رؤيا حماية الجبهة الداخلية وتطبيقها

السنة الثانية عشر ـ العدد 134  ـ ( صفر ـ ربيع الأول  1434  هـ ) كانون الثاني 2013 م)

ترجمة وإعداد: حسن سليمان

 

تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


الصفحة الأساسية


الصفحة الأولى


أعـداد سـابـقة


المدير العام:

الشيخ محمد عمرو


رئيس التحرير:

غسان عبد الله


المدير المسؤول:

علي يوسف الموسوي


الإشراف على الموقع:

علي برو


للمراسلة

 

مركز أبحاث الأمن القومي
متان فيلنائي ـ وزير حماية الجبهة الداخلية السابق

التهديد الذي تتعرض له الجبهة الداخلية ليس جديداً، فهو قد بدأ خلال حرب الاستقلال، التي قُتل فيها كثيرون بقصف الطائرات المصرية على تل أبيب. حيث طال القصف حينها وسط المدينة، المحطة الرئيسية، التي كانت حينذاك رمزاً بحد ذاتها.

وفي العام 1956، عندما قرر دافيد بن غوريون الخروج لعملية كودش، كان الأمر الرئيسي الذي حرص عليه، أن تحافظ أسراب الطائرات الأجنبية على سماء الدولة، لأنه أدرك الدلالة الخطيرة للمس بعمق الدولة. وكان التهديد حينها تهديداً بواسطة طائرات. وكلمة صواريخ لم تكن سائدة في تلك الفترة، على الرغم من أن مصر حاولت في الخمسينيات تطوير قدرة صاروخية عسكرية.

في جميع الأحوال، حتى إن كان من أزعجهم التهديد الصاروخي قلةً، فهذه كانت ظاهرة سلبية وليست عملياً كتهديد حقيقي على الجبهة الخلفية. لكن الصورة اختلفت بشكل حاد منذ حرب الخليج 1991، حيث سقط في إسرائيل حوالي أربعين صاروخاً أُطلقت من العراق. منذ ذلك اليوم وحتى الآن، في كل حدث أمني كبير، كان يحصل إطلاق نار واسع النطاق على الجبهة الداخلية في الدولة. ومؤخراً فقط، نهاية شهر آب 2011، أُطلق باتجاهنا 150 قذيفة وصاروخاً خلال فترة قصيرة من تصعيد محدود. أي أن، التهديد ليس جديداً. فطالما هناك جبهة عسكرية ستكون دائماً جبهة مدنية، ولذلك في كل لحظة يجب أن نكون مستعدين سواء على الجبهة العسكرية أو على الجبهة المدنية.

عندما بدأت العمل في موضوع الجبهة المدنية قبل أكثر من أربع سنوات اكتشفت أن ثمة فراغاً هنا.. وفي تقرير مراقب الدولة حول حرب لبنان الثانية، جاء:

"البنية التحتية المعيارية المرتبطة بالاهتمام بالجبهة الداخلية هي بنية معقدة، تصعّب التعاون في مجال التنسيق المثالي بين الهيئات العاملة بذلك، ولا تحدد بوضوح مجالات مسؤولياتها. لذلك، كل هيئة تنشر الشؤون المرتبطة بنشاطها أو بمسؤوليتها بشكل مختلف. وبناء على ذلك، ثمة خشية من أن تجد الحكومة صعوبة في إصدار سياستها وقراراتها بشأن معالجة الجبهة الداخلية أثناء الطوارئ. وفي الرقابة ظهر أن البنية التحتية المعيارية الناقصة كانت إحدى أسباب الإخفاق والإهمال في معالجة الجبهة الداخلية أثناء الحرب.

في هذا الواقع الصعب نفذنا نشاطات كثيرة ومتواصلة من أجل تغيير الوضع بشكل نوعي. وما حصل في السنوات الأخيرة لم يكن بداية العمل على تعزيز الجبهة الداخلية، التي تأسست في العام 1992، بعد حرب الخليج الأولى بعام، وبمعارضة جارفة من الجيش. على أن الوحيد في هيئة الأركان العامة الذي أيّد تأسيسها كان أنا، عندما كنت حينها قائد المنطقة الجنوبية، على الرغم من أن بعد هذا الإجراء التنظيمي أُخذ جزء من القيادة ونُقل إلى قيادة الجبهة الداخلية.

