ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران... وقفة تأمل

السنة الثانية عشر ـ العدد 134 ـ (  ربيع أول ـ ربيع ثاني 1434  هـ ) شباط ـ 2013 م)

بقلم:الشيخ محمد عمرو

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

        ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران، مناسبة لها خصوصيتها هذا العام.. حيث أن هناك عدد من الثورات قامت على أنظمة فاشية مستبدة في وطننا العربي، وأتت هذه الثورات بحركات إسلامية إلى واجهة السلطة.

مقارنة بسيطة وسطحية لكلا الثورتين ومسارهما...

        فجر انتصار الثورة الإسلامية في إيران أعلن الإمام الخميني " قده" وهو قائد الثورة ومحركها، شعارين أساسيين:

        الشعار الأول: "لا شرقية ولا غربية، بل جمهورية إسلامية" ووافقه الشعب باستفتاء عام بنسبة 98%. وللمناسبة هذه النتيجة كانت وللمرة الأولى يقوم بها شعب دون توجيه من قوى أو شركات أو مال أو مراكز ضغط، لأن كل ذلك كان مفقوداً في إيران آنذاك، ولم يكن إلا الإيمان بالله ورسوله ورسالته، وحباً بالإمام الخميني المقدّس، ولهذا نزل الشعب كله بكل اندفاع وحرية واستقلال وقال كلمته " نعم جمهورية إسلامية".

        وشعار لا شرقية ولا غربية، رُفع منذ بداية الثورة وكان الإستراتيجية السياسية لكل الحكومات المتعاقبة إصلاحية كانت أم محافظة وتُرجم عملياً ولم يزل بـ " الموت لأمريكا".

        وقد حاصروا الثورة ومن ثم الدولة وما زالوا، فمنعوا عنها كل شيء ولو استطاعوا لمنعوا عنها الهواء، وفرضوا عليها حصاراً سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً، ثم شنوا عليها حرباً لا هوادة فيها، استطاع خلالها صدام حسين أن يحتل غالبية محافظة خوزستان وأجزاء من محافظات أخرى " أكبر من مساحة لبنان بمرتين أو ثلاث".

        وكانت حرباً كونية ولم يكن يملك الشعب المسلم الإيراني في ذلك الوقت من السلاح إلا السلاح الخفيف جداً، لكنهم وبإرادتهم الحرة المستقلة واتكالهم على الله وإيمانهم الحقيقي، استطاعوا دحر العدوان واسترداد أرضهم والانتصار على الحلف المحتل غرباً وعرباً.

        ويروي قريبون من الإمام الخميني "قده" أنه وأثناء تقدم قوات صدام حسين في محافظة خوزستان أعلن الاتحاد السوفيتي آنذاك عن استعداده لدعم إيران بالسلاح وبما تريد، لكن الإمام الخميني "قده" انتفض ورفض، ولم يكتفِ بذلك بل طلب من وزير الخارجية آنذاك (إبراهيم يزدي) أن يستدعي سفير الاتحاد السوفيتي في إيران ويؤنبه على هذا الطرح...(بربكم ما هو تفسير ذلك عند الثورات الحديثة). وكان شعار لا شرقية، ولا غربية جمهورية إسلامية فعلاً وقولاً وممارسة طيلة أربع وثلاثون سنة من عمر الثورة الإسلامية الصادقة.

الشعار الثاني: "فلسطين للفلسطينيين"، وهي أرض إسلامية من النهر إلى البحر ويجب على كل مسلم أن يقاتل لإزالة إسرائيل من الوجود ولإعادة الأرض إلى أصحابها". وقد ترجموا ذلك من خلال:

        - قطع كافة العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع العدو الصهيوني.

        - طرد السفير الصهيوني وطاقمه فوراً.

        - تحويل السفارة الإسرائيلية إلى سفارة فلسطينية، وهي الأولى في العالم.

        - قطع النفط والغاز عن الكيان الصهيوني ولو بالسعر العالمي.

