استمرار الثورة السلمية في البحرين

السنة الثانية عشر ـ العدد 134 ـ (  ربيع أول ـ ربيع ثاني 1434  هـ ) شباط ـ 2013 م)

بقلم: محمود إسماعيل

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

مع اقتراب الذكرى الثانية لثورة البحرين، يواصل الشعب البحريني نضاله السلمي الحضاري الذي لا بد أنه سيحقق النصر إن عاجلا أو آجلا، لأن مطالبه ليست فئوية، وهي تتمثل باحترام حقوق الإنسان والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة والمساواة بين جميع المواطنين في دولة ديمقراطية حديثة.

عام يمضي وثورة البحرين السلمية مستمرة، ثورة أدار لها العالم ظهره، إلا أنها فرضت نفسها رقما صعبا لا يمكن تجاهله أو تجاوزه. إن ما يحصل في البحرين هو برسم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التي  تكيل بمكيالين في التعاطي مع حقوق الإنسان، وفق ميزان مصالحها وأطماعها في المنطقة.

أبرز الأحداث في البحرين خلال عام ٢٠١٢

مزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان هي سمة المشهد في البحرين خلال عام ٢٠١٢، حيث لم يوفر النظام وسيلة قمع إلا واستخدمها لتشديد الخناق على المتظاهرين السلميين بدءاَ من إطلاق الرصاص والقنابل السامة، وانتهاء بأعمال القتل وحملات الاعتقال والتعذيب التي لم توفر حتى الحقوقيين والسياسيين المعارضين، والتي طالت النساء والأطفال أيضا الذين يزيد عددهم عن ٩٠ طفلا في المعتقلات، ولم تفلح كل دعوات منظمات حقوق الإنسان لوقف هذه الممارسات القمعية الموثقة.

إن ما زاد من حدة الأزمة السياسية القائمة في البحرين خلال عام ٢٠١٢ تجاهل النظام البحريني المطالب المشروعة للشعب ورفض الحوار. ولعل ما ميز تلك الأحداث هو استمرار الدولة الأمنية القابضة على مفاصل الحكم في البلاد، وغياب الآفاق السياسية للحل، واعتماد النظام الحل الأمني الذي زاد من آلام الشعب، حيث سقط المزيد من الشهداء والجرحى والمعتقلين.

أسدل البحرينيون الستار على عام ٢٠١٢ وثورتهم السلمية مستمرة للمطالبة بالتحول الديمقراطي ورفض الديكتاتورية والحكم المطلق. ثورة واجهتها السلطة باعتقال ١٨٦٦ مواطن و ١٣٢٠ مداهمة واعتقال ٣٧٩ طفلاً و٧٠٠ مفصول عن العمل وعشرات الشهداء وحصار للمناطق البحرينية ومئات المحاكمات السياسية وتكريس متزايد للحكم الديكتاتوري.

شهد عام ٢٠١٢ حراكاً شعبياً واسعاً في البحرين لم يتوقف، تخلله مسيرات شعبية شملت معظم مناطق البلاد وتكللت بحشود بشرية في تجمعات الثورة بشكل أسبوعي، إذ برزت ٣ تجمعات ضخمة تعد الأكبر في تاريخ البحرين، حينما احتشدت غالبية الشعب في ٩ آذار و ٢١ نيسان و ١٨ أيار من العام المنصرم للمطالبة بالتحول الديمقراطي.

وقد شهد عام ٢٠١٢ محاولة لاغتيال أمين عام جمعية "الوفاق البحرينية" الشيخ علي سلمان وعدد من شخصيات قوى المعارضة والعديد من المواطنين والناشطين، إضافة إلى اعتقال نشطاء حقوق الإنسان، وعلى رأسهم نبيل رجب ويوسف المحافظة اللذان لا يزالان يقبعان في السجن. وخلال العام المنصرم، اعتقلت العشرات من النساء، حيث لا يزال العديد منهن يقبعن في المعتقلات، أبرزهن معصومة السيد وزينب الخواجة وحليمة الصباغ.

