السنة الثانية عشر ـ العدد 134  ـ ( صفر ـ ربيع الأول  1434  هـ ) كانون الثاني 2013 م)

بقلم: الشيخ إبراهيم بريدي 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


الفهرس


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الاشراف على الموقع:
علي برو


للمراسلة

لو أنني كلما...!!

زارني من لا أشك بمودته لي: في ليلة كانت حالكة السواد وغيبت فيها العتمة كل معالم الطبيعة.. ولا شيء يصد جيش الظلام إلا أنوار باهتة من سراج يعمل على الزيت فالكهرباء مقطوعة، ولا طاقة لي على الاشتراك بمولد الحي الغالي.

ومع ذلك.. طالت السهرة وحلا الحديث.. وفجأة... احمَرَّ وجهُهُ وتهدَّج صوتُهُ... فبادرتُ إلى القول: "تحدّث يا صاحبي عما يجيش في صدرك؟"

 فتمتم أولاً ثم تنحنح وهو يرمقني بنظرات فيها شواظ من خجل... ثم قال: فلان يذكرك بسوء، ويشيع في القوم أنه لا دين لك، ولا علم، وليس لك في خصال الخير نصيب، فابتسمتُ وقلتُ: من هو؟ فأجابني وسمّاه، فسألتهُ وما عملُهُ؟ وما حالُهُ؟ فقال:

يدّعي أنه من عِلْيَةِ القوم... ويعمل في التهريب، وينتقل من مكان إلى مكان ويشيع بين الناس أنّه مهدد وعيون الناس ترشقه بالحسد والغيرة ويخاف أن يقتلوه.... يشعر نفسه والآخرين أنه من الأهمية بمكان....

وله لسانٌ حادٌّ مطواع، تساق إليه المفردات المعبرة عن الغرائز لا عن العقل وحُسن التفكير، يتأنق ويظهر للناس نافشاً ريشه مقطباً لجبينه، من غير أن يعلم أن الذين هم من حوله يعرفونه أصلاً وفصلاً.

فقلت: أما العلمْ يا صاحبي فهو بحر لا حدود له ولا شواطئ وكلما أبحرت فيه ازددت علماً بجهلي وسادني شعور بأنني لا أزال فقيراً إلى الكثير...

وأما الدين فلم يكلف النفسُ إلاّ وسعها، ويكفيني أنه على رأس تديني أنني أسعى لتوحيد الناس تحت رايةٍ واحدةٍ أدعو إلى نبذ العصبية والمذهبية والطائفية وأدعو إلى جعل الوحدة هي السلاح الأمضى في وجه الأعداء.

وأما خصال الخير فهي كثيرة أقاربها ما استطعت... وأما عوائد الشر فلا أقربها أبداً.. نحن من ولد آدم نخطئ ونُصيب.

وبينما نحن نتداول الحديث يدخل علينا رجل حكيم أدرك من فراسته فحوى ما نقول... وهو يعلَمُني... ويعْلَمُ ذلك النمَّام والكذَّاب الأشِرْ.. فابتسم الحكيم ونظر إليّ وقال ناصحاً: "أتشغل نفسك بمثل أولئك!!.. أما سمعت مقولةً قالها مَنْ قبلُنا: لو أنني كلما نبح كلب ألقمته حجراً لأصبحت الحجارة ذهبا".. ثم دار الحديث حول شيءٍ آخر.

اعلى الصفحة