وزير الدفاع موشيه أرينز فرض هذا الإجراء على الجيش، كما فرض عليه تأسيس قيادة الأسلحة الميدانية، التي تحولت بعد فترة قصيرة الى قيادة ذراع البر. وهذه أيضا لاقت معارضة من الجيش. في نظرة الى الخلف لا شك بأن هذين القرارين الصادرين عن وزير الدفاع حينذاك كانا صائبين. وفي السياق، نحن كعسكريين اعتقدنا أنه بمجرد إقامة قيادة للجبهة الداخلية ثمة الحل المطلوب لموضوع الداخل. لم ندرك سابقا مدى حاجة الجبهة المدنية إلى مداميك كثيرة أخرى، تلك التي ذُكرت لاحقا في تقرير مراقب الدولة الذي أشرت إليه أعلاه.

ربما كان الموضوع الأهم في مجمل موضوع الجبهة المدنية هو مسألة المسؤولية العامة عن معالجة مواضيع الجبهة الداخلية. فلقد قرر رئيس الحكومة السابق أيهود أولمرت إلقاء المسؤولية عن وزارة الدفاع، وتم تعييني لمعالجة ذلك خلال وظيفتي كنائب لوزير الدفاع. طوال الوقت كنت أتلقى انتقادا كبيراً، خصوصاً وأن الانتقاد يوجَّه دائما إلى من يعمل حقاً. وكنائب لوزير أجريت تغييرات شاملة في مجال استعداد الجبهة المدنية. تأسيس مصلحة الطوارئ القومية في العام 2007 كانت خطوة استثنائية إدراكية، حيث أنه للمرة الأولى يتم تأسيس هيئة تكاملية ترى الجبهة المدنية كلها. وفيما بعد تم دمج تشكيل مرفق لحالة الطوارئ ضمن مصلحة الطوارئ القومية، وهكذا أُنتجت بنية تحتية متقنة لإعداد وإدارة الجبهة المدنية في إطار وزارة الدفاع. وفي السياق، في شهر كانون الثاني من العام 2011، قررت الحكومة تأسيس حماية الجبهة الداخلية، ومنذ ذلك الوقت حصل تقدم في عملية تأسيس الوزارة. مع ذلك، فإن تأسيس الوزارة ترافق بصعوبات كثيرة، معظمها بيروقراطي وسياسي، على الرغم من أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يساعد قدر استطاعته، وهكذا أيضا وزير الدفاع أيهود باراك. كلاهما شريكان في المواضيع الحقيقية التي يجب العمل عليها. ولكن ثمة بيروقراطية تعيق خطوات إيجابية قررت الحكومة تنفيذها. على سبيل المثال، قرر رئيس الحكومة زيادة ميزانية الجبهة الداخلية بنسبة كبيرة، لكن فعليا تعرقل جزء من التحويلات المالية المطلوبة لهذا الشأن. حتى تقرير اللجنة برئاسة اللواء (بالإحتياط) زئيف ليفنا، الذي تناول موضوع بلورة بنية الوزارة الجديدة على أساس مفهوم محدث، يعطي حلاً معيناً للانتظام من أجل تعجيل الحلول للجبهة المدنية بشكل شامل، متواصل وناجع، اصطدم  بصعوبات عديدة في مسار تطبيقه. هذه وقائع مؤسفة، لكنها لن تتمكن من الإضرار لفترة طويلة بالعملية الضرورية وهدفها. للأسف لا مفر على ما يبدو في واقعنا من العوائق في بناء منظومات جديدة، حتى وإن كانت حيوية. لكن ليس في ذلك ما من شأنه التقليل من أهمية الموضوع أو من واجبنا بدفعه قدماً على أفضل وجه.