لقد أعيد خلال عام ٢٠١٢ اعتقال عدد من الأطباء بسبب قيامهم بمعالجة الجرحى أثناء قمع التظاهرات في شهري شباط وآذار عند بداية الثورة، وبسبب احتجاجهم على منع النظام لسيارات الإسعاف والمستشفيات من إسعاف جرحى التظاهرات، حيث تم مداهمة منازلهم فجرا واقتيادهم إلى السجن.

سجل البحرين عددا من الأعمال الإجرامية المنافية للقيم الإنسانية التي ارتكبت في مناطق وأوقات مختلفة، منها إهانة النساء، والقيام بأعمال الحرق والتخريب، واستخدام الميليشيات المسلحة، والعمل على تشويه صورة النشطاء واستهدافهم في حياتهم الاجتماعية. وقد صدرت تقارير مختلفة تطعن بنزاهة النظام القضائي البحريني الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه يمثل وجها من أوجه العدالة الزائفة. أما المفوضية السامية فقد وصفته بأنه أداة للاضطهاد السياسي.

استمر النظام البحريني خلال العام المنصرم في برنامج هدم المساجد وتخريب عدد من المنشآت والمرافق الدينية الأخرى عبر الاستهداف المباشر من قبل قوات الأمن. كما جرى إسقاط الجنسية البحرينية من ٣١ شخصية بحرينية من نواب الشعب وشخصيات سياسية وعلماء دين وناشطين، وذلك بسبب آرائهم السياسية المناوئة للنظام البحريني.

لقد سجلت البحرين مرور عام على صدور تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق "بسيوني" دون تحقيق توصيات التقرير. وقد منعت السلطات البحرينية صلاة الجمعة المركزية واستهدفت المصلين في سابقة منع الصلاة التي سقط خلالها شهيد وعشرات الجرحى، نتيجة القمع المباشر والحواجز العسكرية التي فرضها النظام لمنع الصلاة.

انعقاد القمة الخليجية في البحرين

وسط الاحتجاجات الشعبية السلمية في البحرين، عقدت قمة مجلس التعاون الخليجي في دورتها الـ ٣٣، دون الاكتراث بالمطالب الإصلاحية وبقمع السلطات البحرينية لشعب يطالب بالإصلاح منذ حوالي سنتين. قمة انصرفت إلى تنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة دون الإصغاء لأصوات الاحتجاجات السلمية التي بلغت مسامع أطرافها المجتمعين، فيما انصب الاهتمام لمناقشة جدول أعمال خلا من التطرق إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية في البحرين وهموم وشؤون وشجون الشعوب الخليجية أو آفاق تطلعاتها.

قمة لا صلة لها بالمواطن الخليجي، وهي كسابقاتها من القمم الخليجية التي عادة ما تنصرف عن المسائل الجوهرية الأساسية وتركز اهتمامها على موضوعات لا تعني المواطن الخليجي، فهي مصممة لمناقشة أجندة ذات طبيعة مختلفة تماما عن الوضع الخليجي، كالأزمة السورية مثلا التي باتت موضوعا خليجيا بامتياز، مع ضلوع السعودية وقطر ودول خليجية أخرى في تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية داخل سوريا.

لقد أثبتت هذه القمة مرة أخرى أن الحكومات الخليجية تكتفي بإدارة أزماتها فقط ولا تعمل من أجل البحث عن حلول لمشكلات باتت اليوم شديدة الإلحاح، على الأقل على مستوى العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الإصلاحات السياسية والاقتصادية. أما استخدام عناوين الشؤون الاجتماعية، فهو ليس سوى زخرفة لإيهام المواطن الخليجي بأن هذه القمم تعنى أيضا بقضاياه الاجتماعية الملحة. إذا، إن قمة مجلس التعاون الخليجي في دورتها الـ ٣٣ هي كسابقاتها من القمم الخليجية التي لا جديد تقدمه لشعوب منطقتها، باستثناء غض الطرف عن الانتهاكات الفادحة التي ترتكبها الأنظمة، والذهاب بعيداً في مناقشة مسائل كالأزمة السورية التي عجزت دول كبرى عن حلها.