        - دعم المقاومة الفلسطينية منذ ذاك الوقت وحتى تاريخنا بكل أشكال الدعم المادي والعسكري واللوجستي، وبكل فصائلها وألوان أطيافها وإجازة دفع أموال الزكاة والخمس لتلك الفصائل. "وهذا دليل على أن هذا الدعم ديني وليس سياسي".

        وقامت الدنيا ولم تقعد، وبدأت الحرب على إيران الإسلام من عسكرية إلى دبلوماسية إلى اقتصادية إلى تقنية. وشارك العربـ إلا القليل منهم ـ في تلك الحروب وبحقد كبير وضغينة لم نفهمها إلى الآن. وسعى الغرب والصهيونية وممالك وإمارات المال العربي إلى إسقاط النظام الإسلامي في إيران. وبدأ النفث بالمذهبية والشعوبية وأن إيران تريد أن تسيطر على الخليج وأن تضع يدها على القضية الفلسطينية و... و.....

        وتحملت إيران الإسلام كل ذلك بصبر وصلابة وتماسك وثبات على المبادئ التي طرحتها منذ بداية الثورة وحتى تاريخنا هذا، هذه هي أخلاق الإسلام الإيراني، وهذه هي مبادئ الدين الإسلامي الإيراني، وهذه هي العقيدة السياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولو كانت الأمور بمنظار أن الوصول للسلطة هو الأولوية وأن الحفاظ على السلطة هو الأولوية لاستطاعت إيران وما تزال بمقدورها ساعة تشاء أن تقايض دعمها للمقاومة في فلسطين بمئات القنابل النووية وبالسيطرة التامة على الخليج وممالكه وإماراته بل وعلى الشرق الأوسط كله، وتصبح هي السيدة المطاعة، لكن بأي ثمن؟ ثمن أن تكون عبداً للإدارة الأمريكية- الصهيونية.

        وهذا ما لم يقبل به الإمام الخميني "قده" ولا الإمام الخامنائي حفظه الله، ولا كل إيران بإصلاحييها ومحافظيها، هذا هو الإسلام السياسي الإيراني...!!!.

        في المقابل نطرح أسئلة ولن نعطي جواباً بل هي تساؤلات برسم كل من يشكك بالنوايا الإيرانية أو بـ.... أو بـ...

        ماذا فعلت الثورة في تونس وأي سلطة أفرزت؟! وما هي المبادئ التي قامت عليها والأسس؟!.. هل تغير الخطاب السياسي أو الخطاب الاستراتيجي أو تغيرت العلاقات الدولية؟ أو..؟ أو...؟.. ماذا تغير؟!! لم يتغير إلا وجه الحاكم، كان في السابق بلا لحية والآن أصبح بلحية...

        أما في مصر فماذا تغير؟ ذات الكلام عن تونس ... ويزيد عليه " هل فُتحت المعابر ورُفع الحصار عن غزة؟!" لماذا تم تهديم الأنفاق ((675)) نفق في سيناء ولمصلحة من؟.. لماذا وُضعت الحساسات الالكترونية على الحدود المصرية- الإسرائيلية، ولماذا وُضعت مراكز تجسس فائقة التطور على الحدود أيضاً وبرعاية ووجود عسكري أمريكي. (بالمناسبة حسني مبارك لم يقبل في عهده بأن يُنَفِّذ هذه الأمور أبداً...).. فماذا تغير!!!؟؟؟ والخطاب الموَّجه إلى بريز "أيها الصديق العزيز..." وكلام كثير يطول في هذا المضمار.

        لكن وبما أن اللبيب من الإشارة يفهم.. نتوجه إلى كل ذي لب وعقل وقلب ودين، لكي يراجع نفسه وعقله وضميره وقلبه ودينه. أين ثورة المبادئ والقيم والصبر والتضحيات الجسام من ثورة الوصول إلى السلطة بأي ثمن؟!.

اعلى الصفحة