من هنا فإنه بالنسبة لعدة مفاهيم رئيسية فيما يتعلق بماهية الجبهة المدنية وطبيعة العمل حيال التهديدات الماثلة أمامنا، الأمر الرئيسي والأول هو، أن ليس في دولة إسرائيل أية هيئة يمكنها أن تهتم بمفردها بالجبهة المدنية. ليس ثمة هيئة، حكومية أو مدنية، قوية بما يكفي لتعالج بوسائلها الخاصة مجمل الاحتياجات المتنوعة للجبهة المدنية. والهيئة الوحيدة التي يمكنها أن تواجه بشكل مثالي هذا التحدي الكبير هي الحكومة الإسرائيلية كلها، أو على الأقل المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر. ومن بين أهم التحديدات التي حددناها قبل عدة سنوات، وبنشاط أكبر الآن، مع قرار استحداث وزارة الجبهة الداخلية، أن كل هيئة مسؤولة عن تقديم خدمات للمدنيين في حالة الروتين هي من يجب أن تتحمل مسؤولية تقديم الخدمات لهم في حالة الطوارئ. وزارة الجبهة الداخلية يجب أن تدرس برؤيا وطنية شاملة واسعة جدا كيفية عمل كافة المنظومات في إعداد الدولة ومواطنيها لحالات طوارئ. وبذلك نحن نعمل 24 ساعة في اليوم.

منذ تعييني في الوظيفة، تم بناء مفهوم عام تكاملي، يحدد بشكل مفصل وواضح جدا كيف يُفترض أن تعمل مختلف الهيئات في حالة الروتين، في إطار التحضير لحالة الطوارئ وكذلك في حالة الطوارئ.. إنه مفهوم معقد ولا يسهل فهمه، لكن من يتعمق به ويفهمه يعرف كيف يعمل. ومن أجل استيعاب هذا المفهوم بالتتالي المطلوب ومنذ أكثر من خمس سنوات إجراء مناورة أمن قومي بشكل سنوي. على أن الهدف الرئيسي للمناورة هو الاختبار والتأكد من أن المنظومة بكاملها، مع كل عناصرها، الكثيرة جداً، مناسبة وتعمل بالشكل الأكثر منطقية، وفقا للتهديدات والمتطلبات. هذه إجراءات معقدة ومنطوية على تحديات. من المهم معرفة أن داخل الجبهة المدنية تعمل آلاف الهيئات من أنواع مختلفة. جميعها ظاهرياً تتحدث العبرية، لكن لا تفهم إحداها على الأخرى في جميع الأحوال وهي لا تجيد دائما العمل بشكل مشترك ومنسق. إذن هناك تحد أساسي ومعقد متمثل في إنتاج لغة مشتركة ضمن التنوع الثقافي التنظيمي. المناورات القومية السنوية، التحضير لها واستخراج العبر بعدها تهدف إلى: إنتاج لغة مشتركة، فهم أطر تنسيق عملياتي سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الميداني، والتأكد من أن في ساعة الطوارئ كل الجهات تعرف بدقة ما هي وظيفتها وما هو مكانها وكيف يمكنها الانضمام إلى الجهات الأخرى.

إلى ذلك ثمة مفهوم رئيسي آخر وهو، أن السلطات المحلية هي وحداتنا الهامشية. عندما باشرت وظيفتي كقائد للجبهة الداخلية، وبعدها كنائب وزير، كنا في هذا الموضوع في مكان آخر تماماً. لقد كان هناك من اقتَرَح عليّ تعيين قادة عسكريين من أجل موضوع الداخل بدلاً من رؤساء السلطات. من المفهوم أن ليس هذا هو الطريق. ألا يعرف رؤساء المدن مدنهم؟ ألا يعرفون إصدار أوامر؟ ألا يجيدون إدارة المواضيع التي يعملون بها في حياتهم اليومية؟ أشرت إلى المبدأ الرئيسي، وبموجبه، من يعمل في مجالات مختلفة في حالة الروتين، من المفترض أن يعمل بالمجالات ذاتها في حالة الطوارئ. ومع ذلك يجب مساعدة رؤساء السلطات. يجب إيجاد الطرق الصحيحة لمساعدتهم على أداء مهمتهم الحيوية في تحضير المدينة لساعة الطوارئ وفي إدارتها أثناء حالة الطوارئ. الأمر ليس بسيطا أبداً. فمن بينهم أشخاص لديهم، لأسباب مختلفة، قدرات أفضل مما لدى آخرين، لكن واجبنا مساعدة منظومة السلطات المدنية على تحقيق هدفها في حالة الطوارئ. لذلك شكّلنا مع قيادة الجبهة الداخلية، لكل السلطات المحلية في إسرائيل، وحدات ربط لحالة الطوارئ. إنها هيئة أركان عسكرية مصغرة، وفقاً لحجم المدينة وطابعها، شكلتها قيادة الجبهة الداخلية. أثناء وقوع حادث طارئ تلتحق هذه الهيئة فوراً لتقديم مساعدة كاملة لرئيس المدينة وللمدينة بكل وحداتها، التي من المفترض أنها تشكلت على أفضل وجه لتحقيق أهدافها في حالة الطوارئ. على سبيل المثال، في نهاية آب 2011، خلال تبادل الضربات في الجنوب، التحقت وحدات الربط هذه فورا بالسلطات المحلية ذات الصلة. وأذكر أن حتى وفقاَ لقانون الدفاع المدني من العام 1951، المسؤولية عن المواضيع الطارئة ملقاة على عاتق رئيس المدينة كرئيس للجنة مرفق لساعة الطوارئ المحلية، لكن الأمر تم تطبيقه بشكل جزئي فقط.