تظاهرات سلمية واشتباكات مع قوات الأمن البحرينية

وقعت اشتباكات بين رجال الشرطة البحرينية ومتظاهرين خرجوا في مختلف قرى وبلدات البحرين ضمن فعاليات "ميادين اللؤلؤ" في احتجاجات مناوئة للحكومة، حيث تجمع المئات من أنصار المعارضة في عدد من ميادين البحرين، تلبية لدعوة أطلقها ائتلاف شباب "١٤ فبراير" على موقعه الرسمي، لتنظيم تجمعات احتجاجية مع مطلع العام الجديد، تعبيرا عن التمسك بإجراء إصلاحات ديمقراطية.

لقد دعا الائتلاف المذكور الشعب البحريني إلى المشاركة في إضراب "الكرامة" بتاريخ ١٤ فبراير/شباط بالتزامن مع الذكرى الثانية لانطلاقة الاحتجاجات في البحرين. بدوره، أكد حزب "الوفاق"، أكبر أحزاب المعارضة، أن الشرطة هاجمت المظاهرات التي دعا إليها التحالف. وفي بعض المناطق، تعرض عدد من المتظاهرين لإصابات، حيث هاجم آخرون قوات الشرطة بزجاجات "المولوتوف". وكانت وزارة الداخلية البحرينية قد حظرت المظاهرات ما لم تحصل على إذن خاص من السلطات، مشيرة إلى أنها سوف تتصرف من هذا المنطلق.

وفي وقت لاحق، تظاهر الآلاف من أنصار المعارضة قرب العاصمة البحرينية المنامة للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية والإفراج عن السجناء السياسيين في البحرين. وقد سار المواطنون الذين رفعوا العلم الوطني في شارع البديع حيث توجد تجمعات للسكان غرب العاصمة، مرددين هتافات معادية للنظام ومطالبين بإصلاحات ديمقراطية. وقد نظمت المظاهرات التي جاءت قبل يومين من العيد الوطني للبحرين، بناء على دعوة من مجموعات المعارضة.

أكدت المعارضة في بيان أصدرته بعد المظاهرة أن الإرادة الشعبية في التحرر والحياة الديمقراطية لا مجال للالتفاف عليها أو التحايل، وأي مشروع سياسي أو حوار أو تفاوض لن يكتب له النجاح وسيبقى حبراً على ورق، ما لم يحقق المطالب الشعبية التي تمثل الحد الأدنى من بين مطالب شعوب الربيع العربي، مضيفة "نحن حريصون على بناء دولة حديثة ومتقدمة يعيش فيها المواطن العدل والرفاه والحقوق المتساوية"، مشددة على أن "ما بدأ يوم ١٣ فبراير/شباط ٢٠١١ هو الحراك الذي لن يتوقف من دون تحول ديمقراطي حقيقي ينهي حقبة الظلم والاستبداد وغياب الدولة الحقيقية والغياب المطلق للإرادة الشعبية".

مظاهرة حاشدة تطالب بحكومة انتقالية

وقد شهدت البحرين أيضاً تظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف البحرينيين للمطالبة بحكومة انتقالية ورحيل رئيس الوزراء الحالي الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة الذي يتولى هذا المنصب منذ عام ١٩٧٤. وقد هتف المتظاهرون الذي ساروا في بلدة الدية شعارات تطالب باستقالة رئيس الوزراء رافعين أعلام البحرين. من جهتها، طالبت جمعية "الوفاق" المعارضة تشكيل حكومة " تكنوقراط " لتتولى الانتقال إلى نظام ملكي دستوري.

على الرغم من القمع الدامي للتظاهرات التي شهدتها المنامة بين منتصف فبراير/شباط ٢٠١١ وحتى الآن، ما زال الشعب البحريني يقوم بتجمعات منتظمة في البلدات المحيطة بالعاصمة. وقد استشهد ٨٠ شخصاً على الأقل منذ بدء الاحتجاجات بحسب الإتحاد الدولي لحقوق الإنسان.

استنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تمادي الحكومة البحرينية في تعاملها العنيف مع التظاهرات التي تشهدها البلاد واستمرارها باعتقال المتظاهرين والنشطاء. وكانت قوات الأمن البحرينية قد قامت في وقت سابق بقمع المظاهرات التي شهدتها العاصمة البحرينية، في إطار فعاليات ما أطلق عليه " عيد الشهداء " وذلك إحياء لذكرى وفاة نشطاء في تسعينيات القرن الماضي. وقد استخدمت قوات الأمن القنابل الغازية والقنابل الصوتية في تفريق المتظاهرين، مما نجم عنه وقوع إصابات بين صفوف المتظاهرين، فضلاً عن اعتقال عدد منهم، وكان من بين المعتقلين سيد يوسف المحافظة مسؤول الرصد والتوثيق في "مركز البحرين لحقوق الإنسان".

الجدير بالذكر، أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال المحافظة، فقد اعتقل خلال شهر نوفمبر/تشرين ثاني الماضي أثناء تضامنه مع أهالي قرية " العكر " التي فرضت قوات الأمن البحرينية حصارا عليها لعدة أيام.

وكانت وزارة الداخلية البحرينية قد أصدرت خلال شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي قرارا بحظر التظاهر، وذلك بحجة تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد. ولكن، في واقع الأمر، إنها عودة لقانون الطوارئ "السلامة الوطنية"، ولكن هذه المرة بشكل غير رسمي أو صريح.

قالت الشبكة العربية "إن استمرار السلطات البحرينية في تطبيق سياستها القمعية بحق النشطاء والمتظاهرين، والتي أثبتت فشلها الذريع، يبرهن على عدم استيعاب النظام البحريني للتغييرات التي شهدها الشعب البحريني المطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية في البلاد"، وطالبت الشبكة المذكورة السلطات البحرينية باحترام حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي والإفراج الفوري عن الناشط سيد يوسف المحافظة وكل سجناء الرأي في السجون البحرينية.

السلطة البحرينية تعتقل الصحفيين

طالبت لجنة "حماية الصحفيين"، وهي منظمة غير حكومية مقرها مدينة نيويورك تهدف إلى حماية حرية الصحافة وحقوق الصحفيين في جميع أنحاء العالم، السلطات البحرينية بإسقاط التهم التي وجهتها ضد المصور البحريني أحمد الحميدان المتعلقة بتغطيته للاحتجاجات البحرينية المناهضة للحكومة في إبريل/نيسان ضد انتهاكات حقوق الإنسان.

وقال شريف منصور ـ منسق لجنة "حماية الصحفيين" ـ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "نحن قلقون جداً إزاء احتجاز أحمد الحميدان الذي قام بتوثيق انتهاكات رسمية من قبل السلطة البحرينية ضد المتظاهرين"، مضيفاً "إن الحكومة البحرينية استهدفت باستمرار الصحفيين في محاولة لقمع مثل هذه التغطيات الصحفية، ونحن ندعو إلى الإفراج الفوري عن الحميدان".

وكانت قوات الشرطة البحرينية قد ألقت القبض على أحمد الحميدان ووجهت إليه تهم التظاهر بشكل غير قانوني واستخدام العنف والاعتداء على قوات الأمن البحرينية والإضرار بالممتلكات العامة خلال المظاهرات في مدينة سترا حيث عاش الحميدان.

ذكرت لجنة "حماية الصحفيين" في بيانها أن أحمد الحميدان، وهو مصور فوتوغرافي مستقل، قام بتغطية الاحتجاجات في البلاد منذ بدء الانتفاضة البحرينية. وقد نشر صور له من قبل مواقع المعارضة المحلية، بما في ذلك مجلة "الحدث" الإخبارية الإلكترونية وشبكة "الراصد الإخبارية الإلكترونية".

السلطة البحرينية تسقط الجنسية عن مواطنيها

جردت الحكومة البحرينية مؤخراً ٣١ شخصاً بحرينياً من جنسيتهم، منهم نواب معارضون سابقون، وقد أرجعت السلطات القرار لقانون الجنسية البحريني. الإضرار بالأمن العام هي التهمة التي زعمت السلطة أنها استندت إليها لإسقاط الجنسية عن هؤلاء المواطنين، وهو أمر غير قانوني لأنه يفتقر إلى حكم جنائي  صادر عن محكمة جنائية مختصة. لذلك، فهذا القرار يعتبر سيفا مسلطا على رقاب المعارضين.

