من قبل بعض دول الجوار والقوى الكبرى عبر التاريخ.

إيران والطاقة النووية

في مجال الطاقة النووية، إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترى بأن الاستخدام السلمي للطاقة الذرية هو حق لا رجعة عنه لكل الشعوب، ويجب ألا تستأثر به الدول المتسلطة والمهيمنة. من هذا المنطلق، باشرت طهران، وتحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالاستثمار السلمي للطاقة النووية. إن استئثار بعض الدول لهذا المجال أدى إلى فرض ضغوط سياسية وغير منطقية للحيلولة دون حصول إيران على العلوم والتقنيات الذرية السلمية ومعرفة أساليبها، وذلك عن طريق الحظر والمقاطعة ضد طهران.

على الرغم من تأكيد إيران المتواصل على الاستخدام السلمي لهذه الطاقة وتأكيد الوكالة النووية للطاقة الذرية على عدم انحراف البرنامج النووي الإيراني، فإن عدة دول حاولت تسييس الملف الإيراني بغية حرف الرأي العام العالمي، حيث أصرت على استئثارها بهذه التقنيات.

إن طهران جادة في إزالة القلق والشكوك التي تساور بعض الدول، وقد أثبتت حرصها على بناء الثقة وحسن النية ومواصلة مشاريعها السلمية، فإيران، ومن خلال منطلقاتها الدينية، ترفض المجازر والقتل، وهي تؤكد على عدم وجود السلاح النووي في خططها الدفاعية والعسكرية، ولطالما طالبت بنزع السلاح النووي من المنطقة والعالم بأسره وتخليصه من أسلحة الدمار الشامل. إن فتوى قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي حول تحريم استخدام السلاح النووي خير دليل على المنهجية السلمية للجمهورية الإسلامية.

إن إيران، وعلى الرغم من الحصار الذي بدأ منذ الأيام الأولى للثورة، ما زالت حتى هذه اللحظة تقوم بما عاهدت به نفسها وعاهدت به الإيرانيين بل وجميع دول العالم الإسلامي، حين حددت البوصلة الأساسية لتحركها، ألا وهي القضية الفلسطينية. ومما يدعو إلى الإعجاب حقاً، أن إيران، وعلى الرغم من كل التحديات فإنها لا تزال تقف مع القضايا التي تعتبرها محقة، وفي الوقت نفسه، تواصل تطوير قدراتها علمياً وعسكرياً ومدنياً.

لقد استطاعت إيران أن تخرج دائماً، بفضل سواعد وعقول أبنائها، لتصبح قريبة من الحالة المعاصرة. ومن هنا، فقد استطاعت الجمهورية الإسلامية أن تحصن نفسها وأن تبني مؤسسات علمية وأن تتمكن من إطلاق أقمار صناعية، وبناء ترسانة أسلحة لحماية نفسها، ثم الدخول في المجال النووي السلمي، رغم كل التهديد والتهويل.

تقف اليوم إيران شامخة معاندة وممانعة دفاعاً عن سوريا وفلسطين ولبنان. لقد دخلت الثورة الإسلامية الإيرانية عامها الـ ٣٥، ثورة كانت شرارة للتحرر في الشرق الأوسط والعالم، فأسقطت المخططات الأمريكية والغربية وأسست لعصر جديد من المقاومة والانتصارات. أكثر من ثلاثة عقود مرت والجمهورية الإسلامية الإيرانية تحافظ على شعاراتها في الحرية والسيادة والاستقلال، رافضة التخلي عن مبادئها على الرغم من الحصار والتهديد والعقوبات.

اعلى الصفحة