بناءً على ذلك تتضح أهمية إقامة وزارة الجبهة الداخلية، التي تتيح تعاطياً مناسباَ مع هذا الموضوع بمستوى وزير في الحكومة. كما قيل، المفاهيم الرئيسية التي تقودنا هي أن السلطة المحلية وأية هيئة رسمية أخرى يجب عليها في ساعة الطوارئ مواصلة ما تقوم به في الروتين، وليس هناك أية هيئة قوية بما يكفي لإدارة الجبهة المدنية إلا الحكومة الإسرائيلية كاملة أو المجلس الوزاري السياسي-الأمني المصغر. وخلال وظيفتي كنائب لوزير وكوزير للأمن الداخلي، يتحسن أداء الحكومة في هذا الموضوع من عام إلى آخر، والاهتمام الذي تمنحه الحكومة لهذه المواضيع يتزايد. هذه الأمور تحصل تلقائياً. فهي نتيجة عمل متكامل ومتواصل من الملتزمين بهذا الموضوع.

والمفهوم المهم الأخير هو، أن المسؤولية العليا عن الجبهة المدنية يجب أن تكون بيد المؤسسة الأمنية. فوضعنا الخاص لا يشبه وضع أية دولة أخرى. دولة إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تواجه أخطاراً أمنية فورية ودائمة تهدد مواطنيها - الدولة كلها جبهة. الجيش فقط يمكنه أن يقرر كيف ينشر منظومات الاعتراض ومنظومات الرادار، وكيف سيعمل الروتين في الدولة وفقا لما سيجسده النموذج التالي.

أثناء المواجهة في الجنوب نهاية العام 2011 أبلغني قائد قيادة الجبهة الداخلية بشأن وجود حفل موسيقي على شاطئ البحر في أشكلون، وبمشاركة آلاف المواطنين. وبما أنه كانت هناك فترة هدوء سمحت بإقامة الاحتفال الشعبي. فقط بعد ذلك، في حديث مع قائد المنطقة قرر رئيس هيئة الأركان عدم السماح بإقامة الحفل. كان لدى رئيس هيئة الأركان سبب محق - فهو يعرف أنه من المفترض حصول إجراء قد يؤدي إلى إطلاق صواريخ من القطاع، كما حصل فعلاً. رئيس هيئة الأركان هو المسؤول مباشرة عن الساحة العسكرية، الملامسة للساحة المدنية وتؤثر عليها مباشرة في حالة الطوارئ. وفعلاً في تلك المناسبة أُطلقت صواريخ على أشكالون وتم اعتراضها. ولكن لا يمكن الاعتماد على الاعتراض، إذ أن المنظومات الدفاعية لا تمنح دفاعاً كاملاً. هذا نموذج واضح عن خطأ صغير كان من الممكن أن يكون خطأً تراجيدياً. ولذلك فإن الجبهة المدنية يجب أن تتم معالجتها في إطار المؤسسة الأمنية - وزارة الدفاع بمواكبة الجيش. وليس صدفةً أن عارضت وزارة الجبهة الداخلية بشكل دائم تحمل المسؤولية العامة عن موضوع الجبهة الداخلية. من هنا سوف أعرض الأهداف الرئيسية لوزارة الجبهة الداخلية.