لقد أبدى بعض هؤلاء المواطنين استهجانهم لصدور هذا القرار الجائر بحقهم، لاسيما وأنهم لم يتعاطوا أي عمل سياسي ولم يشاركوا في أي تظاهرات، مثل مريم سيد إبراهيم التي تلقت القرار بصدمة كبيرة باعتبارها لم تمارس أي عمل سياسي، والمحامي تيمور كريمي الذي أبدى استغرابه ودهشته لإسقاط جنسيته، إذ إنه لا يمارس أي نشاط سياسي ولا ينتمي إلى أي جمعية أو حزب سياسي.

لهذا القرار تبعات على حياة المحامي كريمي، إذ إنه حرمه من ممارسة مهنة المحاماة. من المضحك المبكي أن الحكومة البحرينية تجنس الآن خلافا للقانون من أجل تغيير ديمغرافية البحرين وجوهر المعارضة فيها. إن الـ(٣١) شخصاً الذين أسقطت جنسيتهم يعيشون اليوم دوامة اللجوء إلى القضاء أو الهجرة إلى الخارج وطلب اللجوء السياسي ، وهم أصبحوا ورقة للتفاوض مع المعارضة.

استنكرت العديد من المنظمات الدولية والحقوقية قرار إسقاط الجنسية الذي يعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق المواطنين البحرينيين، وهو إجراء عنصري وتعسفي بحت. لا شك أن هذا الإجراء سوف يزيد الشرخ الاجتماعي بين المواطنين، الأمر الذي سيفضي إلى احتقان الشارع في البلاد.

ثورة مستمرة في البحرين

لم تهدأ حناجر البحرينيين حتى بعد قيام محكمة التمييز بتأييد أحكام السجن الصادرة بحق ١٣ قياديا في المعارضة، بينهم ٧ محكومون بالسجن المؤبد، على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد عام ٢٠١١. لقد اعتبر هؤلاء المتظاهرون أن الأحكام الصادرة بحق زملائهم سياسية بامتياز وباطلة، انتزعت منهم تحت التعذيب، إضافة إلى أنها صدرت عن محكمة عسكرية.

إن المحكومين هم سجناء رأي، بحسب توصيات جينيف ولجنة " بسيوني " وتقارير المنظمات الدولية. أما السلطات البحرينية، فتصر على المضي في الخيارات الأمنية متجاهلة الحوار.

الثورة مستمرة في البحرين، أما هذه الأحكام الجائرة فلن تزيدها إلا زخماً. فالسلطة التي تحكم على صاحب الرأي المخالف بالمؤبد يجب إسقاطها. المعارضون الـ(١٣) هم من مجموعة تضم ٢١ معارضاً حُكِمَ على ٧ منهم بالمؤبد وأبرزهم عبد الوهاب حسين، زعيم حركة " وفاء "، والشيخ حسن مشيمع رئيس حركة "حق"، والناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة. أما الآخرون ومن بينهم الأمين العام لجمعية "وعد" إبراهيم شريف، فقد تراوحت مدة أحكامهم بين ٥ سنوات و ١٥ سنة.

في كل مرة، ترفع السلطة في البحرين شعار الحوار ثم لا تلبث أن تتنصل منه أو تفرغه من محتواه، فيتوارى ذلك الشعار بسرعة، مما يدل على عدم جديتها في حوار حقيقي، وإنما كان بسبب مناسبة سياسية معينة أو لهدف إعلامي لإحراج المعارضة والتخفيف من ضغط الخارج، فبات شعار الحوار أكذوبة لا تنطلي على أحد.

ليس هناك من مخرج للأزمة السياسية في البحرين سوى الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض الجاد الذي يفضي إلى أجندة وطنية لإخراج البلاد من الأزمة التي تواجهها، أما إذا استمر النظام في رفض الإصغاء لمطالب شعبه، فإن المشهد السياسي في البحرين سوف يكون عرضة للكثير من التعقيد والتصعيد.

إن الحل السياسي في البحرين يكمن في التحول نحو الديمقراطية، والإفراج عن المعتقلين، والكف عن سرقة المال العام والتعسف في الممارسات الأمنية.

اعلى الصفحة