الهدف الأول: هو نقل قانون الداخل، الذي من المفترض أن ينظم بشكل تشريعي التعاطي مع الجبهة المدنية. وفقاً لفهمي، فإن لدى التشريع قوة سياسية ومعيارية خاصة. ومن تجربتنا نعرف، أن القانون أقوى من قرار حكومة. لذلك نحن نسرّع الموضوع ونعمل مع الجهات ذات الصلة من أجل حث التشريع وفقا للأشكال التي حددناها. والهدف الثاني هو بناء إطار الميزانية.

الميزانية الأمنية هي البند 15 في موازنة الدولة. البند 16 هو ميزانية الدفاع المدني. قيادة الجبهة الداخلية تظهر إذن في البند 15 من الموازنة، لكن نشاط الدفاع المدني في القيادة، دفاع عن السكان وأيضا ميزانية توزيع معدات واقية - كل هذه الأمور تشكل جزءاً من البند 16 في الموازنة. ظاهريا هي مسألة معقدة. عمليا تم الاتفاق مع وزير الدفاع بدون صعوبات على أن البند 16 من الموازنة سيكون تحت مسؤولية الوزارة الجديدة للجبهة الداخلية.

الأمر الرئيسي هو، أنه كما كانت هناك سلسلة من القرارات اثر لجنة برودت حيال الميزانية في البند 15 برؤية متعددة السنوات، كذلك يجب العمل حيال البند 16، ميزانية وزارة حماية الجبهة الداخلية. هنا أيضا ثمة حاجة لرؤية متعددة السنوات، لأن الخطوات هي للمدى البعيد. إلا أن هذه الوجهة اصطدمت بمعارضة من جانب جهات مختلفة. لكن هل يمكن إدارة مشاريع بعيدة المدى بميزانية لسنة واحدة؟ طبعا لا فالتجربة المريرة تشير إلى ذلك بوضوح.

الهدف الثاني: هو بناء وتثبيت ميزانية متعددة السنوات متوازنة للجبهة الداخلية. ما من أمر أسهل من طلب حماية الدولة كلها. فهذا يكلف 15 مليار شيكل. وهنا يُطرح السؤال، هل من الصحيح استثمار هذا المبلغ بالذات في الأمن المدني؟ ربما الأصح استخدام ميزانية ضخمة كهذه لمهام أكثر حيوية، اجتماعية أو أمنية؟ لذلك قمنا ببناء خطة منطقية، واقعية، حول كيفية حماية ما يجب حمايته بشكل منطقي ومتوازن من الأموال الموجودة في المؤسسة. موضوع الحماية هو موضوع معقد. مع ذلك، فمن يتواجد على خط المواجهة، على الجبهة، يجب أن يكون محمياً.

الجنود على الجبهة من المفترض أن يكونوا محميين هم أيضاً. الدبابة الأمامية هي الدبابة المحسنة، الدبابة في الخلف هي الأقل تحسيناً، مع تحصين أقل بقليل. ذلك القانون يجب أن يسود على المدنيين، وهذه الرسالة التي يجب نقلها للجميع. لذلك نحن نشكل لجنة حماية عليا برئاستي، تقدم حلا لقضايا معقدة في هذا المجال. كذلك على سبيل المثال قررنا حماية المدارس في أشكلون وفي نتيفوت، التي لم يتم بناؤها وفقا للقانون ولذلك لم تكن محمية.

تدفعُنا الحاجة إلى إدارة سياسة مسؤولة، تسعى غالى المزيد من الاستعداد على الجبهة المدنية، لكنها تحت قيود الميزانية والضرورات الواقعية. لسنا نخترع خططاً من خارج الواقع بل نسرّع سياسة شاملة ومسؤولة، تشدد على خير المواطن ومجمل احتياجاته، المدنية منها والأمنية.

في الخلاصة، وزارة حماية الجبهة الداخلية قيد الإنشاء وتتطلب عملا كثيرا لتقوم بأفضل ما لديها. لا شك بضرورتها وبأهميتها، لكن ثمة عوائق يجب التغلب عليها. أنا بذلت كل جهد للتغلب أيضا على هذه العوائق، وأنا مقتنع بأننا سوف ننجح في تسريع المطلوب مع رئيس الحكومة ومع وزير الدفاع، المدركين جيدا لأهمية الموضوع.  

اعلى الصفحة